ذكرى رحيل صاحب الحنجرة الذهبية.. ماذا قال القُراء عن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد؟
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
تحل اليوم ذكرى وفاة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، صاحب الصوت المميز الذي لاقى اهتمامًا منقطع النظير من المسئولين في مصر والخارج نظرًا لجمال صوته، وبسبب التحاقه بالإذاعة زاد الإقبال على شراء أجهزة الراديو وتضاعف إنتاجها وانتشرت بمعظم البيوت للاستماع إليه.
يُعد الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد سليم داود، أحد أشهر قراء القرآن الكريم في العالم الإسلامي ويتمتع بشعبية هي الأكبر في أنحاء العالم لجمال صوته ولأسلوبه الفريد، وقد لُقب بالحنجرة الذهبية وصوت مكة.
حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ محمد الأمير شيخ كتاب قريته، أخذ القراءات على يد الشيخ المتقن محمد سليم حمادة، دخل الإذاعة المصرية سنة 1951، وكانت أول تلاواته من سورة فاطر، عُين الشيخ عبد الباسط قارئًا لمسجد الإمام الشافعى سنة 1952، ثم لمسجد الإمام الحسين سنة 1958 خلفًا للشيخ محمود علي البنا.
وترك للإذاعة ثروة من التسجيلات إلى جانب المصحفين المرتل والمجود ومصاحف مرتلة لبلدان عربية وإسلامية، وجاب بلاد العالم سفيرًا لكتاب الله، وكان أول نقيب لقراء مصر سنة 1984، وتوفي في 30 نوفمبر 1988.
ويستطلع «صدى البلد» في هذا التقرير، أسباب تميز صوت الشيخ الراحل عبد الباسط عبد الصمد، الذي يعد أحد أهم القارئ في تاريخ العالم الإسلامي، قال القارئ الشيخ محمد محروس طلبة، عضو مجلس نقابة قراء مصر، ونقيب قراء محافظات القناة الثلاث، إن الشيخ الراحل عبدالباسط عبدالصمد صاحب صوت ذهبي تقشعر له الأبدان عند سماعه، مشيرًا إلى أنه تميز بالخشوع في التلاوة وكان القرآن يمس قلبه قبل أن يصل لحنجرته ويتلفظ به لسانه.
وأضاف «محروس» لـ«صدى البلد»، أن صوت الشيخ عبدالباسط عبدالصمد يعد من «مزامير آل داود»، فكان رقراقًا يخترق القلب بسرعة، ولذلك أثر في جميع المُستمعين حول العالم، منوهًا بأنه حينما يزور أي بلد إسلامي يجد حبًا جمًا للشيخ عبد الباسط، فهو صاحب مدرسة عريقة في التلاوة.
وأشار عضو مجلس نقابة قراء مصر، إلى أن الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، كان يُطبق القرآن الكريم على نفسه في تعاملاته، وأخلاقه، وليس فقط مجرد قارئ لكتاب الله تعالى يتلوه، ولذلك كانت حسن الخُلق.
معنى مزامير داود عليه السلام
لقد كان فضل الله سبحانه على سيدنا داود -عليه السلام- كبيرًا، حيث كان حسن الصوت، وعندما كان يصدح بصوته الجميل ويسبح لله تعالى ويحمده كانت الجبال والطير تسبح معه، أمّا مزامير داود فهي تسابيح لله، وضروب دعاء، وقد شبه الرسول صلّى الله عليه وسلام حسن صوت داود وجمال نغمته بصوت المزمار، والذي هو آلة موسيقية يستخدمها المغنّي.
روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي مُوسَى: «لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِكَ الْبَارِحَةَ، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًَا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ»، ويَقُولُ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: قَالَ العُلَمَاءُ: المُرَادُ بالمِزْمَارِ هُنَا الصَّوْتُ الحَسَنُ، وَأَصْلُ الزَّمْرِ الغِنَاءُ، وآلُ دَاوُدَ هُوَ دَاوُدُ نَفْسُهُ؛ وَآلُ فُلانٍ قَد يُطْلَقُ على نَفْسِهِ، وَكَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلامُ حَسَنَ الصَّوْتِ جِدًَّا، وَيَقُولُ الحَافِظُ بْنُ حَجَرٍ في فَتْحِ البَارِي: والمُرَادُ بالمِزْمَارِ الصَّوْتُ الحَسَنُ، وَأَصْلُهُ الآلَةُ، فَأُطْلِقَ اسْمُهُ على الصَّوْتِ للمُشَابَهَةِ.
