(عدن الغد)خاص:

تحدث السفير اليمني لدى المملكة المتحدة ياسين سعيد نعمان على حلول الذكرى الـ 56 لعيد الاستقلال الوطني 30 من نوفمبر.

وقال نعمان في مقال له تحت عنوان "نوفمبر منجز تاريخي ومسار وطني"إن استقلال الجنوب وتوحيده في دولة واحدة في ٣٠ نوفمبر عام ١٩٦٧ كان منجزاً تاريخياً ومساراً وطنياً عظيماً ، لا يمكن أن تطاله كل محاولات التشويه أو التقليل من قيمته".

 

وأضاف:"تقول وقائع الحياة، ومنطقها الذي سارت عليه ، أن الجنوب بعد توحيده كان رافعة سياسية أخذت تتشكل معها جغرافية وطن أكبر إسمه اليمن". 

وتابع:"ثم أخذت المسارات السياسية للقوى الوطنية التي تصدت لتحقيق هذا المنجز تدونه كجزء من تاريخ اليمن الحديث . ومع ما شكلته مخرجات هذه المسارات من نتائج فقد أكدت أن للتاريخ حتميات لا يمكن تفكيكها إلا بالسياسة والمنطق . ذلك أن للتاريخ منطق لا يمكن التعاطي معه إلا بمنطق يحاكي مكره وحتمياته". 

وأردف قائلًا:"هكذا تقول المادية التاريخية التي علمت الإنسان أن الاختلاف والصراع والاتفاق محورها دايماً المصالح التي تقرر حاضر ومستقبل الإنسان ، وكل ما يتعلق باشباع حاجاته المادية والروحية". 

وواصل:"في ضوء هذه الحقيقة، دار التاريخ السياسي لليمن دورته حاملاً معه نوفمبر كمنجز ومسار في كل الأحيان ، وكمنبه  لما قد تشكله حتميات التاريخ من مخاطر في بعض الأحيان . ومن بين تلك الأحيان هي ما نمر به هذه الأيام من محاولات لكسر هذه الرافعة الوطنية باستهداف وحدة الجنوب ، ومعها المشروع الوطني منطلقين من النقطة التي تحولت معها إحدى محطاته الهامة (عام ١٩٩٠ ) الى محطة هشة ، معاكسة لمنطق المادية التاريخية بعد حرب ١٩٩٤ ، تجمعت فيها وعلى هامشها مكونات السياسة الانتقامية والمغامرة ، لتضع مساراً للبلاد متصادم مع التاريخ في صورته التي تجسد المصالح المادية والروحية للإنسان ، لتجد نفسها تعمل خارج ما تعلنه من "مشاريع وطنية".

وأوضح أن "في مقدمة هذه المشاريع يأتي استهداف وحدة الجنوب بسياسات كل هدفها تفريغ الجنوب من دينامياته التي طالما تحركت معها البلاد نحو غايات أكبر وأوسع من الرقع الجغرافية المجزأة والمتصادمة".

وأكد أن "حضرموت خاصرة هذه الرافعة !! وتقول القوانين الموضوعية ، التي تنتظم في إطارها آليات عمل المادية التاريخية ، أن كل عمل يتعاكس مع هذه القوانين لن يكون سوى فعل مجرد من المنطق ، مشحون بانفعالات لا يمكن لها أن تتخطى حدود ما تعتقد أنه ضربة لخصم ما ، وما بعده لا يعنيها في شيء".

واختتم بالقول:"نوفمبر ليس حالة وجدانية ؛ هو مسار وطني ومنجز تاريخي ، وكل المكونات الجيوسياسية  التي شكلت قاطرته منذ اليوم الأول عام ١٩٦٧ ، وعلى رأسها حضرموت ، ستظل على صلة وترابط به كمنجز وكمسار معاً سيبقى رافعة لتجاوز كل ما لحق بالمشروع الوطني من اخفاقات ، وبه ومعه ستهزم كل محاولات تفكيكه".


