ياسين سعيد نعمان: نوفمبر منجز تاريخي ومسار وطني ورافعة ضد مشاريع استهداف وحدة الجنوب
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
قال السياسي اليمني وسفير اليمن في لندن الدكتور ياسين سعيد نعمان، الخميس، إن استقلال الجنوب وتوحيده في دولة واحدة في 30 نوفمبر عام 1967 كان منجزاً تاريخياً ومساراً وطنياً عظيماً، لا يمكن أن تطاله كل محاولات التشويه أو التقليل من قيمته .
وذكر نعمان -في مقال بصفحته على فيسبوك- إن "وقائع الحياة، ومنطقها الذي سارت عليه، تقول إن الجنوب بعد توحيده كان رافعة سياسية أخذت تتشكل معها جغرافية وطن أكبر اسمه اليمن".
وأضاف "ثم أخذت المسارات السياسية للقوى الوطنية التي تصدت لتحقيق هذ المنجز تدونه كجزء من تاريخ اليمن الحديث، ومع ما شكلته مخرجات هذه المسارات من نتائج فقد أكدت أن للتاريخ حتميات لا يمكن تفكيكها إلا بالسياسة والمنطق، ذلك أن للتاريخ منطق لا يمكن التعاطي معه إلا بمنطق يحاكي مكره وحتمياته".
وتابع نعمان "هكذا تقول المادية التاريخية التي علمت الانسان أن الاختلاف والصراع والاتفاق محورها دايماً المصالح التي تقرر حاضر ومستقبل الانسان، وكل ما يتعلق بإشباع حاجاته المادية والروحية".
وأردف الدبلوماسي اليمني "في ضوء هذه الحقيقة، دار التاريخ السياسي لليمن دورته حاملاً معه نوفمبر كمنجز ومسار في كل الأحيان، وكمنبه لما قد تشكله حتميات التاريخ من مخاطر في بعض الأحيان.
واستدرك "من بين تلك الأحيان هي ما نمر به هذه الأيام من محاولات لكسر هذه الرافعة الوطنية باستهداف وحدة الجنوب، ومعها المشروع الوطني منطلقين من النقطة التي تحولت معها إحدى محطاته الهامة (عام 1990 ) إلى محطة هشة، معاكسة لمنطق المادية التاريخية بعد حرب 1994، تجمعت فيها وعلى هامشها مكونات السياسة الانتقامية والمغامرة ، لتضع مساراً للبلاد متصادم مع التاريخ في صورته التي تجسد المصالح المادية والروحية للانسان، لتجد نفسها تعمل خارج ما تعلنه من "مشاريع وطنية".
وأكد أن في مقدمة هذا المشاريع يأتي استهداف وحدة الجنوب بسياسات كل هدفها تفريغ الجنوب من دينامياته التي طالما تحركت معها البلاد نحو غايات أكبر وأوسع من الرقع الجغرافية المجزأة والمتصادمة.
وذكر أن حضرموت خاصرة هذه الرافعة، وتقول القوانين الموضوعية، التي تنتظم في إطارها آليات عمل المادية التاريخية، أن كل عمل يتعاكس مع هذه القوانين لن يكون سوى فعل مجرد من المنطق، مشحون بانفعالات لا يمكن لها أن تتخطى حدود ما تعتقد أنه ضربة لخصم ما، وما بعده لا يعنيها في شيء.
وختم ياسين سعيد نعمان مقاله بالقول "نوفمبر ليس حالة وجدانية؛ هو مسار وطني ومنجز تاريخي، وكل المكونات الجيوسياسية التي شكلت قاطرته منذ اليوم الأول عام 1967، وعلى رأسها حضرموت، ستظل على صلة وترابط به كمنجز وكمسار معاً سيبقى رافعة لتجاوز كل ما لحق بالمشروع الوطني من اخفاقات، وبه ومعه ستهزم كل محاولات تفكيكه".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن 30 نوفمبر ياسين سعيد نعمان الاحتلال البريطاني لا یمکن
إقرأ أيضاً:
«المادية».. الاتجاه الأول للتفكير الفلسفي
مصطلح المادية Materialism أي "الفلسفة المادية" هي مذهب فلسفي يجعل المادة أصلًا للكون، أي يقر بأنه لا وجود لأي جوهر غير المادة، فجميع الظواهر (النفسية والأخلاقية،... إلخ) إنما يفسرها الوجود المادي، أي يفسر كل شيء في الوجود بالأسباب المادية. والمادية قديمة قدم الفلسفة، فهي مرتبطة منذ بدايتها بنشأة الفلسفة، فكانت المادية هي الاتجاه الأول للتفكير، وإن شئت قل اللغة الأول للتفكير الفلسفي. فما هي بنية هذا الاتجاه الفلسفي؟
