صحف غربية: إليك سجل كسينجر عراب الحروب والانقلابات
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
علقت وسائل إعلام أميركية وبريطانية على وفاة هنري كيسنجر أمس الثلاثاء في ولاية كونيتيكت عن عمر ناهز 100 عام، قضى منها جزءا كبيرا في العمل السياسي مستشارا للأمن القومي الأميركي ووزيرا للخارجية في عهد رئيسين سابقين، وكان شخصية بارزة منذ مدة طويلة في مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية.
واستهل الكاتب نك تورس مقاله بموقع إنترسبت الأميركي بأن كيسنجر ساعد في إطالة أمد حرب فيتنام وتوسيع هذا الصراع ليشمل كمبوديا المحايدة، وسهل عمليات الإبادة الجماعية في كمبوديا وتيمور الشرقية وبنغلاديش.
ونقل تورس عن المدعي العام المخضرم في جرائم الحرب ريد برودي قوله "هناك عدد قليل من الأشخاص الذين كان لهم يد في هذا القدر من الموت والدمار والمعاناة الإنسانية في العديد من الأماكن حول العالم مثل هنري كيسنجر".
ولفت الكاتب إلى تحقيق أجراه موقع إنترسبت عام 2023، خلص إلى أن كيسنجر -الذي ربما كان أقوى مستشار للأمن القومي في التاريخ الأميركي والمهندس الرئيسي لسياسة الحرب الأميركية في جنوبي شرقي آسيا من عام 1969 إلى 1975- كان مسؤولا عن مقتل عدد أكبر من المدنيين في كمبوديا مما كان معروفا سابقا، وفقا لأرشيف حصري للموقع من الوثائق العسكرية الأميركية والمقابلات مع الناجين الكمبوديين والشهود الأميركيين.
هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي (يسار) في عهد الرئيس نيكسون (وكالات)وبحسب الخبراء، تحمل كيسنجر مسؤولية كبيرة عن الهجمات في كمبوديا والتي أسفرت عن مقتل نحو 150 ألف مدني، أي نحو 6 أضعاف عدد المدنيين غير المقاتلين الذين قتلتهم الولايات المتحدة في الغارات الجوية منذ 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وبصفته وزيرا للخارجية ومستشارا للأمن القومي، قاد كيسنجر جهود تحسين العلاقات مع الاتحاد السوفياتي السابق و"فتح" جمهورية الصين الشعبية على الغرب للمرة الأولى منذ وصول ماو تسي تونغ إلى السلطة في عام 1949.
كما دعم جيوش الإبادة الجماعية في باكستان وإندونيسيا.
وفي حالة باكستان، دعم الرئيس نيكسون ومستشاره للأمن القومي كيسنجر دكتاتورا قام -وفقا لتقديرات وكالة المخابرات المركزية- بذبح مئات الآلاف من المدنيين.
وفي حالة إندونيسيا، أعطى الرئيس جيرالد فورد وكيسجر الرئيس سوهارتو الضوء الأخضر لغزو تيمور الشرقية، الذي أسفر عن مقتل نحو 200 ألف شخص، أي حوالي ربع مجموع السكان.
وأفاض الكاتب في ذكر دور كيسنجر الانقلابي في العمليات السرية في أميركا اللاتينية مثل تشيلي، ودبلوماسيته التي أشعلت حربا في أنغولا وأطالت أمد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وخيانته للأكراد في العراق، كما كتب غراندين "لقد ترك تلك المنطقة في حالة من الفوضى، مما مهد الطريق لأزمات لا تزال تعاني منها البشرية".
وأشار الكاتب إلى أن إرث كيسنجر يمتد إلى ما هو أبعد من الجثث والصدمات ومعاناة الضحايا الذين خلفهم وراءه. فقد قال غراندين لموقع إنترسبت إن سياساته مهدت الطريق للمذبحة المدنية في الحرب الأميركية على الإرهاب من أفغانستان إلى العراق، ومن سوريا إلى الصومال، وما بعدها.
جرائم الإبادة الجماعيةوفي السياق، كتب جوزيف مسعد -وهو أستاذ السياسة العربية الحديثة والتاريخ الفكري بجامعة كولومبيا- في مقاله بموقع ميدل إيست آي البريطاني، أن جرائم الإبادة الجماعية غير الأخلاقية التي ارتكبها كيسنجر كشفت أنه ممثل مخلص للنخب الأميركية التي خدمها طوال حياته.
ولفت الباحث إلى أن كيسنجر هو الذي دعا إلى تعزيز علاقات الولايات المتحدة مع المستعمرات الاستيطانية العنصرية البيضاء في جنوب أفريقيا وروديسيا، والمستعمرات البرتغالية في موزمبيق وأنغولا.
وبالنسبة للشرق الأوسط، فإلى جانب تعزيز العلاقات مع إسرائيل التي أصبحت حليفا رئيسيا للولايات المتحدة خلال سنوات نيكسون وفورد، جعل كيسنجر إسرائيل مدججة بالسلاح خلال حرب 1973 من أجل منع "النصر العربي".
