خلف قانون السماح بإقامة العزب الجوالة والمخيمات الشتوية في موسم التخييم تختبئ العديد من المخالفات التي اعتاد البعض من هواة البر الإقدام عليها، غير عابئين بحزمة التعليمات التي نصت عليها القوانين الصادرة من وزارة البيئة والتغيير المناخي والهيئات المعنية.
وإذا كان إلقاء المُخلّفات يتصدر «المخالفات» فهناك ظاهرة سلوكية أخرى، لا تقل أثراً سلبياً وضرراً فعلياً بالبيئة القطرية عن الأولى، تتمثل في دخول السيارات في مناطق «المساطيح» والروض دون التقيد بالمسارات المخصصة لسير المركبات، ما يؤثر في تشويه المنظر الجمالي للبرّ وموت النباتات وتدمير الغطاء النباتي، فضلاً عن التحطيب الجائر وما يسببه من «ضغوط كبيرة» على البيئة البرية التي تعاني من جفاف وقلة الأمطار في معظم أشهر السنة.

الوعي البيئي
«العرب» تجدد التأكيد على ضرورة التوعية بشأن هذه القضية وترصد آراء وملاحظات المهتمين بشأن المحافظة على بيئة البر، حيث أكد مواطنون أهمية التوعية لمرتادي البر للخروج بموسم التخييم بدون مخالفات تعزيزاً للحفاظ على البيئة والحياة الفطرية في الدولة.. فيما طالب آخرون بضرورة تكثيف الدوريات في المناطق البرية لحفظ الأمن والسلامة فيها، وتشكيل نوع من الردع للمتهورين من مرتادي المناطق البرية.
في هذا السياق، أكد المهندس عبدالله محمد أهمية توظيف التقنيات الحديثة والكاميرات في مراقبة الروض والمحميات الطبيعية في مختلف مناطق الدولة، إلى جانب تسوير المزيد من الروض في المناطق البرية لحمايتها من الدهس بالسيارات، وغيرها من الممارسات السيئة التي تلحق الأضرار بطبيعة الروض من خلال تجريف التربة او ابطاء دورة نمو الاعشاب والاشجار البرية، منوها بأن يكون التسوير مقرونا بزيادة التوعية - بأهمية الحفاظ على البيئية - والتي تتضمن شرحا لتأثير الممارسات الخاطئة على الحياة الفطرية، ودعا مرتادي البر لاحترام الروض وعدم الدخول بالسيارات والدراجات النارية إليها إلا من خلال الطرق الممهدة حتى لا يتسبب ذلك في إعاقة دورة نمو النباتات والشجيرات والأشجار جراء الدهس. 
وأكد أهمية التوعية البيئية لأنه لا شيء يمنع التجاوز سوى الوعي والإدراك والإحساس بالمسؤولية، مشيرا الى ان التوعية يجب أن تتم بالشكل الصحيح من خلال شرح تأثير هذا الفعل، والإجابة على أسئلة (لماذا يجب أن يفعلوا كذا وكذا، وما هي أهمية الموضوع)، لا ان تكون التوعية على طريقة (افعل ولا تفعل).. لأن الشخص حين يدرك سبب وجوب قيامه او عدم قيامه بفعل معين تزيد استجابته للتعليمات.
ترك المخلفات
من جهته أشار المواطن راشد المري الى ان بعض المخالفين يتعمد الوقوف بالسيارات داخل الروض وترك المخلفات بالقرب من المحميات ويتجاهل وجود الحاويات المخصصة بالقرب من الطرق الرئيسية والفرعية، وهي مخالفات منتشرة للأسف رغم القوانين البيئية المفروضة لحماية بيئتنا القطرية، وهو ما يتطلب تشديد الرقابة لا سيما على بعض الروض الأكثر عرضة للمخالفات، نظرا لتزايد الإقبال على البر في مثل هذه الأوقات من السنة، وما يصاحب هذه الموسم من مخالفات متكررة جلها يتمثل في تجريف التربة وهو ما يعد تعديا على املاك الدولة وتدمير النباتات والأشجار النادرة دون مراعاة أن هذه الأشجار قد تكون معرضة للانقراض، مناشداً ضرورة تكثيف الوعي البيئي من جانب الجهات المختصة من جهة، وتشديد العقوبات على المخالفين من المخيمين الذين يضربون بالقوانين البيئية المُلزمة عرض الحائط دون أدنى مسؤولية- من جهة أخرى.
الغطاء النباتي
