بقلم / عصام مريسي
تنصرف الفاتنة وما تزال ترشق بعينيها الجميلتين الشاب وهو يبادلها نظرات العشق والرغبة .
على غير موعد تحضر العاشقة ومن غير وجهتها المعتادة الى بستان الشاب المسلم ينتفض جسده كلما احس بخطواتها تقترب من البستان وعبق انفاسها يعطي للمكان رونق وتدب الحيوية في ارجاء البستان وتخالط رائحتها نسمات الهواء وهي تقف على التلة المطلة على بستان كروم العنب والرمان وفي وجنتيها حمرة الرمان وخصلات من شعرها الاشقر تذاعب نسمات الهواء وتلاعب خصلاتها وهي تذهب بها هنا وهناك وهو يرسل اليها بصمت رسائل العشق والغرام .
وفي نفس التوقيت يتوجهان نحو بعضيهما ويتحدثان في نفس اللحظة فيقول .. سنتزوج واقنع ابي بزواجي منك
وهي تقول له.. ابي ان يوافق
يجيب بثقة وكأنه قد حسم قراره..اذا لم يوافقا سنترك المدينة ونرحل و نتزوج.
تغادر المزرعة ويتجه الشاب باحثا عن والده حتى يلتقي به على ناصية المقهى الوحيد في القرية الجبلية والسماء تزخ بوابل من طل الصيف الذي يزيد الزرع بهاء ويزيد من اخضرار الحقول والبساتين . يقف الى جانب والده الذي يحتسي كوبا من قهوة البن البلدي يبادر الاب ابنه الحديث..
ما الذي اتى بك ? ولماذا تركت البستان ?
يقف قليلا يستجمع انفاسه ثم وبدون مقدمات يخبر والده..
ابي اريد الزواج
يجيب الاب والفرحة ترتسم على ناظريه مرحبا بطلب ولده..
هذا يوم اتمناه . ارى عروسك تزين الدار ويملأ احفادي حياة للدار.. من هي العروس.
بتردد وتلعتم الفاظة ..
ابنة الحاخم اليهودي.
سرعان ما تندفع الاجابة معلنة الرفض ..
مستحيل ان تصبح ام احفادي يهودية .. لا ..لا هذا امر مستحيل.
كان يعلم ان والده لن يقبل بابنة اليهودي. يطأطأ راسه ويجتي على ركبتيه ويمسك بكف والده يقبلها..
ابي انها عشقي وحبي الاول
بصوت صارم يجيب الوالد..
انها لا تناسبك .. ابنة عمك هي من ستكون أم لنسلي حتى اتشرف ويتشرف الاولاد بنسب اخوالهم.
ينهض الاب الذي لم يكمل فنجان القهوة تاركا المكان والشاب مازال جاثيا على ركبتيه تعصف به الخيبة وعدم الاستجابة لطلبه وضياع حلمة في الاجتماع بمعشوقته بصورة شرعية
..
فشلت كل محاولاته في اقناع والده بالموافقة من زواجه من الفتاة اليهودية .انصرف الاب تاركا مقهى القرية الصغير الذي كان يعج بمرتاديه الذين يحضرون لاحتساء فنجان القهوة وسماع اخبار القرية والقرى المجاورة. والشاب ما زال يعصره الم الرفض وعدم الموافقة .
استمر اللقاء بين الشابين حتى أثمر اللقاء جنين استقر وبدأ ينمو وتظهر علامات حياته واخذ الشاب يواعد الفتاة للهروب الى قرية بعيدة نحو الجنوب يستقران هناك ويتزوجان بعبدا عن تعنت والديهما الديني الذي حال دون اجتماعهما تحت سقف واحد.
تعود الفتاة وهي تستعد لمغادرة منزلها وحيها في القرية الذي يعيش فيه اهل ملتها بعيدا عن منازل السكان من المسلمين.
يحضر والدها مبكرا على غير عادته ويطلب منها طلب غريب افزعها وجعلها تتصرف باضطراب وقلق حتى ارتجفت اطرافها..
