ارتفاع هرمون الدرقية يزيد خطر المشاكل الإدراكية لدى المسنين
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
توصلت دراسة حديثة إلى وجود علاقة بين زيادة مستويات هرمون الغدة الدرقية في الجسم وارتفاع خطر الاضطرابات الإدراكية أو ما تُعرف أيضا بـ"الاضطرابات المعرفية" لدى كبار السن.
وأجرى الدراسة باحثون في جامعة جونز هوبكنز، ونشرت في مجلة جاما للطب الباطني في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وكتب عنها موقع يوريك أليرت.
وبناء على هذه الدراسة، نبّه الباحثون إلى ضرورة توخي الحذر عند وصف علاج هرمون الغدة الدرقية للأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاما.
التسمم الدرقيوتُعرف زيادة مستويات هرمون الغدة الدرقية في الجسم باسم التسمم الدرقي، وهو نوعان:
التسمم الدرقي الخارجي الذي ينجم عن تناول دواء الغدة الدرقية. التسمم الدرقي الداخلي الذي ينجم عن اضطرابات الغدة الدرقية، مثل فرط نشاط الغدة الدرقية ومرض جريفز.ووجد الباحثون أن التسمم الدرقي الخارجي والتسمم الدرقي الداخلي يرتبطان باحتمالية أكبر للإصابة باضطراب إدراكي.
وتعرّف الاضطرابات الإدراكية بأنها أي اضطراب يضعف بشكل كبير الوظائف المعرفية للفرد إلى درجة يصبح فيها الأداء الطبيعي في المجتمع مستحيلا من دون علاج. ويعتبر مرض ألزهايمر الحالة الأكثر شهرة المرتبطة بالضعف الإدراكي.
هرمون الغدة الدرقيةويعد هرمون الغدة الدرقية من بين الوصفات الطبية الأكثر شيوعا في الولايات المتحدة. ووجدت دراسة سابقة أجرتها جامعة جونز هوبكنز أن ما يصل إلى 20% من الأشخاص الذين وصف لهم هرمون الغدة الدرقية قد يتعرضون للإفراط في العلاج، مما يعرضهم لخطر الإصابة بالتسمم الدرقي الخارجي.
وقال الباحث الدكتور روي آدامز إن "هدفنا هو التحقق مما إذا كانت ممارسات العلاج المفرطة، التي يمكن أن تسبب التسمم الدرقي الخارجي، تؤدي أيضا إلى ضرر إدراكي"، مضيفا أن "فهم الآثار السلبية للإفراط في العلاج أمر بالغ الأهمية للمساعدة في توجيه الأطباء بشأن كيفية وصف العلاج بهرمون الغدة الدرقية".
ودرس الباحثون بيانات من قاعدة بيانات السجلات الصحية الإلكترونية بجامعة جونز هوبكنز ميديسن. وحدد الفريق نحو 66 ألف مشارك مؤهل يبلغون من العمر 65 عاما أو أكبر والذين تلقوا الرعاية الأولية داخل نظام جونز هوبكنز الصحي في الفترة بين يناير/كانون الثاني 2014 والسادس من مايو/أيار 2023. وكان متوسط العمر خلال أول زيارة رعاية أولية مسجلة 71 عاما.
وأظهرت النتائج أن التسمم الدرقي لجميع الأسباب -التسمم الدرقي الداخلي والخارجي مجتمعان- ارتبط بزيادة بنسبة 39% بخطر تشخيص الاضطراب الإدراكي.
ومن بين المرضى الذين عانوا التسمم الدرقي، شُخصت إصابة 11% منهم باضطراب إدراكي عند عمر 75 عاما مقابل 6.4% من المرضى الذين لم يعانوا من التسمم الدرقي.
وفي سن الـ85 عاما، شُخصت إصابة 34% من المرضى الذين يعانون التسمم الدرقي باضطراب إدراكي، مقارنة بـ26% من المرضى الذين لم يصابوا بالتسمم الدرقي.
ووجدت الدراسة أيضا أنه من بين أولئك الذين وصف لهم هرمون الغدة الدرقية، يرتبط مستوى التعرض لهرمون الغدة الدرقية بدرجة خطر الإصابة باضطراب إدراكي.
تجنب الإفراط في العلاجوقال الدكتور آدامز "تشير نتائجنا إلى أن زيادة خطر الاضطرابات الإدراكية من بين العواقب السلبية المحتملة لزيادة هرمون الغدة الدرقية، وهي نتيجة شائعة للعلاج بهرمون الغدة الدرقية".
