الجزيرة:
2024-12-25@06:57:29 GMT

ليسوا جميعًا يؤمنون بأن قتل الأطفال فضيلة

تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT

ليسوا جميعًا يؤمنون بأن قتل الأطفال فضيلة

فيما كانت الدول الغربيّة تمعن في دعمها إسرائيلَ وجرائمها الوحشية في غزة، متجاهلةً كل القيم والمشاعر والمبادئ الإنسانية، كانت الجماهير في الوقت ذاته تملأ شوارع العواصم والمدن الغربية؛ احتجاجًا على سياسات إسرائيل ودعم حكامها لها. هذا الاحتجاج الضميري كان يزداد حيويةً مع كل يوم يمرّ.

في صورة مشابهة، هناك يهود دعموا بفرح وحماسة دينية هذا العدوان القاتل الذي استهدف حتى الأطفال الرضع، ولكن كان في مقابلهم يهود آخرون انتفضوا باسم اليهودية ضد هذا العدوان الذي يعتبرونه انتهاكًا لأسس دينهم.

هما صورتان تبدوان على النقيض، وطريقتان في فهم الديانة، الغالبة منها يتصدرها نتنياهو وحلفاؤه الذين دمروا البيوت على مَن فيها من أطفال وعائلات، ودمروا المستشفيات والمدارس والمساجد بوحشية، تستند إلى أساطير دينية، ووراءَهم صهاينة يهود كانت حماستهم تزداد كلما سال الدم، ويتعهّدون بمحو جذور الفلسطينيين بالكامل حتى الأطفال في المهد؛ زعمًا أن دينهم يأمرهم بذلك.

في بداية الحرب، قالَ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت: "نحن نحارب الحيوانات في غزة"، ورغم أن "أبا عبيدة"- المتحدث باسم كتائب القسام الأسطورية- أحسن الرد عليه قائلًا: "نعم، أنتم ذئاب تقاتلون أسودًا"، إلا أن ما قاله غالانت لم يكن جديدًا، فقبله قال الحاخام عوفاديا يوسف: "غير اليهود هم بحكم الحيوانات"

هل علينا إذن أن نناقش ما تقوله ديانتهم حقًا ونعطيهم درسًا فيها؟

عندما يتعلق الأمر بالدين، ستظل هناك، دائمًا، اختلافات في الفهم والتفسير. فالمعنى الديني لا يحدّده النص وحده. بل ينبغي معرفة كيف فهم الناس هذا النص في وقت وسياق معينين، وكيف أثر ذلك على تصرفاتهم. اليوم، هناك أشخاص يفهمون اليهودية بهذه الطريقة العنيفة الوحشية، وآخرون يفهمونها بطرق مختلفة، تمامًا مثلما كان الأمر زمن تنزّل القرآن الكريم.

ولذلك فإن القرآن لم يعمم الحكم عليهم، وعندما كان يذكر شرارهم كان يستثني آخرين منهم، مشيرًا إلى الخير فيهم، وفاتحًا بابًا للرحمة. من أمثلة ذلك الآية الكريمة: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة:62]، وفي آية أخرى قال تعالى: {لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّة قَائِمَة يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُون} [آل عمران:113].

ولذلك، فالعنف اليهودي- الذي تعرض له المسلمون، وجميع البشر اليوم- لا يمثل بالضرورة جميع اليهود، ولكن هؤلاء الذين مارسوه استندوا إلى الدين بشكل واضح. فهل يستند النصارى الذين دعموا وحشية هؤلاء إلى نصوص دينية لديهم أيضًا؟ قد نرسل إلى هؤلاء وأولئك بعض علماء اللاهوت والتاريخ من جانبنا، لعلهم يقنعونهم بأن نصوص دياناتهم، تاريخية، وأنها لا تأمر بقتل البشر اليوم.

وهذا هو المفهوم من كلام النبي- محمد صلى الله عليه وسلم- في زمانه بأن اليهود والنصارى من معاصريه انقطعت صلتهم بدياناتهم الأصلية، وإنهم أساؤوا فهمها.

