هنري كيسنجر.. 100عام تسرد رحلة الثعلب العجوز وعراب السياسة الأمريكية
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
رحل عن عالمنا اليوم، الثعلب الدبلوماسي وصانع السلام الحائزعلى جائزة نوبل هنري كيسنجر، عن عمر تجاوز 100 عام، تاركًا خلفه إرثًا ثريًا وكبيرا على مدى عقود في السياسة الخارجية الأمريكية.
أبو الغيط يكشف رد السادات على تهديدات كيسنجر لمصر في حرب أكتوبر (فيديو) هنرى كيسنجر.. الثعلب العجوزرسم الزمن خطوطه على وجه الثعلب العجوز خلال 100 عام ، وسط نخبة من كبار رجال السياسة فى الولايات المتحدة، كى يستحوذ على سجل حافل من الانجازات السياسية والانتصارات في محافل السياسة الدولية، لعراب السياسة الأمريكية.
تلفت انتباهك نظارته السميكة والرتابة الحادة في طريقة كلامه التي لم تفقد أبدًا لمسة من لغته الألمانية الأصلية، تعرفه منذ اللقاء الأول من نظراته العميقة حتى صنفه الباحثون على أنه من أكثر وزراء الخارجية الأمريكان تأثيرًا في الخمسين سنة الأخيرة.
على مدى عقود من الزمان، بات من الصعب تجاهل تأثير هذه الشخصية الكاريزمية وذكائها الحاد اللذين ميزا المسيره الحافلة بالنجاحات والانتقادات، على حد سواء.
على الرغم من تجاوزه الـ100 عام ولكنه كان نشيطا فى أيامه الأخيرة، حيث كان حريضا على حضور الاجتماعات في البيت الأبيض، اضافة الى نشر كتاب عن أنماط القيادة، وشهد أمام لجنة في مجلس الشيوخ بشأن التهديد النووي الذي تشكله كوريا الشمالية.
هنري كيسنجروالمثيرللإنتباه تميزه عن أقرانه من هذا الجيل فلم يكتفى بالجلوس فى المنزل ولكنه حرص خلال يوليو 2023، على إجراء زيارة مفاجئة إلى بكين، ليلتقى بالرئيس الصيني شي جين بينج.
عُرف عراب السياسة الأمريكية ببعض تنبؤاته وآرائه التي مازالت تثير الجدل، بداية من قبوله التعامل مع الصين الشيوعية حيث تعتبره بكين محور العلاقات بين بكين وواشنطن، فيما تميز بدوره في عملية السلام بين مصر وإسرائيل عام 1978 وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد، اضافة الى أنه تنبأ باندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، ووقوع صدام مُحتمل بين الصين وروسيا من جهة والولايات المتحدة .
أشاد عدد كبير ببراعة كيسنجر وخبرته الواسعة، بينما اعتبره آخرون جانبًا من الجرائم الحربية بسبب دعمه للدكتاتوريات المناهضة للشيوعية، خاصة في أمريكا اللاتينية.
هنري كيسنجرهنرى كيسنجر "ألمانى الأصل"
في 27 مايو 1923 ولد هاينز ألفريد كيسنجر في فورث بألمانيا، ، لينتقل إلى الولايات المتحدة مع عائلته في عام 1938 قبل حملة النازية ضد اليهود الأوروبيين.
هنري كيسنجرتغير اسمه إلى هنري، ليصبح كيسنجر مواطنًا أمريكيًا عام 1943، وخدم في الجيش بأوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، ثم انتقل إلى جامعة هارفارد من خلال منحة دراسية، حيث حصل على درجة الماجستير في عام 1952 والدكتوراه في عام 1954، وعمل في الجامعة المرموقة لمدة 17 عامًا.
فى عام 1955تولى كيسنجر منصب مستشار بمجلس تنسيق العمليات التابع لمجلس الأمن القومي الأمريكي، كى يبدأ نجمه في اللمعان، ويضع بصمته على معظم السياسات الأمريكية الخارجية، ليصبح كيسنجر في مكانة مميزة من التيار الرئيسي للحزب الديمقراطي.
