الأمني والسياسي في أزمة المياه في العراق
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
آخر تحديث: 30 نونبر 2023 - 9:18 صبقلم: علي الصراف قدرة الإنسان على التكيف هي ما أبقته على قيد الوجود. فماذا يعني، بالنسبة إلى شحة المياه في العراق أن تتفاقم عواقب التغير المناخي “بشكل أسرع من قدرة الناس على التكيّف”.ماذا يعني أن تنزح 68 ألف أسرة في مناطق الأهوار، خلال الصيف الماضي وحده، بسبب فقدانها سبل العيش نتيجة لـ“تراجع المساحات الزراعية وازدياد معدلات التصحر والعواصف الغبارية والرملية”، (كما يقول المجلس النرويجي للاجئين)؟ إلى أين ذهب هؤلاء؟ ومَنْ تكفل بتقديم بدائل عيش أخرى لهم؟ وإلى أين سيذهب غيرهم ممن سيدفعون الثمن عاما بعد آخر، إذا لم تجد الحكومة ما تفعله؟ وإذ تتفجر المشكلة مع مرور كل يوم، فماذا يعني التعامل معها وكأنها لم تحدث؟ ماذا يجب أن يحدث أصلا، لكي يصحو قادة الميليشيات الحاكمة، على حقيقة أنهم يهددون بقاءهم نفسه، إذا هددوا اختلال التوازنات السكانية بعد الاقتصادية؟ الأرقام التي تقدمها الأمم المتحدة عن تأثيرات التغير المناخي في العراق، وبخاصة منها نقص المياه، أقل ما يقال فيها إنها مفزعة.
والمسألة لا تقتصر على تراجع مساحة الأراضي الصالحة للزراعة إلى أقل من الثلث. ولا حتى تراجع حصة العراق من مياه نهري دجلة والفرات. ولكنها تشمل فشلا إداريا هو مصدر الضرر الأشد، وآخر سياسيا يجعل العراق يعجز عن الدفاع عن نفسه حيال انتهاكات إيران وتركيا لحقوقه من المياه. الاعتقاد السائد يقول إن التصحر المتزايد وتراجع مساحة الأراضي الزراعية “يهدد الأمن الغذائي”. وهو اعتقاد سطحي، لاسيما إذا أخذت بعين الاعتبار أن المنطق الذي ظل سائدا لدى حكومات الميليشيات المتعاقبة هو أن الاستيراد يمكن أن يسد النقص. التهديد الحقيقي هو انهيار الأمن الاجتماعي نفسه. انهيار التوازنات التي تحفظ له الاستقرار. المسألة في الزراعة لا تتوقف على ما تنتجه من غذاء. إنها جزء من نظام اقتصادي، وآخر اجتماعي. وحالما تتعرض الزراعة إلى الخلل، فإن النظامين التاليين يتصدعان. وقل للأحمق، من بعد التصدع، “إن النظام السياسي سوف يبقى مستقرا”. لن تعثر على أحمق واحد يمكنه أن يصدقك. الأمر ها هنا يتعلق بتهديد أبعد حتى من نظام سياسي بليد، يستحق أن يسقط، هو وكل الذين يقفون خلفه من قادة الميليشيات والأحزاب الطائفية. الأمر يتعلق بمعادلات البقاء نفسها. قد يمكن أن تحكم العراق ميليشيات تنهب موارد البلاد. وقد تخضع البلاد لاستعمار شره وهمجي مثل الاستعمار الإيراني. وقد يخضع هذا البلد لهيمنة قوى ومصالح أجنبية متضاربة، تريد أن تأخذ أكثر ما يمكن في أسرع وقت. وقد يجتمع هذا كله دفعة واحدة، إلا أن ذلك لا يبلغ حد تهديد مقومات البقاء، حتى يكون الأمر مشروعا لدمار شامل. شيء يشبه إلقاء قنبلة نووية تطحن الملايين من البشر، أو تدفعهم إلى الرحيل. 