هل نهى النبي عن إسبال الثياب؟.. الإفتاء توضح ما جاء بالسنة النبوية
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:" ورد في السنة النبوية أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن إسبال الثياب، فقال لي أحد أصدقائي: إن هذا ليس على إطلاقه، وقد قال بعض العلماء بجوازه؛ فكيف نجمع بين الأحاديث الواردة في ذلك؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: أنه وردت مجموعة من الأحاديث تنهى عن الإسبال للرجل؛ منها: ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِى النَّارِ».
ولكن هذا الإطلاق مقيد بأن يكون الإسبال على جهة الخيلاء والتكبر؛ وهو المستفاد مما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ؛ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، فقال أبو بكر رضي الله عنه: إن أحد شقي ثوبي يسترخي، إلا أن أتعاهد ذلك منه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّكَ لَسْتَ تَصْنَعُ ذَلِكَ خُيَلَاءَ».
والقول بأن أحاديث النهي عن الإسبال مقيدة بالخيلاء، فإذا انتفى الخيلاء لم يكن الإسبال محرمًا، هو ما ذهب إليه جمهور العلماء من المذاهب المختلفة؛ إعمالًا للقاعدة الأصولية في حمل المطلق على المقيد؛ جمعًا بين الأدلة، دون اضطرار إلى إعمال أحدها وإلغاء الآخر؛ والإعمال أولى من الإهمال.
ظاهرة في مكة تنذر باقتراب يوم القيامة.. ما القصة؟ هتنام على طول.. ردد 4 آيات من هذه السورة كل ليلة هتصحى للفجر بدون منبه .. عليك بهذا الفعل قبل نومك 12 ساعة فقط| أقصر مدة صيام في السنة.. انتهز الفرصةفجاء في "الفتاوى الهندية" من كتب الحنفية (5/ 333، ط. دار الفكر): [إسبال الرجل إزاره أسفل من الكعبين إن لم يكن للخيلاء ففيه كراهة تنزيه، كذا في الغرائب] اهـ.
وقال الإمام أبو الوليد الباجي المالكي في "المنتقى" (7/ 226، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ» يقتضي تعلق هذا الحكم بمن جره خيلاء، أما من جره لطول ثوب لا يجد غيره، أو عذر من الأعذار، فإنه لا يتناوله الوعيد] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" من كتب الشافعية (1/ 278، ط. المكتبة الإسلامية): [(ويحرم) على الرجل (إطالة العذبة طولًا فاحشًا، وإنزال الثوب ونحوه عن الكعبين للخيلاء، ويكره) ذلك (لغيرها)] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 341، ط. دار إحياء التراث العربي): [ويكره إسبال القميص والإزار والسراويل؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر برفع الإزار، فإن فعل ذلك على وجه الخيلاء حَرُم] اهـ.
وهذا هو ما صرح به الشيخ ابن تيمية -الذي تنال آراؤه احترام عامة التيارات المتشددة، ويعتبرونه مرجعًا معتبرًا عندهم-؛ فقال في "شرح عمدة الفقه" (ص: 364، ط. دار العاصمة، من أول كتاب الصلاة إلى آخر باب آداب المشي إلى الصلاة): [وهذه نصوص صريحة في تحريم الإسبال على وجه المخيلة، والمطلق منها محمول على المقيد، وإنما أطلق ذلك؛ لأن الغالب أن ذلك إنما يكون مخيلة] اهـ.
