لا تقتصر أهمية الشركات الناشئة التي يتم تأسيسها في سلطنة عمان على مجرد كونها مؤسسات وكيانات جديدة تنضم للعمل في مختلف القطاعات، فالشركات الناشئة التي يتزايد عددها يوما بعد يوم هي ركيزة اقتصاد المعرفة ومحرك فعّال للتطور الاجتماعي والاقتصادي بفضل ما تقدمه من زخم من الأفكار الريادية المبتكرة التي تمثل قيمة مضافة للاقتصاد وتساهم في رقي وتطور مختلف الخدمات.

وفي إطار الاهتمام بتحفيز الاستثمار الجريء وتشجيع روح المبادرة لدى الشباب، ينطلق منتصف الأسبوع المقبل ملتقى الشركات الناشئة العمانية الواعدة بهدف التعريف بجهود ومبادرات وأوجه الدعم لهذه المشروعات الواعدة، والاطلاع على أفضل الممارسات العالمية، وإطلاق صندوق الاستثمار الجريء للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، بالإضافة إلى إعلان الفائزين في سباق الأفكار الريادية الذي يعزز طرح الحلول المبتكرة في المجالات ذات العلاقة بدعم توجهات الاقتصاد نحو التنويع والابتكار خاصة في قطاعات السياحة والطاقة والثروة المائية.

وتجد الشركات الناشئة العديد من الحوافز وأوجه الدعم في ظل التوجه الحثيث لسلطنة عمان نحو التحول الرقمي وبناء أسس قوية لاقتصاد متنوع يتمتع بقوة الابتكار وقدرة تنافسية على جذب المواهب وتشجيعها على طرح الأفكار وتأسيس المشروعات التي تعزز التنويع الاقتصادي وتضع سلطنة عُمان على خارطة الوجهات الجاذبة للمستثمرين بما في ذلك الشركات التقنية واستثمارات رأس المال المغامر.

وشهدت سلطنة عمان تقدما كبيرا في جهود تسهيل وتطوير بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمارات الخاصة، وامتد نطاق هذه الجهود ليشمل تحسين بيئة عمل المؤسسات القائمة على الابتكار، والتوسع في الخدمات التي تسهم في توفير بيئة مواتية للشركات الريادية ودعم أنشطتها لتمكينها من التوسع محليا وإقليميا وعالميا.

وكان من الثمار المهمة لهذه الجهود، تحول الشركات الناشئة إلى مجال يجتذب الشباب والمبتكرين، كما أصبح نمو الشركات الواعدة في سلطنة عمان يجتذب أيضا اهتمام المستثمرين ومؤسسات التصنيف العالمية كما ترصد تقارير الشركات المتخصصة في هذا المجال ما تشهده بيئة الابتكار في سلطنة عمان من تقدم ينعكس إيجابا على زيادة توجه المبتكرين نحو تأسيس شركات واعدة خاصة في قطاعات التجارة والتقنيات.

وأشار موقع ستارت اب بلينك، المتخصص في استشارات الشركات الناشئة، إلى نمو لافت للشركات الناشئة في سلطنة عمان منذ بداية العام الجاري مع زيادة عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي يتم تسجيلها لدى هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة موضحا أن جانبا من هذه المؤسسات هي من الشركات الناشئة الواعدة وتتركز أنشطتها بشكل خاص في قطاعات التجارة والتجزئة والتسويق والتقنيات والذكاء الاصطناعي، وأكد ستارت أب بلينك على انه بينما مازالت ملامح مشهد إيجاد بيئة داعمة لنمو الشركات الناشئة في بداياته في سلطنة عمان لكن العدد المتزايد لهذه الشركات وتوسع أنشطتها يمهدان لنقلة في نمو الشركات الواعدة وجهود تعزيز الابتكار في سلطنة عمان، وللنجاح في ذلك أشار ستارت اب بلينك إلى انه من المهم استهداف تطوير البيئة الداعمة للشركات الناشئة في سلطنة عمان " الايكو سيستم" بما يؤهلها تدريجيا للانضمام للتصنيف العالمي لأفضل 1000 بيئة داعمة للشركات الناشئة في العالم.

وكانت سلطنة عمان قد حازت خلال العام الجاري على تصنيف إقليمي متقدم ضمن أفضل 10 دول على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجالات الأسواق الجاذبة للمواهب بتكلفة مناسبة للشركات الناشئة ووفرة تمويل رأس المال الجريء وذلك في تقرير صدر عن مؤسسة "ستارت اب جينوم" المتخصصة في تطوير منظومة الشركات الناشئة والابتكار، كما حلت سلطنة عمان أيضا ضمن أفضل 15 دولة في سرعة تطور وأداء منظومة الشركات الناشئة، وتعد هذه التصنيفات نتاجا لنجاح المبادرات الحكومية والخاصة في تشجيع تأسيس هذه الشركات، ووجود فرص جاذبة لاستثمارات الشركات الناشئة في سلطنة عمان خاصة في قطاعات التجارة الإلكترونية، وتقنيات الطاقة النظيفة، والتقنيات المالية، وقد أكد التقرير أيضا على أهمية العمل على تشجيع نمو الشركات الناشئة ورفع تنافسيتها وإيجاد بيئة مواتية لعملها بما يؤهلها للإدراج ضمن تصنيفات تقرير منظومات الشركات الناشئة العالمية.

