سلطت نائب مدير الاتصالات في برنامج الشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلسي، والباحثة المغربية، سارة زعيمي، الضوء على تطبيع المملكة المغربية لعلاقاتها رسميا مع إسرائيل، مشيرة إلى أن القيادي بحركة حماس، خالد مشعل، أثار جدلا بمخاطبته الشعب المغربي يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني لحثهم على قطع العلاقات مع الدولة العبرية وطرد السفير الإسرائيلي في الرباط.

وذكرت سارة، في مقال نشرته بموقع "المجلس الأطلسي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن مشعل قال إن "المغرب قادر على تصحيح خطأه والقيام بواجبه"، داعيا المغاربة إلى النزول إلى الشوارع، وذلك في رسالة مرئية وجهها خلال مسيرة سياسية نظمها حزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي.

وإزاء ذلك، لجأ المغاربة الغاضبون إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتنديد بخطاب مشعل باعتباره انتهاكا لسيادة المملكة ومحاولة للتدخل في شؤونها الداخلية.

وأثار الموقف من رسالة مشعل والمظاهرات الكبيرة المؤيدة لفلسطين في المغرب في الأسابيع الأخيرة سؤالاً مهمًا: هل ستؤدي المشاعر المتصاعدة المؤيدة للفلسطينيين إلى الضغط على القيادة المغربية لإلغاء اتفاق التطبيع المبرم في ديسمبر/كانون الأول 2020 مع إسرائيل؟ وتجيب سارة زعيمي بحسم: لا.

وتوضح سارة أن العديد من المغاربة تأثروا بتدفق اللقطات التي تصور الوضع الإنساني المتردي في غزة، وعلى غرار العديد من العواصم العربية والعالمية، خرج عشرات الآلاف من المواطنين في مسيرة تضامنية مع الشعب الفلسطيني في الأسابيع الأخيرة، ولا يمكن إنكار وجود روابط طويلة الأمد بين العديد من المغاربة والفلسطينيين اليوم بسبب أوجه التشابه الدينية واللغوية والثقافية، على الرغم من بعدهم الجغرافي ومساراتهم السياسية المتباينة في كثير من الأحيان.

ودفعت الاحتجاجات في المغرب بعض المعلقين الأجانب إلى الإعلان عن أن التطبيع في خطر، لكن ما يخطئون فيه هو أن هذه المظاهرات لا تحدث ضد رغبات قيادة البلاد ولا يُنظر إليها على أنها تمثل ضغطا داخل المجالات السياسية المغربية، بل على العكس من ذلك، فإن هذه الحركة الاجتماعية الداعمة للفلسطينيين يتم تنظيمها بمباركة الدولة، وتقوم الحكومة بتوفير الترتيبات اللوجستية والأمنية للمتظاهرين في نهاية كل أسبوع.

اقرأ أيضاً

المغرب.. مسيرات حاشدة تضامنا مع غزة ورفضا للتطبيع (فيديو) 

 وتوضح سارة أن السلطات المغربية تنظر إلى تلك المسيرات باعتبارها تعبيراً عن الحقوق المدنية التي لا تقبل الجدل، كما أنها صاغت بوضوح موقفًا بشأن الحرب يتماشى مع المطالب العامة، داعية إلى وقف التصعيد، والوصول إلى المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين في غزة بما يتماشى مع القانون الدولي.

لكن المغرب لا ينوي إلغاء اتفاق التطبيع الذي وقعه مع إسرائيل، إذ قد تمر العلاقات الثنائية بفترة من الضيق، وقد يتم تجميد بعض المشاريع العامة حتى تتولى الحكومة الإسرائيلية القادمة السلطة، لكن من غير المرجح أن تتراجع المملكة عن التزاماتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

وكان هذا واضحاً من خلال حق النقض، الذي استخدمته الرباط، إلى جانب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان وموريتانيا وجيبوتي والأردن ومصر، في 11 تشرين الثاني/نوفمبر، والذي عرقل اقتراحاً بقطع العلاقات مع إسرائيل في قمة جامعة الدول العربية بالرياض.

