الجزيرة:
2025-02-23@00:33:28 GMT

رسائل لتحفيز العمل المناخي في كوب 28.. واجب وليس تضحية

تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT

رسائل لتحفيز العمل المناخي في كوب 28.. واجب وليس تضحية

ينعقد المؤتمر الـ28 للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28) بدولة الإمارات بداية من اليوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني ولمدة أسبوعين، وذلك في ظل ظروف استثنائية تقتضي من دول العالم تجاهل أي تداعيات سياسية تؤثر على مخرجات القمة. ومع ذلك، فإنه رغم تلك الظروف، لا يزال العمل المناخي مقيدا بنظرة البعض له على أنه "تضحية".

وطالب خبراء وفاعلون في العمل المناخي بضرورة تنحية حالة الاستقطاب السياسي الحادة التي أثارتها المواقف الدولية من القضايا المختلفة، وآخرها الحرب في غزة، والعمل على تحقيق إنجاز مناخي في "كوب 28″، بعد أن أشار أول تقييم لما أحرزه نحو تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ لعام 2015 إلى أن العالم الذي واجه هذا العام درجات حرارة استثنائية، أصبح بعيدا كل البعد عن تحقيق هدف الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية ليكون معدل الزيادة السنوية في حدود 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.

وبينما تحوم شكوك حول إمكانية تجاوز حالة الاستقطاب السياسي، فإنه حتى في حالة تجاوزها هناك مشكلة أخرى رصدتها دراسة لباحثين من جامعات أميركية وكندية وبريطانية، وهي تلك التي تتعلق بالنظر إلى الجهود المناخية على أنها "تضحية".

وانتقد الباحثون في مقال نشروه نشروه عن تلك الدراسة بموقع "ذا كونفرسيشن"، تركيز العمل المناخي على الإقناع بتقديم التضحيات لإنقاذ كوكب الأرض، واعتبروا أن هذا الأسلوب هو أسوأ ما يمكن فعله لتحفيز العمل المناخي قائلين: "من الطبيعي أنك عندما تطلب من شخص ما أن يضحي، فمن المرجح أن يقدم لك قائمة بالأسباب التي تمنعه من القيام بذلك".

واقترح الباحثون في دراستهم المنشورة بدورية "إس إيه جي إي جورنال" نهجا بديلا، وأشاروا إلى أنه "عوضا عن شرح لماذا يجب عليك التضحية من أجل المناخ، وضّح لماذا يعتبر العمل المناخي واجبا وليس تضحية".

الظواهر المناخية المتطرفة لا تفرق بين دولة غنية وأخرى فقيرة (رويترز) لا مكان آمن

ويجادل من يعتبرون أن العمل المناخي "تضحية"، بأن الدول الغنية المسؤولة عن الانبعاثات ليس لديها ما تخشاه من تغير المناخ، ولكنها قد تخسر الكثير اقتصاديا نتيجة للاستجابة للضغوط التي تمارس عليها في قمم المناخ بشأن خفض الانبعاثات، وبالتالي تكمن المشكلة في إقناع الدول الغنية بالتضحية من أجل الدول الأكثر فقرا والتي هي أكثر عرضة للخطر.

ويرى الباحثون في دراستهم، أن تبني هذا "الوهم" يعني أن أصحابه يغضون الطرف عن حالات مناخية قاسية وقعت عام 2023 وطرقت بقوة جرس إنذار مناخي مؤداه أنه "لا يوجد مكان آمن من تغير المناخ".

وشهدت قارة أوروبا حالات جفاف اسثنائية، وكانت كندا على موعد مع مشهد غير مسبوق من حرائق الغابات، وحطم الطقس القاسي الأرقام القياسية في الولايات المتحدة، حتى إن الرابطة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بأميركا قالت في تقرير أصدرته في سبتمبر/أيلول الماضي، إن "عام 2023 تجاوز قبل نهايته بأربعة أشهر الرقم القياسي السابق البالغ 22 حدثا مناخيا متطرفا والذي شوهد في عام 2020 بأكمله".

وخلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2023 شهدت الولايات المتحدة 23 كارثة جوية ومناخية منفصلة بخسائر قدرت بمليار دولار، وهو أكبر رقم منذ بدء السجلات.

ووفقا لذلك، فإن الرسالة الأولى التي يؤكدها الباحثون إزاء مفهوم العمل المناخي "واجب" وليس "تضحية"، هي أن الظواهر المناخية المتطرفة لا تفرق بين غني وفقير ودول نامية وأخرى متقدمة.

