في أجواء مشحونة بالتوتر.. البابا فرانسيس للرئيس الإسرائيلي: ممنوع الرد على الرعب بالرعب
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
شفق نيوز/ كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن تفاصيل مكالمة هاتفية غير علنية "مشحونة" جرت مؤخرا بين البابا فرنسيس والرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ ناقشا خلالها الحرب في غزة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي كبير مطلع على المكالمة، التي لم يتم الإبلاغ عنها مسبقا، القول إن البابا فرانسيس شدد لهرتسوغ أنه "ممنوع الرد على الرعب بالرعب".
وقالت الصحيفة إن المسؤول الإسرائيلي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته أثناء مناقشة مسألة حساسة، مشيرة إلى أن كلمات البابا جاءت ردا على حديث الرئيس الإسرائيلي الذي كان يصف الرعب الذي أصاب بلاده من هجوم حماس في السابع من أكتوبر خلال المكالمة.
الصحيفة أشارت إلى أن هرتسوغ كرر موقف بلاده القائل بأن الحكومة الإسرائيلية تفعل ما هو مطلوب في غزة للدفاع عن شعبها، لكن البابا أبلغه أنه "ينبغي بالفعل محاسبة المسؤولين عن ذلك، وليس المدنيين".
وبالنظر إلى "التوتر" الذي تضمنته المكالمة لم تعلن إسرائيل عن حصولها، وفقا للصحيفة، التي أشارت إلى أن المعنى الضمني كان واضحا في تصريحات البابا ووصفه للحملة الإسرائيلية في غزة "بأنها عمل إرهابي".
ورفض متحدث باسم مكتب الرئيس الإسرائيلي التعليق على مضمون المكالمة الهاتفية مكتفيا بالقول: "لا نميل إلى الإشارة إلى محادثات خاصة".
وكان البابا أثار الجدل قبل ذلك في خطاب علني أدلى به في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان في 22 من هذا الشهر عندما قال: "هذا ما تفعله الحروب، لكننا تخطينا الحروب. هذه ليست حرب إنها إرهاب" من دون تحديد ما إذا كان يشير إلى الهجوم الذي شنته حركة حماس أو إلى العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة ردا على ذلك الهجوم، أو الإثنين معا.
ورفض الفاتيكان توضيح ما إذا كان البابا يصف العمليات الإسرائيلية في غزة علنا أو سرا بأنها "إرهاب"، لكنه ذكر في بيان لصحيفة واشنطن بوست أن المكالمة مع الرئيس الإسرائيلي حصلت بالفعل.
وجاء في البيان أن "المكالمة الهاتفية، مثل غيرها، تجري في سياق جهود البابا الرامية لاحتواء خطورة ونطاق وضع الصراع في الأراضي المقدسة".
في 22 من نوفمبر أيضا كان البابا قد عقد اجتماعين منفصلين: الأول مع أقارب الأشخاص الذين قتلوا في غزة والآخر مع عائلات الرهائن الذين احتجزتهم حماس.
وتنقل الصحيفة عن الأستاذة الفلسطينية شيرين هلال، التي فقدت اثنين من أفراد أسرتها، القول إن البابا بكى خلال اللقاء مع الفلسطينيين، وهم يتحدثون عن عدد القتلى الهائل.
وقالت هي وآخرون من الحضور إن البابا استخدم كلمة "إبادة جماعية" باللغة الإنكليزية، مضيفة "كان يعرف بالضبط ما كان يحدث، ومدى صعوبة العيش في غزة".
وأكد متحدث باسم الفاتيكان للصحفيين بعد اللقاء أن البابا، على حد علمه، لم يقل كلمة "إبادة جماعية"، لكنه لم يستبعد ذلك بشكل قاطع.
يشار إلى أن البابا حذر في أكثر من مناسبة من خطورة المعاناة في غزة ودعا إلى إرسال مزيد من المساعدات الإنسانية ووقف دائم لإطلاق النار.
ويقول الفاتيكان إن البابا يحافظ أيضا على اتصالات يومية مع الكنيسة الكاثوليكية في غزة التي تؤوي 700 فلسطيني.
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس في أعقاب هجوم غير مسبوق شنّته الحركة على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر، أدى الى مقتل نحو 1200 شخص غالبيتهم من المدنيين وقضى معظمهم في اليوم الأول للهجوم، وفق السلطات الإسرائيلية.
وخطفت حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى 240 شخصا من إسرائيليين وأجانب في ذلك الهجوم.
ومنذ ذلك الحين، ترد إسرائيل بقصف مدمّر على قطاع غزة أوقع أكثر من 15 ألف شخص، بينهم 5840 طفلا، وفق حكومة حماس.
