الجزيرة:
2025-03-04@03:37:32 GMT

غزة الأبيَّة.. تاريخ مئة عام من الصمود والمقاومة

تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT

"أتمنى أن أستيقظ ذات يوم من النوم فأرى غزة وقد ابتلعها البحر".

إسحاق رابين، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق (1)

في كتابه "سلام الأوهام: المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل"، كتب الصحافي المصري "محمد حسنين هيكل" تحليله الخاص لاتفاق "أوسلو" الموقَّع عام 1993، وهو أول اتفاق رسمي بين الاحتلال الإسرائيلي ومنظمة التحرير الفلسطينية، الذي اعترفت بموجبه السلطة الفلسطينية تحت رئاسة ياسر عرفات بدولة الاحتلال الإسرائيلي، بعد سنوات طويلة من العمل المُسلَّح.

وقال هيكل إن إسحاق رابين، رئيس وزراء الاحتلال، رغم كونه الفائز الوحيد في تلك الاتفاقية التي حوَّلت تل أبيب إلى شريك في الأرض باعتراف عرفات، لم يكن ليقبل بالجلوس مع الفلسطينيين إلا بسبب عجز جيشه عن التعامل مع المقاومة داخل قطاع غزة، ولذا كان الإسرائيليون في حاجة إلى فصيل فلسطيني يحكم قطاع غزة بما فيه من أعباء ومشكلات، ويتولى عنهم مهمة القضاء على تلك المقاومة، وعلى رأسها حركة حماس، التي فشلت إسرائيل في كسر عظامها جيلا بعد جيل (2).

في بقعة ضيقة مُثقلة بالذكريات المريرة، يشغل قطاع غزة المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطيني على البحر المتوسط، بمساحة لا تزيد على 360 كيلومترا مُربَّعا، لكنها خاضت وحدها سبع حروب مع إسرائيل في أقل من 15 عاما، ونفضت عن الاحتلال تلك الصورة التي رسمها لنفسه أمام الرأي العام العالمي بوصفه جيشا لا يَخضع ولا يُقهر. واليوم، تواجه إسرائيل التي اضطرت عام 2005 إلى إخلاء مستوطناتها هناك والانسحاب كليا من القطاع أسئلة صعبة تتعلق بتقرير المصير، كون غزة هي آخر القلاع الباقية من قضية أوشكت أن تندثر، وتعتبرها إسرائيل رسميا "كيانا مُعاديا"، والتهديد الأساسي الذي يحول دون تحقيق حلم السيطرة الكاملة على كامل أرض فلسطين.

 

غزة.. بوابة فلسطين القوات العثمانية في معركة غزة الثانية في أبريل/نيسان 1917. (مكتبة الكونغرس)

قبل أن تضع الحرب العالمية الأولى أوزارها، دخل "الحُسين بن علي"، شريف مكة، في مفاوضات سرية مع المندوب السامي البريطاني في مصر هنري ماكماهون، التي عُرفت لاحقا بمراسلات "حسين-ماكماهون". وتحكي الوثائق السرية قصة صفقة قدَّمها الرجل ساهمت في إسقاط الخلافة العثمانية، حيث عرض الأمير العربي أن يقاتل بقواته إلى جانب البريطانيين ضد الأتراك، مقابل الاعتراف باستقلاله عن الدولة العثمانية. وبالفعل هاجمت القوات البريطانية ومعها القوات العربية الشام، وكانت مدينة غزة في قلب تلك المعارك، باعتبارها بوابة فلسطين. وخاض الطرفان ثلاث معارك فاصلة، واستطاعت الدولة العثمانية وحلفاؤها الألمان الانتصار في معركة غزة الأولى والثانية، لكنها خسرت الثالثة رغم استماتة أهلها في الدفاع عنها.