وتصب الجهود والمبادرات في صالح تحقيق نقلة في تنافسية الشركات الناشئة وتعزيز مكانتها إقليميا وعالميا، فهناك دعم واسع لتأسيس هذه الشركات ومساندتها في كافة مراحل التأسيس وتطوير الأفكار والعمل والنشاط واهتمام بالترويج وزيادة الأثر الاقتصادي للشركات الناشئة وتحقيق ترابطها مع بنية الاقتصاد، وأسفرت جهود الترويج للشركات الناشئة عن نتائج جيدة هذا العام خاصة فيما يتعلق بعقد شراكات إقليمية مهمة مع شركات عمانية واعدة وكان من أهمها اتفاقية عُمانية سعودية لبناء المنازل بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد تجمع بين شركة إنوتك (إحدى شركات مجموعة إذكاء) وشركة تكوين المستقبل السعودية، وبموجب هذه الاتفاقية انضمت شركة تكوين المستقبل السعودية للجولة الاستثمارية في شركة إنوتك لتطوير تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في المجال العقاري والهدف هو التوسع في الأسواق الخليجية والإقليمية، كما وقعت شركة كودلاين (التابعة لشركة رحال المتخصصة في تدريب الكوادر الشابة في مجال برمجيات الحاسب الآلي)، وهي أيضا إحدى شركات مجموعة إذكاء، مع تكوين المستقبل على اتفاقية استثمار للتدريب، بحيث تقوم شركة كودلاين بموجب الاتفاقية بتقديم خدمات التدريب في البرمجيات المتقدمة لشركة تكوين المستقبل السعودية بما يخدم التوسع في هذا المجال وتبادل الخبرات والتجارب أمام الطرفين.

ومن المتوقع تزايد حيز مثل هذه الشراكات عبر تواصل جهود الدعم وفعاليات الترويج ومنها مشاركة عشرات الشركات في المعارض والملتقيات داخل وخارج سلطنة عمان، وسيشهد ملتقى الشركات الناشئة الواعدة لهذا العام معرضا تشارك فيه 50 شركة ناشئة قائمة على التقنية والابتكار من مختلف القطاعات. وتعد هذه المعارض فرصة مواتية للشركات الناشئة لعرض ابتكاراتها وأفكارها أمام المستثمرين والحصول على تمويل مما يسهل تحويل الأفكار الابتكارية من إطارها النظري إلى حيز التنفيذ، وجذب رأس المال الأجنبي واستكشاف فرص الشراكات.

وفي إطار أولوية الاقتصاد والتنمية وتمكين الشباب ضمن "رؤية عُمان 2040"، أكدت التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة - حفظه الله - على توفير بيئة محفزة لرواد الأعمال والشركات الناشئة ودعمها في جميع مراحل مشروعاتهم بكافة الإمكانيات، وتعزيز حضورها إقليميا وعالميا.

وتحقيقا لهذه الطموحات، دخلت الشركات الناشئة في سلطنة عمان مرحلة جديدة من النمو والتواجد مع انطلاقة برنامج الشركات الناشئة العُمانية الواعدة الذي يعد نتاجا للتكامل بين مختلف الجهات المعنية وتشرف على تنفيذه هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالتعاون مع وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ووزارة الاقتصاد، والمجموعة العُمانية للاتصالات وتقنية المعلومات (إذكاء)، ويعمل البرنامج عبر ثلاثة محاور رئيسة هي بناء القدرات للشركات الناشئة، والتمويل والاستثمار في الشركات الناشئة، والبيئة التشريعية الداعمة للشركات الناشئة.

ويسعى البرنامج إلى تعزيز الاستثمارات وربطها مع فرص القيمة المحلية المضافة، وإيجاد حلول تمويلية واستثمارية مستدامة تتناسب مع احتياجات الشركات الناشئة، ويشهد تنفيذ برنامج الشركات الناشئة الواعدة تقدما مستمرا، حيث تم تحديد التوجهات الاستراتيجية مع وضع خارطة عمل لمنظومة الشركات الناشئة ترصد العناصر الأساسية لتحديات واحتياجات تطوير المنظومة.

