ذا فلاش هل يصبح رصاصة الرحمة في عالم دي سي المتهاوي؟
تاريخ النشر: 11th, July 2023 GMT
جرت العديد من التغييرات على إدارة "دي سي أستوديو" وعالم "دي سي" السينمائي مؤخرًا، وذلك بمجيء جيمس غن وإزاحة الكثير من الممثلين القدامى في السلسلة، مثل: بن أفليك الذي قدم دور باتمان، وهنري كافيل في دور سوبرمان، ووقف إنتاج فيلم "واندر ومن 3" (Wonder Woman 3)، لكن بقيت عدة مشاريع تم إنتاجها تحت ظلال النظام القديم، وتوجّب عرضها في محاولة لجمع بعض الإيرادات التي تغطي تكاليفها على الأقل.
من هذه الأفلام التي تمثل مرحلة يُفترض أنها مضت في تاريخ عالم "دي سي الممتد" (DC Extended Universe)، فيلم "ذا فلاش" (The Flash) الذي أخرجه آندي موسكيتي وكان من بطولة إزرا ميلر، وظهر فيه كل من بن أفليك ومايكل كيتون لتقديم دور باتمان لمرة أخيرة.
كفى عوالم موازيةتعرّف مشاهدو أفلام دي سي على شخصية ذا فلاش في عدة أفلام سابقة، فهو أحد أعضاء "رابطة العدالة" التي يرأسها باتمان، ذو طفولة حزينة، وقد قُتلت والدته، واتُّهِم والده بقتله فبقي بالسجن في انتظار المحاكمة سنوات طويلة، بينما اكتسب الابن قدراته الخاصة بسبب صاعقة ضربته في أحد المعامل الكيميائية، فأصبح قادرًا على الجري بسرعة هائلة تؤثر على حركة الزمن.
يبدأ الفيلم قبل أيام من جلسة المحاكمة الأخيرة للأب، ويعاني باري آلن (ذا فلاش) في البحث عن دليل يؤكد غياب والده عن مسرح الجريمة عند تعرّض أمه للقتل، وفي إحدى نوبات إحباطه يكتشف قدرته على العودة للماضي، وبالرغم من تحذيرات صديقه بروس واين (باتمان) من أن هذا الأمر سيؤدي إلى العديد من النتائج السلبية، فإنه يمضي قدمًا في خطته ويعود لإنقاذ والدته من الموت.
قصص محاولات العودة للماضي لإصلاحه وعواقبها الوخيمة أصبحت من القوالب المتكررة في الأفلام السينمائية، وخرجت من دائرة التكرار إلى "الكليشيه". منذ البداية يعرف المشاهد أن ذا فلاش يعود للماضي، وينقذ والدته، ثم سيعاني من نتائج هذه الفعلة المتهورة، وما يقدم أي قيمة مضافة إلى هذه القصة القديمة هو مغامرة البطل لإصلاح ما جنته يداه.
ألا تُذَكّر هذه الحبكة بفيلم عُرِض مؤخرًا؟ فيلم أبطال خارقين آخر؟ بالطبع، فيلم "الرجل العنكبوت: لا عودة للوطن" (Spider-Man: No Way Home)، إذ لدينا في كلتا الحالتين بطل شاب، يرتدي ملابس أبطال خارقين حمراء، يقرر استغلال قدراته لتحسين حياته الجارية، والنتيجة كارثة كونية تؤثر على العوالم الموازية، وهو المفهوم الذي قتله أفلام الأبطال الخارقين تناولا فأصبح منطقيًا ومفهومًا حتى لأطفال المدارس.
في فيلم "سبايدرمان"، العبث بالعوالم الموازية يجلب إلى عالم البطل النسخ السينمائية الأخرى من سبايدرمان والوحوش التي قتلوها، الأمر الذي كان مبهرًا للكثير للمشاهدين مع موجة الحنين للماضي وهؤلاء الممثلين القدامى. وفي فيلم ذا فلاش، يتم استدعاء واحد من أشهر نسخ باتمان السينمائية التي قدمها الممثل مايكل كيتون في نهاية الثمانينيات مع المخرج المبدع تيم بروتون.