ومنذ نحو أسبوع أُعلن التوصل لاتفاق هدنة بين إسرائيل وحماس بوساطة قطرية جرى بموجبه إطلاق سراح عدد من الرهائن فيما أفرجت إسرائيل بالمقابل عن معتقلين فلسطينيين.
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي البابا فرنسيس الفاتيكان الرئيس الاسرائيلي إن البابا فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
د. إبراهيم نجم يكتب: في وداع البابا فرانسيس خادم الإنسانية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
برحيل البابا فرانسيس، فقد العالم صوتًا استثنائيًا وحضورًا مضيئًا تجاوز الحدود الدينية والثقافية. لقد كان البابا فرنسيس، الذي غادر عالمنا مؤخرًا، أكثر من مجرد زعيم ديني؛ كان خادمًا حقيقيًا للإنسانية جمعاء، ونموذجًا نادرًا في التفاني والتواضع والشجاعة الأخلاقية.
بصفتي مستشارًا لفضيلة مفتي الديار المصرية، لطالما أُعجبت بقدرة البابا فرنسيس الفريدة على توحيد الشعوب المختلفة تحت راية واحدة هي راية المحبة والتعاطف والاحترام المتبادل. ففي زمن طغت عليه مشاعر الريبة والانقسامات، كان رسالته البسيطة والقوية تذكّرنا دائمًا بإنسانيتنا المشتركة ومسؤوليتنا تجاه الفئات الأكثر ضعفًا في مجتمعاتنا.
لم يتردد البابا فرنسيس يومًا في مواجهة حقائق عالمنا الصعبة، مثل الفقر المدقع والهجرة القسرية والنزاعات المسلحة وأزمة المناخ. كانت أفعاله نابعة من إيمان عميق وليس مجرد واجب أخلاقي فرضته عليه مكانته. لقد جسّد بحق معنى الرحمة للعالمين التي أشار إليها القرآن الكريم في وصف النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بقوله تعالى: “وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين”. كان البابا فرنسيس يُعبّر بأقواله وأفعاله عن تلك الرحمة الإلهية التي تتجاوز كل الفوارق الدينية والثقافية والاجتماعية.
إن التزامه الراسخ بالحوار بين الأديان سيبقى من أبرز إنجازات عهده البابوي. لقد آمن البابا فرنسيس بقوة الحوار الحقيقي، ليس كعمل دبلوماسي أو بروتوكولي فحسب، بل كتجربة روحية أصيلة تقود إلى اكتشاف عمق الآخر وغناه الروحي. ولعل اللقاء التاريخي بينه وبين فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وتوقيعهما معًا على “وثيقة الأخوة الإنسانية” في أبو ظبي عام 2019 هو خير دليل على هذا الالتزام العميق والأصيل بالسلام العالمي والإخاء الإنساني.
ويتوافق هذا النهج الروحي والإنساني مع الرؤية الإسلامية التي يدعو إليها القرآن الكريم، حين يوجّه المؤمنين قائلًا: “فاستبقوا الخيرات” (سورة المائدة: 48)، مؤكدًا أن التعددية الدينية ينبغي أن تكون مصدرًا للتعاون والتعارف، وليس سببًا للخلاف والشقاق.
بالإضافة إلى أفعاله العامة، تميز البابا فرنسيس بشخصية متواضعة وبساطة نادرة جعلته قريبًا من عامة الناس بعيدًا عن مظاهر الترف التي قد ترتبط أحيانًا بمنصبه. وقد جعلت هذه البساطة الحقيقية من البابا فرنسيس شخصية تحظى بالحب والاحترام ليس فقط لدى أتباع الكنيسة الكاثوليكية، بل لدى مختلف الشعوب والأديان.
واليوم ونحن نستذكر ذكراه العطرة، علينا أن نتأمل في إرثه العظيم الذي تركه للبشرية: تذكير مستمر بأن المحبة الحقيقية والاستماع الجاد والاحترام المتبادل هي أمور ليست ممكنة فقط، بل ضرورية لبناء مجتمع عادل ومسالم وإنساني.
رحيل البابا فرنسيس لا ينبغي أن يكون نهاية عصر، بل بداية جديدة لوعي مشترك حول واجبنا تجاه التضامن العالمي والتعايش الاجتماعي والتواصل الحقيقي بين أتباع الديانات المختلفة. ليكن مثاله مصدر إلهام مستمر لنا جميعًا، يدفعنا نحو مزيد من التعاطف والإنصات والوحدة الإنسانية.
فلتبقَ ذكراه منارةً تضيء لنا درب الأخوة والسلام والتعايش بين كل شعوب الأرض.