تصريحات الفريق أول ركن ياسر العطا محاولة لصرف الأنظار عن الفشل في مواجهة قوات الدعم السريع

تصريحات للتغطية على مدى ارتباك المؤسسة العسكرية

الخرطوم – بدت تصريحات الفريق أول ركن ياسر العطا، مساعد القائد العام للجيش السوداني، التي سعى فيها لانتقاد الإمارات، تبريرا من المؤسسة العسكرية لخسائرها في الحرب من خلال البحث عن ذرائع للتغطية على العجز بدلا من الاعتراف بالمسؤولية عن الفشل والاستجابة للأصوات الداعية إلى وقف الحرب.



ولا يرى مراقبون سودانيون أي مبرر لهجوم العطاء على الإمارات التي  دعمت السودان اقتصاديا وساندت عملية التحول الديمقراطي سياسيا، وأعلنت موقفها الرافض للاقتتال بين أبناء البلد الواحد ودعمت الحوار بين الجيش وقوات الدعم السريع لوقف الحرب مبكرا.

واعتبرت مصادر سودانية في تصريح لـ”العرب” أن الاتهامات التي أطلقها العطا ليست سوى تنفيس عن الغضب الذي يتملك القيادات العسكرية عقب تقدم كبير أحرزته قوات الدعم السريع في معارك عديدة خاضتها مؤخرا، خاصة في إقليم دارفور الذي هزمت فيه الكثير من الوحدات العسكرية، وهو ما لا يريد قادة الجيش الاعتراف به.

ولطالما لجأ العطا إلى إطلاق الاتهامات في كل اتجاه كلما اشتد الضغط على المؤسسة العسكرية. وسبق أن هاجم كينيا ورئيسها، واتهم القوى المدنية بالتآمر على الجيش.

الشفيع أديب: تصريحات العطا خلت مما نصت عليه قواعد اللياقة والدبلوماسية

وأعلن العطا أمام أعضاء جهاز المخابرات العامة في أم درمان الثلاثاء أن “المعلومات التي تَرِد إلينا من المخابرات والمخابرات العسكرية ومن الخارجية الدبلوماسية (تفيد) بأن دولة الإمارات بتودي (ترسل) طائرات دعما لهؤلاء الجنجويد (قوات الدعم السريع)”.

وقال مسؤول إماراتي لوكالة رويترز إن بلاده دعت باستمرار منذ بداية الحرب إلى وقف التصعيد ووقف إطلاق النار وبدء حوار دبلوماسي في السودان.

وقدمت الإمارات دعما إغاثيا للتخفيف من الأزمة الإنسانية في السودان والدول المجاورة، وأنشأت مستشفى ميدانيا في مدينة أمدجراس التشادية في يوليو الماضي.

وزعم العطا أن الإمارات أرسلت كميات من الإمدادات إلى قوات الدعم السريع عبر أوغندا وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد، قائلا إن “الدعم وصل هذا الأسبوع عبر مطار العاصمة التشادية نجامينا، بعد أن كان يأتي من قبل عبر أمدجراس”.

ووصف وزير الدولة الأوغندي للشؤون الخارجية هينري أوكيلو أوري مزاعم العطا بأنها “هراء مطلق”، وهو ما رددته دوائر سودانية على دراية بتطورات الحرب وتفاعلاتها، ورأت أن الغرض من الاتهامات هو التقليل من انتصارات الدعم السريع المتلاحقة وإرجاعها إلى مساندة طرف خارجي.

وفي الفترة الماضية راجت معلومات حول تلقي الجيش السوداني مساعدات عسكرية من كل من طهران وأنقرة، خاصة الطائرات دون طيار، والتي حصلت قوات الدعم السريع على عدد منها من مخازن تابعة للجيش في الخرطوم.

واعتبر المحلل السياسي السوداني الشفيع أديب أن تصريحات العطا “خلت مما نصت عليه قواعد اللياقة والدبلوماسية، على الرغم من كونه الرجل الثالث في التراتبية، بحكم موقعه كمساعد لقائد الجيش عبدالفتاح البرهان، ولم يكترث بمسؤوليته عن العلاقات الدولية للبلاد في هذه المرحلة، وقدم تصريحا يمكن وصفه بأنه غير مقبول لأنه وجه اتهامات لا دليل عليها واكتفى بالإشارة إلى طرق الدعم التي لا يمكن التأكد من صحتها”.

وأضاف أديب في تصريح لـ”العرب” أن “ياسر العطا كان يخاطب مجموعة من الضباط والجنود بدت تصريحاته موجهة إليهم فقط ليقدم لهم رسالة تطمئنهم بأن قوات الدعم السريع لم تحقق مكاسب على حساب الجيش إلّا لكونها تتلقى مساعدات من الخارج، مع أن الجيش نفسه يتلقى الدعم الخارجي”.