حرائق الغابات غير المسبوقة في 2023 أحد آثار تغيرات المناخ (شترستوك) عدم تمرير المسؤولية

ويستند مفهوم "التضحية" في العمل المناخي أيضا إلى اعتقاد سائد بأن تغير المناخ يحدث ببطء شديد بحيث لا يمكن لخفض الانبعاثات أن يحدث فرقا في حياتنا، ومن هذا المنطلق يرون أن أي تضحية تؤدي لخفض الانبعاثات ستدفع ثمنها الأجيال الحالية، ولكن كل الفوائد تذهب إلى المستقبل.

وعلميا، لا يستند هذا المنطق إلى أي حقائق، فقد توصلت الأبحاث إلى أن تأثيرات التبريد الناجمة عن تخفيف الانبعاثات ستبدأ في غضون عقدين من الزمن من بداية التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، كما أن العديد من الفوائد المشتركة للتخفيف مثل تحسين نوعية الهواء، هي أيضاً فوائد فورية، فوفقا لتقدير حديث فإن تلوث الهواء الناجم عن حرق الوقود الأحفوري يقتل ما يقرب من 8.7 ملايين شخص سنويا.

وإذا كان من الصعب إقناع هؤلاء بالعلم وما توصلت له الدراسات من نتائج، فإنه من منطق "الواجب" الذي تدعمه الدراسة، ستكون الرسالة الثانية التي يؤكدها الباحثون لدعم مفهوم "الواجب"، إقناع هؤلاء الناس بعدم "تمرير المسؤولية" إلى الأجيال التي لم تولد بعد.

جلسات تحضيرية لموتمر الأطراف "كوب28" الذي انطلق في 30 نوفمبر/تشرين الثاني (رويترز) منع "الركوب المجاني"

وتظهر نزعة المصلحة الذاتية في منطق آخر يستند إليه مفهوم "التضحية" في العمل المناخي، وهو أن أي استثمار يتم تنفيذه لخفض الانبعاثات سيكون بمثابة "تضحية"، لأن الفائدة ستعود على الجميع بغض النظر عن حجم المشاركة في خفض الانبعاثات.

وتدفع النزعة "الأنانية" التي يستند إليها هذا المنطق الحكومات إلى التراجع عن أي استثمارات، والإصرار على أن يتحمل الآخرون أيضا تكاليف خفض الانبعاثات، وهذا يشير إلى أن المشكلة تكمن في منع "الركوب المجاني".

ولا يستند هذا المنطق هو الآخر إلى العلم، حيث تشير دراسات إلى أن "التحول إلى الطاقة المتجددة والذي يمكن أن يساهم في خفض الانبعاثات، هو استثمار من المرجح أن يحقق وفورات اقتصادية أكبر كلما تم البدء فيه مبكرا".

ويقول الباحثون في دراستهم إن "التحول الأخضر له تكاليف أولية، وستكون له في المستقبل القريب فوائد اقتصادية مباشرة، وأخرى غير مباشرة تتمثل في تقليل فاتورة الأمراض الناتجة عن  تلوث الهواء".

لذلك، فإن الرسالة الثالثة التي يحاول الباحثون تمريرها من خلال دراستهم هي أن أي استثمار داخلي في "الاقتصاد الأخضر" سينعكس على مناخ العالم، ولكن ستستفيد منه الدول محليا بشكل كبير من الناحية الاقتصادية والبييئة.

عقبات التحول نحو الاقتصاد الأخضر يجب العمل على تذليلها سريعا لمواجهة خطر تغيرات المناخ (شترستوك) إدارة مختلفة لملف المناخ

وتجد هذه الرسائل الثلاث التي أرسلها الباحثون من خلال دراستهم، قبولا وتأييدا لدى حسن أبو النجا نائب رئيس منتدى الشرق الأوسط للمياه، والذي أوضح في حديث هاتفي مع "الجزيرة نت"، أن إدارة ملف المناخ تحتاج إلى الخروج عن إطار العمل المعتاد وصياغة نظام جديد تشارك فيه كل الدول.

وقال: "تغير المناخ مشكلة عالمية يجب أن يتكاتف الجميع لحلها، ولن يحدث ذلك إلا من خلال صياغة نظام جديد بالتزامات وأفكار جديدة، ويكون الاقتصاد الأخضر أحد أبرز بنوده".