وقد وجَّه القرآن الكريم انتقادات شديدة لما أدخلوه من تحريفات عليها. وما نؤمن به نحن المسلمين اليوم هو أن كثيرًا من اليهود والنصارى الذين نعاصرهم يفهمون دياناتهم بشكل مختلف عن مقاصدها الأصلية، وأن القرآن كتاب المسلمين، يحمل الرسالة الأساسية نفسها التي حملتها التوراة والإنجيل لأتباعهما، وأن أيًا من هذه الديانات لم يعطِ أتباعَه تمييزًا عن بقية البشر، وإنما حمّلهم تكليفًا لإقامة مبادئ الله التي تتضمن العدالة والرحمة والسلام بين البشر.

في بداية الحرب، قالَ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت: "نحن نحارب الحيوانات في غزة"، ورغم أن "أبا عبيدة"- المتحدث باسم كتائب القسام الأسطورية- أحسن الرد عليه قائلًا: "نعم، أنتم ذئاب تقاتلون أسودًا"، إلا أن ما قاله غالانت لم يكن جديدًا، فقبله قال الحاخام عوفاديا يوسف: "غير اليهود هم بحكم الحيوانات".

هذا الشعور بالتفوق العنصري له جذور عميقة في اللاهوت اليهودي، لم يتمكن حتى الفيلسوف الأخلاقي الشهير إيمانويل ليفيناس من التخلص منه.

في مقابلة أجريناها مع ذلك الفيلسوف في العدد العشرين من مجلة "التذكير" (في العام 2000)، لفت انتباهنا اللامبالاة المذهلة التي أظهرها عندما سُئل عن كيفية تطبيق فهمه للأخلاق تجاه الآخر على الفلسطينيين الذين تعرّضوا لمجازر "صبرا وشاتيلا. لم يكن موقفه اللامبالي يختلف كثيرًا عن موقف الحاخام الذي يرى غير اليهود بمثابة حيوانات.

معلقًا على تصريحات غالانت ويوسف وأمثالهما، كتب الدكتور إرول غوكا- الطبيب النفسي والفيلسوف التركي القدير، في مشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي-: إنَّ "أهم ما كشفت عنه المحرقة الوحشية في فلسطين هو اعتقاد بعض السياسيين ورجال الدين اليهود أن لديهم الحق في تحديد من يعتبر إنسانًا ومن لا يعتبر. إذا كان كذلك حقًا، فيجب أن نعرف من أين جاء هذا الحق ولماذا يعتقدون به، لتستنير البشرية".

تحتوي التوراة على وصايا تقول: "لا تقتل، لا تكذب، لا تسرق، لا تأكل الربا، لا تزنِ"، لكن بعضًا من هؤلاء يقتلون ويكذبون ويأكلون الربا بشكل مكثّف، بل ويفعلونه بدافع ديني.. فما الذي يدفعهم لذلك؟ القرآن يجيب عنهم: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} (آل عمران، 75)؛ أي أنهم يعتقدون ألا مسؤولية أخلاقية عليهم تجاه الأمم الأخرى. الجرائم ضدهم ليست جرائم. والوصايا العشر تنطبق فقط عليهم فيما بينهم. وهم بذلك يحرّفون كلام الله عن مواضعه ومعانيه ويكذبون على الله تعالى وباسمه.

ولكن ما نحتاج أن ننتبه له في المشهد الحالي، هم أولئك اليهود والنصارى الذين يرفضون ذلك التفسير المنحرف لدياناتهم فتستباح باسمها الجرائم ضدّ الإنسانية والمذابح وقتل النساء والأطفال، وقد رأينا هؤلاء ينتفضون علنًا وترتفع أصواتهم الرافضة حتى علت على بعض الدول الإسلامية.

تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان- بعد عودته من العاصمة السعودية- بأنه: "لن نسمح بتحول هذا إلى حرب صليبية"، هو موقفٌ صحي للغاية ضد المنهج التعميمي في التعامل مع الآخرين، وتحذيرٌ من خطره، على الرغم من أن أولئك الذين شنوا تلك الحرب أو دعموها، كانوا يتصرفون حقًا بمشاعر ودوافع صليبية.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

اليهود الحريديم يتظاهرون ويرددون: نموت ولا نتجند

قالت القناة الـ12 الإسرائيلية إن مواجهات اندلعت، أمس الثلاثاء، بين مئات من جماعة الحريديم وعناصر الشرطة الإسرائيلية في تل أبيب.

وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن المتظاهرين قطعوا طريقا رئيسيا احتجاجا على قانون تجنيد اليهود المتدينين، ورددوا هتافات رافضة للتجنيد من بينها: نموت ولا نتجند.

وعندما حاولت الشرطة فتح الشارع بالقوة، هتف المتظاهرون بعبارات "أنتم عرب، أنتم نازيون".

وتصاعدت احتجاجات الحريديم الرافضة للتجنيد الإجباري بعد أن صوّت الكنيست في يونيو/حزيران الماضي بالأغلبية لصالح قانون تجنيد اليهود الحريديم.

وقال الجيش الإسرائيلي وقتها إنه سيشرع في عملية التجنيد للخدمة في صفوفه، رغم ما أحدثه القرار من أزمة داخل إسرائيل في ظل خسائر توصف بالأسوأ منذ عقود في صفوف جيش الاحتلال الذي يواصل حربه على قطاع غزة.

ضغوط ومطالبات

وكانت المحكمة العليا في إسرائيل قد قضت، في يونيو/حزيران الماضي، بأن اليهود الحريديم لا يمكن إعفاؤهم من الخدمة العسكرية. كما أمرت بتجميد ميزانية المدارس الدينية، وقالت في قرارها إنه لا يوجد أساس قانوني لمنع الحكومة من تجنيد اليهود الحريديم في الجيش الإسرائيلي.

وقد وافق وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد يسرائيل كاتس، في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، على تجنيد 7 آلاف من الحريديم المتشددين.

إعلان

وردا على ذلك، اتهمت شخصيات حريدية بارزة حزب الليكود بزعامة نتنياهو بـ"إعلان الحرب" على مجتمعهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي أصدر، الأسبوع الماضي، 1125 مذكرة اعتقال بحق مجندين من الحريديم الذين لم يستجيبوا لأوامر التجنيد الإلزامي.

وتقول المعارضة الإسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يسعى لإقرار قانون يُعفي الحريديم من التجنيد، استجابة لضغوط حزبي شاس ويهودات هتوراه، للحفاظ على استقرار حكومته الحالية.

ويشكل الحريديم نحو 13% من سكان إسرائيل، ويرفض هؤلاء الخدمة في جيش الاحتلال، بحجة تكريس حياتهم لدراسة التوراة، حيث يعتبرون أن "الاندماج بالعالم العلماني يهدد هويتهم الدينية واستمرارية مجتمعهم" بحسب ما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت.

مقالات مشابهة

  • اليهود الحريديم يتظاهرون ويرددون: نموت ولا نتجند
  • صحيفة عبرية: “الحوثيون” ليسوا “دولة داخل الدولة” 
  • تقرير يكشف واقع اليهود المتبقين في سوريا.. كم عددهم؟
  • الرئيس تبون: نحن على علم ببقايا العصابة الذين يهددون الولاة والمسؤولين المحليين
  • التعليم تعلن عدد الطلبة الذين استُشهدوا في قطاع غزة منذ بداية العدوان
  • تعرف على الاشخاص الذين رافقوا بشار الأسد برحلته تحت الأرض للفرار من سوريا
  • ليسوا أرقاما بل حياة.. الأونروا: طفل يُقتل كل ساعة في غزة
  • كتيبة جنين: السلطة تحتجز 237 من عسكرييها الذين رفضوا المشاركة ضد المقاومين
  • قرار عاجل بإحالة المتهمين بقــ.تل ممرض المنيا إلي فضيلة المفتي
  • أوقاف أسوان تنفذ البرنامج التثقيفي للطفل وجلسات العلم والذكر بالمساجد