يقول المؤرخ الفرنسي "جان بيير فيليو" في كتابه "تاريخ غزة" إن القوات البريطانية فقدت نصف عتادها أثناء المعركتين الأولى والثانية، ولم تفلح الجيوش في اقتحام المدينة حتى استبدلت بريطانيا بقائد الحملة قائدا آخر أحضر معه كمية كبيرة من المعدات الجديدة، بما في ذلك نحو ستين طائرة. وقد أجرت قوات القائد الجديد اتصالات مع الثوار العرب الموالين للشريف حسين، واستندت خطة الهجوم خاصته إلى قصف مدفعي ضخم، إلى جانب هجمات جوية وقصف بالمدافع البحرية. ورغم ذلك قاومت المدينة بضراوة، حتى تراجعت القوات العثمانية حين يَئسَت من الانتصار. وبسقوط غزة بات الطريق إلى القدس مفتوحا، وأصبح سقوط فلسطين مسألة وقت لا أكثر (3).

أصبحت غزة عام 1917، ومعها باقي فلسطين وبلاد الشام والعراق، مستعمرة بريطانية رسميا، بعدما كانت تخضع للعثمانيين طيلة أربعة قرون تقريبا. ورغم أن لندن وعدت رجال الثورة العربية الكُبرى بإنشاء "مملكة عربية" في الشرق الأوسط خالية من الحكم العثماني، فإن بريطانيا وفرنسا بعد الحرب العالمية الأولى اقتسمتا أراضي الدولة العثمانية بعد سقوطها بموجب اتفاقية "سايكس بيكو". ومن ثمَّ بدأ الاستعمار في تقسيم فلسطين بين العرب واليهود، تنفيذا لوعد بلفور الذي أطلقته بريطانيا من أجل إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. وفي أثناء الاحتلال عملت الحكومة البريطانية على استجلاب اليهود من شتى دول العالم وتنظيمهم وتقديم الدعم لهم لتأسيس دولة إسرائيل.

بعد ثلاثة عقود من الاستعمار البريطاني، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1947، قدَّم ممثل المنظمة الصهيونية العالمية في عصبة الأمم "فيكتور جاكوبسون" خطة تبنَّتها الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين إلى دولة يهودية ودولة عربية، ولعبت غزة دورا رئيسيا في هذه الخطة، حيث أصبحت وفق القرار القطاع الساحلي الوحيد الذي يبقى تحت السيطرة العربية. وفي المقابل هُجِّر أكثر من 100 ألف فلسطيني إليها مقابل تعويضات مالية، في وقت سُمح فيه للعصابات اليهودية بالقدوم إلى فلسطين، كما كان من المقرر أن يستولي اليهود، الذين بلغ عددهم ثلث سكان فلسطين فقط آنذاك، على أكثر من نصف أراضيها، بما في ذلك الأراضي الخصبة في السهل الساحلي. واعتبر القرار مدينة القدس جسما منفصلا ومنطقة لا تُشكِّل جزءا من أيٍّ من الدولتين، على أن تُدار مباشرة بواسطة الأمم المتحدة استنادا إلى وضع قانوني خاص، ولم يستغرق الأمر طويلا حتى اندلعت حرب عام 1948 بعد رفض العرب قرار التقسيم.

 

غزة مصنع المقاومة

بعد يوم واحد فقط من الاعتراف الدولي بدولة الاحتلال، وصل نحو 10 آلاف جندي مصري، يرافقهم مقاتلون مصريون متطوِّعون، إلى مدينة غزة للاشتباك مع الجيش الإسرائيلي. وبسبب غياب الخرائط، ونقص الدعم العسكري تأخر الجيش المصري عن موعده، ولم يحقق أهدافه، وبقي يقاتل مدافعا داخل الأراضي العربية دون تقدم. ومن المفارقة أن المصريين الذين قاتلوا في فلسطين مثَّلوا أطيافا مختلفة من المجتمع المصري، فكان هناك المتطوعون من جماعة الإخوان المسلمين، كما شارك في الحرب جمال عبد الناصر، الذي أصبح رئيس مصر لاحقا بعد إعلان الجمهورية. وكان عبد الناصر شاهدا على تلك الأحداث، وكانت تجربة مشاركته في القتال داخل غزة، وحصاره مع زملائه في معركة الفالوجة، هي المُحفز الذي شكَّل الخطوط العريضة لخططه عندما عاد إلى القاهرة على رأس تنظيم "الضباط الأحرار" (4).