5 مميزات لصوته
أشاد الشيخ إسلام السرساوي، المبتهل بالإذاعة والتليفزيون، بصوت الشيخ الراحل عبدالباسط عبد الصمد، محددًا لـ«صدى البلد»، بعض مُميزات صُوت الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، قائلًا: «أولًا: صاحب حنجرة ذهبية، وثانيًا: عنده إخلاص وخشوع في قراءته للقرآن الكريم، ثالثًأ: امتلك نبرات صوتية مختلفة ما جعله صوتًا مميزًا عن غيره من القراء.
وأشار إلى أن الأمر الرابع أن الشيخ الراحل عبدالباسط كان جمال صوته لا يتأثر في «القرار»، وهو عند خفض الصوت، و«الجواب» عند القراءة بصوت مرتفع، فنجد صوته نقيًا خاشعًا ويصور الآيات بسهولة ويسر تجعل المستمع ينصت للتلاوة ويتأثر بها.
ولفت إلى أن الأمر الخامس أن الشيخ عبدالباسط عبد الصمد كان يمتلك قدرة قوية ومتميزة على الانتقال من مقام إلى آخر بسهول وخشوع، وكان لا يستخدم أي مؤثرات صوتية، مؤكدًا أن هذه المميزات جعلت الجميع يتأثر بجمال صوته الذهبي حتى الآن، وسيظل اسمه مخلدًا بين القراء.
قارئ العالم الأول
وصف القارئ الشيخ ممدوح عامر، الشيخ الراحل عبد الباسط عبد الصمد، بأنه قارئ العالم الأول بلا منازع ولم ولن يأتي مثله، منوهًا بأن صوته لامع ورخيم ويتميز بالحنية حينما تستمع إليه تشعر بالفرح والسعادة.
ونوه «عامر»، لـ«صدى البلد»، بأن الاحتفال بذكرى وفاة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، أعاد إلينا الفرح والسرور، مؤكدًا أن سماع صوت الشيخ عبد الباسط يشعر من يستمع إليه بالفرح، فصوته موسيقي ولا يحتاج إلى نغم كي يجمله، وليس في حاجة كذلك لدراسة علم الموسيقى أو الصوتيات كما يفعل القُراء الحاليون.
الأعلى مشاهد
حكى الشيخ ممدوح عامر، موقفًا يثبت ويدلل شهرة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، في دول العالم، قائلًا: «كنت في زيارة لدولة جنوب أفريقيا، وبينما أنا أتسوق سألتني إحدى البائعات عن بلدي، فأجبتها من مصر أم الدنيا، فحملتني رسالة سلام ومحبة إلى روح الشيخ عبد الباسط عبد الصمد».
وأفاد بأن حوارات الشيخ عبد الباسط، المسجلة أظهرت أن الشيخ عبد الباسط تخلق بأخلاق القرآن الكريم، فكان متسامحًا ومتواضعًا، يحب أخوانه ويحب الخير للجميع، لافتًا إلى أنه حينما يستمع لتلاوات الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، يشعر وكأنه يستمع إليها أول مرة وتجعلنه يتحرك ويقوم من مكانه.
وتابع الشيخ ممدوح عامر، أن الشيخ عبد الباسط، مضى على وفاته أكثر من 32 سنة، وحتى الآن هو هو الأعلى بينهم مشاهدة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وألمح إلى أن الشيخ عبد الباسط من بداية ظهوره في دولة التلاوة، ذاع صيته ليس في مصر بل في العالم كله، واشتهر بصوته في جميع أنحاء العالم، منوهًا بأن أغلب دول العالم يعرفون الشيخ عبد الباسط .
وصايا الشيخ عبد الباسط
وكشف الشيخ اللواء طارق ابن الشيخ الذي يعمل حاليا في وزارة الداخلية برتبة لواء لمعرفة، عن أن الوالد رحمة الله عليه أثناء رحلة علاجه بلندن طلب مني العودة إلى مصر وإنهاء رحلة العلاج بعد شعوره بدنو الأجل وعلل ذلك وقتها بقوله : "عايز أموت في مصر وسط أهلي وأحبابي"، فلم أتأخر لحظة وذهبت على الفور لإنهاء إجراءات العودة وتوجهنا إلى مصر وبعد عدة أيام من العودة اجتمع بي وجميع أشقائي وأوصانا بالتقرب إلى الله وتقوى الله في كل شيء والتمسك بكتاب الله عز وجل وعدم التفريط في حفظه خاصة وأنه حرص على تحفيظنا جميعا كتاب الله عز وجل، وأخبرنا بحقيقة أن حفظ كتاب الله سيذلل الصعاب ويجعلكم في معية الله دوما.
وأضاف : كان والدي حريصا كل الحرص أن يفقهنا بأمور ديننا الحنيف، لافتا إلى أنه كان دائما يحسنا للحفاظ على الصلاة في وقتها لأن فيه الفوز والفلاح.