الرئيس الصيني شي جين بينغ (يمين) ووزير الخارجية الأميركي الأسبق كيسنجر خلال اجتماع في بكين في يوليو/تموز الماضي (رويترز)وأدت مساعدته العسكرية الطارئة لإسرائيل خلال الحرب إلى عكس الانتصارات المبكرة للجيشين المصري والسوري، وضمنت فوز إسرائيل في الحرب. كما ضمن عدم إمكانية إقامة علاقات أميركية مع منظمة التحرير الفلسطينية.
وفي سبتمبر/أيلول 1975 وقع كيسنجر "مذكرة تفاهم" مع الإسرائيليين تلزم الولايات المتحدة بعدم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية أو التفاوض معها ما لم تعترف "بحق إسرائيل في الوجود" كدولة عنصرية تؤمن بالتفوق اليهودي. "وهو ما فعله رئيس المنظمة السابق ياسر عرفات في عام 1988 في جنيف، ومرة أخرى في عام 1993، مع التوقيع على اتفاق أوسلو".
وذكر الباحث أن سجل كيسنجر المروع جعله محبوبا لدى العديد من الساسة الليبراليين في الولايات المتحدة. فقد أحبه آل كلينتون، وحضروا حفلات أعياد ميلاده. ولم تستطع هيلاري كلينتون التوقف عن الثناء عليه على نصيحة قدمها لها عندما كانت وزيرة للخارجية، مؤكدة أن "كيسنجر صديق".
وفي عام 2010 استخدمت إدارة باراك أوباما سياسات كيسنجر القاتلة في كمبوديا لتبرير عمليات القتل الإجرامية التي ارتكبتها بالمسيرات ضد مواطنين أميركيين وغير أميركيين في مختلف أنحاء العالم.
وأضاف أن كل السياسات الإمبريالية القاتلة التي انتهجها كيسنجر لم تحد عن السياسة الخارجية الأميركية قبله أو بعده. وهذا هو السبب وراء شعبيته بين رجال الأعمال والنخبة الفكرية الأميركية، الليبراليين والمحافظين على حد سواء.
وقال الباحث إن جرائم الإبادة الجماعية غير الأخلاقية التي ارتكبها كيسنجر ليست أكثر وحشية من جرائم الولايات المتحدة منذ تأسيسها. وخلص إلى أن كيسنجر لم يكن سوى ممثل مخلص للنخب الأميركية المجرمة التي خدمها طوال حياته، والتي ضمنت له حياة طويلة من الشهرة والثروة والرفاهية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الإبادة الجماعیة للأمن القومی فی کمبودیا إلى أن فی عام
إقرأ أيضاً:
السلطات الأميركية تدرس حظر أجهزة الراوتر الصينية في الولايات المتحدة
تحقق السلطات الأميركية في المخاطر الأمنية المحتملة لأجهزة "الراوتر"، التي تصنّعها شركة صينية وتلقى رواجا واسعا في الولايات المتحدة، وسط مخاوف من استغلالها في الهجمات السيبرانية التي تشنها بكين ضد الغرب.
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في تقرير أعده هيذر سومرفيل وداستن فولز وأرونا فيسواناثا، إن شركة "تي بي لينك" الصينية تستحوذ على ما يقرب من 65% من سوق أجهزة الراوتر في المنازل والشركات الصغيرة داخل الولايات المتحدة، كما أنها تقدم خدمات الاتصال بالإنترنت لوزارة الدفاع وعدد من الوكالات الفدرالية الأخرى.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة أن محققين من وزارات التجارة والدفاع والعدل فتحوا تحقيقات بشأن الشركة الصينية، في خطوة قد تؤدي إلى حظر بيع أجهزتها بالولايات المتحدة العام المقبل.
حظر متوقعوقد كشفت دراسة تحليلية أجرتها شركة مايكروسوفت في أكتوبر/تشرين الأول، أن كيانا صينيا متخصصا في القرصنة يحتفظ بشبكة كبيرة من الأجهزة المخترقة، تتألف في الغالب من آلاف أجهزة الراوتر من شركة "تي بي لينك".
وأضافت الدراسة أن العديد من الجهات الصينية استخدمت الشبكة لشن هجمات إلكترونية، واستهدفت هذه الجهات أهدافا غربية تتضمن مراكز أبحاث ومنظمات حكومية وغير حكومية وشركات تتعامل مع وزارة الدفاع الأميركية.
إعلانوأضافت الصحيفة، نقلا عن مصادرها، أن أجهزة الراوتر غالبا ما تحتوي على ثغرات بغض النظر عن الشركات المصنعة، لكن "تي بي لينك" لا تتواصل مع الخبراء الأمنيين لمعالجة هذه الثغرات.
وقالت متحدثة باسم "تي بي لينك" إن الشركة تقيّم المخاطر الأمنية المحتملة وتتخذ إجراءات لمعالجة الثغرات المعروفة.