45 مليون عراقي، قد يجدون ماء يشربونه الآن، ولو كان أقل نقاء مما يجب. ولكن عندما يهجر الفلاحون أراضيهم، وعندما تعجز الأرض عن أن توفر مصدرا للعيش أو أن تكون سببا للاستقرار الديمغرافي، فكأنك تحطم مقومات حياة لا يمكن “استيرادها” من الخارج، كما تستورد علب الفاصوليا. في العام الماضي، أدى الجفاف والتصحر إلى تقليص الأراضي الزراعية إلى النصف قياسا بالعام الذي سبقه. ماذا حلّ بالذين كانوا يعيشون على ذلك النصف؟ إلى أين ذهبوا؟ هل قدموا طلبات انتساب لواحدة من الميليشيات الحاكمة لكي يعيشوا أم أنهم أوجدوا لأنفسهم “طريقة” أخرى تماثل طرق عيش الميليشيات؟ المجلس النرويجي للاجئين يقول في أحدث استطلاع له “اضطر أربعة من كل خمسة أشخاص، من بين أولئك الذين شملهم الاستطلاع في المجتمعات الزراعية في نينوى وكركوك، إلى خفض إنفاقهم على الغذاء خلال الأشهر الاثني عشر الماضية”. الحل، بعبارة أخرى، أنهم: صاروا يأكلون أقل. هذا بالنسبة إلى اليوم. ماذا عن يوم الغد؟ ماذا سيفعل الجياع، إذا لم يجدوا ميليشيات تنهب لتؤويهم؟ مكتب الأمم المتحدة في بغداد وضع العراق بين الدول الخمس الأولى الأكثر تضررا من التغييرات المناخية، وفي المرتبة 39 بين الدول الأكثر إجهادا للمياه. والإحصائيات الرسمية تقول إن نسبة التصحر بشكل عام وصلت إلى 69.7 في المئة من إجمالي مساحة البلاد. لا تستطيع حكومة محمد شياع السوداني أن تزعم أنها لا تمتلك الموارد الكافية من عائدات النفط لمعالجة هذه الأزمة. وهي نفسها قالت إن لديها خططا لمشاريع “أحزمة خضراء” حول المدن لمواجهة مشكلة عواصف الغبار، وأعلنت أن وزارة الموارد المائية تعتزم تشييد 36 سدا صغيرا لحصاد مياه الأمطار. وهناك دراسات يجري إعدادها حول مواقع هذه السدود. وأعلنت “أمانة بغداد” استئناف العمل بتنفيذ مشروع الحزام الأخضر للعاصمة، الذي تعطل عشرين سنة، لزراعة 120 ألف شجرة على مساحة 940 فدانا غرب العاصمة. وأعلن البنك المركزي العراقي العام الماضي عن إطلاق مبادرات تنموية لمواجهة التصحر والتغير المناخي بالتعاون مع وزارات وهيئات حكومية عديدة ومنظمات مدنية أيضا. ولكن الحقيقة هي أن هذا كله كذب. إذ لم تتوفر الدراسات، كما لم تتوفر الموارد المادية التي تسمح بالتنفيذ. والوعود ظلت وعودا، لأن حكومة السوداني تتعامل مع الأزمة، وهي كالجمر بين الكفين، بمنطق المعالجات “المستقبلية”، وكأنها لم تستفحل بعد.عشرات المليارات من الدولارات يجري تخصيصها لتمويل الميليشيات في العراق، على اعتبار أنها جزء لا يتجزأ من ضمانات الاستقرار الأمني، ولحماية نظامها السياسي. النهوض بمشاريع لترشيد استهلاك المياه في الزراعة، وبناء أنظمة ري حديثة، وحصد مياه الأمطار، وتنفيذ حملة وطنية للتشجير، مع توفير الموارد اللازمة لاستدامتها، وتقديم الخدمات والتسهيلات لتنمية المشاريع الزراعية، وخاصة منها التي تقوم على استهلاك كميات أقل من المياه، لا تكلف بمجملها ما تكلفه تلك الميليشيات. وهي توفر ضمانات للاستقرار الأمني والاجتماعي والسياسي أكثر بكثير مما توفره تلك الميليشيات. لأنها تحفظ، ببساطة، توازنات لا يمكن استيرادها من الخارج كما تُستورد علب الفاصوليا. صحيح، أن مصارف الميليشيات وتجارها، يهمهم استيراد تلك العلب، وصحيح أنهم يقدمون بيانات مزيفة للمصرف المركزي من أجل الحصول على تحويلات بالدولار تذهب إلى الحرس الثوري، إلا أن ذلك لا يُغني عن حاجتها، هي نفسها، إلى وقف تداعيات القنبلة النووية التي تم إلقاؤها على العراق، منذ أن توفرت لها الفرصة لسحق العراق. الكذب نفسه غير ضروري. لأن حباله قصيرة، على أي حال.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: فی العراق