بعدما وضعت حرب 1948 أوزارها، أصبح الجيش المصري صاحب السيطرة على غزة، التي تحوَّلت إلى بيت لاستقبال اللاجئين الذين هجَّرهم الاحتلال من بيوتهم وأراضيهم. وقد ظلت غزة تابعة إداريا لمصر حتى هزيمة عام 1967، واجتاح الاحتلال غزة وسيناء، ومن ثمَّ فقدت مصر سيطرتها على القطاع. وفي المقابل، اقتطعت إسرائيل مساحات من غزة، وحصرت الفلسطينيين في مناطق ضيقة، وسلَّمت الأراضي المقتطعة إلى يهود متطرفين لإقامة المستوطنات فيها، حتى وصل عدد المستوطنات إلى نحو 20 مستوطنة. وقد عانى السكان في غزة من ويلات الاحتلال على مدار السبعينيات والثمانينيات حتى وقع حادث فارق غيَّر مسار الأحداث.

في ديسمبر/كانون الأول عام 1987، قام جندي إسرائيلي بدعس مجموعة من العمال الفلسطينيين الغزاويين، فاندلعت احتجاجات غاضبة في القطاع امتدت لاحقا إلى الضفة الغربية. وكانت الحجارة هي السلاح الذي استخدمه الفلسطينيون الذين استُشهد منهم 1550 فردا في ذلك الوقت، في حين جُرِح نحو 70 ألفا. وقد شهد العام نفسه الإعلان عن تأسيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي تعهَّدت بتأسيس دولة فلسطينية على كامل أرض فلسطين.

يُذكر أن الاستخبارات الإسرائيلية كشفت قبل عامين من إعلان تأسيس الحركة رسميا عن أنها تجمع السلاح سِرًّا، ومن ثمَّ قرر الاحتلال القبض على زعيمها أحمد ياسين. غير أن عالم ما بعد أوسلو قلب الموازين الداخلية، فلم تتأثر حركة حماس باعتقال زعيمها، كما بدأت الحاضنة الشعبية للحركة الوليدة بالاتساع، وهي التي تأسست متبنية خيار المقاومة المُسلَّحة. ولم يكن غريبا أن صارت حماس في غضون بضع سنوات أقوى فصيل مُسلح يحارب الاحتلال في فلسطين (5).

 

أوسلو وما بعدها.. جيل جديد من المقاومة

في يوم 13 سبتمبر/أيلول 1993، وقَّع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، بالنيابة عن منظمة التحرير الفلسطينية (فتح)، ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين، اتفاق سلام في حديقة البيت الأبيض بواشنطن من أجل تشكيل "سلطة حكم ذاتي فلسطيني انتقالي"، وهو ما عُرِف بعدئذ بـ"اتفاق أوسلو" الذي مهَّد لمرحلة جديدة من تاريخ القضية الفلسطينية يرتكز إلى حل الدولتَيْن. كانت إحدى نتائج أوسلو هي تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية، التي حصلت على سيطرة محدودة في بعض المناطق بالضفة الغربية وقطاع غزة. وقد وُقِّعَت عام 1995 اتفاقية أوسلو الثانية، التي أدت إلى انسحاب إسرائيلي محدود من بعض المدن في الضفة الغربية وتسليم سلطة أمنية منقوصة للفلسطينيين، وقد كان من الطبيعي أن يرفض الكثير من الفلسطينيين اتفاقية أوسلو ومخرجاتها لأنها أغفلت توضيح مصير عودة اللاجئين الفلسطينيين، كما تجاهلت الإشارة إلى مصير القدس.

ورغم أن اتفاق أوسلو ينص على أن مفاوضات الحل النهائي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي يجب أن تبدأ بعد 5 سنوات من توقيعه، فإن جولات مفاوضات في مواضيع متفرقة تبعته، لكن دون التطرق إلى حل يُنهي الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. وفي حين خضعت الضفة الغربية للتقسيم بموجب الاتفاق، فإن مسألة غزة لم يُتطرَّق إليها. وقد استمرت إسرائيل في السيطرة على حدود غزة والمجال الجوي والبحري التابع لها، ولم يشأ الاحتلال أن يفك قبضته على القطاع الذي بات محور المقاومة (حتى اضطرت إسرائيل مجبرة على الانسحاب من القطاع عام 2005 تحت وطأة ضربات المقاومة).