لكنّ تأثير ظهور كيتون لم يكن بالدرجة المنتظرة، وذلك يرجع بشكل أساسي إلى ضعف السيناريو الذي جرد الشخصية من كل سحرها القديم، وحولها إلى رجل عجوز يساعد البطل في خطته لإنقاذ العالم.
أين المؤثرات البصرية؟وباستدعاء أفلام باتمان التي أخرجها تيم بورتون، يظهر سؤال كبير: كيف قدم هذا المخرج أفلاما متفوقة من الناحية البصرية بإمكانيات نهاية الثمانينيات، بينما لم يستطع فيلم ذا فلاش تقديم نظير لها في 2023؟
المؤثرات البصرية كانت وراء نجاح هذه الموجة الجديدة من أفلام الأبطال الخارقين المستمرة منذ سنوات، فمع تطورها أتيح لصناع الأفلام تصوير أكثر المشاهد خيالية -مثل الحروب الفضائية أو فناء نصف الكوكب- بشكل مقنع بما فيه الكفاية، بل سهل -وهو الأهم- مقارنة بما كان على صناع الأفلام القدامى القيام به ممن استعانوا بوسائل بدائية لإبهار الجمهور.
لكن هنا في فيلم ذا فلاش، وخاصة مشاهد القتال النهائية، نجدها متراجعة تمامًا، وحركة الشخصيات -خاصة سوبر غيرل- غير سلسة كما لو أننا دلفنا إلى أحد ألعاب الفيديو الرديئة. وعلى العكس من ذلك، جاء أداء إيزرا ميلر جيدًا في بعض المواضع، خاصة في التضاد.
وما يوضح عمق الفوضى في عالم دي سي، أن المشهد الختامي في "ذا فلاش" تم تصويره عدة مرات، في كل مرة بخاتمة مختلفة تمامًا، بظهور نجوم من أفلام أخرى. لكن مع التغييرات المتكررة في الإدارة، وخروج ممثلين ودخول آخرين، تم الاستقرار على مشهد ظن الأستوديو أنه مفاجأة مدوية لكنها لم تحقق النجاح، لتنضم إلى سلسلة الإحباطات المتتالية من هذا الفيلم.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الأوسكار 2025: تنافس مثير على جائزة أفضل فيلم دولي وغياب الأفلام العربية
لم يتبق سوى ساعات قليلة على حفل توزيع جوائز الأوسكار 2025، الذي يقام فجر غد الاثنين، للاحتفاء بأهم أفلام عام 2024. وبينما تتصدر فئات الجوائز المختلفة أفلام ناطقة بالإنجليزية على الأغلب، نجد جائزة منفردة للأفلام بلغات أجنبية، والتي تم تغيير اسمها مؤخرا إلى جائزة أوسكار أفضل فيلم دولي.
ويتنافس على جائزة أفضل فيلم دولي هذا العام 5 أعمال من لاتفيا والدانمارك وفرنسا وألمانيا والبرازيل، لكل منها مذاق مختلف، وأحدها فيلم رسوم متحركة أيضا. وقد لا تمثل هذه الفئة من الأوسكار أفضل أفلام غير الناطقة بالإنجليزية في العام بدقة، لكنها مقياس لأهم الأفلام الدولية التي لاقت اهتماما من الجمهور والكثير من المهرجانات الدولية على حد سواء.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2منصة الأوسكار تتهاوى.. هل انتهى عصر جائزة السينما الأشهر؟list 2 of 2صراخ ودماء وتلاعب بالعقول.. أدوات تخويف الجمهور في أفلام الرعبend of listويُلاحظ في أفلام هذا العام غياب التمثيل العربي، رغم وصول الفيلم الفلسطيني "من المسافة صفر" إلى القائمة القصيرة، والذي يقدم قصصا صوّرها مخرجون فلسطينيون بعد طوفان الأقصى.
"إيميليا بيريز" (Emilia Pérez)- فرنسايعد فيلم "إيميليا بيريز" (Emilia Pérez) من أوفر الأفلام حظا في نيل جائزة الأوسكار، وقد عُرض سابقا في مهرجان كان السينمائي، حيث فاز بجائزة لجنة التحكيم، وكذلك بجائزة أفضل ممثلة لكارلا صوفيا غاسكون.
