نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالة للصحفي إيشان ثارور قال فيه إن قيادات الطوائف المسيحية الفلسطينية المختلفة في بيت لحم، بالضفة الغربية، أعلنت الأسبوع الماضي إلغاء كل أشكال الاحتفال بعيد الميلاد هذا العام، تضامنا مع إخوانهم في غزة.

وأضاف ثارو "لن تكون هناك احتفالات عامة، ولن تتلألأ أضواء عيد الميلاد ولن تكون هناك شجرة مزينة في ساحة المهد، طالما أن حالة الحرب تسود قطاع غزة المحاصر، ويواجه غالبية سكانه القصف الإسرائيلي ودمار منازلهم وتفاقم الأزمة الإنسانية".





ونقل الكاتب عن منذر إسحاق، راعي كنيسة عيد الميلاد اللوثرية الإنجيلية في بيت لحم قوله إن "هذا جنون، وأصبح إبادة جماعية مع نزوح 1.7 مليون شخص".

وتابعت المقالة كان إسحاق جزءا من وفد صغير من المسيحيين الفلسطينيين الذين جاءوا إلى واشنطن هذا الأسبوع للضغط على إدارة بايدن والمشرعين الأمريكيين والزعماء الدينيين لدعم الدعوات لوقف إطلاق النار على نطاق واسع.

ومن المقرر أن تنتهي هدنة لمدة ستة أيام للأعمال العدائية بين إسرائيل وحركة حماس المسلحة يوم الخميس [تمد تمديدها ليوم آخر]، على الرغم من أن المفاوضات مع حماس التي تضم مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين وعرب مستمرة لاحتمال تمديد الهدنة الحالية.

وتعهد المسؤولون الإسرائيليون بمواصلة حملتهم ضد حماس بعد إطلاق سراح الرهائن، بينما يبدو أن إدارة بايدن تحاول كبح جماح أي مرحلة تالية من الحرب تختار إسرائيل شنها.

وبعد ظهر الثلاثاء، توجه الوفد إلى البيت الأبيض وسلم رسالة للرئيس بايدن موقعة من زعماء الطائفة المسيحية في بيت لحم، بما في ذلك طائفة إسحق البروتستانتية ونظراؤهم الأرثوذكس والأرمن والكاثوليك،  وذهبوا أيضا إلى الكونغرس للقاء الموظفين في مجلسي الشيوخ والنواب.

وجاء في الرسالة التي اطلع عليها الكاتب قبل تسليمها: "لقد وضع الله القادة السياسيين في موقع القوة حتى يقوموا بتحقيق العدالة، ودعم أولئك الذين يعانون، ويكونوا أدوات لسلام الله".

 وأضافوا: "نريد وقفا دائما وشاملا لإطلاق النار.. كفى موتا.. كفى دمارا.. وهذا التزام أخلاقي يجب أن تكون هناك طرق أخرى.. هذه هي دعوتنا وصلواتنا في عيد الميلاد هذا العام".

وينتمي المسيحيون الفلسطينيون إلى أقدم المجتمعات المسيحية في العالم، والتي تمتد جذورها إلى المهد التاريخي للمسيحية.

لكنهم يتضاءلون من حيث العدد، على الأقل بما يتناسب مع جيرانهم من الديانات الأخرى، ويشكلون نسبة أكبر في الشتات الفلسطيني وجميع أنحاء العالم.



ويشكل المسيحيون الفلسطينيون حوالي 2% من إجمالي السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية، ويتركز معظمهم حول رام الله وبيت لحم والقدس، وأقل من 1% من السكان في غزة.

والمجتمع الأخير، صغير ولكنه بارز، ويعيش حالة انقراض محتمل، وهناك ما يقرب من 1000 مسيحي في غزة، الذين عاشوا هناك دون مشاكل كبيرة على الرغم من استيلاء حماس الفعلي على المنطقة في عام 2007.

لكن الغارات الجوية الإسرائيلية دمرت أو ألحقت أضرارا بجميع منازل المجتمع في مدينة غزة تقريبا، بينما أصابت أيضا أقدم كنيسة نشطة في القطاع، حيث كان البعض يحتمي بها.

 وقال إسحاق: "إن الغالبية العظمى من المجتمع المسيحي في غزة أصبحت الآن بلا مأوى".