من جهة أخرى في ذلك الوقت، كان بنيامين نتنياهو من أبرز رافضي الاتفاق من الجانب الإسرائيلي، وهو زعيم المعارضة حينها، ورئيس الوزراء الحالي، إذ اعتبر أوسلو خطأ قاتلا، كونه يسمح لـ"دولة كراهية" على حد وصفه بأن تنمو بجوار دولة الاحتلال، في إشارة إلى المقاومة المتنامية التي تسكن غزة، والفصائل الأخرى في الضفة الغربية. وقد بدأ الإسرائيليون بعدها بالإسراع في مخططات توسيع المستوطنات، خلافا لبنود اتفاقية أوسلو.

ورغم رفض حركة المقاومة الإسلامية حماس وغيرها من الفصائل اتفاق أوسلو الذي لم تعترف به إلى اليوم، فإنها شاركت في العملية السياسية في فلسطين، جنبا إلى جنب مع الحفاظ على خيار المقاومة. وفي الانتخابات التشريعية عام 2006، فازت حماس بأغلب المقاعد، وشكَّلت الحركة حكومتها برئاسة إسماعيل هنية، لكنها قوبلت برفض إسرائيلي، وعرقلة داخلية انتهت بإحكام حماس سيطرتها على غزة عام 2007، وإقامة حكومة لم تعترف بها السلطة الفلسطينية ولا إسرائيل (6).

بخضوع غزة لسُلطة المقاومة مباشرة، رأت إسرائيل في غزة "كيانا معاديا"، وفرضت عليها حصارا شاملا بحرا وبرا وجوا، واستعدت في العام التالي 2008 لبدء غزو بري كان الهدف منه هو إنهاء حكم حركة حماس في القطاع، والقضاء على المقاومة الفلسطينية ومنعها من قصف إسرائيل بالصواريخ. وقد فشلت إسرائيل في هدفها، وخاضت عدة حروب حتى يومنا هذا دون أن تنجح في استئصال المقاومة، وصولا إلى أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول و"طوفان الأقصى" التي مثلت ذروة التطور النوعي للمقاومة وذروة الإذلال للاحتلال. بقيت غزة أبية إذن رغم ظروفها الصعبة وكونها أكثر مناطق العالم اكتظاظا بالسكان، حيث يعيش فيها أكثر من مليونَيْ شخص اليوم يتمسكون بأرضهم ويرفضون الاستسلام، محافظين على إرث مدينة بُنيت منذ آلاف السنين، ومرَّت عليها نكبات عديدة، لكنها لا تزال صامدة وشامخة.

_________________________________________

المصادر تصريح إسحق رابين. محمد حسنين هيكل، المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل، الجزء الثالث، ص 398. Jean-Pierre Filiu, Gaza: A History. يوميات جمال عبد الناصر في حرب فلسطين. Blowback: How Israel went from helping create Hamas to bombing it. Netanyahu says those who opposed Oslo peace deal not to blame for Rabin killing.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الضفة الغربیة إسرائیل فی فی فلسطین أکثر من فی ذلک

إقرأ أيضاً:

صنعاء.. انعقاد المؤتمر الدولي “فلسطين: من النكبة للطوفان – أهمية دور المقاومة الفلسطينية في منع التهجير”

الثورة نت|

عُقد بصنعاء اليوم، المؤتمر الدولي “فلسطين: من النكبة للطوفان – أهمية دور المقاومة الفلسطينية في منع التهجير” بمشاركة واسعة من أكثر من 50 ناشطً وباحثًا وأكاديميًا من مختلف دول العالم، تأكيدًا على رفض مؤامرة التهجير، وانتصارًا للمقاومة.

وفي افتتاح أعمال المؤتمر، أكد عضو اللجنة العليا لنصرة الأقصى ضيف الله الشامي، أهمية المؤتمر الدولي لتدارس قضية الصراع العربي الإسرائيلي، والموقف اليمني المساند لعملية “طوفان الأقصى”، والانتصار للشعب والقضية الفلسطينية.