وقالت الباحثة الدكتورة جينيفر مامين "يجب على الأطباء الذين يفكرون في علاج هرمون الغدة الدرقية لدى كبار السن تجنب الإفراط في العلاج، وذلك باستخدام إستراتيجيات العلاج المناسبة للعمر".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: هرمون الغدة الدرقیة المرضى الذین فی العلاج من بین
إقرأ أيضاً:
FP: هل يتمكن حكام سوريا الجدد من مواجهة المشاكل التي زرعها الاستعمار الغربي
نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للزميل الأول لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا في مجلس العلاقات الخارجية ستيفن كوك، قال فيه إن المسألة لم تكن سوى مسألة وقت قبل أن تخترق حقائق الوضع في سوريا الروايات الأخيرة، التي اتسمت في معظمها بالأمل والتفاؤل، حول انتقال البلاد من سلالة الأسد.
في 7 آذار/ مارس، اندلعت انتفاضةٌ ضد النظام السوري الجديد الذي أسسه أحمد الشرع، واشتبكت مع السلطات في اللاذقية وطرطوس وجبلة. بعد أن حقق الأسديون بعض النجاح الأولي، حشدت القوات الموالية للشرع قواتها وقمعت الانتفاضة.
تفاصيل هذه الأحداث غامضة نوعا ما نظرا لسيل الشائعات والمعلومات المضللة التي غمرت منصات التواصل الاجتماعي، فضلا عن ندرة الصحفيين الفعليين في المنطقة.
بحسب من اختار المراقبون تصديقه، كانت هناك إما مجازر بحق العلويين والأكراد والمسيحيين السوريين، أو لم تكن.
كان الشرع على علم بهذه المجازر، أو لم يكن. أما الرئيس السوري، فهو إما جهادي غير متجدد، أو أنه انفصل عن ماضيه ويحاول بناء سوريا جديدة بعد خمسة عقود من حكم عائلة الأسد.
تشير التقارير الموثوقة إلى أن القوات الحكومية والقوات الموالية للشرع سحقت الموالين للأسد بشراسة صادمة خلّفت نحو ألف قتيل، معظمهم من المدنيين.
تفاصيل الانتفاضة - كما هي، وإلى الحد الذي يستطيع المحللون فيه استنباط ما حدث - أقل تعقيدا من التحديات والعقبات التي تعترض بناء مجتمع يتفق فيه الجميع على معنى أن يكون المرء "سوريا".
لا شك أن الغالبية العظمى من السوريين سيقولون إن جميع سكان البلاد - العلويون والأكراد والدروز والمسلمين والإسماعيليون والمسيحيون والقلة المتبقية من اليهود - سوريون. هذا شعور إيجابي، لكنه شعور هش. وكما رأينا للتو، ففي أوقات الأزمات، يُمكن بسهولة وبعنف الطعن في هذه الفكرة التعددية. وهذا لا يُبشر بالخير لمستقبل البلاد القريب.
تُتيح الظروف الحالية في سوريا فرصة شبه مثالية لأصحاب المشاريع السياسية والقوى الخارجية العازمة على تقويض الشرع وجماعته التابعة سابقا لتنظيم القاعدة، هيئة تحرير الشام. عندما كانت فرنسا قوة استعمارية في بلاد الشام، رسّخت مكانة الطائفتين العلوية والدرزية كأقليات مُفضّلة، بل ذهبت إلى حدّ إنشاء دويلات لكليهما.
وتمّ في النهاية ضمّ هذه الدويلات إلى سوريا، لكن هذا لم يكن الحال بالنسبة للدولة المسيحية التي اقتطعها الفرنسيون مما أسماه القوميون ذوو الرؤية التوسعية لبلادهم "سوريا الطبيعية" لإنشاء دولة ذات هيمنة مارونية تُدعى لبنان. تمّ كل هذا على حساب السكان السنة، الذين كانوا كثيرين وغير مُرتاحين عموما للمشروع الأوروبي في المنطقة.
لقد خلق التلاعب الاستعماري بالطوائف والجماعات العرقية مجموعة من التبعيات المسارية التي ثبت أنه من الصعب على السوريين التخلص منها على مدى المائة عام الماضية.
كان حافظ الأسد، الذي حكم سوريا من عام 1971 حتى وفاته عام 2000، عضوا في حزب البعث - وهو حزب قومي عربي بامتياز. لقد حافظ، مثل الأحزاب والفصائل القومية العربية في جميع أنحاء المنطقة، على وهم أن الشرق الأوسط عربي بامتياز، مما أدى إلى محو التشكيلة الغنية من الجماعات العرقية والدينية التي كانت من السكان الأصليين للمنطقة.
لم يكن التزام حافظ بالبعث مهما كثيرا من الناحية العملية أو السياسية. ربما كان الرجل القوي في سوريا لفترة طويلة، لكنه لم يستطع أبدا التخلص من حقيقة أنه كان علويا - عضوا في مجتمع فقير تقليديا يمارس دينا غير تقليدي وتعاون قادته مع السلطات الاستعمارية الفرنسية.