وأضاف: "هناك عقبات تحول دون التحول للاقتصاد الأخضر، ولكن في المقابل هناك تحديات تفرض علينا ضرورة العمل على تذليل تلك العقبات، فمثلا في دولة مثل ألمانيا التي واجهت العام الماضي فيضانات تسببت بوفاة 100 شخص بإحدى القرى، بدأت تدرك أن التحول نحو الاقتصاد الأخضر لمحاولة السيطرة على تغيرات المناخ ضرورة وجودية".

ولكن، حتى يكون هناك تأثير فعال لهذا التوجه، يجب أن يكون هناك إجماع عالمي على تنفيذه، وما يعوق هذا الإجماع ما يلي:

العقبات السياسية: حيث يمكن أن يؤدي عدم كفاية الإرادة السياسية والافتقار إلى سياسات متسقة والخلافات بين صناع السياسات، إلى إبطاء تنفيذ المبادرات الخضراء. عوامل اقتصادية: قد تؤدي التكاليف الأولية المرتفعة المرتبطة بالبنية التحتية وتقنيات الطاقة المتجددة إلى إعاقة الاستثمار. القيود التكنولوجية: قد لا تكون بعض التقنيات الخضراء قد تم تطويرها بالكامل أو لم تكن فعالة من حيث الكلفة مقارنة بالبدائل التقليدية الأكثر تلويثا، مما يحد من اعتمادها على نطاق واسع. البنية التحتية والخدمات اللوجستية: غالبا ما يتطلب التحول إلى الاقتصاد الأخضر تغييرات كبيرة في البنية التحتية، مثل تحسين وسائل النقل العام، وإنشاء شبكات شحن للسيارات الكهربائية، وتحديث شبكات الطاقة، ويمكن أن يكون هذا مكلفا ويستغرق وقتا طويلا. التعاون العالمي: تغير المناخ والقضايا البيئية هي مشاكل عالمية، ومن الممكن أن يؤدي الافتقار إلى التعاون والاتفاقات الدولية إلى إعاقة التقدم نحو الاقتصاد الأخضر، حيث إن الإجراءات في إحدى المناطق قد تتأثر بالأنشطة في أماكن أخرى.

ويحمل بيان أصدرته منظمة "غرين بيس" قبل ساعات من عقد مؤتمر الأطراف "كوب 28″ تأكيدا أن حلول كثير من هذه العقبات أصبحت متاحة الآن، وأن الكثير من تقنيات التحول نحو الاقتصاد الأخضر أصبحت أرخص من أي وقت مضى".

وقالت المنظمة في بيانها الذي تلقت "الجزيرة نت" نسخة منه إنه "بعد انقضاء عام آخر من درجات الحرارة القياسية، سيكون تأخير العمل المناخي كارثيا بالنسبة للمجتمعات التي تواجه آثار أزمة المناخ بشكل يومي".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: نحو الاقتصاد الأخضر خفض الانبعاثات العمل المناخی تغیر المناخ الباحثون فی إلى أن

إقرأ أيضاً:

مدير مجمع الشفاء: الاحتلال عاملني كقائد عسكري وليس كطبيب

غزة- قال مدير مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة الدكتور محمد أبو سلمية إنه بكى كما لم يبك عند وفاة والديه، عندما عاد إلى المجمع بعد شهور طويلة من الاعتقال في سجون الاحتلال وتحرره في منطقة جنوب قطاع غزة، ووجده خرابا وقد تعمد الاحتلال تدميره بشكل يعقّد عودته للحياة مجددا.

أبو سلمية الذي قضى 7 أشهر في سجون الاحتلال، أضاف -في حوار مع الجزيرة نت- أنه تعرض للكثير من الإهانات القاسية والتعذيب الشديد، وتعامل معه جيش الاحتلال كقائد عسكري وليس كطبيب ومدير مجمع طبي يقدم خدمة إنسانية، غير أن تحرره من السجن بدون لائحة اتهامات نسف الرواية الزائفة عن المجمع الذي كان يصوره الاحتلال كقاعدة عسكرية.

وفيما يلي نص الحوار:

أبو سلمية: تدمير المنظومة الصحية كان عنوان حرب إسرائيل على غزة (الجزيرة) كيف وجدت مجمع الشفاء الطبي وأنت العائد إليه بعد تجربة الاعتقال؟

لا يخفى على أحد أن جيش الاحتلال في حربه المجنونة على قطاع غزة، كان أحد عناوينها استهداف المنظومة الصحية، وبالفعل دمر جميع مستشفيات مدينة غزة وشمال القطاع، وقتل الأطباء والاستشاريين واعتقل الكثيرين منهم، وإثر عودتنا للمجمع بعد انقطاع أكثر من عام وشهرين تقريبا، عندما اعتقلنا الاحتلال ونحن نغادره مكرهين، كان المشهد لا يوصف.