واستعرض قضية الصراع العربي الإسرائيلي في فكر الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي.. مبينًا أن المسيرة القرآنية انطلقت في يوم القدس العالمي في 27 رمضان 1422هـ الموافق 12 ديسمبر 2001م، ومحاضرة يوم القدس العالمي التي تُعد أول المحاضرات في سلسلة محاضرات تعتبر هي المشروع الثقافي للمسيرة القرآنية.

وأوضح الشامي، أن قضية فلسطين لم تغادر فكر وتوجهات السيد القائد منذ انطلاق المسيرة القرآنية عام 2001م، وعلى خطى أخيه الشهيد القائد مضى السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في هذا الطريق بالقول والفعل وكان حقًا سيد القول والفعل.

وتطرق إلى شواهد من اهتمام السيد القائد بالقدس والقضية الفلسطينية وطبيعة الصراع العربي الإسرائيلي، حيث لا تكاد تخلو محاضرة أو خطاب دون أن يركز على هذه القضية، والدعوة للجهاد بالمال والكلمة والنفس.

كما استعرض أبرز مراحل الصراع العربي الإسرائيلي منذ احتلال فلسطين حتى عملية “طوفان الأقصى”، ومنها انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل – سويسرا في أغسطس 1897م برئاسة تيودور هرتزل الذي حدد في خطاب الافتتاح أن هدف المؤتمر هو وضع حجر الأساس لوطن قومي لليهود وما تلاه من مؤتمرات واجتماعات وصولاً إلى إعلان نشأة الكيان الإسرائيلي عام 1948م، بعد انتهاء الانتداب البريطاني.

وعرّج عضو اللجنة العليا لنصرة الأقصى، على الموقف اليمني المساند لعملية “طوفان الأقصى”، التي نفذتها المقاومة الفلسطينية وانطلق معها الموقف اليمني لدعمها ومساندتها بالموقف السياسي والعسكري والشعبي، على لسان قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي عقب انطلاق العملية مباشرة وبكل شجاعة وصدق وقوة وثبات.

وبين أن السيد القائد أعلن عن منع السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي من العبور عبر البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن والمحيط الهندي، وبالاتجاه المحاذي لجنوب أفريقيا نحو كيان العدو الغاصب.. مؤكدًا أن إعلان قائد الثورة للموقف اليمني، جاء في وقت تفرج العالم العربي والإسلامي والدولي على ما يرتكبه العدو الصهيوني من مجازر وحرب إبادة جماعية وانتهاكات وتدمير وقتل للنساء والأطفال بغزة في سابقة لم يشهد لها تاريخ الصراعات مثيل.

وقال “يكاد الموقف اليمني هو الوحيد الذي انتهج هذا النهج وقرر المضي قدَما وفي مراحل تصعيدية حتى إيقاف العدوان الصهيوني على غزة “.. مستعرضًا نبذة عن الموقف اليمني المساند لغزة والمتضمن استمرار القوة الصاروخية بالقوات المسلحة اليمنية في إطلاق الصواريخ المجنحة والباليستية والطائرات المسيرة على أهداف عسكرية إسرائيلية مختلفة في أم الرشراش ومناطق جنوب فلسطين المحتلة.

وبين الشامي، أن الموقف اليمني المساند لغزة، تضمن أيضًا استمرار إغلاق البحر الأحمر ومضيق باب المندب والبحر العربي والمحيط الهندي أمام حركة الملاحة الإسرائيلية سواء للسفن الإسرائيلية أو تلك السفن المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة وكذا استمرار استهداف السفن والبوارج الأمريكية والبريطانية المتواجدة أو العابرة للبحر الأحمر ومضيق باب المندب والبحر العربي في إطار الدفاع عن النفس والرد على العدوان بمثله، والتأكيد على أن حرية الملاحة البحرية آمنة ومفتوحة لجميع دول العالم عدا الإسرائيلية أو المرتبطة بإسرائيل.

وفي افتتاح المؤتمر الذي حضره وكيل وزارة الخارجية السفير إسماعيل المتوكل، ورئيس الفريق الوطني للتواصل الخارجي السفير الدكتور أحمد العماد، أكد ممثل حركة المقاومة الإسلامية “حماس” بصنعاء معاذ أبو شمالة، أنه بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، ما يزال العدو الصهيوني يماطل في تنفيذ الاتفاق، مستغلًا الأزمة الإنسانية لتحقيق مكاسب عجز عن تحقيقها في الحرب كتهجير أهل فلسطين عن أرضهم وهذه جريمة ضد الإنسانية.