وعلى الرغم من وجود سوريين من خلفيات متنوعة في هيكل السلطة السورية خلال فترة حكم حافظ الأسد الطويلة، فإنه اعتمد على العلويين كقاعدة لسلطته، مما أدى إلى إعادة خلق وتعزيز الاختلافات الطائفية والعرقية بين السوريين.
خلال فترة حكمه، قيل إن المسيحيين كانوا محميين، والأكراد كانوا يتعرضون للقمع ما لم يُستخدموا ضد الأتراك، وكان العديد من السنة مستائين. تمرد البعض - وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها - وأشهرها في حماة عام ١٩٨٢. من جانبهم، مارس الدروز التقية.
هذه تعميمات بالطبع. لم يدعم كل علوي نظام الأسد، ولم يعارض كل سني النظام. كان هناك مسيحيون فعلوا ذلك، وكان هناك دروز وطنيون سوريون. أراد معظم السوريين ما يريده الجميع في كل مكان: عيش حياة كريمة ورؤية أطفالهم يكبرون ويزدهرون. مع ذلك، لا تقلل هذه الفروق الدقيقة من البعد الطائفي للسياسة السورية، وهو قابل للاستغلال.
ليس من المستحيل على السوريين التغلب على المؤسسات الاجتماعية والسياسية التي تقسمهم وتصنفهم حسب الطائفة والعرق، لكن الأمر سيكون في غاية الصعوبة.
من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت السياسة الجديدة في سوريا ستقوض هذه الأنماط، التي ترسخت في سياسة البلاد ومجتمعها على مدى القرن الماضي، أم ستعززها.
تُفسر هذه السمة "المتأصلة" لماذا، بمجرد أن أقدم الأسديون، الذين تدور مظالمهم ظاهريا حول السلطة والسياسة، على التحرك، بدا أن العنف الذي أعقب ذلك قد اتخذ طابعا طائفيا وعرقيا. ذلك لأن السلطة والسياسة في سوريا متشابكتان بشدة مع هذه الاختلافات.
لا شك أن أشخاصا وجماعات ودولا - إيران؟ روسيا؟ إسرائيل؟ - داخل سوريا وخارجها، سعت إلى تضخيم هذه الاختلافات وتعزيز فكرة أن ما كان يحدث هو هجوم جهادي شامل على الأقليات السورية.
يبدو - من التقارير غير الدقيقة التي ظهرت من غرب سوريا - أن هناك بعض الحقيقة في هذه الروايات. لا يمكن إنكار حقيقة أن أتباع الشرع قتلوا أعدادا كبيرة من العلويين (مع ذهاب البعض خارج البلاد إلى حد التلميح إلى أنهم يستحقون ذلك). رفض ناشطون وشخصيات على مواقع التواصل الاجتماعي الاتهامات الموجهة إلى مؤيدي النظام الجديد بقتل المسيحيين، ولكن يبدو أنهم كانوا مستهدفين. وهذا أمرٌ لا ينبغي أن يُفاجئ أحدا. فالمتطرفون الإسلاميون يهددون رجال الدين المسيحيين وكنائسهم منذ سقوط الأسد.
هذا ليس دفاعا عن الأسديين. فقد كانت سوريا بلدا قمعيا ودمويا للغاية خلال العقود الممتدة بين صعود حافظ الأسد عام ١٩٧١ وسقوط بشار الأسد أواخر عام ٢٠٢٤. وكان تصميم الابن على استخدام القتل كوسيلة للخروج من الانتفاضة ضد حكمه عام ٢٠١١ هو الدرس الذي تعلمه من والده، الذي قتل عشرات الآلاف ردا على انتفاضة حماة عام ١٩٨٢.
بل إن وجهة نظري هي أن السوريين، مثل جيرانهم في لبنان والعراق، من المرجح أن يواجهوا صعوبات في التكيف مع الهياكل الاجتماعية التي أورثهم إياها التاريخ. هناك نماذج قليلة يمكن للسوريين اتباعها. يُسهم النظام السياسي الطائفي في لبنان في التشرذم، بينما يُسهم النظام العراقي في دوامة من الغنائم والاختلال الوظيفي. لقد قال الشرع كلاما صائبا عن كون سوريا لجميع السوريين.
إنها رؤية إيجابية لمستقبل سوريا، يتفق عليها بلا شك الكثير من مواطنيه. ولكن، وبعيدا عن التعبير عن المشاعر، لم يُقدم الرئيس السوري طريقا حقيقيا للمضي قدما. في الوقت الحالي، يحق للسوريين أن يتساءلوا: "إلى أي سوريين يشير؟".