هنري كيسنجرأصبح كيسنجر مستشار الأمن القومي الأمريكي عام 1969، في عهد الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون، حيث لعب دورا عاما في الوساطة بين الولايات المتحدة وفيتنام، عام 1975 من ثم إحلال السلام إبان اندلاع حرب فيتنام.
هنرى كسينجر والشرق الأوسطبدأت علاقته تتصل بالشرق الأوسط، عام 1973 عندما كان وزيرًا لخارجية الولايات المتحدة، في إدارة ريتشارد نيكسون، كى يلعب دورًا مهمًا في وقف إطلاق النار وعملية السلام بين مصر وإسرائيل في حرب أكتوبر، اضافة الى توقيع الطرفين على معاهدة كامب ديفيد عام 1978.
استمر فى تولى الكثير من المناصب خاصة بعد تنحي نيكسون عام 1974، وتولي جيراد فورد رئاسة الولايات المتحدة.
هنرى كيسنجر والصينوكان له دور بارز في إعادة العلاقات الأمريكية الصينية، وذلك بعد تولي الحزب الشيوعي لمقاليد الحكم في الصين، حيث أنه فى ذلك التوقيت لم تعترف الولايات المتحدة في البداية به، متمسكة بموقفها السياسي المعترف بتايوان ممثلًا شرعيًا لجمهورية الصين الشعبية،ولكن الأمر لم يدم طويلًا، ليضع بصمته ليتغير الأمر عام 1971، بعد وصول الرئيس الأمريكي نيكسون إلى بكين مع وزير خارجيته، ومن ثم الاعتراف بالصين وعضويتها في الأمم المتحدة.
هنرى كيسنجر وحرب روسيا وأوكرانياأثارت تصريحات حالة من الجدل خاصة بعد تصريحه حول الحرب الروسية الأوكرانية، حين كان مؤيدًا لإنهاء الصراع بتنازل أوكرانيا عن دونباس، مما أغضب الادارة الأوكرانية.
هنري كيسنجرهنرى كيسنجر الثعلب والدب الروسى
تحدث كيسنجر عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك بعد لقائه عدة مرات ، أولاها في أوائل التسعينيات، عندما كان الأخير نائب عمدة مدينة سانت بطرسبورج، وقال: "اعتقدت أنه محلل صاحب رؤية، ويرى أن روسيا عبر مراحل الزمن المختلفة، تمكّنت من التماسك، فقد جاء السويديون والفرنسيون والألمان لمحاولة غزو روسيا، وكان بعض ذلك عبر أوكرانيا، لكنهم جميعًا تعرضوا للهزيمة؛ لأنها أرهقتهم.. هذه هي وجهة نظر بوتين".
هنري كيسنجروتابع الثعلب رأيه حول الدب الروسي: مشكلة بوتين هي أنه رئيس دولة أخذت في التدهور، وفقد إحساسه في هذه الأزمة، وليس هناك أي عذر لما فعله"، في إشارة إلى بدء الحرب في أوكرانيا.
كيسنجر أسوشيتس
عام 1982، غادر الثعلب العجوز منصبه على مدى العقود الأربعة الماضية ، حيث قدم "استشارات جيوسياسية" لعشرات من الزعماء والقادة والحكومات في مُختلف أنحاء العالم، دون الكشف عن أسمائهم، مُستغلًا خبرته وحنكته السياسية، وذلك من خلال شركته الاستشارية "كيسنجر أسوشيتس".
هنري كيسنجرتتميز شركة كيسنجر للاستشارات بمكانة مميزة في واشنطن والخارج، بما في ذلك بين الديمقراطيين، مثل وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، التي قالت ذات مرة إنها "تثق بنصيحة صديقها" مما يشير الى هنرى كيسنجر.
