تقرير.. كيف استغل الكرملين الانقسامات السياسية في كييف؟
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
عندما بدأت روسيا هجومها على أوكرانيا في فبراير(شباط) 2022، دخلت السياسة التنافسية في كييف حالة سبات، إلا أنها عادت مع انخفاض التهديد الوجودي لأوكرانيا في وقت لاحق من ذلك العام، وهو ما تستغله موسكو بشكل فعال كما تقول مجلة "إيكونومست".
ونقلت المجلة البريطانية عن النائب الأوكراني المعارض ياروسلاف زيليجنياك، إنه لا يزال هناك "اتفاق واسع" بشأن المسائل الأساسية للأمن القومي للبلاد"، لكن نائباً بارزاً في حزب الرئيس نفسه يقول إن التدافع جعل أوكرانيا بالفعل "بلد غير مستقر"، مؤكداً أن "الأخطاء ترتكب من جميع الجهات، والمحاولات الرئاسية لمركزية صنع القرار وإيقاف المعارضة لها تأثير معاكس".
وبحسب التقرير، فقد ظهرت التصدعات في أوكرانيا ليس على أسس سياسية فحسب، بل على نحو أكثر إثارة للقلق، بين القيادتين العسكرية والسياسية، وهو ما يظهر جلياً في العلاقة بين الرئيس فولوديمير زيلينسكي والقائد العام العسكري الجنرال فاليري زالوجني التي كما يبدو "ليست على ما يرام".
وتم الإبلاغ عن الاختلافات في الرأي لأول مرة في صيف العام الماضي. وقد أدت مقابلة صريحة أجرتها "إيكونوميست" حديثاً مع الجنرال، والتي أعلن فيها أن الحرب في أوكرانيا قد وصلت إلى طريق مسدود، إلى فتح هذا الصراع، إذ وبخ زيلينسكي علنا جنراله، وفي مقابلة لاحقة بدا أنه يحذر زالوجني من الخروج عن الشؤون العسكرية.
من المسؤول عن الفشل؟ويشير مصدر حكومي كبير إلى أن الصراع المفتوح في القيادة كان "نتيجة متوقعة لعملية هجومية مضادة متوقفة لم يتم التخطيط لها بشكل فعال".
ويقول المسؤول إنه "ربما كان من غير الحكمة أن يتناقض زالوجني مع المواقف العامة الأكثر تفاؤلا لرئيسه، لكن قلة من داخل الحكومة يمكن أن يتجادل مع استنتاجاته الرصينة. لعبة اللوم جارية الآن حول من هو المسؤول عن الفشل. السياسيون يقولون جنرالاتهم هم الحمقى. والجنرالات يقولون إن السياسيين هم الحمقى".
وتقول المجلة إن ثمة عامل آخر في الأزمة وهو التحقيق الجنائي المبلغ عنه في الدفاع عن جنوب أوكرانيا. إذ كانت هذه هي المنطقة الوحيدة التي تمكنت فيها القوات الروسية من تحقيق نصر سريع ومهم للغاية في فبراير (شباط) ومارس (آذار) من عام 2022، مما أدى إلى إنشاء ممر بري جديد إلى شبه جزيرة القرم في غضون أسابيع قليلة.
Ukraine commander-in-chief of armed forces Gen. Zaluzhny with a tough dose of reality: “Just like in the first world war we have reached the level of technology that puts us into a stalemate… There will most likely be no deep and beautiful breakthrough.” https://t.co/wpCf6RmJf4
— Christopher Miller (@ChristopherJM) November 1, 2023ولكن، لم يتم تفجير الجسور كما كان ينبغي، والجيش أيضا كان غير مستعد. وتقول بعض التقارير إن زالوجني يدعى حالياً فقط كشاهد على التحقيق، لكن هذا قد يتحول إلى شيء أكثر خطورة. ويقول الحلفاء إن احتمال توجيه تهمة جنائية له لإبقائه خارج المشهد، ويمكن النظر إلى مشاركته الإعلامية على أنها "بوليصة تأمين"، بحسب ما يقترح مصدر في هيئة الأركان العامة.
