رغم العدوان على غزة.. لهذا لن يقطع المغرب علاقاته مع إسرائيل
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
سلطت نائب مدير الاتصالات في برنامج الشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلسي، والباحثة المغربية، سارة زعيمي، الضوء على تطبيع المملكة المغربية لعلاقاتها رسميا مع إسرائيل، مشيرة إلى أن القيادي بحركة حماس، خالد مشعل، أثار جدلا بمخاطبته الشعب المغربي يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني لحثهم على قطع العلاقات مع الدولة العبرية وطرد السفير الإسرائيلي في الرباط.
وذكرت سارة، في مقال نشرته بموقع "المجلس الأطلسي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن مشعل قال إن "المغرب قادر على تصحيح خطأه والقيام بواجبه"، داعيا المغاربة إلى النزول إلى الشوارع، وذلك في رسالة مرئية وجهها خلال مسيرة سياسية نظمها حزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي.
وإزاء ذلك، لجأ المغاربة الغاضبون إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتنديد بخطاب مشعل باعتباره انتهاكا لسيادة المملكة ومحاولة للتدخل في شؤونها الداخلية.
وأثار الموقف من رسالة مشعل والمظاهرات الكبيرة المؤيدة لفلسطين في المغرب في الأسابيع الأخيرة سؤالاً مهمًا: هل ستؤدي المشاعر المتصاعدة المؤيدة للفلسطينيين إلى الضغط على القيادة المغربية لإلغاء اتفاق التطبيع المبرم في ديسمبر/كانون الأول 2020 مع إسرائيل؟ وتجيب سارة زعيمي بحسم: لا.
وتوضح سارة أن العديد من المغاربة تأثروا بتدفق اللقطات التي تصور الوضع الإنساني المتردي في غزة، وعلى غرار العديد من العواصم العربية والعالمية، خرج عشرات الآلاف من المواطنين في مسيرة تضامنية مع الشعب الفلسطيني في الأسابيع الأخيرة، ولا يمكن إنكار وجود روابط طويلة الأمد بين العديد من المغاربة والفلسطينيين اليوم بسبب أوجه التشابه الدينية واللغوية والثقافية، على الرغم من بعدهم الجغرافي ومساراتهم السياسية المتباينة في كثير من الأحيان.
ودفعت الاحتجاجات في المغرب بعض المعلقين الأجانب إلى الإعلان عن أن التطبيع في خطر، لكن ما يخطئون فيه هو أن هذه المظاهرات لا تحدث ضد رغبات قيادة البلاد ولا يُنظر إليها على أنها تمثل ضغطا داخل المجالات السياسية المغربية، بل على العكس من ذلك، فإن هذه الحركة الاجتماعية الداعمة للفلسطينيين يتم تنظيمها بمباركة الدولة، وتقوم الحكومة بتوفير الترتيبات اللوجستية والأمنية للمتظاهرين في نهاية كل أسبوع.
اقرأ أيضاً
المغرب.. مسيرات حاشدة تضامنا مع غزة ورفضا للتطبيع (فيديو)
وتوضح سارة أن السلطات المغربية تنظر إلى تلك المسيرات باعتبارها تعبيراً عن الحقوق المدنية التي لا تقبل الجدل، كما أنها صاغت بوضوح موقفًا بشأن الحرب يتماشى مع المطالب العامة، داعية إلى وقف التصعيد، والوصول إلى المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين في غزة بما يتماشى مع القانون الدولي.
لكن المغرب لا ينوي إلغاء اتفاق التطبيع الذي وقعه مع إسرائيل، إذ قد تمر العلاقات الثنائية بفترة من الضيق، وقد يتم تجميد بعض المشاريع العامة حتى تتولى الحكومة الإسرائيلية القادمة السلطة، لكن من غير المرجح أن تتراجع المملكة عن التزاماتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
وكان هذا واضحاً من خلال حق النقض، الذي استخدمته الرباط، إلى جانب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان وموريتانيا وجيبوتي والأردن ومصر، في 11 تشرين الثاني/نوفمبر، والذي عرقل اقتراحاً بقطع العلاقات مع إسرائيل في قمة جامعة الدول العربية بالرياض.
