اللافت أن هذا السياسي الأمريكي المخضرم، لم يخلد إلى الراحة ولم يعتزل العمل، بل واصل نشاطه وأداء أدوار دبلوماسية من خلال شركته الاستشارية الخاصة، حتى أنه في يوليو من هذا العام زار بشكل مفاجئ العاصمة الصينية بكين والتقى برئيسها شي جين بينغ!

هنري كيسنجر كان وصل إلى الولايات المتحدة مع أسرته في عام 1938 هاربا من النظام النازي في ألمانيا، ومن هناك بدأ مشواره بدراسة المحاسبة ثم الالتحاق بالجيش فالاستخبارات العسكرية ثم تخصص في العلوم السياسية والدبلوماسية، وأصبح واحدا من ألمع وزراء الخارجية في التاريخ الأمريكي.

على الرغم من أن هنري كيسنجر كان يعاني في بداية مشواره الأمريكي حين دخل البلاد وكان عمره لا يتجاوز 15 عاما، من غلبة لهجته الألمانية، إلا ان ذكاءه الحاد ومثابرته العنيدة دفعت به إلى الصفوف الأمامية في بلده الجديد.

كيسنجر كان شغل منصب مستشار أول للأمن القومي ووزير للخارجية في عهد الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد في الفترة من يناير 1969 إلى يناير 1977.

ترك كيسنجر منصبه وهو في الثالثة والخمسين من عمره، وأمضى أربعة عقود في العمل كمستشار خاص في العلاقات الاستراتيجية مع الحكومات في جميع أنحاء العالم.

نادرا ما يضاهيه فيها أي شخص آخر خارج رتبة الرئيس".

وزير الدفاع الأمريكي الأسبق آشتون كارتر كان وصفه في وقت سابق بأنه أعظم وزير خارجية أمريكي، لافتا إلى أن "الولايات المتحدة والعالم مدينان بشكل كبير لهذا الشخص المتفوق...  أعظم وزير خارجية في تاريخ جمهوريتنا. سجله الرائع في الإنجازات غير مسبوق في التاريخ الأمريكي".

هذا السياسي الأمريكي الألماني اليهودي الأصل، صاحب التاريخ الطويل في العمل الدولي في حقبة الحرب الباردة وأثناء أكبر وأعقد القضايا بما في ذلك المستنقع الفيتنامي، كان يتميز بقدرته على وصف الأشياء كما هي عليه بدقة بالغة، من ذلك قوله الشهير: "أن تكون عدوا للولايات المتحدة أمر خطير، لكن كونك صديقا فذلك أمر مميت".

كان كيسنجر أحد منظري سياسة الانفراج مع الاتحاد السوفيتي، وكان تعرض لانتقادات بسبب ذلك الموقف، إلا أنه في نفس الوقت كان برغماتيا بامتياز وقد سعى على سبيل المثال إلى التقارب مع الصين في عهد زعيمها ماو تسي تونغ قبل الاعتراف بهذا البلد، ودخل في حوار سري مع بكين في عهد الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون، بهدف دق إسفين بين الاتحاد السوفيتي والصين.

من بين التناقضات الكثيرة في شخصية هذا السياسي الأمريكي الدولي أنه كان اتهم بتدبير انقلابات في تشيلي عام 1973 وفي قبرص عام 1974وفي قصف كمبوديا في عام 1969 وغزو أراضيها في عام 1970، وبالتورط في أحداث دولية دامية أخرى ومع ذلك حاز على جائزة نوبل للسلام في عام 1973، مناصفة مع رئيس وفد المفاوضات الفيتنامي لو دوك ثو.

 

 

كانت تلك "الجائزة" بمثابة مكافأة لكيسنجر على المفاوضات السرية إلى أفضت إلى اتفاق باريس في عام 1973، والذي بموجبه تم وضع حد للتدخل العسكري الأمريكي الطويل والدموي في فيتنام.

 يُحسب لكيسنجر أيضا "الدبلوماسية المكوكية" الشهيرة التي اتبعها في الشرق الأوسط عام 1973، ومعرفته الكبيرة لطرفي النزاع ومهارته في مخاطبة الطرفين بطريقة خاصة توحي لهما بأخذ مصالحهما وأهدافها في الحسبان!