وأوضح أن العدو الصهيوني يمنع دخول المساعدات الإنسانية لأهل غزة أمام مرأى ومسمع العالم، بدعم أمريكي واضح، وهذا انقلاب على الاتفاق وابتزاز رخيص.. مؤكدًا الحرص على الوحدة الفلسطينية وهو موقف ثابت بأن اليوم التالي للحرب لن يكون إلا فلسطينيًا خالصًا ورفض أي مشاريع أخرى أو أي شكل من الأشكال غير الفلسطينية، وكذا رفض تواجد القوات الأجنبية على قطاع غزة.

وقال “إننا نرسل رسالة إلى الملوك والرؤساء العرب الذين سيجتمعون غدًا في قمتهم ونؤكد لهم أننا معكم في الموقف الرافض لتهجير شعبنا من غزة والضفة الغربية، وأن هذا المشروع وغيره من المشاريع تهدف لتعزيز سيطرة العدو على الأقصى والأرض الفلسطينية”.

واعتبر أبو شمالة، تلك المشاريع جرائم ضد الإنسانية تعززّ شريعة الغاب.. مؤكدا أن أفضل الوسائل لمواجهة المشروع الصهيوني الإجرامي، يتمثل في الضغط لاستمرار وصول مواد الإغاثة للشعب الفلسطيني المنكوب والمشاركة الفاعلة في إعادة إعمار قطاع غزة.

كما أكد أن معركة “طوفان الأقصى” ستبقى خالدة في تاريخ الشعب الفلسطيني كونها تكللت بترسيخ حق فلسطين في المقاومة أمام آلة الإجرام الصهيونية، وكسرت هيبة العصابة الصهيونية بتدمير المقاومة الفلسطينية لفرقة غزة في ساعات محدودة.

وأفاد ممثل حركة حماس بصنعاء، بأن “طوفان الأقصى”، أحيا في الأمة روح العزة والكرامة عندما شاهد الجميع البطولات الأسطورية للمقاومة الفلسطينية والصمود الذي أذهل العالم.

وألقيت كلمات من قبل أكاديميين وباحثين وناشطين وحقوقيين وسياسيين من مختلف أنحاء العالم، أشارت في مجملها إلى أهمية الحديث باسم الضمير الإنساني العالمي لحماية حقوق الإنسان ودعم الحق المشروع لإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس والوقوف بحزم ضد مخطط التهجير القسري للشعب الفلسطيني من غزة.

وأكدت أن معركة طوفان الأقصى هي امتداد لحركة النضال للشعب الفلسطيني منذ 76 عاماً لمقاومة التهجير والتطهير العرقي ومصادرة حقوقه الوطنية في إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

وأشارت الكلمات إلى المعاناة التي يعيشها أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والقدس وغيرها من المناطق الفلسطينية، وما يفرضه العدو الصهيوني من حصار على السكان، ما يتطلب تكاتف الجهود لدعم صمود الشعب الفلسطيني وإسناد مقاومته.

وشددت على ضرورة رفض مخططات التهجير للفلسطينيين من أرضهم وبلادهم، والتأكيد على حقهم في الحياة والحرية والاستقلال وفقًا للمبادئ الأساسية للقانون الدولي.. معبرة عن التطلع لحل عادل وشجاع للقضية الفلسطينية والعمل على رفع معاناة الفلسطينيين وتحقيق سلام مستدام يضمن لهم السيادة والاستقلال.

ودعا المتحدثون من مختلف دول العالم، المجتمع الدولي للوفاء بالتزامته في حماية الشعب الفلسطيني وحقه في العودة إلى بلاده بأمان والتأكيد على الحل والسلام الدائم.. لافتين إلى ضرورة توحيد أصوات أحرار العالم والناشطين ورفض الخطة الأمريكية للتهجير القسري للفلسطينيين من أرضهم ووطنهم.