بسرعة اجمعي اهم أغراضك سوف نرحل ونترك القرية
اخذ نبض قلبها يتسارع وانفاسها تلهث وتتابع والعرق يتصبب على جبينها ولم تعد قادرة على مواجهة والدها وصوتها يتلعثم ..
لماذا يا ابي? والى اين ?
يلحظ والدها ارتباكها .يبادرها.... بالسؤال ...
ماذا تخفين عني
وهي في حالة من الدعر والخوف تجيب..
احمل في بطني طفلا
ينفعل الاب ويثور غضبا ..
هذا ما خشيته .. بعد ان نغادر ونترك القرية سوف نتخلص من هذا الحمل.
تجهش بالبكاء وهي تحاول اقناع والدها بالموافقة على زواجها من الشاب..
ارجوك .. ابي وافق على زواجي
يجيب بالقطع..
زواجكما مستحيل
يسمع صوت السيارة التي حضرت لتاخذهم الى غرب البلاد نحو سواحل البحر الاحمر بداية الانطلاق.
تسير مرغمة وهي بعينيها تودع قريتها التي احتضنت طفولتها وعشقها علها تراه وتلقي في عينيه النظرة الاخيرة نظرة الوداع.. تنطلق السيارة تقطع الجبال وتجتاز السهول وقد انقلب مناخ قريتها المعتدل واخذت الحرارة تشتد كلما اتجهوا غربا وجنوبا. باتت القرية حلم بعيد واللقاء بعشقها ابعد حلم يراودها.
خيوط الصبح قد اخذت تلقي بنورها على القرية واخذ المزارعون يتجهون نحو بساتينهم والحرفيون نحو ورشهم
ولم تحضر الفتاة في موعدها الذي واعدها به عشيقها لينطلقا نحو مدن جنوب البلد.
اتجه الشاب نحو ورشة والدها ولاول مرة يراها مغلقة في مثل هذا الوقت . يسأل جيرانهم من اليهود عن السيد اليهودي..
يجيب صاحب الورشة المجاورة..
سيكونا قد وصلا نحو ساحل البحر الاحمر وفي الميناء سيكون الزورق الذي يقلهما نحو الضفة الاخرى من البحر الاحمر ومن هناك سينطلقان في رحلة الذهاب الى الوطن.
بدهشة واستغراب يسال..
اي وطن هنا وطنهما.
يجيب صاحب المحل الاخر..
سيرحلان الى الوطن اسرائيل
ينتاب الشاب شعور بفقد عشقه وخيبة امله يترك المكان ويسير بخطى مرتعشة وهو يسير الهوينى لا يدري الى اين يتجه
مازال الزورق يقطع عباب الماء نحو الضفة الاخرى من البحر نحو سواحل افريقيا وبعض المسافرين في حالة من الشوق ليجتمعوا بمعارفهم هناك الذين سينطلقون معهم نحو الوطن فهم من جنسيات مختلفة يجمعهم الدين ووسيلة التواصل لغتهم العبرية التي حرصوا وحرص سادتهم على تعلمها والبعض الاخر يستمتع بجمال منظر البحر ومن خلفه الجبال وكأنه تغسل اذرعها في مياهه المالحة وبريق المرجان المنعكس مع اشعة الشمس وخيوطها الذهبية لترسم لوحة زهرية جميلة ادهشت مرتادي الزورق الذين تركوا قراهم الجبلية المطرزة بالخضرة لاول مرة لكن الفتاة العاشقة مازالت عينيها الغارقتان في دموع الم الفرق تنظر نحو ضفة البحر الاخرى وهي تعلم ان وصولها من جديد لتلتقي بعشقها بات امر مستحيل وكلما تذكرته وزاد الحنين والشوق وضعت كفها على موضع الجنين في بطنها فتشعر بقليل من الراحة ويمنحها قوة احتمال جديدة لمكابدة الم الفراق .. وكلما اتجهت بنظرها
وجدت عيني والدها تلاحقها فيتلاشى بصرها نحو حافة الزورق باتجاه الماء الذي يتطاير وربما يلامس بشرتها فيخرجها من حالة الذهول لتلامس الواقع
يعلن قائد الزورق اقترابهم من الساحل والاستعداد للنزول..
