شبكة اخبار العراق:
2025-03-03@17:12:36 GMT

الأمني والسياسي في أزمة المياه في العراق

تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT

الأمني والسياسي في أزمة المياه في العراق

آخر تحديث: 30 نونبر 2023 - 9:18 صبقلم: علي الصراف قدرة الإنسان على التكيف هي ما أبقته على قيد الوجود. فماذا يعني، بالنسبة إلى شحة المياه في العراق أن تتفاقم عواقب التغير المناخي “بشكل أسرع من قدرة الناس على التكيّف”.ماذا يعني أن تنزح 68 ألف أسرة في مناطق الأهوار، خلال الصيف الماضي وحده، بسبب فقدانها سبل العيش نتيجة لـ“تراجع المساحات الزراعية وازدياد معدلات التصحر والعواصف الغبارية والرملية”، (كما يقول المجلس النرويجي للاجئين)؟ إلى أين ذهب هؤلاء؟ ومَنْ تكفل بتقديم بدائل عيش أخرى لهم؟ وإلى أين سيذهب غيرهم ممن سيدفعون الثمن عاما بعد آخر، إذا لم تجد الحكومة ما تفعله؟ وإذ تتفجر المشكلة مع مرور كل يوم، فماذا يعني التعامل معها وكأنها لم تحدث؟ ماذا يجب أن يحدث أصلا، لكي يصحو قادة الميليشيات الحاكمة، على حقيقة أنهم يهددون بقاءهم نفسه، إذا هددوا اختلال التوازنات السكانية بعد الاقتصادية؟ الأرقام التي تقدمها الأمم المتحدة عن تأثيرات التغير المناخي في العراق، وبخاصة منها نقص المياه، أقل ما يقال فيها إنها مفزعة.