ودعا الناشط البيئي علي الحنزاب، صاحب «مبادرة علي الحنزاب للتشجير ومكافحة التصحر» المواطنين إلى المشاركة في حماية البيئة والموارد الطبيعية لضمان استدامتها حفاظًا على حقوق الأجيال القادمة.
وأكد على ضرورة عدم التهاون مع المخالفين الذين يرتادون البحر أو البر خصوصاً في عطلة نهاية الأسبوع، مع تغليظ العقوبة على من يقطعون الأشجار بغرض التدفئة، مشيراً إلى أن الجدية في رصد المخالفات من شأنها ردع المستهترين والتزام مرتادي البر بالشروط والقوانين، أما أصحاب التراخيص فهم ملتزمون – اجمالا – بالقوانين البيئية.
واقترح وجود نقاط ثابتة لدوريات الحماية البيئة للحد من التجاوزات التي يشهدها البر بشكل مستمر، سواء من قبل أصحاب العزب او اصحاب المخيمات، والمرور على مواقع العزب والمخيمات بشكل يومي للتأكد من التزام اصحابها بالاشتراطات والقوانين البيئية لحماية خيرات المناطق البرية مع دخول فصل الشتاء ممن يستغلونها للتحطيب أو بيعها في هذه الأوقات. داعيا المخيمين إلى تقدير القيمة التراثية والبيئية للأشجار والحفاظ عليها لأنها تمثل موروثاً هاماً. منوها بضرورة اختيار (القِطع الجافة) دون التعرض لأغصانها الخضراء بالكسر والإتلاف. 
حماية الحياة الفطرية
وشاطره الرأي في هذا الإطار المواطن راشد الحرمي، مؤكدا ان سلوك دهس الروض والنباتات البرية يتزايد في موسم الشتاء ويتسبب في تدمير كبير للبيئة والتربة من خلال ما يلحقه من أذى كبير وتدمير للحياة الفطرية والنباتية، فضلا عما يسببه من تشويه لجمال الطبيعة في البر.. وهو سلوك متكرر ويعد جريمة يقترفها بعض الأشخاص في حق البيئة الفطرية لا تقل اثرا سلبيا عن ظاهرة الاحتطاب الجائر وقطع الأشجار بأسلوب عبثي تخريبي لمجرد اللهو وكذلك الرعي الجائر وكلها مخالفات تتكرر كثيرا في مثل هذه الأوقات من العام وتؤدي إلى تدهور شديد للبيئة القطرية بما فيها المحميات والروض والمراعي.
وأكد الحرمي على ضرورة نشر الوعي البيئي في أوساط الشباب ولا سيما طلبة المدارس بشكل ممنهج وبالتنسيق مع الادارات المدرسية والمؤسسات المعنية وذلك لغرس مفهوم الثقافة البيئية في نفوس النشء وحمايتها.
وقال انه رغم إيجابية ظاهرة ارتياد البر إلا أن بعض السلوكيات التي تمارس من قبل البعض جعل منها معول هدم للبيئة، من خلال الاعتداء على الأشجار وتكسيرها بحجة الاستفادة من حطبها، وترك المخلفات التي لا تتحلل في التربة، وغيرها من السلوكيات السلبية التي تضر بالبيئة بدل أن تكون عاملاً مساعداً لنموها وسلامتها في خدمة الإنسان، مشيرا الى ضرورة زرع المفاهيم التي تشجع على احترام الشجرة وتربيتها في ثقافة مجتمعاتنا، وتشجيع الحركات والمبادرات التي تنادي بالحفاظ على البيئة والأشجار. ورأى محمد الغانم ان التحطيب الجائر وقطع أشجار السمر وغيرها للاستفادة منها هي احدى المخالفات التي يتورط بعض هواة البر في ارتكابها خلال الشتاء، سواء عن وعي او عن غير وعي بالقوانين والتشريعات التي سنتها الدولة وهدفت إلى حماية البيئة ومعاقبة كل من يتطاول عليها.
واعتبر الحرمي أن الاعتداء على الاشجار وتقطيعها بغرض التدفئة يهدم القيمة التراثية والبيئية للأشجار، في حين يجب إبداء الحرص على الحفاظ عليها لأنها تمثل موروثاً مهماً. مؤكدا على أهمية شيوع ثقافة مسؤولية الفرد والمجتمع تجاه احترام الحياة البرية ونظافة البيئة، ورفع مستوى الوعي البيئي بين مرتادي المناطق البرية للمحافظة على البيئة الطبيعية، والحياة الفطرية في بر قطر، وتوعية مرتادي تلك المناطق بعدم التعرض للأشجار حيث يلجأ بعض الهواة لإشعال النار تحت الجذوع الكبيرة لتلافي حركة الرياح حيث يبدأ يتكون نوع من الفراغ بتأثير اللهب ويتآكل جذع الشجرة في النهاية لتهرم وتسقط.