 

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: لا یمکن

إقرأ أيضاً:

عندما نُقدّس الروبوتات ونجعل منها أبطالًا خارقة

 

 

مؤيد الزعبي

 

هل تخيلتَ يومًا أن نُكرّم روبوتًا كما نُكرم الأبطال؟ أو أن نبكي على فقدان آلة كما نبكي صديقًا؟ قد يبدو هذا ضربًا من الخيال، لكنه خيال يوشك أن يتحول إلى واقع، فنحن البشر نمنح الحياة للجمادات حين تمنحنا شعورًا بالأُنس أو الأمان؛ تخيّل أن يبكي شخصٌ على فقدان كلبه الروبوتي الذي تعطّل بعد سنوات من الخدمة، أو أن تُكرّم مدينةٌ روبوتًا مقاتلًا شارك في معركة دفاعًا عن الوطن، أو أن نرفع القبعة لروبوتٍ فقد ذراعَه بعدما تسلّق برجًا سكنيًا لإطفاء حريقٍ اندلع في إحدى الشقق، أو أن نصنع تمثالًا لروبوتٍ أدّى أدوارًا تمثيليةً فأصبح نجمًا مشهورًا له مَن يتابعه ويُحب فنه، قد تردّ بأن هذا ضربٌ من الخيال، ولكن ما الذي يجعلك تُصدّق أن هذا لن يحدث في المستقبل؟ فكل المؤشرات تُشير إلى أن ذلك سيحدث في السنوات القادمة؛ نحن بشر وتفاعلنا مع مثل هذه الأحداث أمرٌ وارد.

قد أتفهَّم مسألة ارتباطنا نحن البشر بالجمادات التي نبني معها علاقةً خاصّة، كتعلّق شخصٍ بسيارته وحزنه حين يقرر استبدالها، أو إبقائها في كراجٍ لسنواتٍ فقط لأنه لا يستطيع التخلّي عنها، أو تعلّق شخصٍ بأغراضه اليومية مثل كوبٍ أو قلمٍ أو حتى قطعة ملابس، لذا أجد من السهل أن نتعلّق في المستقبل بروبوتاتٍ تُحادثنا ونُحادثها، سنشكو لها همًّا فتُصغي إلينا، سنقرر القيام بأي شيءٍ فستكون رفيقتنا، خصوصًا مع انتشار الروبوتات المساعِدة في السنوات المقبلة فسيوجد مَن يرتبط ارتباطًا وثيقًا بهذه الروبوتات لدرجة أن يُقدّس وجودها في حياته.

في الحقيقة، لا أنكر مثل هذه المشاعر، بقدر ما أستنكر وبشدة أن نتعامل مع الروبوتات على أنها تمتلك قيمًا أخلاقيةً أو إنسانيةً، فنبدأ بالتعامل معها على هذا الأساس مثل أن ننسب إليها الشجاعة لأنها أنقذت إنسانًا، بينما هي صُمّمت أساسًا لهذا الغرض، أو أن نرى أنها "صانت العشرة" لمجرّد أنها أمضت سنواتٍ تخدمنا في المنزل أو تعتني بكبارنا أو صغارنا. أو أن نعتبرها بطلًا خارقًا يحارب من أجل سلامتنا، بينما نحن مَن استبدلنا الجنود البشريين بآخرين روبوتيين، فلا يمكن أن ننسب النبل أو الشجاعة لروبوتٍ صُنع لأداء مهامٍ محددة، و"موته" لا يجب أن يكون حدثًا مقدسًا بالنسبة لنا.