والمسألة لا تقتصر على تراجع مساحة الأراضي الصالحة للزراعة إلى أقل من الثلث. ولا حتى تراجع حصة العراق من مياه نهري دجلة والفرات. ولكنها تشمل فشلا إداريا هو مصدر الضرر الأشد، وآخر سياسيا يجعل العراق يعجز عن الدفاع عن نفسه حيال انتهاكات إيران وتركيا لحقوقه من المياه. الاعتقاد السائد يقول إن التصحر المتزايد وتراجع مساحة الأراضي الزراعية “يهدد الأمن الغذائي”. وهو اعتقاد سطحي، لاسيما إذا أخذت بعين الاعتبار أن المنطق الذي ظل سائدا لدى حكومات الميليشيات المتعاقبة هو أن الاستيراد يمكن أن يسد النقص. التهديد الحقيقي هو انهيار الأمن الاجتماعي نفسه. انهيار التوازنات التي تحفظ له الاستقرار. المسألة في الزراعة لا تتوقف على ما تنتجه من غذاء. إنها جزء من نظام اقتصادي، وآخر اجتماعي. وحالما تتعرض الزراعة إلى الخلل، فإن النظامين التاليين يتصدعان. وقل للأحمق، من بعد التصدع، “إن النظام السياسي سوف يبقى مستقرا”. لن تعثر على أحمق واحد يمكنه أن يصدقك. الأمر ها هنا يتعلق بتهديد أبعد حتى من نظام سياسي بليد، يستحق أن يسقط، هو وكل الذين يقفون خلفه من قادة الميليشيات والأحزاب الطائفية. الأمر يتعلق بمعادلات البقاء نفسها. قد يمكن أن تحكم العراق ميليشيات تنهب موارد البلاد. وقد تخضع البلاد لاستعمار شره وهمجي مثل الاستعمار الإيراني. وقد يخضع هذا البلد لهيمنة قوى ومصالح أجنبية متضاربة، تريد أن تأخذ أكثر ما يمكن في أسرع وقت. وقد يجتمع هذا كله دفعة واحدة، إلا أن ذلك لا يبلغ حد تهديد مقومات البقاء، حتى يكون الأمر مشروعا لدمار شامل. شيء يشبه إلقاء قنبلة نووية تطحن الملايين من البشر، أو تدفعهم إلى الرحيل. 45 مليون عراقي، قد يجدون ماء يشربونه الآن، ولو كان أقل نقاء مما يجب. ولكن عندما يهجر الفلاحون أراضيهم، وعندما تعجز الأرض عن أن توفر مصدرا للعيش أو أن تكون سببا للاستقرار الديمغرافي، فكأنك تحطم مقومات حياة لا يمكن “استيرادها” من الخارج، كما تستورد علب الفاصوليا. في العام الماضي، أدى الجفاف والتصحر إلى تقليص الأراضي الزراعية إلى النصف قياسا بالعام الذي سبقه. ماذا حلّ بالذين كانوا يعيشون على ذلك النصف؟ إلى أين ذهبوا؟ هل قدموا طلبات انتساب لواحدة من الميليشيات الحاكمة لكي يعيشوا أم أنهم أوجدوا لأنفسهم “طريقة” أخرى تماثل طرق عيش الميليشيات؟ المجلس النرويجي للاجئين يقول في أحدث استطلاع له “اضطر أربعة من كل خمسة أشخاص، من بين أولئك الذين شملهم الاستطلاع في المجتمعات الزراعية في نينوى وكركوك، إلى خفض إنفاقهم على الغذاء خلال الأشهر الاثني عشر الماضية”. الحل، بعبارة أخرى، أنهم: صاروا يأكلون أقل. هذا بالنسبة إلى اليوم. ماذا عن يوم الغد؟ ماذا سيفعل الجياع، إذا لم يجدوا ميليشيات تنهب لتؤويهم؟  مكتب الأمم المتحدة في بغداد وضع العراق بين الدول الخمس الأولى الأكثر تضررا من التغييرات المناخية، وفي المرتبة 39 بين الدول الأكثر إجهادا للمياه. والإحصائيات الرسمية تقول إن نسبة التصحر بشكل عام وصلت إلى 69.7 في المئة من إجمالي مساحة البلاد. لا تستطيع حكومة محمد شياع السوداني أن تزعم أنها لا تمتلك الموارد الكافية من عائدات النفط لمعالجة هذه الأزمة. وهي نفسها قالت إن لديها خططا لمشاريع “أحزمة خضراء” حول المدن لمواجهة مشكلة عواصف الغبار، وأعلنت أن وزارة الموارد المائية تعتزم تشييد 36 سدا صغيرا لحصاد مياه الأمطار. وهناك دراسات يجري إعدادها حول مواقع هذه السدود. وأعلنت “أمانة بغداد” استئناف العمل بتنفيذ مشروع الحزام الأخضر للعاصمة، الذي تعطل عشرين سنة، لزراعة 120 ألف شجرة على مساحة 940 فدانا غرب العاصمة. وأعلن البنك المركزي العراقي العام الماضي عن إطلاق مبادرات تنموية لمواجهة التصحر والتغير المناخي بالتعاون مع وزارات وهيئات حكومية عديدة ومنظمات مدنية أيضا. ولكن الحقيقة هي أن هذا كله كذب. إذ لم تتوفر الدراسات، كما لم تتوفر الموارد المادية التي تسمح بالتنفيذ. والوعود ظلت وعودا، لأن حكومة السوداني تتعامل مع الأزمة، وهي كالجمر بين الكفين، بمنطق المعالجات “المستقبلية”، وكأنها لم تستفحل بعد.عشرات المليارات من الدولارات يجري تخصيصها لتمويل الميليشيات في العراق، على اعتبار أنها جزء لا يتجزأ من ضمانات الاستقرار الأمني، ولحماية نظامها السياسي. النهوض بمشاريع لترشيد استهلاك المياه في الزراعة، وبناء أنظمة ري حديثة، وحصد مياه الأمطار، وتنفيذ حملة وطنية للتشجير، مع توفير الموارد اللازمة لاستدامتها، وتقديم الخدمات والتسهيلات لتنمية المشاريع الزراعية، وخاصة منها التي تقوم على استهلاك كميات أقل من المياه، لا تكلف بمجملها ما تكلفه تلك الميليشيات. وهي توفر ضمانات للاستقرار الأمني والاجتماعي والسياسي أكثر بكثير مما توفره تلك الميليشيات. لأنها تحفظ، ببساطة، توازنات لا يمكن استيرادها من الخارج كما تُستورد علب الفاصوليا. صحيح، أن مصارف الميليشيات وتجارها، يهمهم استيراد تلك العلب، وصحيح أنهم يقدمون بيانات مزيفة للمصرف المركزي من أجل الحصول على تحويلات بالدولار تذهب إلى الحرس الثوري، إلا أن ذلك لا يُغني عن حاجتها، هي نفسها، إلى وقف تداعيات القنبلة النووية التي تم إلقاؤها على العراق، منذ أن توفرت لها الفرصة لسحق العراق. الكذب نفسه غير ضروري. لأن حباله قصيرة، على أي حال.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: فی العراق