وقال العلامة الشوكاني في "نيل الأوطار" (2/ 133، ط. دار الحديث): [وقد عرفت ما في حديث الباب من قوله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر رضي الله عنه: «إنَّك لَسْت مِمَّنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ خُيَلَاءَ»، وهو تصريح بأن مناط التحريم: الخيلاء، وأن الإسبال قد يكون للخيلاء، وقد يكون لغيره، فلا بد من حمل قوله: «فَإِنَّهَا الْمَخِيلَةُ» في حديث جابر بن علي أنه خرج مخرج الغالب، فيكون الوعيد المذكور في حديث الباب متوجهًا إلى من فعل ذلك اختيالًا، والقول بأن كل إسبال من المخيلة أخذًا بظاهر حديث جابر ترده الضرورة؛ فإن كل أحد يعلم أن من الناس من يسبل إزاره مع عدم خطور الخيلاء بباله، ويرده ما تقدم من قوله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر.. وبهذا يحصل الجمع بين الأحاديث وعدم إهدار قيد الخيلاء المصرح به في "الصحيحين".. وحمل المطلق على المقيد واجب] اهـ. وممَّا سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: النبي صلى الله عليه وآله وسلم دار الإفتاء المصرية رضی الله اهـ وقال
إقرأ أيضاً:
ما هي عقوبة البلطجة؟.. تنزل على فاعلها 3 مصائب وعذاب أليم
قالت دار الإفتاء المصرية ، إن هناك فعلاً شائعًا يستهين به الكثيرين فيما حذر منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنه من كبائر الذنوب ، منوهًا بأنه البلطجة .
متى أول رجب 2025؟.. الإفتاء تحدد بدايته بعد 81 ساعة من الآنما هي عقوبة البلطجةوأوضحت " الإفتاء" في إجابتها عن سؤال : ما هي عقوبة البلطجة ؟ ، عبر صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن البلطجة كلمة تعني استخدام العنف والقوة لترويع الناس أو أخذ ممتلكاتهم، وهي محرمة شرعًا ومجرَّمة قانونًا؛ وذلك لأنها كبيرةٌ من كبائر الذنوب، وانتشارُها يقضي على الأمن والاستقرار .
وتابعت: الذي حرصت الشريعة الإسلامية على إرسائه في الأرض، وجعلته من مقتضيات مقاصدها، التي من ضِمْنها الحفاظُ على النفس والعرض والمال.
واستشهدت بقول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- : «مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى يَدَعَهُ، وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ» أخرجه مسلم في صحيحه.
حكم البلطجة وترويع الآمنينوأكدت أنه نهت الشريعة الإسلامية عن مجرد ترويع الآمنين، حتى ولو كان على سبيل المزاح، أو باستخدام أداةٍ تافهة، أو بأخذ ما قلَّت قيمتُه؛ فقد أخرج الإمامان البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يُشِيرُ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ بِالسِّلَاحِ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي، لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ، فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ»، وأخرج الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى يَدَعَهُ، وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ»، وأخرج البزار والطبراني عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تُرَوِّعُوا الْمُسْلِمَ فَإِنَّ رَوْعَةَ الْمُسْلِمِ ظُلْمٌ عَظِيمٌ».
حكم الاستيلاء على ممتلكات الآخرين بالقوةوأفادت بأن إذا زاد الترويع إلى حد الاستيلاء على الممتلكات بالقوة أو حتى بإيهام القوة -فضلًا عن الخطف أو الاعتداء على النفس أو العرض- دخل ذلك في باب الحرابة وقطع الطريق، وهو كبيرة من كبائر الذنوب؛ شدد القرآن الكريم الحدَّ فيها، وغلَّظ عقوبتها أشد التغليظ، وسَمَّى مرتكبيها محاربين لله ورسوله، وساعين في الأرض بالفساد، فقال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 33]، بل نفى النبي صلى الله عليه وآله وسلم انتسابَهم إلى الإسلام فقال في الحديث المتفق عليه: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا» رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر وأبي موسى رضي الله عنهم. ومن فداحة هذه الجناية أن الحدَّ فيها لا يقبل الإسقاط ولا العفو باتفاق الفقهاء؛ لأنها انتهاك لحق المجتمع بأسره، فلا يملك المجني عليه العفو فيها.
حق المعتدى عليه في الدفاع عن حقهوأضافت أنه قد جعل الشرع للمعتدى عليه الحق في دفع المعتدي ولو بالقتل إذا لم يجد سبيلًا غيره، ولا تَبِعَةَ عليه في ذلك مِن قصاص ولا دية ولا كفارة. والإسلام يوجب مساعدةَ الإنسان لأخيه وإنقاذه من الاعتداء عليه، ومَن مات في ذلك فهو شهيد، وعدَّ الشرع الإحجامَ والنكوصَ عن النصرة والنجدة لمن يستطيع ذلك -ولو بالإبلاغ عن البلطجية المفسدين- تقاعسًا يُلحق الوزر بصاحبه، بل وإعانةً على الظلم؛ حيث جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم المتقاعس عن نصرة المظلوم مع قدرته على ذلك مشاركًا للظالم في بغيه وظلمه.