وربما دفع هذا ما يصل إلى خُمس المسيحيين في غزة، الذين لديهم أيضا جوازات سفر أجنبية، إلى مغادرة المنطقة تماما، ويجد الباقون أنفسهم مهجورين.

 وقالت تمار حداد، المنسقة الإقليمية للاتحاد اللوثري العالمي، والتي كانت أيضا ضمن الوفد الزائر: "إنهم يتصلون بنا قائلين: دعونا نرحل، إما أن نموت أو نرحل".

وأشار جاك سارة، رئيس كلية بيت لحم للكتاب المقدس، إلى أن محنة المسيحيين الفلسطينيين لا يبدو أنها مسموعة من قبل العديد من الإنجيليين الأمريكيين، الذين يرون في التفوق اليهودي القوي على الأرض المقدسة طريقا لرؤيتهم المسيحانية الخاصة.

ودعا الداعية الإنجيلي جريج لوك، المقيم في ولاية تينيسي، ورجل الدين المؤيد لترامب، والذي عادة ما تنتشر فيديوهاته على نطاق واسع، إسرائيل إلى تحويل غزة إلى "ساحة انتظار للسيارات" بعد وقت قصير من هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، الذي قُتل فيه أكثر من 15 ألف فلسطيني في الأسابيع التي تلت ذلك، بما في ذلك آلاف الأطفال.

لقد حركت أيديولوجية الصهيونية المسيحية أجندة إدارة ترامب وتؤثر على شريحة واسعة من المشرعين الجمهوريين، من نائب الرئيس السابق مايك بنس إلى رئيس مجلس النواب الحالي مايك جونسون (جمهوري من لوس أنجلوس).


أخبرني جاك سارة، وهو عالم لاهوت إنجيلي فلسطيني بارز، أن عقيدتهم "ليست اللاهوت الإنجيلي ورسالة المحبة لجميع البشر، بغض النظر عن خلفيتهم وعرقهم" الذي يؤمن به ويمارسه.

وبعيدا عن غزة، وصف أعضاء الوفد مناخا متزايدا من الترهيب والعداء تجاه المسيحيين الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس، والذي تغذيه تصرفات المتطرفين اليهود الذين شجعتهم حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل.

 وقال إسحاق: "نشعر أن المتطرفين اليهود يريدون خروجنا من القدس، وهم يعملون على ذلك، ولا يتم ردعهم".

وأدان أعضاء الوفد تصرفات حماس واستنكروا قتلها للمدنيين الأبرياء واختطاف الرهائن. لكنهم شككوا في نية إسرائيل المعلنة للقضاء على المنظمة التي تشكل جزءا من نسيج المجتمع الفلسطيني ويُنظر إليها على أنها حامل لواء المقاومة لعقود من الاحتلال العسكري الإسرائيلي والهيمنة.

 قال إسحاق: "على الرغم من أن يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر كان مرعبا، إلا أن الأمور لم تبدأ يومها، ولا يمكنك أن تبدأ القصة من هناك، وعلى هذا النحو، تعطي الضوء الأخضر لإسرائيل للقيام بما تفعله الآن، والذي يذهب إلى أبعد من ذلك، وهو حملة انتقامية".

وقد أكد العديد من الدبلوماسيين الأجانب البارزين على الأهمية الأساسية لإحياء عملية حل الدولتين المتوقفة منذ فترة طويلة.

ويشعر أغلب الفلسطينيين بالاستخفاف بهذا المشروع، نظرا لضعف قيادتهم السياسية وعجز الغرب عن منع إسرائيل من تقسيم الضفة الغربية إلى المزيد من المستوطنات على مدى العقدين الماضيين.

 كما يعارض العديد من السياسيين الإسرائيليين، بما في ذلك الأعضاء البارزون في الحكومة الحالية، بشكل صريح إنشاء دولة فلسطينية مستقلة.

لكن أي نظام ما بعد الحرب يجب أن يأخذ في الاعتبار الحقائق على الأرض في إسرائيل والأراضي المحتلة.