أنا لا أبكي كثيرا وعندي من الصبر والجلد الكثير، ولكن عندما رأيت المجمع بهذا الدمار النابع من حقد كبير، بكيت بكاء شديدا لم أبكه عندما توفي أبي وأمي، وهما الأغلى على قلبي. ولكن مجمع الشفاء هو البيت الكبير، وهو المستشفى الأكبر الذي يضم بين جنباته كل التخصصات، ويخدم القطاع كله، وهو الكبير باسمه وأطبائه وتخصصاته.

إعلان

وكنا نجري فيه عمليات كبرى لا تُجرى في دول مجاورة، ومنها جراحة الكلى، والقلب المفتوح والقسطرة القلبية. وعندما دمر جيش الاحتلال كل ذلك ورأيته للمرة الأولى كانت لحظة مأساوية، ولم أتصور حجم هذا الحقد، وحتى الصور التي كانت تردني لم تعكس بدقة حجم الدمار الذي شاهدته في المجمع.

لقد كان حجم الدمار هائلا ومن أجل التخريب، وقد استخدم الجيش الإسرائيلي المتفجرات لنسف مبان مهمة داخل المجمع، وهذا يشي بأنه لا يريد له أن ينهض مرة أخرى، وأن يقتل أكبر عدد من الجرحى والمرضى. وبعد مرور أسبوعين من عودتي لعملي في المجمع، ما زلت تحت تأثير الصدمة من هول المشهد.

كنت من أوائل العائدين لمدينة غزة ولعملك. ألم تتردد في اتخاذ القرار بعد تجربة الاعتقال القاسية؟

تحررت من السجن بمزيد من التصميم والإصرار على العودة للمجمع لأنني وجدت حب الناس والتعاطف أكثر مما كنت أتوقعه، ولذلك لم أتردد في العودة وتقديم الخدمة للناس، ورفضت عرضا بمنصب أعلى من إدارتي للمجمع وفضلت العودة إليه لتعزيز صمود الناس.

ونجحنا بتشغيل المجمع حتى اللحظة بطاقة 25%، ولكنها مهمة في ظل حالة الانهيار في مستشفيات الشمال التي تعمل بقدرة تتراوح بين 30 و40%، والعمل جار لترميم مستشفيات حكومية أخرى صغيرة بمدينة غزة وشمال القطاع.

على ماذا ركز محققو الاحتلال في التحقيق معك خلال الاعتقال؟

كان التركيز على عملي في مجمع الشفاء الذي صورته إسرائيل على أنه قاعدة عسكرية، وكان المحقق يصر على هذه الادعاءات. وأنا من جانبي كنت متمسكا بأنه مؤسسة خدمية إنسانية طبية، وأتذكر أنه خلال لحظة اعتقالي كانت هناك فرحة كبيرة لدى جيش الاحتلال في محور نتساريم بذلك، وكأنني قائد عسكري.

وقد تعرضت لإهانات قاسية وتعذيب شديد، وعندما اقتحموا المجمع للمرة الثانية جاءني سجانون في الزنزانة عند منتصف الليل ليقولوا لي "دمرنا لك (مجمع) الشفاء" ولم نكن نعلم ما يدور بالخارج في غزة.

إعلان

ولكن بعد خروجي من السجن بدون أي لائحة اتهام، ورغم أنهم قدموني لـ4 محاكمات، فقد دحض تحرري كل مزاعم الاحتلال بخصوص المجمع، ونسف روايته الزائفة.

ما الخدمات التي فقدها زهاء مليونين و400 ألف فلسطيني بقطاع غزة جراء تدمير مجمع الشفاء؟

هذا المجمع أُنشئ عام 1946، أي أنه أكبر من دولة الاحتلال. وهو رمز عاصر محطات كثيرة مهمة مثل نكبة 1948، والعدوان الثلاثي سنة 1956، ونكسة 1967، وحرب 6 أكتوبر 1973، وكل الحروب والانتفاضتين الأولى والثانية وأحداث كثيرة مهمة، وكان يقدم خدماته المتنوعة.