ودللت بما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ مَوْقِفًا يُقْتَلُ فِيهِ رَجُلٌ ظُلْمًا، فَإِنَّ اللَّعْنَةَ تَنْزِلُ عَلَى مَنْ حَضَرَ حِينَ لَمْ يَدْفَعُوا عَنْهُ، وَلَا يَقِفَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَوْقِفًا يُضْرَبُ فِيهِ أَحَدٌ ظُلْمًا، فَإِنَّ اللَّعْنَةَ تَنْزِلُ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ حِينَ لَمْ يَدْفَعُوا عَنْهُ» رواه الطبراني والبيهقي بإسناد حسن كما قال الحافظ المنذري في "الترغيب والترهيب".
الواجب على المجتمع فعله لمواجهة ظاهرة البلطجةوأردفت : وأوجب الشرع على الأفراد والمجتمعات أن يقفوا بحزم وحسم أمام هذه الممارسات الغاشمة، وأن يواجهوها بكل ما أوتوا من قوة حتى لا تتحول إلى ظاهرة تستوجب العقوبة العامة، وتمنع استجابة الدعاء؛ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابٍ» أخرجه أبو داود والترمذي وصححه، وابن ماجه والنسائي من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
واستندت لما روى الترمذي وحسَّنه من حديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ»، وعدَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم -في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في "الصحيحين" وغيرهما- القريةَ التي لم تأخذ على يد القاتل وتمنعه من جرائمه قريةً خبيثة -وفي رواية "مسلم": أرضَ سوء- يُهاجِر منها مَن أراد التوبة.
وأشارت إلى أنه قد حمَّل الشرع المجتمع مسئولية حماية أفراده، وظهر ذلك جليًّا في التشريعات الإسلامية؛ فشُرِعَت القسامة عند وجود قتيل لم يُعرَف قاتلُه في حي من الأحياء؛ بأن يحلف خمسون من أهل الحي أنهم لم يقتلوه ولا يعرفون قاتلَه، ثم يغرمون ديته عند جماعة من الفقهاء مع أن الأصل براءة ذمتهم من القتل؛ إلا أن القتيل لمَّا دخل مكانهم كان كالملتجئ إليهم والمحتمي بهم؛ فصار تفريطهم في حمايته مظنة اللوث.
ونوهت بأن البلطجة كبيرة من الكبائر وإفساد في الأرض في نظر الشرع، فإنها جريمة نكراء في نظر القانون؛ حيث أُفرِدَتْ لها موادُّ عقابية أضيفت إلى قانون العقوبات؛ وشُدِّدَتْ فيها العقوبة عن غيرها؛ وذلك بموجب القانون رقم 6 لسنة 1998م الذي حل محلَّه المرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011م تصديًا لانتشار هذه الجرائم في الآونة الأخيرة؛ عملًا بمبدأ يحدث للناس من الأقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور.
وبينت أن البلطجة التي جرَّمها القانون لها صورٌ مختلفة منها: استعراض القوى، التلويح للمجني عليه بالعنف المادي أو المعنوي، التهديد باستخدام العنف بالتعرُّض لحرمة الحياة الخاصة، إلحاق الضرر بممتلكات الغير، إلحاق الضرر بمصلحةٍ خاصةٍ بالمجني عليه، تعريض المجني عليه للخطر، المساس بالشرف والكرامة، المساس بسلامة الإرادة، حمل السلاح أو أداةٍ كهربائيةٍ أو موادَّ ضارة، اصطحاب حيوان يثير الرعب.
وواصلت: كما ينبغي التنبه إلى أن كثيرًا من المظاهر السلبية في هذه الآونة يُعَدُّ ضربًا مِن ضروب البلطجة؛ كالاعتداء على المنشآت العامة أو التسبب في تعطيلها، أو قطع طرق المواصلات العامة، أو شل حركة المرافق الحيوية التي تعتبر شريانًا لحياة الناس في حراكهم المعيشي اليومي وعجلة حياتهم المستمرة، وذلك تحت أي مبرر كان.