رحل وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، هنري كيسنجر، عن عمر ناهز الـ100 عام، عقب مسيرة سياسية حافلة تقلد خلالها العديد من المناصب الهامة بالولايات المتحدة الأمريكية، فأثناء السبعينيات، تولى منصب مستشار الأمن القومي، كما نال بالتزامن مع ذلك حقيبة وزارة الخارجية الأمريكية خلال الفترات الرئاسية لكل من ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد.

هنري كيسنجروفاة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق

وأعلنت شركة وزير الخارجية الراحل "كيسنجر أسوشيتس"، في بيان، الخميس، عن وفاته، وقالت إنه توفي في منزله في ولاية كونيتيكت، واستعرضت الشركة تاريخ حياته حيث قالت إن "هنري كيسنجر ولد في جنوب ألمانيا عام 1923، حيث كان والده مدرسا، وفرت عائلته من ألمانيا النازية وجاءت إلى أمريكا في عام 1938".

وبعد أن أصبح مواطنا أمريكيًا في عام 1943، خدم في فرقة الجيش الرابعة والثمانين من عام 1943 إلى عام 1946، وحصل على النجمة البرونزية لخدمته الجديرة بالتقدير، وكذلك انضم بعد ذلك إلى فيلق الاستخبارات المضادة في ألمانيا، حتى عام 1959.

انطلاق مؤتمر كوب 28.. الإمارات تعالج أزمة عالمية ملحة تتجاوز حدود الدول 9 مليارات دولار .. الاتحاد الأوروبي يكشف مفاجآت جديدة عن ديون مصر

وحصل على درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في جامعة هارفارد، حيث قام بتدريس العلاقات الدولية لمدة 20 عامًا تقريبا، وفي عام 1969، عينه الرئيس ريتشارد نيكسون مستشارا للأمن القومي".

وشغل بعد ذلك منصب وزير الخارجية في عهد الرئيسين نيكسون وفورد، حيث لعب الدكتور كيسنجر أدوارا مركزية في الانفتاح على الصين، والتفاوض على إنهاء حرب 6 أكتوبر في الشرق الأوسط،، والمساعدة في إنهاء دور أمريكا في حرب فيتنام، والتفاوض على اتفاقيات رئيسية للحد من الأسلحة مع الاتحاد السوفيتي.

وألف كيسنجر 21 كتابًا حول مسائل الأمن القومي، ونظرا لكونه أحد رجال الدولة العظماء في أمريكا، فقد تمت استشارته بانتظام من قبل الرؤساء الأمريكيين لكلا الحزبين السياسيين وعشرات الزعماء الأجانب بعد أن أنهى خدمته الحكومية في عام 1977.

ولفتت إلى أن الراحل احتفل بعيد ميلاده المائة وفي مايو، وظل نشطا حتى عيد ميلاده المائة، وفي الآونة الأخيرة، ركز اهتمامه على الآثار المترتبة على الذكاء الاصطناعي، وكان ضيفا متكررا مع وسائل الإعلام وفي حلقات النقاش والكتابة والسفر إلى الخارج.

قبل 100 عام، رُزقت أسرة يهودية في ألمانيا بطفل، وبمجرد بلوغه سن الـ 15 وتحديدا عام 1938، هربت الأسرة بالكامل إلى الولايات المتحدة، خوفا من الممارسات النازية، ليبدأ المراهق فصلا جديدا في حياته، وصار واحدا من أهم الدبلوماسيين في الولايات المتحدة.

هنري ألفريد كيسنجر بات مواطنا أميركيا بعد خمس سنوات من وصوله إلى الولايات المتحدة، وكانت حياته مادة خصبة للمؤرخين والدارسين، ونال إشادات توجت بجائزة نوبل للسلام عام 1973 بسبب جهوده لوقف إطلاق النار في فيتنام، لكن هناك من يعتبرونه مسؤولا عن إزهاق مئات الآلاف من الأرواح.

الرجل المولود في ألمانيا يوم 27 مايو 1923، باتت كتبه وسياسته مرجعا للدبلوماسيين في الولايات المتحدة، وترك أثره في أغلب من شغلوا مناصب رسمية في الخارجية الأميركية لسنوات طويلة، سواء بتدريسه في جامعة هارفارد أو عبر أفكاره وسياساته المتجذرة إلى الآن.

خدم كيسنجر في الجيش الأميركي والتحق بجامعة هارفارد، ودرّس هناك، ثم تولى منصب مستشار الحكومة الأميركية للسياسة الخارجية، وفي عام 1969، عيّنه الرئيس نيكسون مستشارا للأمن القومي، ليخطط حينها لزيارتين لا مثيل لهما إلى الصين والاتحاد السوفيتي عام 1972.

حاولت واشنطن بالزيارتين نزع فتيل التوترات مع الدولتين الشيوعتين. وفي العام التالي، بات كيسنجر أول أميركي وُلد خارج الولايات المتحدة، يتولى منصب وزير الخارجية، واستمر في المنصب حتى بعد استقالة نيكسون، وقدوم جيرالد فورد.

هنري كيسنجرمن هو كيسنجر هنري؟

أعاد كيسنجر العلاقات مع الصين في السبعينيات بعد زيارة سرية عام 1971 مهدت الطريق لأخرى تاريخية للرئيس نيكسون في العام التالي، وفي حواره مع "سي بي أس"، نفى كيسنجر فكرة أنه كان من الأفضل ألا تتم تلك الخطوة وقال "لا يمكن استبعاد الصين من النظام العالمي".