وكتب الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في مقال افتتاحي لصحيفة "فاينانشيال تايمز" بعد رحلة قام بها مؤخرا إلى الشرق الأوسط: "هناك شيء واحد واضح، جميع محاوري في العالم العربي قبلوا وجود إسرائيل ويريدون التعامل معها. إنهم يدركون الفرصة الهائلة التي تكمن في جوار سلمي، والتعاون عبر الحدود والدور المحتمل لإسرائيل كمحرك اقتصادي إقليمي. ولكن الجميع متفقون على أن التعاون العربي الإسرائيلي يتوقف على حل القضية الفلسطينية".

وفي تصريحاته الأخيرة، أشار الرئيس بايدن أيضا إلى ضرورة التوصل إلى حل الدولتين كأولوية للمنطقة. لكن الكلام رخيص.

وقال إسحاق: "على أمريكا أن تثبت للفلسطينيين أنها جادة بشأن حل الدولتين، لأن أي حديث من الأمريكيين حول حل الدولتين في الوقت الحالي يبدو فارغا، نظرا لعدم اتخاذ أي إجراء. لم يحاسب أحد إسرائيل".

وفي رسالتهم إلى بايدن، كرر رجال الدين الفلسطينيون مناشدتهم: "إن هذه الأرض تبكي من أجل السلام والعدالة منذ 75 عاما. لقد حان الوقت لتحقيق العدالة. لقد حان الوقت ليتمكن الجميع من العيش بكرامة في هذه الأرض. إن الأطفال الفلسطينيين والإسرائيليين يستحقون العيش والأمل والحلم".

عندما يعود إسحاق إلى بيت لحم في نهاية الأسبوع لبدء موسم المجيء، يعتزم هو وزملاؤه إقامة مشهد ميلاد صغير مع تكديس الصخور والحطام فوقه.

 وقال إسحاق: "هذا ما يعنيه عيد الميلاد بالنسبة لنا الآن، حيث نرى يسوع يولد بين أولئك الذين فقدوا كل شيء، والذين هم تحت الأنقاض".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الطوائف المسيحية بيت لحم غزة القصف الإسرائيلي الضفة الغربية غزة الضفة الغربية بيت لحم الطوائف المسيحية القصف الإسرائيلي سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عید المیلاد حل الدولتین فی بیت لحم فی غزة

إقرأ أيضاً:

سامح قاسم يكتب | "أم كلثوم.. من الميلاد إلى الأسطورة".. سيرة على مقام القصيدة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ليس من السهل أن تكتب عن صوتٍ صار وطنًا. أن تروي حكاية امرأةٍ تجاوزت جسدها وصارت تجسيدًا لعصر، وذاكرة جمعية لعشاقٍ، وثوّار، وملوك، ومهزومين. لكن حسن عبد الموجود لم يدخل إلى أم كلثوم من بوابة التوثيق، بل من نوافذ الحنين، ومن ممرات الحكاية، ومن شرفات اللغة. في كتابه "أم كلثوم: من الميلاد إلى الأسطورة"، لا نجد السرد التقليدي لسيرة فنانة، بل نصًا هجينًا بين الأدب والتاريخ، بين القصيدة والأرشيف، بين النشيد والمناجاة.

 

هذا الكتاب لا يسير على خطى الزمن، بل يعيد ترتيبه على إيقاع خاص، كما لو أن الكاتب أعاد توزيع حياة أم كلثوم على خمسين مقامًا سرديًا، حيث يتكرر اللحن، لكن لا تتكرر الحكاية. إنه لا يكتب عن سيدة الغناء العربي بقدر ما يستحضرها كأيقونة تتقاطع فيها العاطفة والفن والسياسة والقدر.

 

لا يبدأ حسن عبد الموجود من القاهرة، ولا من الميكروفون، بل من الطمي. من قريتها طماي الزهايرة، كأنه يبحث عن بذور الصوت، عن الماء الأول الذي شربته الحنجرة، عن الحقول التي سمعت ترتيلها الطفولي. لا يتعامل الكاتب مع الريف كمعلومة، بل كفضاء شعري، كأرضٍ تمهّد لقدَر. وهناك، في الحكايات الأولى، تبدأ أم كلثوم كامرأة لا تعرف أنها ستحكم السمع والمزاج العربي لعقود، بل كابنة إمام، تسكنها البدايات لا النهايات.