لقد وصلنا بالسلامة على الجميع جمع أغراضه والنزول الى اليابسة.
يترجل جميع ركاب الزورق ويبادرون للنزول نحو اليابسة لكن الفتاة العاشقة مازالت تتكىء الى حافة الزورق تاخذها الذكريات الى ربوع قريتها الجبلية وهي تتجول في بساتين الكروم والرمان والى جوارها عشقها الاول والوحيد الشاب المسلم.
يوكزها والدها بعصا كانت في يده ليخرجها من حالة السرحان التي انتابتها و بصوته الخشن يأمرها بفضاضة بالنزول وترك القارب..
هيا انزلي .لقد نزل الجميع
تحمل اغراضها وتترك القارب وعيناها تطيش في كل الاتجاهات واذا برجل افريقي يلاحقها بعينيه. يحاول التقرب منها ومن والدها ليسالهم عن وجهتيهما كلما اقترب ابتعدت .والدها يبادله الحوار باللغة العبرية ويجيب عليه..
سنغادر باتجاه الوطن اسرائيل
الاربعيني الافريقي يجدها فرصة ليقترب منهما..
ستنزلون ضيوف علي .انا ارمل لم يكتب لي ان تكون لي ذرية وقد حصلت على دعوة للرحيل الى الوطن اسرائيل وقد بعت كل املاكي حتى مصنع الفولاذ للاستقرار في الوطن.
يتابع الاربعيني حديثة وفيه دعوة للحصول على الموافقة بالزواج من الفتاة..
هل الفتاة ابنتك .. اهي متزوجة.
يفكر الاب قليلا وكأنه يبحث عن اجابات مقنعة والكلمات تتلكىء في فمه..
نعم ابنتي. . وهي غير مرتبطة وجئنا من القرى الجبلية لضفة البحر الحمر الشرقية.
يبادر الاربعيني السيد اليهودي بطلبه..
اريد الزواج من ابنتك .. هل توافق.
دون تفكير وعلى عجل يعلن الاب عن موافقته
والفتاة في حالة من الذهول ودموعها تكاد تنطلق من عينيها وهي تخفي المها .
يعود الاربعيني يدعوهما الى بيته في وسط المدينة الافريقية حيث تعيش الغالبية من اليهود الافارقة .
يقلهما في سيارته الفاخرة نحو وسط المدينة التي تتناثر فيها الخضرة التي تعانق زرقة البحر وخرير مياه النهر الذي تقطع المدينة الى نصفين
عصام مريسي
المصدر: عدن الغد
إقرأ أيضاً:
صرخات بلا مجيب.. جنا الطفلة التي أطفأ والدها نور حياتها
في إحدى قرى مركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة، مع بداية عام جديد، اختلطت براءة الطفولة بمأساة لا تُغتفر، حين تجرد أب من مشاعر الرحمة، وأنهى حياة ابنته الصغيرة "جنا أحمد"، البالغة من العمر 6 سنوات، في جريمة تهز الضمير الإنساني.
كانت "جنا" طفلة تحمل ملامح البراءة، لكنها لم تكن تعلم أن يد الأب التي يفترض أن تحنو عليها ستكون نفسها من تنهى حياتها.
والدها، الذي لم يتقبل فكرة تحمل مسؤوليتها بعد طلاقه من والدتها وزواجها من آخر، صبَّ جام غضبه عليها، وكأنها أصبحت رمزًا لخلافاته مع والدتها.
لم تشفع توسلات الطفلة وصرخاتها، حيث بدأ الأب بتعذيبها بخرطوم المياه في مشهد مروع، وعندما لم تروِ مشاهد العنف الوحشي غريزته الانتقامية، أشعل النار في جسدها الصغير، ليضع حدًا لألمها ويتركها جثة هامدة.
تلقت الأجهزة الأمنية إخطارًا من مستشفى إيتاي البارود بوصول جنا جثة هامدة تحمل آثار تعذيب وحروق شديدة، فورًا، بدأت الشرطة تحرياتها بقيادة اللواء أحمد السكران، مدير المباحث الجنائية، للكشف عن ملابسات الحادث.