واعتبرت الكلمات مؤامرات التهجير للفلسطينيين، جريمة مخالفة لجميع المبادئ والقيم والمواثيق الإنسانية والقانون الدولي الإنساني.. مشددة على ضرورة تعزيز دور المقاومة الفلسطينية وإسنادها بما يسهم في الحفاظ على القضية الفلسطينية ومنع التهجير.

وأكدت أن معركة “طوفان الأقصى” جاءت رداً على الانتهاكات والأعمال الإرهابية الصهيونية وضد سياسة التطهير العرقي والفصل العنصري للكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني.

وتطرق المتحدثون إلى الاعتداءات الصهيونية المستمرة على الفلسطينيين في الضفة وغزة والقدس، وما يُمارسه من انتهاكات تجاوزت كل المواثيق والأعراف والقوانين الدولية، ضاربًا بها عُرض الحائط.. داعين المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بدوره وتحمل مسؤولياته في حماية الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة والوقوف ضد مخططات التهجير الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية.

وأشادت الكلمات بالإنجازات التي حققتها القوات المسلحة اليمنية في دعم وإسناد الشعب الفلسطيني تحت شعار “لستم وحدكم” وفي إطار معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، التي تُوجت بمسيرات مليونية وتبرعات شعبية وتعبئة عامة وصلت إلى أكثر من 14 ألفًا و720 مظاهرة ومسيرة مليونية، وتخريج أكثر من مليون متدرب ضمن مسار التعبئة وصولاً إلى مواجهة في البحرين الأحمر والعربي والوصول إلى المحيط الهندي.

وتطرقت إلى مسارات الجبهة اليمنية في دعم وإسناد غزة التي أثمرت عن إطلاق أكثر من 1150 صاروخا وطائرة مسيرة وعشرات الزوارق البحرية خلال عام أطلقتها القوات المسلحة اليمنية على السفن التابعة للكيان الصهيوني والمرتبطة به وكذا السفن الأمريكية والبريطانية وصولاً إلى استهداف أكثر من 213 سفينة منها أربع حاملات طائرات أمريكية نتج عنها تعطل كامل لميناء “أم الرشراش” بنسبة 100 بالمائة، فضلاً عن تمكن العمليات الجوية اليمنية من إسقاط 13 طائرة أمريكية “أم كيو9″، أربعة أضعاف ما تم إسقاطها خلال العدوان الأمريكي، السعودي والإماراتي على اليمن في تسع سنوات.

تخلل المؤتمر الذي حضره ممثلو الأحزاب والتنظيمات والمكونات السياسية والفصائل الفلسطينية، عرض عن الموقف اليمني المشرف في مساندة الشعب الفلسطيني ونصرة قضيته العادلة، وإسناد مقاومته الباسلة، ومراحل الصراع العربي الإسرائيلي منذ احتلال فلسطين حتى عملية “طوفان الأقصى”.

مقالات مشابهة

  • مصرع وجرح 6 مستوطنين في حادثة طعن بحيفا والمقاومة تبارك العملية
  • محمد الأشمر.. من هو الثائر السوري الذي تحدى الفرنسيين؟
  • صفورية التي كانت تسكن تلال الجليل مثل العصفور.. جزء من هوية فلسطين
  • السيد حسن نصر الله: قائد المقاومة ورمز الصمود
  • المشاركون في المؤتمر الدولي “فلسطين: من النكبة إلى الطوفان” يؤكدون على أهمية دور المقاومة في مواجهة التهجير
  • صنعاء.. انعقاد المؤتمر الدولي “فلسطين: من النكبة للطوفان – أهمية دور المقاومة الفلسطينية في منع التهجير”
  • صنعاء.. انعقاد المؤتمر الدولي “فلسطين: من النكبة للطوفان – أهمية دور المقاومة الفلسطينية في منع التهجير”
  •   صنعاء : انعقاد المؤتمر الدولي فلسطين: من النكبة للطوفان - أهمية دور المقاومة الفلسطينية في منع التهجير
  • رئيس دفاع النواب: فلسطين قضية مصر الأولى التي خاضت من أجلها حروب كثيرة
  • الحاج حسن للذين يتحدثون عن السيادة: ألا تعتبرون أن إسرائيل تخرق السيادة عندما تقتل شبابًا لبنانيين؟