هامش مناورة

وعلى عكس الدول التي تشترك في حدود مباشرة مع إسرائيل ولها تاريخ طويل من الصراع معها، فإن المغرب لديه هامش أكبر للمناورة بشأن سياسته الخارجية، فقد أظهرت المملكة بشكل عملي على مر السنين نهجاً شبه علماني، حيث فصلت بين ما تعتبره واجباً دينياً وأخوياً لدعم الفلسطينيين وما تعتقد أنه يمكن أن يخدم سلامة أراضيها وأجندة التنمية الاقتصادية على أفضل وجه.

ومن ثم، كررت الرباط في كثير من الأحيان أهمية إشراك الفلسطينيين في اتفاقات إبراهيم بينما قامت تدريجياً بتوسيع آفاق تعاونها مع إسرائيل.

بل إن المغرب كان حذرا بشأن صياغة اتفاقه مع إسرائيل على أنه "إعادة تأسيس العلاقات الدبلوماسية" وليس تطبيعا، ولم تنتقل العلاقات بين الدولتين أبدًا من الوضع المحدود المتمثل في إعادة فتح مكاتب الاتصال الخاصة بهما إلى التمثيل الدبلوماسي الكامل، على الرغم من اعتراف إسرائيل بسيادة المغرب على الصحراء الغربية في يوليو/تموز الماضي، وهو الركيزة الأساسية للاتفاق الذي توسطت فيه إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، في عام 2020.

اقرأ أيضاً

مصير تطبيع المغرب وإسرائيل.. هكذا قد تحدده مدة الحرب على غزة

وفي الوقت ذاته، تتصاعد العديد من الأصوات المناهضة للتطبيع في المغرب، ولا سيما قادة ونخب الأحزاب الإسلامية واليسارية المؤثرة، مثل عبد الإله بنكيران، رئيس الوزراء السابق من حزب العدالة والتنمية، ونبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد. ويشعر العديد من المغاربة بالإحباط المتزايد بسبب الخسائر الإنسانية الناجمة عن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وقرروا الانضمام إلى حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات أو مجموعات الاحتجاج عبر الإنترنت وفي الشوارع.

ومع ذلك، ترى سارة زعيمي أنه سيكون من المضلل استخدام لمحة سريعة عن جزء واحد من المجتمع للإدلاء ببيان شامل حول ما يريده أو يؤمن به جميع المغاربة البالغ عددهم 40 مليونًا تقريبًا.

وأضافت أنه من المثير للاهتمام أنه في حين لا تزال الحرب على غزة تهيمن على العناوين الرئيسية للصحف، يبدو أن العديد من المغاربة أكثر انشغالاً بندرة الأمطار، أو إضرابات المعلمين، أو إصلاح قانون الأسرة، أو حتى حكومة بيدرو سانشيز الجديدة في إسبانيا.

وتلفت سارة زعيمي إلى أن المغرب متنوع لغويًا وعرقيًا وأيديولوجيًا، لدرجة أن بعضهم اختار الوقوف إلى جانب إسرائيل في الحرب المستمرة بغزة باستخدام وسوم مثل "تازة قبل غزة". وتازة هي مدينة صغيرة في شمال شرق المغرب.

قلق الصحراء

ولذا ترى سارة زعيمي أنه "بدلاً من نسج القصص حول الاضطرابات المدنية في المغرب وإعادة تمثيل توقعات الربيع العربي الفاشلة لعام 2011 حول ثورة وشيكة تنتظر المملكة، ربما يكون من الأفضل التركيز بدلاً من ذلك على التصعيد الأخير والمثير للقلق في الصحراء الغربية".

 ففي 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أبلغت السلطات المحلية عن وقوع 4 انفجارات في مناطق مدنية بمدينة السمارة، ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة 3 آخرين، وهذه الهجمات ضد المدنيين، والتي أعلنت جبهة البوليساريو الانفصالية مسؤوليتها عنها في وقت لاحق، يمكن أن تمثل نوعا من امتداد الصراع بين إسرائيل وغزة إلى شمال أفريقيا، وخاصة مع استغلال متمردي الجبهة للزخم الدولي الحالي وتقليد الخطب والخطابات على غرار حماس.