هامش مناورة
وعلى عكس الدول التي تشترك في حدود مباشرة مع إسرائيل ولها تاريخ طويل من الصراع معها، فإن المغرب لديه هامش أكبر للمناورة بشأن سياسته الخارجية، فقد أظهرت المملكة بشكل عملي على مر السنين نهجاً شبه علماني، حيث فصلت بين ما تعتبره واجباً دينياً وأخوياً لدعم الفلسطينيين وما تعتقد أنه يمكن أن يخدم سلامة أراضيها وأجندة التنمية الاقتصادية على أفضل وجه.
ومن ثم، كررت الرباط في كثير من الأحيان أهمية إشراك الفلسطينيين في اتفاقات إبراهيم بينما قامت تدريجياً بتوسيع آفاق تعاونها مع إسرائيل.
بل إن المغرب كان حذرا بشأن صياغة اتفاقه مع إسرائيل على أنه "إعادة تأسيس العلاقات الدبلوماسية" وليس تطبيعا، ولم تنتقل العلاقات بين الدولتين أبدًا من الوضع المحدود المتمثل في إعادة فتح مكاتب الاتصال الخاصة بهما إلى التمثيل الدبلوماسي الكامل، على الرغم من اعتراف إسرائيل بسيادة المغرب على الصحراء الغربية في يوليو/تموز الماضي، وهو الركيزة الأساسية للاتفاق الذي توسطت فيه إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، في عام 2020.
اقرأ أيضاً
مصير تطبيع المغرب وإسرائيل.. هكذا قد تحدده مدة الحرب على غزة
وفي الوقت ذاته، تتصاعد العديد من الأصوات المناهضة للتطبيع في المغرب، ولا سيما قادة ونخب الأحزاب الإسلامية واليسارية المؤثرة، مثل عبد الإله بنكيران، رئيس الوزراء السابق من حزب العدالة والتنمية، ونبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد. ويشعر العديد من المغاربة بالإحباط المتزايد بسبب الخسائر الإنسانية الناجمة عن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وقرروا الانضمام إلى حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات أو مجموعات الاحتجاج عبر الإنترنت وفي الشوارع.
ومع ذلك، ترى سارة زعيمي أنه سيكون من المضلل استخدام لمحة سريعة عن جزء واحد من المجتمع للإدلاء ببيان شامل حول ما يريده أو يؤمن به جميع المغاربة البالغ عددهم 40 مليونًا تقريبًا.
وأضافت أنه من المثير للاهتمام أنه في حين لا تزال الحرب على غزة تهيمن على العناوين الرئيسية للصحف، يبدو أن العديد من المغاربة أكثر انشغالاً بندرة الأمطار، أو إضرابات المعلمين، أو إصلاح قانون الأسرة، أو حتى حكومة بيدرو سانشيز الجديدة في إسبانيا.
وتلفت سارة زعيمي إلى أن المغرب متنوع لغويًا وعرقيًا وأيديولوجيًا، لدرجة أن بعضهم اختار الوقوف إلى جانب إسرائيل في الحرب المستمرة بغزة باستخدام وسوم مثل "تازة قبل غزة". وتازة هي مدينة صغيرة في شمال شرق المغرب.
قلق الصحراء
ولذا ترى سارة زعيمي أنه "بدلاً من نسج القصص حول الاضطرابات المدنية في المغرب وإعادة تمثيل توقعات الربيع العربي الفاشلة لعام 2011 حول ثورة وشيكة تنتظر المملكة، ربما يكون من الأفضل التركيز بدلاً من ذلك على التصعيد الأخير والمثير للقلق في الصحراء الغربية".