وردا على طلب "وول ستريت جورنال" للتعليق على الإجراءات المحتملة ضد شركة "تي بي لينك"، قال المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن ليو بينغيو إن الولايات المتحدة تستخدم ستار الأمن القومي "للتضييق على الشركات الصينية"، وأضاف أن بكين "ستدافع بحزم" عن الحقوق والمصالح المشروعة للشركات الصينية.
نمو كبيروحسب ما أكدته مصادر مطلعة للصحيفة، فإن أجهزة الراوتر الخاصة بشركة "تي بي لينك" ليست مرتبطة بشكل مباشر بما يتم تداوله عن اختراق مجموعة صينية تُعرف باسم "سولت تايفون" لثماني شركات اتصالات أميركية، لكن يبدو أن التحقيقات الأميركية التي تستهدف الشركة اكتسبت زخما في ضوء تلك الاختراقات التي كُشف عنها مؤخرا.
واعتبرت الصحيفة أن الحظر المحتمل لأجهزة الراوتر الخاصة بشركة "تي بي لينك" في الولايات المتحدة، سيكون أكبر عملية حظر لمعدات اتصالات صينية في البلاد منذ العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب عام 2019 على شركة هواوي.
ووفق بيانات سوق الاتصالات الأميركي، فقد شهدت مبيعات شركة "تي بي لينك" نما كبيرا في الولايات المتحدة خلال جائحة كورونا، عندما كان الناس في أشد الحاجة إلى خدمة إنترنت عالية الجودة. وقد ارتفعت حصة الشركة في سوق أجهزة الراوتر في المنازل والشركات الصغيرة بالولايات المتحدة من حوالي 20 بالمئة في 2019، إلى حوالي 65 بالمئة في 2024، واستحوذت على 5 بالمئة إضافية من السوق في الربع الثالث من العام الجاري.
وحسب البيانات ذاتها، فقد تحققت هيمنة الشركة على السوق الأميركي بدرجة كبيرة من خلال انخفاض أسعار خدماتها، فأجهزة الراوتر الخاصة بها أقل تكلفة من أجهزة الشركات المنافسة بأكثر من النصف.
إعلان تحقيقات حكوميةوأوضحت الصحيفة أن وزارة العدل تحقق حاليا فيما إذا كان هذا التباين في الأسعار ينتهك قانونا فدراليا يحظر محاولات الاحتكار عن طريق بيع المنتجات بأقل من تكلفة صنعها. وقالت المتحدثة باسم "تي بي لينك" إن الشركة لا تبيع المنتجات بأقل من التكلفة، وأنها ملتزمة بالامتثال للقوانين الأميركية، بما في ذلك قوانين مكافحة الاحتكار.
وأضافت الصحيفة أن إدارة بايدن تدرس عددا من الإجراءات ضد "تي بي لينك" كجزء من الرد على سلسلة الهجمات الإلكترونية الأخيرة المرتبطة بالصين، وقد يشمل ذلك تطهير البنية التحتية للاتصالات في الولايات المتحدة بالكامل من معدات شركة "تشاينا تيليكوم"، وهي شركة اتصالات تسيطر عليها الحكومة الصينية وتُستخدم على نطاق ضيق في الولايات المتحدة.
وقد حظرت تايوان، التي تفرض قيودا واسعة النطاق على استخدام التكنولوجيا الصينية، أجهزة الراوتر الخاصة بشركة "تي بي لينك" من المنشآت الحكومية والتعليمية، وأصدرت الحكومة الهندية تحذيرا هذا العام بشأن شركة "تي بي لينك"، قائلة إن أجهزة الراوتر الخاصة بها تمثل خطرا أمنيا.
لكن المسؤولين الأميركيين لم يعثروا -وفقا للصحيفة- على أي دليل على أن شركة "تي بي لينك" متورطة في الهجمات الإلكترونية التي ترعاها الدولة الصينية، مقابل العثور على ثغرات واختراقات كبيرة في أجهزة الراوتر الأميركية، ومنها أجهزة راوتر قديمة من شركتي "سيسكو سيستمز" و"نتغير".
وأوضحت الصحيفة أن الهجمات السيبرانية الصينية سلّطت الضوء على نقاط الضعف التي تشكلها أجهزة الراوتر غير المحصنة، والتي تمنح القراصنة فرصة سهلة للهجوم، فضلا عن المخاطر المحتملة التي تشكلها أجهزة الراوتر المصنوعة خارج الولايات المتحدة.
وقد فتحت وزارة الدفاع تحقيقا في نقاط ضعف الأمن القومي بشأن أجهزة الراوتر الصينية في وقت سابق من هذا العام، وحثت "لجنة الحزب الشيوعي الصيني" داخل مجلس النواب الأميركي، وزير التجارة في أغسطس/آب على التحقيق في أجهزة شركة "تي بي لينك"، لأنها تمثل "درجة غير عادية من نقاط الضعف"، كما أقر مجلس النواب في سبتمبر/أيلول تشريعا يدعو إلى دراسة المخاطر التي تشكلها أجهزة الراوتر التي لها علاقة بدول أجنبية معادية على الأمن القومي.
إعلان