يكفي البيئة المناخ القاسي

ونوه الاستاذ عبدالهادي الشناوي بمبادرات حماية البيئة لأن البيئة تتعرض أصلا لقساوة المناخ وتحتاج إلى الاهتمام بينما عدم الاهتمام بها يعني أننا لن نجد متعة في البر، مشيرا الى مشاركة الطلاب في المبادرات البيئية وزيادة المسطحات الخضراء والتي تساهم في بناء شخصيتهم وتوعيتهم مبكراً بالقضايا البيئية وتعزيز انتمائهم لقطر، وأكد أن المبادرات البيئية تساهم في رفع الوعي لدى الطلاب على زيادة الرقعة الخضراء بالدولة.
 

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: العزب البيئة المناطق البریة الوعی البیئی حمایة البیئة على البیئة من خلال

إقرأ أيضاً:

خطبتا الجمعة بالحرمين: الألفة الصادقة تقوم على حسن الظن وطيب المعشر.. وارتقاء سلوك المجتمع باستشعار مراقبة الله

ألقى الشيخ الدكتور بندر بليلة خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله عز وجل، ومراقبته في السر والعلن ابتغاء مرضاته سبحانه وتعالى، وقال: نِعَمُ الله وآلاؤُه على عبادِه لا تُعَدُّ ولا تُحصَى، ولا تُحصَرُ ولا تُستقْصَى. نِعَمٌ مادِيَّة ومعنَوِيَّةٌ، دِينِيَّة ودُنيوِيَّةٌ. وإنَّ من أعظَمِ نِعمِ الله المَعْنَوِيَّة نِعمَة المحبَّة والأُلفَةِ، ومِنَّة المودَّة والرحمَة نِعْمَة عَظِيمَةٌ، بها يَطِيبُ العَيشُ، وتَدومُ الرَّوابِطُ، وتُزْهِرُ العلاقاتُ، ومِنَّة كَبِيرَةٌ، يَهَبُهَا الرَّحمنُ، لا تُشتَرى بالمالِ، ولا تُوهَبُ بالغَالِي مِنَ الأَثمانِ.
هي مِن أفضَلِ خِصالِ المُؤمِنِ وسَجايَاهُ، وأنبَلِ صفاتِه ومزايَاهُ، فعن أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمُؤْمِنُ مَأْلَفٌ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ، وَلَا يُؤْلَفُ» أخرجَه أحمد في مسنَدِه. مبينًا أن الأُلْفَة الصَّادِقَة هِي الَّتِي تَقُومُ على أساس حُسْنِ الظَّنِّ، وصَفاءِ النِّيَّةِ، وطِيبِ المَعْشَرِ، فَتُثْمِرُ الإحسانَ، وبذْلَ النَّدَى، وغَضَّ الطَّرْفِ، والتَّجاوُزَ عَن الزَّلاتِ، والتَّغافُلَ عَن العَثَراتِ.
الأُلْفَة تَحمِلُ أصحابَها على القِسْطاسِ المُستَقِيمِ، فيَسْتَدْعُونَ الحسَناتِ إذا هَبَّتِ الخَطِيَّاتُ، فِي جَمِيعِ الأوْقاتِ، ومُخْتَلَفِ العَلاقاتِ.
وأوضح فضيلته أنَّ الأُلْفَة الحَقَّة هِي القاعِدَة الكُبْرَى والأساس المَتِينُ الَّذِي يقُومُ عَليْه بُنيانُ السَّعادَة فِي حَياة النَّاسُ فتكون بينَ الرَّاعِي والرَّعِيَّةِ، قال صلى الله عليه وسلم: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ ‌تُحِبُّونَهُمْ ‌وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ» أخرجه مُسْلِمٌ في صَحِيحِه مِن حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ. وبَيْنَ الزَّوْجِ وزَوْجَتِهِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «‌لَا ‌يفرُكُ ‌مؤمنٌ ‌مُؤمنَةً، إِن كَرِه مِنْهَا خُلُقًا رَضِي مِنْهَا آخَرَ» أخرجَه مسلِمٌ. وبَيْنَ الجارِ وجَارِهِ، ففِي الصَّحِيحَيْنِ مِن حَدِيثِ السيدة عائِشَة وابنِ عُمَرَ قَالَا: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّه سَيُوَرِّثُهُ».
وتكون الألفة أيضًا بين الرَّجُلِ ومَن تحتَه مِن الخَدَمِ، ففِي الصَّحِيحَيْنِ مِن حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ لهُ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهليَّةٌ، هُمْ إِخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمُ الله تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، ‌فَإِنْ ‌كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ». وبَيْنَ الأَجِيرِ وصاحِبِ العَمَلِ، قال صلى الله عليه وسلم: «أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَه ‌قَبْلَ ‌أَنْ ‌يَجِفَّ ‌عَرَقُهُ» أخرَجَه ابنِ ماجَة في السُّنَنِ مِن حَدِيثِ عبْدِاللَّه بْنِ عُمَرَ.
وأكد الدكتور بليلة أن الأُلْفَة مَجْلَبَة للتَّعاوُنِ علَى البِرِّ والتَّقْوَى، وعلَى التَّعاضُدِ عِنْدَ حُصُولِ اللَّأْوَا، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إذا اشْتَكَى عُضْو تَدَاعَى لَه سَائِرُ جَسَدِه ‌بِالسَّهَرِ ‌وَالْحُمَّى» مُتَّفَقٌ عَليْهِ.