 

ومع تقدم الفصول، يتغير الإيقاع، لكن لا تفقد اللغة شغفها. يرصد الكاتب لحظات التحوّل: انتقالها إلى القاهرة، مواجهتها الأولى مع الذكور الذين يحرسون الميدان الفني، توترها بين الشرقي الأصيل والتجديد، وقبل كل ذلك، حذرها من الحب، من الرجل، من الضعف.

 

يأخذ عبد الموجود على عاتقه تفكيك صورة أم كلثوم الأسطورية دون أن يمسّ بهالتها، يعريها ليزيدها رهبة. يقترب منها لا كناقد بل كعاشق، يشكّك أحيانًا، يندهش غالبًا، ويترك الباب مفتوحًا للتأويل دائمًا. يظهر الجانب الإنساني الذي نادرًا ما يُرى: صرامتها، حساباتها الدقيقة، حسّها السياسي، وربما حتى وحدتها. يكتب عنها لا ليُحاكمها، بل ليجعلنا نفكر فيها على نحوٍ أعمق: ماذا يعني أن تكون صوتًا لجيل؟ كيف تحتمل امرأة أن تصبح رمزًا بلا لحظة ضعف علني؟

 

ومن هذا المنطلق، لا يفصل الكاتب بين أم كلثوم الفرد وأم كلثوم المؤسسة. هي التي غنّت للثورة كما غنّت للغرام، غنّت للزعيم كما غنّت للدمعة التي تنام على خدّ أرملة في قريةٍ لا تعرف أسماء الوزراء. بذلك، تصبح أم كلثوم مرآة عصرها، لا مجرد موسيقاه.

 

ما يميز هذا العمل ليس فقط ما يقوله، بل كيف يقوله. اللغة هنا ليست وسيلة نقل، بل أداء فني بحد ذاته. جملٌ طويلة كجملة موسيقية تتهادى، واستعارات تنبت من قلب الحكاية، وصور تتراكم مثل نغمات "ألف ليلة وليلة". لا نجد الحياد الصحفي، بل التورط الأدبي، ولا نجد الخطابة، بل همس عاشق يعرف أن الأسطورة لا تكتب بمداد الحبر فقط، بل بارتجاف القلب.

 

يتركنا الكتاب كما تتركنا أم كلثوم في نهاية كل حفل: مشبعين، لكن غير مكتفين. نغلق الصفحة، ونشعر أن الصوت لا يزال في الداخل. ربما لأن الكاتب لم يكتب النهاية، بل ترك الأسطورة مفتوحة. وربما لأن أم كلثوم نفسها لا تنتهي: كلما ظننا أننا سمعناها بما يكفي، فاجأتنا مرة أخرى من عمق الذاكرة.

 

"من الميلاد إلى الأسطورة" هو كتاب لا يُقرأ مرة واحدة، ولا يُقرأ كوثيقة، بل يُقرأ كما يُستمع إلى أغنية طويلة تُحيا كلما أُعيد غناؤها. حسن عبد الموجود كتب شيئًا لا نعرف كيف نصنّفه، لكنه كتب ما يشبه أم كلثوم: لغزًا، صوتًا، ذاكرة، ومقامًا لا يُعاد.

مقالات مشابهة

  • بوتين يبحث مع أمير قطر أزمة فلسطين إسرائيل ومستقبل سوريا
  • آلاف الأقباط يحتفلون بخميس العهد في كنائس الفيوم
  • سامح قاسم يكتب | "أم كلثوم.. من الميلاد إلى الأسطورة".. سيرة على مقام القصيدة
  • فلسطين الشهيدة.. أقدم كتاب مصوَّر لبعض فظائع اليهود والإنجليز في حق الفلسطينيين
  • تفقد مستوى الأنشطة في مركز الإمام علي الصيفي بالحديدة
  • بمناسبة شم النسيم.. انطلاق أكبر قافلة لتوفير بيض المائدة للأقباط أمام كنائس البحيرة
  • عباس يستقبل المدير التنفيذي لمنظمة “كنائس من أجل السلام في الشرق الأوسط”
  • خطأ تقني يُربك حسابات الجيش الإسرائيلي بعد انفجــ.ـار في مستوطنة «نير إسحاق»
  • سقوط قنبلة كانت في طريقها إلى غزة قرب مستوطنة إسرائيلية.. خلل تقني
  • “إسرائيل” تغرق برسائل الجيش لإيقاف حرب غزة