إعلانوتدور أحداث الفيلم حول التعاون بين المحامية ريتا مورا كاسترو (زوي سالاندانا) وإيميليا بيريز (كارلا صوفيا غاسكون)، بعد ما تودع الأخيرة حياة العصابات وتحاول بدء حياة جديدة لنفسها وأسرتها، وتعمل في المجتمع المدني كصاحبة مؤسسة معنية بالبحث عن المختفين قسريا في المكسيك. بيد أنها لا تستطيع في النهاية الهرب من ماضيها الدموي والعنيف.
فيلم "إيميليا بيريز" يجمع بين النوعين السينمائيين: العصابات والموسيقى، مما يميزه عن كثير من الأفلام المتنافسة في الأوسكار هذا العام. وهو ناطق بالإسبانية وتدور أحداثه في المكسيك، بينما تشارك فيه الممثلة والمغنية سيلينا غوميز، التي أثارت ضجة مؤخرا في الولايات المتحدة بسبب تعاطفها مع المهاجرين المكسيكيين، وغضبها من سياسات ترامب المضادة للمهاجرين. مما قد يرجح كفته في الفوز بالعديد من الجوائز، نظرا لامتعاض كثير من مشاهير هوليود بالمثل من الرئيس.
"تدفق" (Flow)- لاتفيا"تدفق" (Flow) هو فيلم رسوم متحركة ومغامرات، ويدور حول مجموعة من الحيوانات، بقيادة قطة، تحاول النجاة بعدما أغرقت موجة أمطار الكرة الأرضية فيما يشبه الطوفان، حيث اختفى البشر، وارتفعت معدلات المياه إلى درجة أجبرت الحيوانات على تعلم الملاحة، حتى تستطيع البقاء على قيد الحياة.
عُرض الفيلم لأول مرة في مهرجان كان السينمائي بقسم "نظرة ما"، وفاز بالعديد من الجوائز، خصوصا من مهرجانات الرسوم المتحركة. وهو أول فيلم من لاتفيا يفوز بجائزة غولدن غلوب، وأيضا أول فيلم من لاتفيا يترشح لأي جائزة أوسكار، وهو يتنافس كذلك على جائزة أوسكار أفضل فيلم رسوم متحركة.
"تدفق" فيلم صامت، فلم يعطِ صناعه لحيواناتهم أصواتا أو كلمات مثل كثير من أفلام الرسوم المتحركة الأخرى، لكن أهم ما يميزه هو الفلسفة التي تحرك شخصياته، وهي فلسفة النجاة التي تجعل كائنات من أجناس مختلفة تتآزر سويا، وتتعلم التدفق خلال الكون الواسع حتى تصل حرفيا إلى شاطئ النجاة.
"الفتاة ذات الإبرة" (The Girl with the Needle)- الدانماركعُرض فيلم "الفتاة ذات الإبرة" (The Girl with the Needle) لأول مرة خلال فعاليات مهرجان كان السينمائي في المسابقة الرسمية، وقد ترشح لجائزة أفضل فيلم دولي في كل من الأوسكار والغولدن غلوب، وإن لم يفز بالأخيرة.
إعلانتدور أحداث الفيلم في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الأولى، حيث نتعرف على كارولين التي تعيش على الكفاف بعد توقف زوجها عن مراسلاتها خلال وجوده على الجبهة، فتظن أنه توفي، وتبدأ في التعامل كأرملة، وتطالب رب عملها بمعاش الأرامل، لكنه يرفض لعدم ثبوت وفاة زوجها، ويبدأ في استغلالها، الأمر الذي يدخلها في مزيد من التعقيدات التي تضطرها لاتخاذ قرارات مصيرية تغير حياتها للأبد.
تم تصوير الفيلم باللونين الأبيض والأسود فقط، الذي يساهم في توضيح مأسوية حياة البطلة التي تمثل كثيرا من النساء اللواتي يصبحن ضحايا لقرارات لا يتخذنها، مثل الحرب، أو قوانين العمل غير العادلة التي تفرق بينهن وبين زملائهن في الأجور، والطبقية التي تحكم المجتمع.