ولفت الشفيع لـ”العرب” إلى أن “تصريحات العطا تشكل في جوهرها إحراجا للبرهان نفسه الذي ينوي زيارة أبوظبي تزامنا مع انعقاد قمة المناخ، وليس من المعروف كيف سيبرر هذه التصريحات أمام المسؤولين الإماراتيين، الأمر الذي قد تكون له تأثيرات واضحة على مجمل العلاقات السودانية – الإماراتية”.

وأيدت دولة الإمارات عملية الانتقال السياسي في السودان بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير عام 2019، وهي العملية التي تمخضت عنها الوثيقة الدستورية وتعديلاتها، والاتفاق الإطاري الذي لم يلتزم بتطبيقه قائد الجيش.

ووقعت الإمارات اتفاقا مع مجلس السيادة الانتقالي العام الماضي لأجل بناء ميناء على البحر الأحمر ضمن استثمارات وجهتها إلى مجالات عديدة في أنحاء مختلفة بالسودان.

وتواصل الإمارات سعيها لوقف الحرب في السودان، ولا تَأْبه بما يردده بعض العسكريين هناك لتبرير هزائم الجيش، فتصوراتها وتحركاتها تدعم رغبتها في استقرار هذا البلد.

الإمارات قدمت دعما إغاثيا للتخفيف من الأزمة الإنسانية في السودان

ومؤخرا بحث وزير خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكن ونظيره الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان في اتصال هاتفي أهمية إنهاء النزاع في السودان.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان لها إن الجانبين أكدا على أهمية حماية المدنيين وسط تزايد أعمال العنف في البلاد.

واستغرب مراقبون حديث ياسر العطا الذي شدد فيه على قِدَم وعراقة المؤسسة العسكرية السودانية، مشيرا إلى أن “أياديها طويلة” وتصل إلى أي مكان و”مخالبها قوية وأنيابها تطحن”. واعتبروا أن هذا الحديث غير مسؤول ولا يمكن أن يصدر عن مؤسسة عسكرية في حجم تاريخ السودان.

ودعا المراقبون العطاء إلى تقديم تفسير واقعي لأنصار الجيش يكشف فيه أسباب الهزائم التي تواجهها المؤسسة العسكرية أمام قوات الدعم السريع بدلا من تشتيت الأنظار إلى عوامل خارجية لا تأثير لها على أرض المعركة.

https://alarab.co.uk/%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%87%D8%AF%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A5%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D9%8A%D8%A7%D8%A6%D8%B3%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%84%D8%AA%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%AE%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%87

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع المؤسسة العسکریة فی السودان یاسر العطا

إقرأ أيضاً:

أمنستي تتهم دولة أوروبية بتزويد الإمارات بأسلحة يستخدمها الدعم السريع

أفادت منظمة العفو الدولية "أمنستي"، في تحقيق حديث، بأن التكنولوجيا العسكرية الفرنسية المستخدمة في ناقلات الجنود المدرعة المصنعة في الإمارات تُستخدم في المعارك الدائرة في السودان، مما قد يشكل انتهاكًا لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إقليم دارفور.

وفي تقرير موجز صدر في وقت سابق من هذا العام، رصدت منظمة العفو الدولية ناقلات جنود مدرعة في مواقع مختلفة من السودان، صُنعت في الإمارات العربية المتحدة. ويكشف بحث جديد أن هذه الناقلات، التي تستخدمها قوات الدعم السريع، تحتوي على أنظمة دفاعية تفاعلية متقدمة تم تصميمها وتصنيعها في فرنسا.

Petite publi sur @blast_france : Des équipements militaires français retrouvés au Soudan, malgré l'embargo, d'après @amnestyfrance ...
On parle de systèmes de leurres Galix (Lacroix/KNDS) sur des blindés légers émiriens.https://t.co/D0x0rfFN0i pic.twitter.com/XbVI2IAP4V — Romain Mielcarek (@romainmielcarek) November 14, 2024
وتقوم شركة إيدج غروب (Edge Group) في الإمارات بتصنيع ناقلات الجنود المدرعة من طراز "نمر عجبان"، المزودة بنظام غاليكس (Galix) الفرنسي.

وأظهرت صور متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتحققت منها منظمة العفو الدولية، وجود نظام غاليكس على العديد من ناقلات "نمر عجبان" المدرعة التي تم تدميرها أو الاستيلاء عليها من قبل القوات المسلحة السودانية.