وتابع: حياة والدي كانت القرآن الكريم آناء الليل وأطراف النهار وما من مشكلة أو أزمة تواجهه إلا وكان يستعين بالقرآن الكريم ويلجأ إلى الله ويتضرع له وكانت نصيحته لنا أيضا ما من مشكلة إلا ولها حل وهي اللجوء إلى القرآن ودعاء الله عز وجل.
وواصل: أن والده رحمه الله سجل خاتمة في المغرب وأثناء جرد متعلقاته وجدنا فيها نسخة محتفظ بيها على بكر برواية ورش عن نافع وتم تفريغها على سيديهات بأحد الاستوديوهات وتم إرسالها إلى مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف وتم اعتمادها وتسليمها لإذاعة القرآن الكريم كإهداء، منوهًا بأنه أوصى قبل مماته بتسجيل القرآن بصوته برواية ورش ونشرها، وهو ما حدث بالفعل.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الشيخ عبد الباسط عبد الصمد عبد الباسط عبد الصمد قراءة القران الشيخ عبد الباسط الشیخ عبد الباسط عبد الصمد عبدالباسط عبدالصمد عبدالباسط عبد القرآن الکریم الشیخ الراحل صوت الشیخ صدى البلد قراء مصر الله ع ى الله إلى أن قارئ ا
إقرأ أيضاً:
ملتقى الأزهر للتفسير: الماء سر الحياة في خطاب القرآن الكريم
عقد الجامع الأزهر اليوم الأحد ملتقى الأزهر الأسبوعي للتفسير تحت عنوان «مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن الماء».
حضر الملتقى، الدكتور حمدي الهدهد، عميد كلية البنات بالعاشر من رمضان بجامعة الأزهر، والدكتور مصطفى إبراهيم، الأستاذ بكلية العلوم بجامعة الأزهر، وأدار اللقاء الدكتور مصطفى شيشي، مدير إدارة شئون الأروقة بالجامع الأزهر.
وتناول الدكتور حمدي الهدهد خلال كلمته الحديث عن دقة التعبير القرآني في وصف الماء بأنه أصل الحياة، مشيرًا إلى قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾، حيث أوضحت الآية أن الماء ليس مجرد عنصر من عناصر الحياة، بل هو الأساس الذي تنبثق منه الحياة بأكملها.
ولفت إلى أن تقديم الجار والمجرور في الآية يفيد الحصر، أي أن كل شيء حي في هذا الكون يستمد حياته من الماء.
كما أكد أن الله سبحانه وتعالى أسند هذا الفعل إلى نفسه باستخدام ضمير العظمة «وجعلنا»، مما يدل على عظمة الخلق والتدبير الإلهي، وهو ما يعجز عن فعله أي مخلوق.
وأشار إلى أن الماء يمثل أحد أعظم آيات الله في الكون، حيث جعله الله عنصرًا متجددًا قادرًا على التحول بين الحالات الفيزيائية المختلفة، ليظل متاحًا في كل البيئات التي تحتاجه المخلوقات، مبينًا أن القرآن الكريم يبين أن الماء كائن يسبح بحمد الله، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾، مما يدل على أن جميع مكونات الكون، بما فيها الماء، تؤدي وظيفتها وفق نظام إلهي دقيق.
من جانبه، أكد الدكتور مصطفى إبراهيم أن القرآن الكريم أشار إلى خصائص الماء بعبارات علمية دقيقة، حيث يتمتع الماء بخصائص فيزيائية وكيميائية تجعله العنصر الوحيد القادر على احتضان الحياة ونقلها من كائن إلى آخر. وأوضح أن جزيئات الماء تتميز بقدرتها الفريدة على الاتحاد والتفكك وفقًا لاحتياجات الكائنات الحية، وهو ما يعكس دقة النظام الذي أودعه الله فيه، وقد سبق القرآن العلم الحديث في الإشارة إلى هذه الخصائص، مما يعزز من قيمة الإعجاز العلمي في كتاب الله.
وأضاف أن الماء ليس مجرد مركب كيميائي، بل هو سر من أسرار الوجود، إذ يستطيع التأقلم مع مختلف الظروف البيئية ليحافظ على بقاء الكائنات الحية. وأشار إلى أن خاصية التوتر السطحي للماء، والتي تمكن بعض الحشرات من السير فوقه، وكذلك قدرته الفريدة على إذابة العديد من المواد الضرورية للحياة، تدل على عظمة خلق الله. وأكد أن هذه الخصائص تجعل الماء العنصر الوحيد القادر على دعم الحياة، وهو ما أشار إليه القرآن بدقة علمية قبل أن يكشف عنه العلماء في العصر الحديث.