"أنا ما زلت هنا" (I’m Still Here)- البرازيليتوقع أن يكون فيلم "أنا ما زلت هنا" (I’m Still Here) الحصان الأسود لهذا العام، رغم أنه مُغرق في المحلية، إذ يتناول قصة قاسية من التاريخ البرازيلي، لكنه استطاع الخروج من الإطار الضيق لبلده ليصبح أحد أهم أفلام 2024. وقد فاز بجائزة السيناريو من مهرجان فينيسيا السينمائي، وحصلت بطلة الفيلم على غولدن غلوب لأفضل ممثلة في دور رئيسي. بالإضافة إلى ترشحه لأوسكار أفضل فيلم دولي، هو كذلك مُرشح لجائزة أفضل ممثلة في دور رئيسي، وأفضل فيلم بشكل عام، ليصبح أول فيلم برازيلي يحصل على هذا التكريم.
"أنا ما زلت هنا" مقتبس عن القصة الحقيقية لعائلة السياسي البرازيلي "روبينز بافيا"، الذي اعتزل السياسة وسعى لعيش حياة هادئة وهانئة مع عائلته الكبيرة، بيد أنه بين ليلة وضحاها يصبح من ضحايا النظام الدكتاتوري البرازيلي في السبعينيات، حيث يتم إلقاء القبض عليه، ثم يختفي تماما وتُنكر السلطات أي معرفة بمكانه. ويصبح على زوجته أو أرملته الكفاح لإعالة عائلتها، وفي الوقت ذاته الاستمرار في مطالبة الحكومة بالإعلان عن مكان زوجها، أو تسليمها جثته، لتتحول إلى ناشطة سياسية وواحدة من أهم رموز المعارضة البرازيلية.
"بذرة التين المقدسة" (The Seed of the Sacred Fig)- ألمانيا"بذرة التين المقدسة" (The Seed of the Sacred Fig) أحدث أفلام المخرج الإيراني محمد رسولوف، الذي حُكم عليه قبل عرض الفيلم مباشرة في مهرجان كان السينمائي بـ8 سنوات من السجن، لكنه استطاع الهروب قبل تنفيذ الحكم ليحضر السجادة الحمراء للعرض الأول لفيلمه، والذي فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة.
إعلانيمزج الفيلم بين الواقع والخيال، فنجد لقطات وثائقية من الاحتجاجات الإيرانية في 2022-2023، ممتزجة بالقصة الخيالية لقاضي تحقيق في المحكمة الثورية في طهران، يفقد بشكل مفاجئ مسدسه، ويشتبه في ابنتيه. وحتى يجبرهما على الاعتراف بهذه الجريمة، التي لا تهدد وظيفته فقط، بل سلطته الأبوية واحترامه لنفسه، يختطف عائلته إلى مكان نائي، ويقرر وضعهم تحت الضغط كأي متهم أو متهمة في قضية جنائية، لكن الأحداث تتسارع في اتجاهات غير متوقعة.
يحاول الفيلم تفكيك الأسباب وراء الاحتجاجات، من خلال وضع هذه الأسرة الصغيرة كمثال على المجتمع الحديث، لتمثل ديناميكيات العلاقات الملتبسة بين الأب وزوجته وابنتيه مرآة لتلك العلاقات بين السلطة وأفراد المجتمع. فعندما تمتثل الأسرة للأب، يظهر كشخص مثالي حنون، لكن ما إن يظهر أحد أفرادها بادرة تمرد، يتحول إلى وحش قادر على إيذاء الجميع.
وتركز أغلب الأفلام المرشحة لجائزة أفضل فيلم دولي هذا العام على قضايا نسائية، من صديقتين في "إيميليا بيريز" تحاولان تغيير المجتمع ومحاربة الاختفاءات القسرية، إلى "الفتاة ذات الإبرة" التي تضطر فيها البطلة للقيام بأبشع الأفعال نتيجة لكونها مستضعفة في مجتمعها، والناشطة السياسية التي تدافع عن حق زوجها في شهادة وفاة في "ما زلت هنا"، وحتى احتجاجات المرأة الإيرانية ضد السلطة في "بذرة التين المقدسة".
بيد أن أقرب هذه الأفلام للفوز بالجائزة هو "ما زلت هنا"، الذي لا يقدم فقط قصة واقعية قاسية، لا تزال تتكرر في العديد من البلدان حول العالم رغم تغير الزمن، لكن أيضا أحد أفضل الأداءات التمثيلية في العام.