زيلينسكي في خطرولم يعلن زالوجني عن أي طموحات سياسية، رغم أن خطواته القليلة في الساحة السياسية كانت ماهرة.
وبحسب التقرير، فهذا لا يعني أنه لا يشكل أي تهديد لزيلينسكي. يعرف الرئيس الذي كان مؤد كوميدي مدى السرعة التي يمكن للمجتمع الأوكراني أن يصنع بها قادته ويدفنهم.
وتشير استطلاعات الرأي الداخلية التي اطلعت عليها "إيكونوميست" إلى أن الرئيس، الذي تم الإشادة به مرة واحدة لدوره في الدفاع عن البلاد، قد تشوهت سمعته بسبب فضائح الفساد في حكومته والقلق بشأن اتجاه البلاد. وتظهر الأرقام، التي تعود إلى منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، أن الثقة في الرئيس انخفضت إلى صافي 32%، أي أقل من نصف ثقة الجنرال زالوجني (70%).
وتشير استطلاعات الرأي نفسها إلى أن زيلينسكي يخاطر بخسارة انتخابات رئاسية إذا ما ذهب وجها لوجه مع قائده العام.
وفي الوقت الحالي، يعارض 8 من أصل 10أوكرانيين فكرة إجراء الانتخابات، التي كان من المقرر إجراؤها في الأصل في مارس (آذار) المقبل. كما استبعدهم الرئيس، مستشهداً بالأحكام العرفية. لكن الانجراف الهبوطي لتصنيفاته قد يقنعه بتغيير رأيه.
روسيا تستغل الأزمةوتقول مصادر استخباراتية أوكرانية إن روسيا تحاول بالفعل الاستفادة من الطموحات والتوترات.
وادعى المتحدث باسم وكالة الاستخبارات العسكرية أندريه تشيرنياك، أن هناك أدلة أظهرت استراتيجيات روسية جديدة لمختلف الدوائر الانتخابية: واحدة للدعم في روسيا، وأخرى لتقويض الثقة في الغرب، وثالثة لتضخيم المظالم في أوكرانيا.
وهناك حملة تضليل منفصلة للجنود الأوكرانيين، بحسب تشيرنياك، حيث تظهر مقاطع فيديو مزيفة قادة من مختلف المستويات يشجعون مرؤوسيهم على الاستسلام.
وأضاف "لم تتمكن روسيا من القيام بما يتعين عليها القيام به في ساحة المعركة، لكنها تحقق نجاحا حقيقيا هنا".
ويشير المصدر الحكومي الكبير إلى أن الدعاية الروسية اكتسبت قوة جذب لأنها تمتلك مواداً للعب بها، مثل الفساد "بعض سياسيينا لا يقلقون بما فيه الكفاية بشأن التهديد الروسي، وهذا يجعلني غاضبا. يعتقدون أنهم يستطيعون تحدي السلطة، وتدمير زيلينسكي، لكن ذلك لن يأتي بأي نتيجة". وأضاف أن "الأجهزة الأمنية قضت فعليا على معظم أدوات النفوذ الروسي منذ بداية الحرب.. لكن العثرات الآن الأوكرانيين أنفسهم".
وعلى الخطوط الأمامية، تتمتع روسيا بفترة جيدة نسبياً من الحرب. إنهم يلبون الكثير من احتياجاتهم من القوى العاملة من خلال التجنيد من الفقراء والمساجين. في المقابل، تكافح أوكرانيا من أجل التعبئة من عامة السكان. ويتم تجنيد زعماء الجيش على مستوى يغطي الخسائر الطبيعية على خط المواجهة. ولكن إذا كانت غالبية أولئك الذين تم حشدهم في بداية الحرب يعرفون ما كانوا يقاتلون من أجله، فإن القليل من المجندين الجدد على استعداد لمعرفة ذلك. ومن غير المرجح أن تساعد التوترات السياسية تلك العملية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الحرب الأوكرانية روسيا أوكرانيا إلى أن
إقرأ أيضاً:
زيلينسكي يختصر زيارته لجنوب أفريقيا بعد هجوم روسي على كييف
أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه سيختصر زيارته لجنوب أفريقيا للعودة إلى أوكرانيا عقب هجوم روسي على كييف خلف 10 قتلى.