إقرأ أيضاً:

صحيفة عبرية: الميليشيات الدرزية تهدد بتغيير وجه الشرق الأوسط

شددت صحيفة "معاريف" العبرية، على أن تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن عدم تحمل "إسرائيل" لأي تهديد للسكان الدروز في جنوب سوريا، أدت إلى تطورات هامة في محافظة السويداء.

وأشارت الصحيفة إلى أن مجموعات عسكرية درزية أعلنت، بعد خطاب نتنياهو، انضمامها إلى "المجلس العسكري للسويداء "بقيادة طارق الشوفي.

وأضافت أن الشوفي علّق على تصريح نتنياهو بالقول "نحن نشكر كل من يدعم ويساعد في الدفاع عن الطائفة الدرزية"، موضحة أن هذه الفصائل نظمت مسيرة عسكرية في جنوب المحافظة، بالقرب من الحدود الأردنية.

وذكرت الصحيفة أن "المجلس العسكري للسويداء" أعلن أن أنشطته تتم بالتنسيق مع القيادة الروحية للطائفة، الشيخ حكمت الهجري، وبدعم من مؤسسات الطائفة والسكان المحليين.


وشدد الشوفي على أن هدف المجلس يتمثل في "إعادة إعمار المحافظة وضمان أمن المجتمعات الدرزية ضد تهديدات الإرهاب والجماعات المسلحة التي تعمل في المنطقة".

لكن الصحيفة لفتت إلى أن تصريحات الشوفي أثارت معارضة داخل المجتمع الدرزي، حيث ظهرت أصوات عديدة في السويداء تدعي أن المجلس "غير شرعي" وأن تصريحاته تمثل فقط أعضائه. كما أشارت إلى أن الشيخ حكمت الهجري نفى علنا دعمه للمجلس وأبدى معارضته للأفكار الانفصالية.

وفي ضوء هذه الانتقادات، شددت الصحيفة على أن المجلس أصدر بيانا آخر في 24 شباط /فبراير الماضي أكد فيه أنه لا يسعى إلى الانفصال، وأن هدفه الأسمى هو "وحدة الشعب السوري وضمان أمن الدروز في السويداء".

في الوقت ذاته، أضافت الصحيفة أن وفدا من الشخصيات الدرزية في السويداء التقى الرئيس السوري أحمد الشرع في دمشق، حيث ناقشوا خطاب نتنياهو والتطورات الأخيرة، إضافة إلى جهود دمج الجماعات المسلحة الدرزية ضمن هياكل الأمن الجديدة.