ولِمكَانِتَها وعَظيمِ أَثَرِهَا رَغَّبَ المَوْلَى جَلَّ وعَلا فِيهَا، وجعَلَها مَقْصِدًا مِن مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ، حَتَّى معَ غيْرِ المُسْلِمِينَ، فَشَرَعَ تَأْلِيفَ قُلُوبِهِمْ، بأَنْ جَعَلَهُمْ أحد أصْنَافِ الزَّكَاة الثَّمانِيَةِ، تُسَلُّ بِها سَخِيمَة قُلُوبِهِمِ، وتُنزَعُ بها ضَغِينَة أفْئِدَتِهِمْ.
والأُلْفَة ضَرْبٌ مِن ضُرُوبِ الرَّحْمَةِ، وصِنْفٌ مِنْ أَصْنَافِ المَوَدَّةِ، بَلْ هِي أَثَرٌ مِن آثارِهَا، ففِي المُسْنَدِ والسُّنَنِ مِن حَدِيثِ عبدِالله بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحمَنُ، اِرْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّماءِ».
وبين فضيلته أنَّ الأُلْفَة مِن شِيَمِ الكُمَّلِ مِن النَّاسِ، الَّذِينَ يَترَفَّعُونَ عَنِ التُّرَهَّاتِ، ويُنَزِّهُونَ أَنْفُسَهُمْ عَن السَّفاهاتِ، ويَحْمِلُونَ أَرْواحَهُمْ عَلى الكَمالَاتِ، فَتَجِدُهُمْ دائمًا فِي أرْقَى المقَاماتِ، تَصْدُرُ عَنْهُمْ أزْكَى المقالاتِ في أَحْلَكِ الحالات، فبالأُلْفَة والمَحَبَّة يَنْتَشِرُ الأمن، ويَحِلُّ السَّلامُ، ويَعِيشُ النَّاسُ فِي سعادَة واطمِئْنانٍ، ومَتَى غَابَ هذَا المعْنَى عَن حَياة النَّاسِ تَكَدَّرُ العَيشُ، وكَثُرَتِ الوَساوِسُ، وسادَ سُوءُ الظَّنِّ، وانْتَشَرَتِ القَطِيعَةُ، وصارَتْ سَفِينَة الحيَاة تَتَمَلْمَلُ بَينَ أَمْواجِ البَلاءِ وأَعاصِيرِ الابْتِلاءِ، قالَ صلى الله عليه وسلم: «دَبَّ إِلَيْكُمْ ‌دَاءُ ‌الْأمم قَبْلَكُمْ: الْحَسَدُ، وَالْبَغْضَاءُ. وَالْبَغْضَاءُ: هِي الْحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِه لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّة حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَلِكَ لَكُمْ، أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ» أَخرَجَه أحمد في مُسنَدِه والتِّرْمِذِي في جامِعِه مِن حَدِيثِ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رضي الله عنه.
فَلَا تَسَلْ عَمَّنْ حُرِمَ هَذِه النِّعْمَة العَظِيمَة والِمنَّة الجَلِيلَةِ، كَيْفَ يَعِيشُ فِي هَذِه الحَياةِ؟! تَرَاه يَتَقَلَّبُ بَيْنَ أَصْنافِ الهُمُومِ وَالبَلايَا، وَالفِتَنِ والرَّزَايَا، غِلٌّ وَحِقْدٌ، غِشٌّ وحَسَدٌ نَسْأَلُ الله السَّلامَة والعَافِيَة. هِي قِطْعَة مِنْ عَذَابٍ، تَعَجلَها صَاحِبُها لِنَفْسِه فِي الدُّنيَا، قبلَ يَومِ الأَشْهَادِ.
* وفي المدينة المنورة أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالبارئ الثبيتي المسلمين بتقوى الله تعالى، فهي الزاد يوم لا ينفع مال ولا بنون.
وبين إمام وخطيب المسجد النبوي أن قول الله تعالى ((إِنَّ اللَّه بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)) يحمل في طياته معاني عميقة، ولها الأثر البليغ في النفس والحياة. مضيفًا بأن الناس حين تقرؤها تغمر قلوبهم السكينة إذ يوقنون بأن المدبر هو الله.
وبين أن هذا هو حال موسى حين تبعه فرعون ((إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ))، وحال نبينا صلى الله عليه وسلم حين خرج من مكة مهاجرًا “ما ظنك باثنين الله ثالثهما”.
وأوضح فضيلته أن هذه الآية تغرس في قلب المؤمن الرضا والتسليم بأن رزقه مضمون، كما تثبت أن الله لا تخفى عليه حال العبد مما يورث في النفس الطمأنينة، وفي القلب السعادة.
كما بين إمام وخطيب المسجد النبوي أن هذه الآية تصنع العجائب من زرع الحياء في قلب المؤمن من الله؛ فلا يراه حيث نهاه، ولا تسير به أقدامه إلى ما لا يرضي الله.
وأضاف إمام وخطيب المسجد النبوي بأن قول الله تعالى {إِنَّ اللَّه بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} يشكل قاعدة راسخة، تدعم تنمية المجتمع وبناء الوطن ورفعة الأمة، وتحسن العمل، وترتقي بحياة الفرد.. مشيرًا إلى أنه متى ما استشعر المسلم أن الله تعالى يراه في كل أحواله كان أسرع ملجأ يلجأ إليه.
وتابع إمام وخطيب المسجد النبوي بأنه متى ما استقر في القلب معنى {إِنَّ اللَّه بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}، وقوله تعالى {يَعْلَمُ خَائِنَة الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}، فإن سلوك المجتمع سيرتقي وتتهذب أخلاقه، وتصبح مراقبة الله هي المعيار الأعلى في العامل، وأداء حقوق الآخرين، وتجنب الظلم.