إقرأ أيضاً:
وزير الإسكان ومحافظ الأقصر يستعرضان أزمة انقطاع المياه المتكررة
عقد المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والمهندس عبد المطلب عمارة، محافظ الأقصر، اجتماعاً بمقر وزارة الإسكان بالعاصمة الإدارية الجديدة، وذلك لاستعراض عدد من المقترحات لعدم تكرار مشكلة انقطاع المياه مرة أخرى، وذلك بحضور مسئولي الوزارة، وجهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحي وحماية المستهلك، والشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، والهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي، وشركة المقاولون العرب.
واستهل المهندس شريف الشربيني الاجتماع، بالترحيب بالمهندس عبد المطلب عمارة، معربًا عن تقديره لحجم المشكلة التي حدثت وتسببت في انقطاع المياه عن بعض المنازل بمدينة الأقصر، بسبب انقطاع المياه خلال فترة المشكلة والإصلاح، وما لحق بهم من أضرار، حيث أكد الوزير أن اجتماع اليوم جاء للمناقشة ووضع حل جذري للمشكلة وعدم تكرار حدوثها مرة أخرى.
من جانبه، قدم المحافظ الشكر للوزير والجهات التابعة للوزارة للتعامل الفوري والعمل على إصلاح العطل خلال الفترة الماضية وعودة المياه للمنازل مرة أخرى عقب انقطاعها، مشيرًا إلى أن مدينة الأقصر يتم خدمتها عن طريق محطتي رفع صرف صحي متصلتين بخطى طرد قطر 1000 مم، 700 مم، وهما ما حدث بهما العطل وتم التعامل فورًا مع المشكلة وإيجاد حلول سريعة وقتها وتم الإصلاح.
واستعرض وزير الإسكان ومحافظ الأقصر عددًا من المقترحات التي من شأنها عدم تكرار المشكلة ووجود حلول بديلة في حال وجود أعطال مرة أخرى أو إجراء أعمال صيانة، حيث تم الاتفاق على تنفيذ مشروع ازدواج للخط قطر 700 مم وتغييره بالكامل وإنشاء خط ثان بقطر 1200 مم وربطه بمحطة صرف صحي 3 ومحطة المعالجة.
وكلف الوزير شركة المقاولون العرب باتخاذ كافة الإجراءات الفنية اللازمة لنهو المشكلة في أقرب وقت وتكليف نائب رئيس الشركة لمتابعة أعمال الإصلاح والصيانة شخصيًا لحين الإنتهاء منها دون التأثير على الخدمة المقدمة للمواطنين.
كما كلف الوزير بتواجد ممثلين من: جهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحي وحماية المستهلك، والشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، والهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى، وشركة المقاولون العرب بالموقع لوضع خطة عمل مُحكمة لكافة الأعمال بالمشروع والمتابعة الدورية له.
اقرأ أيضاًوزارة الإسكان تطرح وحدات الإسكان التعاوني للمستحقين ببورسعيد
«الشربيني» يناقش خطة عمل وزارة الإسكان مع اللجنة المختصة بمجلس النواب
استغلال المصريين بالخارج بالقانون.. مغامرة تكشف خطط سماسرة التوكيلات قبل أكبر طرح لـ«شقق» وزارة الإسكان