كما أوردت صحيفة دي فيلت الألمانية في وقت سابق من هذا الشهر معلومات استخباراتية أكثر إثارة للقلق، كشفت أن إيران ربما تخطط لهجوم على مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط باستخدام جبهة البوليساريو كوكيل.

وتشير هذه التطورات الأخيرة إلى أن المملكة المغربية قد تخفف من تعاونها العلني مع إسرائيل والولايات المتحدة وتستمر في انتقاد الوضع الإنساني في غزة علناً.

ومع ذلك، لا ترجح سارة زعيمي حدوث تراجع عن التطبيع مع إسرائيل على المستويين الأمني والاستخباراتي، "لأن هذا التعاون أصبح الآن مسألة أمن قومي لنظام ملكي نجح في البقاء لمدة 12 قرنا"، حسب تقديرها.

اقرأ أيضاً

دعما لغزة.. مظاهرات في المغرب وتونس وسوريا وتركيا ووقفة أطفال بالكويت

المصدر | سارة زعيمي/المجلس الأطلسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: المغرب التطبيع إسرائيل خالد مشعل حزب العدالة والتنمية غزة حماس مع إسرائیل فی المغرب فی غزة

إقرأ أيضاً:

بوريطة يدعو السلطات الأوربية إلى احترام كرامة المغاربة في قضية تأشيرات شنغن

زنقة 20 | الرباط

أكد وزير الخارجية ناصر بوريطة، أن المصالح المختصة بوزارته تواصل جهودها لتوعية البعثات الدبلوماسية الأوروبية بظاهرة الوسطاء والسماسرة غير المعتمدين في منح التأشيرات.

 

و قال بوريطة ، في جواب كتابي على سؤال برلماني حول ظاهرة وسطاء التأشيرات ، أن العديد من الدول الأوروبية، أبرزها فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، اختارت تفويض إدارة طلبات التأشيرة إلى شركات متخصصة.

وأوضح بوريطة، أن هذه الشركات مسؤولة عن تدبير عملية تقديم الطلبات إلى البعثات الدبلوماسية والقنصليات لهذه البلدان.

وأضاف أن المصالح الدبلوماسية المغربية تثير بانتظام، خلال لقاءاتها الثنائية مع ممثلي البعثات الأجنبية والقنصليات المعتمدة بالمغرب، تدبير نظام منح التأشيرات، مشيرا الى أنها تناقش الاختلالات التي تعرفها العملية.

وأوضح بوريطة ، أن وزارته تواصل باستمرار حث هذه البلدان على معالجة الإختلالات في أنظمة حجز مواعيد الفيزا والتي تستغل من طرف وسطاء غير قانونيين.

و ذكر الوزير ، أنه يدعو السلطات الأوروبية إلى معالجة ملفات المغاربة ضمن مدة زمنية معقولة مع ضمان احترام كرامة المواطنين المغاربة، خاصة فيما يتعلق بطلبات التأشيرة المرتبطة بمتطلبات محددة مثل الدراسة أو الرعاية الصحية.

مقالات مشابهة

  • دبلوماسي مغربي: الشركات المغربية والصينية يمكنها تطوير تآزرات قوية خاصة في قطاع السيارات الكهربائية
  • خبير سياسة دولية: إسرائيل تريد عرقلة كل جهود التفاوض لوقف إطلاق النار
  • بوريطة يدعو السلطات الأوربية إلى احترام كرامة المغاربة في قضية تأشيرات شنغن
  • بعد زيارة الرئيس الصيني.. بكين تمدد الإقامة للسياح والتجار المغاربة
  • الجيش الإسرائيلي يقطع طريق الخردلي.. واشتباكات الخيام مُستمرّة
  • منطقة الخيام.. لهذا السبب تريدها إسرائيل
  • مراسل «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل تنفذ أكبر هجوم على بيروت منذ بدء العدوان
  • السلطات الجزائرية تفتح حدودها البرية مع المغرب استثنائيا لهذا السبب
  • العراق يطالب مجلس الأمن بإلزام إسرائيل بوقف العدوان على غزة ولبنان
  • ولي العهد للرئيس الصيني: المغاربة لن ينسوا أبدا دعمكم في جائحة كوفيد