ومن جانب آخر، تتواصل أيضا جهود مهمة لدعم هذه الشركات الناشئة من قبل جهات متعددة منها البنك المركزي العماني الذي يدعم ويحفز المؤسسات المالية الكبرى على تشجيع ومساندة الشركات العمانية الجديدة في مجال التكنولوجيا المالية كما يستهدف الصندوق العماني للتكنولوجيا جذب المشروعات التقنية الواعدة لإطلاق عملياتها في سلطنة عمان من أجل تعزيز الاقتصاد القائم على المعرفة، وتنمية قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ويحدد الصندوق الأفكار الرائدة في القطاع التقني والتكنولوجي ورواد الأعمال الذين يملكون أفكارا أو مشروعات ذات إمكانيات عالية للنمو في مجال التكنولوجيا والابتكار التقني عبر ثلاثة برامج استثمارية هي برنامج "تكوين" للاستثمار في المرحلة المبكرة للأفكار وبرنامج "مسرعة الوادي" لمرحلة التسريع فيما يركز برنامج "جسور" على مرحلة النمو.

ومن المؤمل أن المشاركات والنقاشات والنتائج التي سيسفر عنها ملتقى الشركات الناشئة الواعدة العمانية ستكون منطلقا جديدا لمزيد من التطور والدعم لأصحاب الأفكار الخلاقة والمبتكرين.

ويشار إلى أن الشركات الناشئة تعتمد بشكل أساسي على نجاحها في طرح فكرة ابتكارية قابلة للتنفيذ والانتشار عبر استغلالها في إحدى الخدمات أو القطاعات الاقتصادية، وتساهم جولات التمويل في جذب المستثمرين وتعريفهم بالأفكار الجديدة التي تطرحها الشركات الناشئة وهو ما يمهد لتوفير رأس المال الضروري للعمل وطرح الأفكار كمنتجات أو تطبيقات إلكترونية في الأسواق. وفي جانب المستثمرين المبادرين بتقديم رأس المال، قد يمثل نجاح الفكرة أو المنتج فرصة سانحة لمضاعفة قيمة ما تم تقديمه من استثمارات في بداية المشروع.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الشرکات الناشئة الواعدة الصغیرة والمتوسطة للشرکات الناشئة تکوین المستقبل نمو الشرکات هذه الشرکات رأس المال فی قطاعات فی مجال خاصة فی

إقرأ أيضاً:

العدل تناقش التعاون مع لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان

التقى معالي الدكتورعبدالله بن محمد السعيدي، وزير العدل والشؤون القانونية بمكتبه اليوم وفد لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان برئاسة المستشار جابر المري، رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي يزور سلطنة عمان حاليا، جرى خلال اللقاء التأكيد على التعاون مع لجنة الميثاق في سبيل الإنفاذ الفعلي لمواد الميثاق على الصعيد الوطني بعد انضمام سلطنة عُمان إلى الميثاق العربي لحقوق الإنسان بموجب مرسوم سلطاني رقم ١٦ / ٢٠٢٣.

كما التقى سعادة الدكتور يحيى بن ناصر الخصيبي، وكيل العدل والشؤون القانونية، رئيس فريق العمل المشكل لإعداد التقارير المتصلة بالميثاق العربي لحقوق الإنسان، بالوفد الزائر، وعقدت لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان لقاء منفصلا مع الفريق الفني الذي أعد التقرير الوطني الأول الخاص بالميثاق العربي لحقوق الإنسان برئاسة المستشار جمال بن سالم النبهاني، مدير دائرة التشريع في وزارة العدل والشؤون القانونية؛ لمناقشة الجوانب الفنية والتفصيلية ذات الصلة بالتقرير.

حيث سبق لسلطنة عمان تقديم التقرير الوطني الأول تنفيذا لما قررته الفقرة (1) من المادة (84) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان وطبقا للمبادئ التوجيهية والاسترشادية العامة المعتمدة من لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وبعد التشاور مع أصحاب المصلحة، كما تم تضمين التقرير كافة التدابير القانونية والإدارية وغيرها من الإجراءات التنفيذية المتخذة من سلطنة عمان لتنفيذ التزامها وإعمال الحريات المنصوص عليها في الميثاق.

والجدير بالذكر أن سلطنة عمان ستناقش تقريرها الدوري الأول في مقر جامعة الدول العربية في شهر ديسمبر القادم.

مقالات مشابهة

  • السفير العماني يرعى احتفالية صالون أحمد بن ماجد الثقافي
  • «الأكاديمية الوطنية» تنظم برنامجا تدريبيا حول القيمة المحلية المضافة
  • التلفزيون العماني و50 عاما من «الخدمة العامة»
  • عُمان بالمرتبة 45 عالميا في مؤشر الأداء البيئي
  • بحث التعاون بين عمان وإيطاليا في مجال خدمات ذوي الإعاقة
  • سلطنة عمان تحتفل بعيدها الوطنى الـ54
  • وزير "العدل" يستضيف وفد "الميثاق العربي لحقوق الإنسان"
  • العدل تناقش التعاون مع لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان
  • بعثة أهلي صنعاء تصل سلطنة عمان
  • الجمعة.. انطلاق نهائيات كأس العالم لسداسيات كرة القدم في عمان