ويضم التالي:

3 مستشفيات كبيرة: الولادة، الباطنة والجراحة، الجراحة التخصصي. أكبر حضانة في فلسطين بسعة 60 حضانة. أكبر مركز غسل كلى في فلسطين بسعة 60 سريرا، ويعمل به أكثر من 2300 عامل بين طبيب وممرض وفني وإداري. يتردد يوميا على قسم الطوارئ 1000 مراجع قبل اندلاع الحرب، وعلى العيادة الخارجية أكثر من 1500 مريض يوميا. كنا نجري أكثر من 30 ألف عملية جراحية في المجمع، ويصل عدد الولادات فيه إلى حوالي 14 ألف مولود جديد سنويا. كنا على وشك توطين خدمة زراعة الكلى، وزرعنا سنة 2023 نحو 25 عملية زراعة كلى. يضم 35 سرير عناية مركزة كبيرة ولعناية القلب. يضم 3 أجهزة تصوير طبقي، وجهاز رنين مغناطيسي، و10 أجهزة أشعة عادية، و10 أجهزة تصوير تلفزيوني، وجهاز قسطرة قلبية، وجهاز أشعة تداخلية حصلنا عليه قبل الحرب بشهرين بتكلفة مليون ونصف المليون دولار.

وكل هذه الخدمات التي كانت تقدم للناس فقدناها الآن، ونقول بكل مرارة إن هذا الوضع سيترك آثارا كارثية على السكان، لأن المجمع كان الجدار الحامي لأي مشكلة تحدث مع مريض في أي مستشفى بالقطاع، حكومية وخاصة وأهلية.

كما أنه مستشفى تعليمي، ويتم فيه تدريب طلبة كليات الطب، والكوادر الطبية في البورد الفلسطيني، ومنهم من تخرج وحمل شهادة البورد داخل المجمع. وهناك اعتراف من مجلس الطب العربي بمجمع الشفاء كونه مركزا تدريبيا للأطباء بقطاع غزة، وجميع الكوادر الطبية الذين يزورون غزة عندما يرون النهضة الكبيرة بالمجمع كانوا يشيدون به.

إعلان إزاء هذا الواقع المؤلم كيف تصف الخدمة الطبية في غزة وشمال القطاع؟

أصبح الوضع شمال القطاع كارثيا بعد عودة النازحين، لدينا في الشمال حاليا مليون و400 ألف فلسطيني ولا يوجد سوى محطة أكسجين واحدة، في حين كان لدينا في مجمع الشفاء -وحده قبل الحرب- 6 محطات أكسجين وفقدناها.

وفي كل الشمال توجد 3 غرف أسرّة عناية مركزة فقط، وكانت قبل الحرب 35 وبالكاد تلبي الحاجة، وكان لدينا 130 جهاز غسل كلى والآن 25 فقط. وكان لدينا 90 حضانة وتقلصت إلى 10 فقط في كل مستشفيات شمال القطاع، بمعنى أي مولود خديج يولد الآن فرصته بالحياة ضئيلة جدا لعدم توفر الحضانات والأكسجين.

وكان لدينا قسم القسطرة القلبية يعمل على مدار الساعة، ليلا ونهارا، أما الآن فالوفاة حتمية لأي مريض بالجلطة القلبية لعدم توفر أي جهاز قسطرة. وفي كل القطاع لا يوجد جهاز رنين مغناطيسي، فقط جهازا تصوير طبقي: واحد في المستشفى الأوروبي بمدينة خان يونس جنوبي القطاع، والثاني بالمستشفى الأهلي العربي (المعمداني) بمدينة غزة.

وقبل عودتنا إلى شمال القطاع كان عدد المراجعين في مجمع الشفاء 70 حالة يوميا، أما حاليا فقد وصلوا إلى 400 مريض رغم عدم وجود إمكانيات. وما زلنا في بداية طريق ترميم المجمع، فالناس تثق بالأطباء وبالخدمة فيه، وبالتالي متوقع زيادة أعداد المراجعين بشكل كبير، ونحن نسابق الزمن لترميم بعض الأقسام مثل مستشفى الولادة.

لقد حوّل الاحتلال مجمع الشفاء لخرابة فما فرص إعادة الحياة له في ظل القيود الإسرائيلية؟

جيش الاحتلال تعمد تدمير المستشفيات المركزية في المجمع لإيجاد حالة من التيه للناس، لأن لأي إنسان إن لم يجد الخدمة الطبية في منطقة سكنه سيهجر هذا المكان، والاحتلال خطط لذلك بشكل ممنهج، وبالتالي نحن نتحدث عن دمار بالمجمع لا يمكن إصلاحه، وعن إعدام الحياة فيه.