لعب كيسنجر دورا كبيرا أيضا في اتفاق الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي على إبطاء سباق التسلح النووي والحد من النزاعات وتجنب اندلاع حرب نووية، كما تمكنت واشنطن بسياساته من اتخاذ قرار الخروج من فيتنام التي تكبدت فيها خسائر فادحة، في صراع غير مباشر مع موسكو آنذاك.

استخدم كيسنجر في سياساته قوة الولايات المتحدة وقدرتها على إحداث ما يعتبره توازنا، وتجاوز عن أمور أخرى مثل حقوق الإنسان والمثالية في التعامل مع الأزمات، ما جعل البعض يعتبره مسؤولا عن قائع مثل قصف كمبوديا ودعم أنظمة استبدادية مما أسفر عبر سنوات عن سقوط الآلاف من القتلى.

وبالفعل فقد واجه انتقادات قوية من اليسار التقدمي في الولايات المتحدة، وعلى رأسه بيرني ساندرز، وكان ساندرز قد انتقد بشدة فخر وزير الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، بعلاقتها المقربة مع كيسنجر، وقال إن الأخير "من بين أكثر وزراء الخارجية تدميرا في التاريخ الحديث في هذه الدولة".

وتابع "فخور لأن هنري كيسنجر ليس صديقي. لن أحصل على نصيحة منه"، مشيرا إلى تورطه في قصف كمبوديا، الذي يعتبره البعض بمثابة "إبادة جماعية".

إجراءات جديدة.. الدولة تقدم حزمة هائلة من الحوافز والإعفاءات للقطاع الخاص سداد ضريبة القيمة المضافة بالدولار.. تعرف على الفئات المعنية بقرار المالية وأهدافه

وتعد هيلاري كلينتون من أبرز المقربين من كيسنجر، وطالما أكدت على تواصلها معه بشكل مستمر خلال توليها منصب وزيرة الخارجية، وأنه كان يزودها بملاحظات بشأن زعماء وقادة العالم.

وقالت كلينتون إبان ترشحها للانتخابات التي خسرتها ضد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، عام 2016، إنها كانت في غاية السعادة حينما أبلغها كيسنجر أنها "أفضل وزيرة خارجية" شغلت المنصب منذ سنوات طويلة.

ظل كيسنجر طوال حياته المهنية يكتب ويحاضر في الشؤون الخارجية، وعلى الرغم من أنه لم يتولَ أي منصب حكومي منذ نحو 25 عاما، فإنه استمر في إثارة الجدل بكلماته، وآخرها حديثه بشأن أزمة أوكرانيا، وضرورة منحها أراضي لروسيا من أجل وقف الحرب، قبل أن يتراجع عن حديثه.

أجرى كسينجر مؤخرا حوارا مع شبكة "سي بي أس" الأميركية، وحينما سأله المذيع عن رد فعله نحو كثير من التساؤلات من البعض عن "مشروعية" إجراء مثل هذا اللقاء، فرد كيسنجر "يعكس ذلك جهلهم".

وحينما تطرق إلى قصف كمبوديا إبان حكم الرئيس الأسبق، ريتشارد نيكسون، قال كيسنجر: "لقد قصفنا بالمسيرات وكل أنواع الأسلحة جميع التنظيمات التي نعارضها وتنتهج نظام حرب العصابات"، في إشارة إلى الإدارات الأميركية التي تلته.

وتابع الدبلوماسي المخضرم: "هذا اللقاء الآن يدور حول أنني سأتم 100 سنة. وتختار موضوعا يعود إلى 60 عاما مضت. يجب أن تدرك أنها كانت خطوة ضرورية".

وظل كيسنجر حتى وفاته فاعلا على الساحة السياسية الدولية، ولم يثنه تقدمه في السن عن السفر ولقاء العديد من قادة العالم، وكان آخرهم الرئيس الصيني، شي جينبينغ، الذي التقاه في يوليو الفائت في الصين.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: كيسنجر هنري كيسنجر هنري وزير الخارجية الامريكي وزير الخارجية الأمريكي الأسبق الولايات المتحدة مستشار الأمن القومي ريتشارد نيكسون جيرالد فورد الولایات المتحدة وزیر الخارجیة هنری کیسنجر فی عام

إقرأ أيضاً:

قائد جيش أوغندا يجدد تهديده بـغزو الخرطوم

قائد جيش أوغندا يجدد تهديده بـغزو الخرطوم

مقالات مشابهة

  • ترامب: من المفيد إبقاء تيك توك في الولايات المتحدة لفترة قصيرة
  • هل يعتبر التضخم في الولايات المتحدة تحت السيطرة؟
  • قائد جيش أوغندا يجدد تهديده بـغزو الخرطوم
  • تقرير: المغرب ما يزال ضمن البلدان الفقيرة 
  • ترامب: سيتم بدء أكبر عملية ترحيل في تاريخ الولايات المتحدة
  • الحوثي تكذّب الولايات المتحدة.. هكذا سقطت إف 18 فوق البحر الأحمر
  • الحروب وتغير المناخ خلال 2024| الأوزون تتضرر من حرب الإبادة في غزة.. الولايات المتحدة الأمريكية الملوث الأكبر على مدى التاريخ.. أمريكا الشمالية سبب الإشعاع الحرارى المؤخر على الكوكب
  • الحرب بين الولايات المتحدة والصين تتجه نحو التوسع
  • QNB: التضخم في الولايات المتحدة الأميركية يتباطأ في عام 2025
  • «مجموعة أ 3 بلس» تُعبر عن «صدمتها» من الانتهاكات ضد نساء السودان .. في خطاب لممثل الجزائر بمجلس الأمن باسم الدول الأربع