عزيزي القارئ ظهرت أول النظريات المادية إلى حيز الوجود مع ظهور الفلسفة كنتيجة لتقدم المعرفة العلمية في ميادين الفلك والرياضيات وغيرها من الميادين في المجتمعات العبودية القديمة، في الهند، ومصر، والصين، واليونان. وكانت السمة العامة للمادية القديمة، التي كانت في معظمها مادية ساذجة هي الاعتراف بمادية العالم ووجوده المستقل خارج وعي الانسان، وقد حاولت المادية أن تجد في تنوع الظواهر الطبيعية المصدر المشترك لأصل كل ما يوجد أو يحدث. وماذا عن أنواع المادية؟
صديقي القارئ تنقسم المادية إلى مادية جدلية ومادية تاريخية. وعن المادية الجدلية “Dialectical Materialism” أو الديالكتيكية، توصف بالجدلية لأن أسلوبها في النظر إلى الأحداث، أو ما يُسمى منهجها في البحث والمعرفة، جدلي. وهو مصطلح صكه" كارل ماركس" و"فريدريك إنجلز" مستفيدين من ديالكتيك هيجل ومن تنظيرات فيروباخ، فهي ركن أساسي من أركان الفلسفة الماركسية. وترى المادية الجدلية أن العالم ككلّ يتكون من مادة في حركة ذات تطور متصاعد ومتزايد التعقيد، مما يؤدي في النهاية إلى قيام حياة روحية مستقلة عن الظواهر المادية، ولكنها بالطبع ناتجة عنها.
أما المادية التاريخية “Historical Materialism” فهي المصطلح الذي وضعه "إنجلز" للدلالة على مذهب "كارل ماركس" ويتلخص في أن الوقائع الاقتصادية أساس كل الظواهر التأريخية والاجتماعية وأنها المحددة لها، أي أنها تزعم أنها هي وحدها الكفيلة بوضع نظرية في المجتمع وتطوره من خلال الأحوال الفعلية الملموسة والطبيعية للحياة الإنسانية، وترتكز على أهمية عملية الإنتاج والتوالد الماديين وتطورهما.
أي أن المادية التاريخية ترمي إلى أن الوقائع الاقتصادية هي أساس كل الظواهر التاريخية والاجتماعية، وهي المحددة لها. فالانتقال من نمط إنتاج تاريخي إلى نمط آخر يفسر بتغيّر الظروف الاقتصادية، وبالتدقيق بتغيّر علاقات الإنتاج وفي عبارة موجزة "هي علاقات بين الأفراد داخل النمط الواحد".
ويمكننا تتبع الخط الفكري للمادية بحسب العصور على النحو التالي:
في العصر اليوناني والروماني، يقرر فلاسفة هذا العصر أمثال ديموكريتوس وإبيكوروس ولوكريتيوس أن الموجود ينحل إلى أجزاء لا تتجزأ هي الذات، والذات تنتقل في الخلاء. كذلك يرون أن كل موجود يخضع لقوانين ضرورية، والإنسان يندرج في هذا الوضع. والمادية هنا تهدف إلى الصراع ضد الخرافات والخوف من الموت، للتخلص ومحاربة الأفكار الخاطئة المسيطرة على عقل الإنسان آنذاك.
وإذا ما تقدمنا إلى الامام وانتقلنا إلى القرنين السابع عشر والثامن عشر، نجد أن المادية اتسمت بمجموعة صفات، أجملناها كالآتي:
تقوم على التعارض بين المادة والجوهر المفكر.في نظرية المعرفة ترد المعرفة إلى الحواس وحدها.تتصور الكون على أنه كلُّ مؤلف من أجسام مادية، فيه تجري أحداث الطبيعة وفقًا لقوانين موضوعية ضرورية.الزمان والمكان والحركة تعد أحولًا للمادة.كل ظواهر الوعي (الفكر) تتوقف على التركيب الجسماني للإنسان.وفي الختام، المادية بهذا المعنى مفهوم للعالم، أي طريقة معينة في فهم وتفسير مظاهر الحياة الاجتماعية؛ لأنها تُعلِم الإنسان النظر إلى العالم كما هو، ويستطيع بواسطتها أن يصل إلى حياة جديدة، وأن يعرف سعادة الحياة. وهو ما اكتشفناه مع إبيكوروس ولوكريتيوس عندما حاولوا تحرير الشعور البشري من قهر الخوف الخرافي من غضب الآلهة آنذاك، وايضًا تحرره من قهر الخوف الخرافي من الدولة، فالمادية كما أشار ماركس في ثلاث كلمات "تؤدي إلى الاشتراكية". ولكن هل كانت المادية هي الاتجاه الفلسفي الوحيد لفهم العالم وتقديم تصور واضح له، أم هناك أتجاه آخر؟ إجابتنا عن هذا التساؤل ستكون موضوع كبسولتنا القادمة.
[email protected]