ويُعد نظام غاليكس، الذي تصنعه شركة لاكروا ديفانس (Lacroix Defense) بالتعاون مع شركة نيكستر (Nexter)، والمعروفة الآن باسم كا إن دي إس فرانس (KNDS France)، نظامًا دفاعيًا للقوات البرية يهدف إلى التصدي للتهديدات القريبة.

ويعمل النظام على إطلاق الأفخاخ والدخان والقذائف لحماية المركبات القتالية. وتصف شركة لاكروا ديفانس نظام غاليكس بأنه مصمم لـ"إخفاء المركبات القتالية من التهديدات الوشيكة" وتوفير الحماية للعربات القتالية الرئيسية، الدبابات، وناقلات الجنود المدرعة.


خرق لحظر الأسلحة
وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنياس كالامار، إن "بحثنا يثبت أن الأسلحة المصممة والمصنعة في فرنسا تُستخدم حاليًا في الصراع الدائر في السودان".

وأضافت أن قوات الدعم السريع تستعمل نظام غاليكس في هذا النزاع، مؤكدةً أن أي استخدام لهذا النظام في دارفور يمثل خرقًا واضحًا لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة.

ودعت كالامار الحكومة الفرنسية إلى اتخاذ إجراءات فورية لوقف توريد النظام من قبل شركتي لاكروا ديفانس وكا إن دي إس فرانس إلى الإمارات.

وأوضحت منظمة العفو الدولية سابقًا أن تدفق الأسلحة المستمر إلى السودان يساهم في معاناة إنسانية كبيرة، مما يستدعي من جميع الدول وقف الإمدادات المباشرة وغير المباشرة للأسلحة والذخائر إلى الأطراف المتصارعة في السودان، والالتزام بفرض حظر الأسلحة الذي أقره مجلس الأمن الدولي على دارفور للحفاظ على أرواح المدنيين.

في 15 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تواصلت منظمة العفو الدولية مع شركتي لاكروا ديفانس وكا إن دي إس فرانس، وكذلك مع الأمانة العامة للدفاع والأمن الوطني في فرنسا، للإبلاغ عن اكتشاف وجود نظام غاليكس في السودان. وحتى تاريخ نشر هذا البيان، لم تتلقَّ المنظمة أي رد.


تاريخ من التعاون
تتمتع الإمارات العربية المتحدة وفرنسا بشراكة طويلة الأمد في مجال التسليح، حيث أشار تقرير صادر عن البرلمان الفرنسي لعام 2024 حول صادرات الأسلحة إلى أن الشركات الفرنسية قدمت تجهيزات عسكرية للإمارات بقيمة تُقدر بنحو 2.6 مليار دولار أمريكي بين عامي 2014 و2023.

ولشركة لاكروا ديفانس وجود قوي في الإمارات، إذ أقامت مشروعًا مشتركًا مع شركة الإمارات للتكنولوجيا الدفاعية منذ عام 2015، ما جعلها واحدة من أوائل الشركات الفرنسية متوسطة الحجم التي توطدت في الإمارات. وقد جُهزت ناقلات الجنود المدرعة نمر عجبان بنظام غاليكس منذ عام 2017 على الأقل.

يذكر أن الاتحاد الأوروبي فرض حظرًا على تصدير الأسلحة إلى السودان منذ عام 1994، يمنع بيع، أو توريد، أو نقل، أو تصدير أي أسلحة، أو معدات عسكرية من أي نوع إلى السودان، بما في ذلك الذخائر والمركبات وقطع الغيار.

مقالات مشابهة

  • منظمة العفو الدولية تتهم الإمارات وفرنسا بتزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة في السودان
  • أمنستي تتهم دولة أوروبية بتزويد الإمارات بأسلحة يستخدمها الدعم السريع
  • سيناتورة أمريكية تدعو لمعاقبة الإمارات بسبب مساندتها الدعم السريع في السودان
  • الجنيه السوداني يدخل ساحة الحرب بين الجيش و«الدعم السريع» .. مسؤول رفيع سابق بالبنك المركزي: تبعات القرار كارثية
  • سيناتور أمريكية تدعو لمعاقبة الإمارات بسبب مساندتها الدعم السريع في السودان
  • ما سر خلاف الجيش السوداني و«الدعم السريع» حول معبر «أدري»؟
  • مستقبل حميدتي وقوات الدعم السريع بعد الخسائر العسكرية الأخيرة
  • دمج قوات الدعم السريع في الجيش السوداني: بين الواقع والمأمول
  • إشارة خضراء!!
  • الجيش السوداني يسقط طائرات مسيرة لميليشيا الدعم السريع في الفاشر