أكدت شهادات الجيران وأقارب الطفلة أن الأب، أحمد ناجي، هو من اعتدى عليها، ألقت الشرطة القبض عليه بعد تحريات مكثفة، ليعترف بجريمته المفزعة.
ووسط حزن يغمر القلوب، قررت النيابة العامة إجراء تشريح للجثة للكشف عن أسباب الوفاة وتفاصيل العنف الذي أودى بحياة الطفلة.
غضب أم ينتهي بكارثة.. قصة إنسانية حزينة بين سيدة وابنها في الهرمفي لحظة غضب، انقلبت علاقة أم بابنها الشاب البالغ من العمر 17 عامًا إلى مأساة مروعة داخل شقة صغيرة في منطقة الهرم.
قصة تبدأ بتوتر العلاقة، لتصل إلى لحظة تترك جرحًا غائرًا في حياتهما وحياة من حولهما.
كان الفتى يعيش مع والدته بعد انفصالها عن والده منذ عدة سنوات، ورغم الظروف الصعبة، حاول الشاب العمل كدليفري لمساندة والدته، لكن العلاقة مع الأم لم تكن مثالية، كانت مليئة بالخلافات والتوتر، مما أضاف الضغط عليهما.
في ذلك اليوم، اندلعت مشاجرة بين الأم وابنها، بدأت باتهامات وصراخ متبادل، كلمات قاسية وجهها الابن لوالدته، كان يظن أنه يعبر عن غضبه، لكنها جرحت قلبها بعمق، فجأة، وبينما هي في قمة انفعالها، التقطت طبقًا زجاجيًا وكسرته لتسدد طعنة إلى رقبته.
حين هدأ غضبها، رأت الدماء تتدفق من ابنها، وعيناه تحدقان إليها بخوف وألم، كان ذلك المشهد كفيلاً بإعادة كل شيء إلى وعيها، أدركت ما فعلته، لكنه كان الأوان قد فات.
هربت الأم من مكان الحادث محاولة الهروب من جريمتها، لكنها لم تهرب من الإحساس العميق بالذنب الذي طاردها، في النهاية، ألقت الشرطة القبض عليها، أثناء التحقيق، قالت بحزن إنها لم تكن تقصد قتل ابنها، لكن لحظة الغضب أفقدتها السيطرة على نفسها.
في التحقيقات أفادت الأم المتهمة في اعترافاتها أمام جهات التحقيق بأنها لم تكن تقصد قتل ابنها، لكنها فقدت السيطرة على أعصابها أثناء مشادة كلامية معه، وأوضحت أن المشاجرة نشبت بسبب اتهامه لها بإقامة علاقة غير شرعية مع صديق له، ما أثار غضبها بشدة، وخلال الشجار، أمسكت طبقًا زجاجيًا، وكسرته ثم استخدمته لطعن ابنها في رقبته، لتجده جثة هامدة بعد أن هدأت.
بدأ الأمر عندما تطورت المشادة الكلامية بين الأم ”عبير” 32 عاما وابنها ”عبد الرحمن”، الذي يبلغ من العمر 17 عامًا ويعمل دليفري، إلى اعتداء عنيف، التقطت الأم طبقًا زجاجيًا مكسورًا وطعنته في رقبته، ليسقط غارقًا في دمائه.
تلقى العميد عمرو حجازي، مدير قطاع الغرب، إخطارًا من المقدم مصطفى الدكر، رئيس مباحث قسم الهرم، يفيد بوقوع حادث طعن داخل شقة بدائرة القسم، وبالانتقال إلى مكان الحادث، تبين وجود المجني عليه مصابًا بجرح طعني خطير في رقبته، وتم نقله إلى المستشفى في حالة حرجة.
أظهرت التحريات أن المتهمة هي والدة المجني عليه، وأنها منفصلة عن والده منذ عدة سنوات ”مطلقة”، وأنها حاولت الهرب عقب ارتكاب الجريمة، لكن قوات الأمن تمكنت من القبض عليها.
تواصل أجهزة الأمن استكمال التحريات وسماع أقوال الشهود لكشف جميع ملابسات الواقعة.
وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وعُرضت القضية على النيابة العامة التي تولت التحقيق.