إعلان

ولكن ليس أمامنا من خيارات إلا النهوض من جديد، ونجحنا في افتتاح بعض الأقسام، وهي الطوارئ، وقسم للمبيت بقدرة 40 سريرا. وخلال أسبوعين سيكون لدينا قسم للعناية المركزة بسعة 15 سريرا، وقسم آخر للمبيت بقدرة 60 سريرا، ولكنها تبقى خطوات بسيطة على طريق إعادة الحياة للمجمع الذي يحتاج لنحو نصف مليار دولار من أجل إعادة إعمار المباني والأجهزة والمعدات الطبية بالكامل.

تدير ملف الإخلاء الطبي للجرحى والمرضى بجانب إدارتك للمجمع. فماذا عن الخروق الإسرائيلية بهذا الملف؟

هذا من الملفات الشائكة والمعقدة، ومنذ اندلاع الحرب، في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وحتى إغلاق معبر رفح إثر إعادة احتلاله ضمن عملية اجتياح مدينة رفح في مايو/أيار الماضي، سافر للعلاج بالخارج نحو 5 آلاف مريض. ومنذ مايو/أيار الماضي وحتى قبيل الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار، سافر 450 مريضا من خلال معبر كرم أبو سالم التجاري.

وبموجب الاتفاق يُسمح بسفر 150 مريضا وجريحا يوميا عبر معبر رفح البري، ولكن جيش الاحتلال لم يلتزم ويطلب يوميا قائمة تضم 50 مريضا فقط، فنرسلها للجانب المصري ومنه للجانب الإسرائيلي الذي يرفض سفر بعض الأسماء، وهذه عملية عقيمة مع وجود حوالي 16 ألف جريح ومريض بحاجة ماسة للسفر بغية العلاج.

وإن استمرت هذه الوتيرة نحتاج سنين من أجل سفرهم. وجراء ذلك نفاجأ يوميا بوفاة من 5 إلى 10 حالات وهي تنتظر على قائمات انتظار السفر، وهذا قتل غير مباشر يرتكبه الاحتلال، ويجب مراجعة هذه الآلية العقيمة من الوسطاء مع الاحتلال.

ما تعليقك على وفاة 40% من مرضى الفشل الكلوي؟

قبل اندلاع الحرب كان في قطاع غزة 1150 مريضا بالفشل الكلوي، وتناقص العدد إلى أقل من 700 جراء وفاة حوالي 40% من إجماليهم بسبب عدم توفر الخدمة الطبية. وهؤلاء كانوا يخضعون قبل الحرب لـ3 جلسات غسل أسبوعيا بمعدل 4 ساعات في الجلسة الواحدة، ليمارسوا حياتهم الطبيعية.

إعلان

وجراء عدم توفر الأجهزة بسبب الحرب والنزوح الكبير، تم تقليصها لجلستين أسبوعيا بمعدل ساعتين بالمرة الواحدة، وهذا غير كافٍ. وعلى سبيل المثال لدينا في مجمع الشفاء 250 مريضا يتلقون الخدمة على 25 سريرا، وهذا ينعكس على المريض بمضاعفات كبيرة، وإذا لم يتم تدارك الأمر بسرعة فسنفقد الكثير منهم.

مقالات مشابهة

  • «أبوظبي للتنقل» يتعاون مع «جيجاتونز»
  • كيف ينعكس الصمت على العلاقة الزوجية؟
  • الاسدي يكشف ابرز المبادرات التي نفذتها الوزارة بمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية
  • الرئيس عون عرض والوزير مكي لخطة العمل التي سيعتمدها في وزارته
  • مبعوث ترامب: خطة غزة أُسيء فهمها وليس المقصود الإخلاء القسري
  • اليمن.. دمٌ يروي أرض القدس وقيادةٌ تُعيد للأُمَّـة كرامتها
  • ماكرون: نريد السلام لأوكرانيا وليس الاستسلام
  • مدير مجمع الشفاء: الاحتلال عاملني كقائد عسكري وليس كطبيب
  • سفير أذربيجان لمركز الحوار: COP29 خطوة نوعية في العمل المناخي بدعم مصري
  • وزارة الثقافة تُطلق مسابقة “حُلّة التأسيس” لتحفيز المجتمع على المشاركة بالأزياء التقليدية ليوم التأسيس