ربما يقول قائل: وما الذي يدفعك، عزيزي الكاتب، إلى الوصول بمخيلتك إلى مثل هذه الأمور؟ فأقول: لأن تاريخنا البشري خير شاهدٍ على كلامي، فبالعودة إلى طبيعتنا، فقد قدّسنا حيواناتٍ بعينها أو سلالاتٍ منها، وقدّسنا أعشابًا ونباتاتٍ وزهورًا ورفعناها فوق الرؤوس وقبّلناها في المناسبات، بل وحتى تحدّثنا إلى الحجر ودعوناه أن يحلّ مشكلاتنا! فلا تتعجّب، عزيزي القارئ، إذا وجدتنا يومًا نُقدّس روبوتًا صنعناه لخدمتنا، ثمّ نرى فيه بطلًا خارقًا أنقذ حياتنا، أو أن حياتنا أصبحت ناقصةً من دونه.

رغم تحذيري من هذا التوجّه، أعلم أننا كبشر كائناتٌ عاطفيةٌ نرتبط بالأشياء رغمًا عنّا، فكيف الحال مع روبوتاتٍ ذكيةٍ ستزداد ذكاءً يومًا بعد يوم؟ كيف مع برمجياتٍ ستجعلنا نحبّها؟ كيف مع آلاتٍ ستكون رفيقنا الدائم؟ ولكن ما أحذّر منه حقًا ليس تعاطفنا بل الخوف من استغلال هذا التعاطف لجعلنا مدينين لهذه الآلات بحياتنا وأموالنا، فإمّا أن تكون هذه الآلات واعيةً لدرجةٍ تسلبنا فيها كل شيء، أو أن تكون هناك شركاتٌ خلفها تستغلّ مشاعرنا لتحقيق مكاسب مادية أو معنوية أو تحاول السيطرة علينا وعلى قراراتنا.

خلاصة القول، عزيزي القارئ، إن تعاملنا مع الروبوتات في المستقبل سيكون معقّدًا ومتشابكًا، وكل ما في مخيلتنا اليوم هو جزءٌ بسيطٌ مما سنواجهه؛ لذا لا تستغرب طرحِي، بل استوعب ما نحن مقبلون عليه، وإن كان بالإمكان الاستعداد له أو حتى تدريب أنفسنا وأجيالنا القادمة على مثل هذه السيناريوهات، فلماذا لا؟ بل يجب أن نتعامل مع علاقتنا المستقبلية بالروبوتات كما لو أنها مصيرٌ حتميٌّ علينا الاستعداد له.

وقبل أن أختم هذا الطرح، يُراودني تساؤلٌ يصعب الإجابة عنه: ماذا لو أصبحت هذه الآلات تمثّل لنا أشخاصًا كانوا أحياءً يومًا ما؟ كأن تتجسّد الروبوتات بشخصية فردٍ عزيزٍ فقدناه، فكيف سنتعامل معها؟ وماذا لو أُعيد إحياء شخصياتٍ تاريخيةٍ كان لها تأثيرها وحضورها عبر التاريخ، وهذا التساؤل هو ما سوف اتناقش فيه معك في مقالي المقبل.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • آخر خبر.. هذا ما قررته فرنسا بشأن لبنان
  • بلبلة بسبب تصريح لعون.. وهكذا فسرته مصادر بعبدا
  • قمة الثالثة عصرا.. ماذا قالت صحف جنوب إفريقيا عن مواجهة الأهلي وصن داونز بدوري الأبطال؟
  • ماذا كشفت حماس لـلبنان24 عن صواريخ الجنوب؟
  • عندما نُقدّس الروبوتات ونجعل منها أبطالًا خارقة
  • أسوشيتد برس: سكان الجنوب ينتظرون تعويضات حزب الله التي لا تأتي
  • تماثيل معطوبة القصيدة التي تستنطق وجعُ الوطنٍ في رحلة لعذابات الجنوب… لناظم كاطع الساعدي
  • ذكرى ميلاد أمينة رزق.. “راهبة الفن” التي كتبت تاريخ الأمومة على المسرح والسينما (بروفايل)
  • ماذا يحدث في الأردن؟ ومن هي الجماعة التي تلقت تدريبات في لبنان؟
  • زوكربيرغ في قفص الاتهام: ماذا حدث في محاكمة ميتا التاريخية؟