كيسنجر من جهة أخرى على الرغم من شهرته كسياسي ماكر، إلا أنه كان يقر بمكانة روسيا ويحذر من مغبة تجاهل مصالحها، ومن ذلك قوله: "روسيا بلد عظيم وله تاريخ عظيم. من الصعب بالنسبة لي أن أتخيل نظاما دوليا لا تكون فيه روسيا من بين اللاعبين الرئيسيين".

 

المصدر:RT 

 

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: عام 1973 فی عام

إقرأ أيضاً:

هل تنجح الحكومة العراقية في تحقيق إنجازات حقيقية في مشاريع البنى التحتية؟

سبتمبر 30, 2024آخر تحديث: سبتمبر 30, 2024

المستقلة/- كشفت لجنة الخدمات النيابية عن توجه حكومي للشروع بتنفيذ مشاريع البنى التحتية بعد نجاح حملات فك الاختناقات المرورية. هذا الإعلان، رغم أنه قد يبدو إيجابيًا، يثير تساؤلات عديدة حول فعالية الحكومة في تحقيق إنجازات حقيقية في هذا المجال، خصوصًا في ظل التحديات المتعددة التي تواجه العراق.

عضو لجنة الإعمار والخدمات النيابية، علاء سكر، أكد أن “إنجازات الحكومة شاخصة على الأرض وبأوقات قياسية”، مما يطرح تساؤلات حول مدى واقعية هذا التقييم. في حين أن هناك العديد من المشاريع التي قد تكون في مرحلة التنفيذ، فإن الشكوك تبقى قائمة حول استدامتها وجودتها. هل بالفعل يمكن اعتبار هذه المشاريع إنجازات ملموسة، أم أنها مجرد خطوات أولية في مسار طويل من التحسينات الضرورية؟

الدعم الحكومي: هل يكفي؟

الحديث عن “دعم حكومي” لمشاريع الإسكان والبنى التحتية، كما أشار المتحدث الإعلامي باسم وزارة الإعمار والإسكان، استبرق صباح، يأتي في وقت تعاني فيه البلاد من نقص حاد في الخدمات الأساسية. إذا كانت البيئة اليوم “مهيأة أكثر من السنوات السابقة”، فما الذي يمنع الحكومة من تحقيق المزيد من الإنجازات في مجالات مثل الماء والمجاري والبلديات؟ هل يكمن العائق في البيروقراطية أو الفساد، أم أن التمويل لا يكفي لتلبية الاحتياجات الحقيقية للمواطنين؟

الخطط التنموية: هل هي طموحة بما يكفي؟

رغم أن الخطط التنموية قد تأخذ مجالًا أوسع ضمن البرنامج الحكومي، فإن التساؤلات تثار حول مدى طموح هذه الخطط. هل تتضمن حلولًا حقيقية لمشاكل المواطن العراقي، أم أنها مجرد استراتيجيات تكتيكية لتهدئة الرأي العام؟ في ظل المعاناة المستمرة للمواطنين من الخدمات الأساسية، يجب أن تكون الخطط التنموية أكثر من مجرد كلمات على ورق؛ ينبغي أن تتضمن تنفيذًا فعليًا وشفافية تامة في الإجراءات.

مقالات مشابهة

  • رئيس أركان القوات الجوية الأسبق: تدربنا على «الضربة الجوية» أكثر من 100 مرة منذ أغسطس 1970
  • سكرتير عام «مُنتجي الألبان»: اللبن سلعة استراتيجية مثل العيش.. وأمن قومي علينا التكاتف للحفاظ عليه
  • الراقصة المصرية نجوى فؤاد تكشف حقيقة محاولة كيسنجر الزواج منها
  • أمير الشرقية يطلع على تقرير إنجازات غرفة حفر الباطن
  • هل تنجح الحكومة العراقية في تحقيق إنجازات حقيقية في مشاريع البنى التحتية؟
  • “لا تتخلصوا منه”.. فوائد عديدة لقشر الموز تعرفوا عليها
  • آخرها دعم خامنئي ومقتل نصرالله.. آخر تطورات الأوضاع في لبنان
  • صنعاء.. ندوة فكرية حول إنجازات ثورة الـ 21 من سبتمبر
  • أدرعي: خيارات عديدة مطروحة على الطاولة لإتمام المهمة في لبنان
  • ضحايا لقمة العيش.. مصرع وإصابة عامل إثر سقوطهما في مول بالتجمع الخامس