كيسنجر ومؤلفاتهقام كيسنجربتأليف 17 كتابًا، معظمها يتعلق بالسياسة الخارجية، تضم "الأسلحة النووية والسياسة الخارجية" (1957)، و"هل تحتاج أمريكا إلى سياسة خارجية؟: نحو دبلوماسية للقرن الحادي والعشرين" (2001)، و"عن الصين" (2011).
يمتلك ثلاث مُذكرات: سنوات البيت الأبيض (1979)، سنوات من الاضطرابات (1982)، سنوات التجديد.(1999)، وكان آخر إصدار له هو "النظام العالمي" في عام 2014، والذي نال إشادة من وزيرة الخارجية السابقة، هيلاري كلينتون.
هنري كيسنجرثروة هنرى كيسنجركشفت العديد من التقارير الإعلامية بأن ثروة كيسنجر الصافية تبلغ 50 مليون دولار.
وقالت مقالة في صحيفة نيويورك تايمز عام 1979 أن مذكراته كان من المُتوقع أن تجني 5 ملايين دولار، حيث يعد المحاضر الأعلى أجرًا في الدائرة، اضافة الى أن راتبه المقدر بـ400 ألف دولار أقل من قيمته الحقيقية.
هنري كيسنجر
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: صانع السلام جائزة نوبل هنري كيسنجر السياسة الخارجية الامريكية الثعلب العجوز الولایات المتحدة هنری کیسنجر اضافة الى فی عام
إقرأ أيضاً:
ترامب يهدد باستعادة قناة بنما تحت السيطرة الأمريكية
اتهم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، بنما بفرض رسوم "باهظة" للمرور عبر قناة بنما، وهدد باستعادة السيطرة على الممر المائي الحيوي، في منشورين مطولين على موقع "تروث سوشال".
وكتب ترامب: “الرسوم التي تفرضها بنما سخيفة، خاصة مع الأخذ في الاعتبار الكرم الاستثنائي الذي منحته الولايات المتحدة لبنما”.
ومضى يلمح إلى النفوذ الصيني المتنامي في المنطقة، فكتب: «عندما تنازل الرئيس جيمي كارتر بحماقة عن دولار واحد خلال فترة ولايته في منصبه، كان الأمر على عاتق بنما فقط، وليس الصين أو أي شخص آخر"
وتظل الولايات المتحدة أكبر مستخدم للقناة، بينما تعمل الصين - ثاني أكبر مستخدم - كمصدر رئيسي للمنتجات المنقولة عبر الممر المائي.
ونما نفوذ الصين في المنطقة منذ عام 2017 عندما قطعت بنما علاقاتها مع تايوان لصالح تطوير علاقة دبلوماسية مع الصين.
وفي منشوراته، حافظ ترامب أيضًا على اهتمام الولايات المتحدة بـ "التشغيل الآمن والفعال والموثوق" للممر المائي بموجب اتفاق مسبق بين الولايات المتحدة وبنما، لكنه هدد بالتصرف إذا شعر أن "لفتة العطاء" لم يتم اتباعها.
وتم بناء الممر المائي، وهو نقطة عبور عالمية رئيسية تربط بين المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي، من قبل الولايات المتحدة خلال إدارة الرئيس تيدي روزفلت.
كانت القناة عاملاً رئيسياً في صعود القوة الجيوسياسية الأمريكية في أوائل القرن العشرين، حيث تمت صيانة القناة والسيطرة عليها من قبل الولايات المتحدة حتى سلسلة من المعاهدات خلال إدارة كارتر أدت إلى النقل التدريجي لإدارة القناة إلى بنما، والتي لم تكن كاملة. حتى عام 1999.
ولا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بحق الدفاع ضد أي تهديد لحياد القناة بموجب شروط معاهدة الحياد، التي صدق عليها مجلس الشيوخ الأمريكي في عام 1978.
ومع ذلك، يعتقد المحللون في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن مدى العلاقات التجارية الصينية في المنطقة سيتطلب استراتيجية كبيرة من الولايات المتحدة لإعادة تعزيز وجودها في بنما وحول القناة.