مقالات مشابهة

  • وزيرة البيئة: نشجع النماذج الملهمة للقطاع الخاص في تحقيق الاستدامة البيئية
  • وزيرة البيئة: نشجع النماذج الملهمة للقطاع الخاص في تحقيق الاستدامة والاستثمار البيئي
  • البيئة: نشجع النماذج الملهمة للقطاع الخاص في تحقيق الاستدامة والاستثمار البيئي والمناخي
  • القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا ضربات ضد 15 هدفا في المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي الإرهابية في اليمن
  • وزيرة البيئة تبحث دعم التنمية السياحية البيئية بالبحر الأحمر وجنوب سيناء
  • خطبتا الجمعة بالحرمين: الألفة الصادقة تقوم على حسن الظن وطيب المعشر.. وارتقاء سلوك المجتمع باستشعار مراقبة الله
  • «نفط الكويت»: إزالة تعديات قرب المنشآت النفطية
  • كريدية: من الصعب الوصول الى المناطق التي تحصل فيها المعارك لإصلاح الأعطال
  • “البيئة” تؤكّد أهمية التوسّع في الزراعة العضوية بدون تربة للتغلب على التحديات البيئية ورفع كفاءة الإنتاج الزراعي
  • نداء ثلاثي وطني يدعو الشركاء في الوطن إلى سلوك درب الوفاق والتلاقي