ولفتت الصحيفة إلى أن تصريحات نتنياهو حول نزع السلاح في جنوب سوريا والسكان الدروز أثارت موجة احتجاجات ضد الاحتلال الإسرائيلي، خاصة في محافظتي درعا والقنيطرة.

وأوضحت أن زعيم كتلة "التجمع الحر جبل العرب" في السويداء، سليمان عبد الباقي، رفض تصريحات نتنياهو واعتبرها تدخلا في الشؤون الداخلية للسوريين.

كما أشارت الصحيفة إلى أن إحدى التظاهرات في خان أرنبة حملت لافتة مكتوبة بالعربية والإنجليزية والعبرية تقول: "إسرائيل تخدع نفسها وكأنها انتصرت… لكن التاريخ لا يرحم الغزاة".

وقالت الصحيفة إن هناك ادعاءات بشأن وجود صلات بين الدروز والأكراد السوريين، خصوصا مع قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، مستشهدة بتشابه شعار "المجلس العسكري للسويداء" مع شعار "قسد".

لكنها أوضحت أن بعض الخبراء يرون أن المجلس ليس جزءا من تنظيم مشترك، بل مجموعة معارضة للنظام السوري الجديد، ما قد يخلق تحديات مستقبلية.

وفي سياق متصل، شددت الصحيفة على أن تصريحات نتنياهو بشأن نزع السلاح في جنوب سوريا تسلط الضوء على التحديات الأمنية لإسرائيل، خاصة في ظل محاولات الرئيس الجديد أحمد الشرع تقديم صورة لسوريا موحدة ومستقرة بهدف الحصول على دعم دولي ورفع العقوبات.


ولفتت إلى أن التوترات تتزايد على الأرض، حيث قد تُستخدم الجماعات المعارضة للنظام السوري الجديد لصالح قوى أجنبية مثل إيران وتركيا، مما يشكل تهديدا لإسرائيل. كما اعتبرت أن قدرة النظام الجديد على السيطرة على جنوب سوريا ومنع سيطرة الجماعات المسلحة على الحدود مع إسرائيل لا تزال موضع شك.

وأوضحت الصحيفة أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يراقب التهديدات في جنوب سوريا ويتدخل بانتظام لتدميرها، مشيرة إلى أنه في 25 شباط /فبراير نفذ ضربات جوية واسعة في محافظتي درعا والقنيطرة ضد أهداف عسكرية.

وفي الختام، اعتبرت الصحيفة أن الوضع في جنوب سوريا لا يزال غامضا، متسائلة ما إذا كانت سوريا الجديدة ستأخذ طابع "الجهادي" أبو محمد الجولاني، أم ستكون على صورة أحمد الشرع المتسامح.

مقالات مشابهة

  • لا بقاء للمتخاذلين.. محافظ الأقصر يُحيل المسئولين عن أزمة انقطاع المياه للتحقيق
  • إجراءات عاجلة لحل أزمة انقطاع المياه في الأقصر
  • كيف يتغلّب الغزيون على تفاقم أزمة المياه وتخزينها؟
  • لغز حقل عكاز.. العراق بين أزمة طاقة والفساد الاستثماري
  • عميد إعلام الأزهر عن أزمة مسلسل معاوية: الأنبياء والصحابة لهم مكانة خاصة ولا يمكن تجسيد شخصياتهم
  • وزير الإسكان يتابع أزمة انقطاع المياه عن مدينة الأقصر
  • وزير الإسكان يتابع أزمة انقطاع المياه عن مدينة الأقصر بسبب كسر بخطي صرف صحي
  • “نظام التفاهة”: قراءة في ملامح الانحدار الثقافي والسياسي
  • صحيفة عبرية: الميليشيات الدرزية تهدد بتغيير وجه الشرق الأوسط
  • مصادر سياسية:قريباً تشكيل تحالف رباعي بين العراق وتركيا والأردن وسوريا للتعاون الأمني ومكافحة الإرهاب