ففي 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أبلغت السلطات المحلية عن وقوع 4 انفجارات في مناطق مدنية بمدينة السمارة، ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة 3 آخرين، وهذه الهجمات ضد المدنيين، والتي أعلنت جبهة البوليساريو الانفصالية مسؤوليتها عنها في وقت لاحق، يمكن أن تمثل نوعا من امتداد الصراع بين إسرائيل وغزة إلى شمال أفريقيا، وخاصة مع استغلال متمردي الجبهة للزخم الدولي الحالي وتقليد الخطب والخطابات على غرار حماس.
كما أوردت صحيفة دي فيلت الألمانية في وقت سابق من هذا الشهر معلومات استخباراتية أكثر إثارة للقلق، كشفت أن إيران ربما تخطط لهجوم على مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط باستخدام جبهة البوليساريو كوكيل.
وتشير هذه التطورات الأخيرة إلى أن المملكة المغربية قد تخفف من تعاونها العلني مع إسرائيل والولايات المتحدة وتستمر في انتقاد الوضع الإنساني في غزة علناً.
ومع ذلك، لا ترجح سارة زعيمي حدوث تراجع عن التطبيع مع إسرائيل على المستويين الأمني والاستخباراتي، "لأن هذا التعاون أصبح الآن مسألة أمن قومي لنظام ملكي نجح في البقاء لمدة 12 قرنا"، حسب تقديرها.
اقرأ أيضاً
دعما لغزة.. مظاهرات في المغرب وتونس وسوريا وتركيا ووقفة أطفال بالكويت
المصدر | سارة زعيمي/المجلس الأطلسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: المغرب التطبيع إسرائيل خالد مشعل حزب العدالة والتنمية غزة حماس مع إسرائیل فی المغرب فی غزة
إقرأ أيضاً:
الواثق: المغاربة يعانون في ليبيا أوضاعاً هشة
قال محمد حسن الواثق، المدير التنفيذي لجمعية الصداقة الليبية المغربية، إن “أغلب المغاربة المقيمين في ليبيا يعيشون أوضاعًا هشة، ويوجدون في وضعية إقامة غير قانونية بسبب مجموعة من العوامل الموضوعية التي حالت دون تسوية هذه الوضعية”، مضيفًا أن “مغاربة ليبيا يأملون العودة إلى وطنهم، ويطالبون بتوفير وسائل نقل لذلك، وإعفائهم، بتنسيق مع وزارة الداخلية الليبية، منمجموعة من الضرائب والغرامات التي تجب تأديتها قبل الخروج النهائي من ليبيا”.
وتابع الواثق، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن “تقديم تسهيلات بشأن العودة إلى أرض الوطن من شأنه أن يساهم في الحد من معاناة العديد من المغاربة المقيمين في ليبيا، الذين يعيشون في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية متدهورة، ناتجة عن تدهور الأوضاع الاقتصادية العامة في الدولة الليبية، وغلاء أسعار المواد الأساسية، وارتفاع نسب التضخم”، مواصلا بأن “تسوية الوضعية القانونية في ليبيا باتت تستلزم مبالغ مالية ضخمة تفوق القدرات المالية للمغاربة، وهو ما يساهم في توسيع قاعدة الموجودين منهم في وضعية هجرة غير نظاميةداخل الأراضي الليبية”.
وشدد المدير التنفيذي لجمعية الصداقة الليبية المغربية على أن “وضعية الأجانب في ليبيا سيئة نتيجة تداخل مجموعة من الأسباب والعوامل، ونتيجة الوضع السياسي المعروف في هذا البلد المغاربي”، مؤكدًا أن“مغاربة ليبيا هم طاقات مهدورة يُفترض أن يستفيد منها بلدهم، المغرب، وبالتالي وجب العمل على رد الاعتبار لهذه الجالية والاستفادة منها في دول أخرى، إذ إن بقاء وضعها الحالي كما هو يُعد خسارة كبيرة للاقتصاد الوطني المغربي”.