وقال زيلينسكي في منشور على منصة "إكس" إنه سيلغي جزءا من برنامج زيارته في جنوب أفريقيا وسيعود إلى أوكرانيا فورا عقب لقائه الرئيس سيريل رامافوزا، مشددا في الوقت نفسه على أن الضربات الروسية يجب أن تتوقف "فورا ومن دون شروط".
وكان الرئيس الأوكراني وصل إلى جنوب أفريقيا، اليوم الخميس، في زيارة رسمية، وذلك في أعقاب اتهامات الرئيس الأميركي دونالد ترامب له بإطالة أمد الحرب برفضه خطط التنازل عن أراض أوكرانية ضمن أي اتفاق سلام.
وتزامنا مع الزيارة، قتل ما لا يقل عن 9 أشخاص وأصيب 63 آخرون بينهم أطفال في هجوم روسي واسع بالصواريخ والطائرات المسيرة على كييف.
وأعلن سلاح الجو الأوكراني أن روسيا أطلقت 215 طائرة مسيرة وصاروخا في هجوم ليلي استهدف البلاد.
ويكثف زيلينسكي جهوده لحشد الدعم الدولي لبلاده وسط ضغوط من ترامب، الذي هدد بانسحاب واشنطن من الوساطة إذا لم يتحقق تقدم في اتفاق السلام قريبا.
وتستمر جنوب أفريقيا في الحفاظ على حيادها في الحرب المستمرة منذ عام 2022، رغم علاقاتها الجيدة مع روسيا.
إعلان
"الحق في استخدام النووي"
من جهتها، نقلت وكالة تاس الروسية عن سيرغي شويغو سكرتير مجلس الأمن الروسي، قوله إن روسيا تحتفظ بحقها في استخدام الأسلحة النووية إذا تعرضت لعدوان من الدول الغربية.
وأشار إلى التعديلات التي أُدخلت على العقيدة النووية الروسية العام الماضي، والتي تتيح لموسكو استخدام الأسلحة النووية عند تعرضها أو حليفتها روسيا البيضاء لهجوم، بما في ذلك بالأسلحة التقليدية.
"لدينا اتفاق مع بوتين وزيلينسكي"في الوقت ذاته، قال الرئيس الأميركي ترامب إنه يعتقد أن لديه اتفاقا مع كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني زيلينسكي بشأن الحرب في أوكرانيا.
وأوضح ترامب أنه واجه صعوبة أكبر مما كان يتوقع في التعامل مع زيلينسكي، بينما أشار إلى أن التوصل إلى اتفاق لا يزال بعيد المنال وأن الولايات المتحدة قد تنسحب من محادثات السلام إذا لم يتحقق تقدم سريع.
وفي 18 مارس/آذار الفائت، بحث ترامب مع نظيره الروسي بوتين، التفاصيل المتعلقة بوقف إطلاق النار في اتصال استغرق نحو ساعتين ونصفًا.
كما شهدت مدينة جدة السعودية، محادثات أميركية أوكرانية لبحث التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين كييف وموسكو، وذلك برئاسة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ونظيره الأوكراني أندريه سيبيغا.
وتشترط روسيا لإنهاء هجومها العسكري على أوكرانيا، الذي بدأ في 24 فبراير/شباط 2022، تخلي كييف عن الانضمام إلى تحالفات عسكرية غربية، وهو ما ترفضه أوكرانيا وتعتبره تدخلا في شؤونها.