توفي وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر عن مئة عام، الأربعاء، بحسب ما أعلنت مؤسسته.

وقالت المؤسسة الاستشارية في بيان، إنّ كيسنجر الذي كان وزيراً للخارجية في عهدي الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد وأدّى دوراً دبلوماسياً محورياً خلال الحرب الباردة "توفي اليوم في منزله بولاية كونيتيكت".

ولم يحدّد البيان سبب وفاة كيسنجر الذي اشتهر ببنيته الصغيرة وصوته الأجشّ ولهجته الألمانية الطاغية.

وظلّ كيسنجر حتى وفاته فاعلاً على الساحة السياسية الدولية ولم يثنه تقدّمه في السنّ عن السفر ولقاء العديد من قادة العالم، وكان آخرهم الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي التقاه في يوليو/تموز الفائت في الصين.

ويُعد كيسنجر من أبرز وزراء الخارجية في تاريخ أمريكا، حيث لعب دورًا بارزًا في السياسة الخارجية للولايات المتحدة بين عامي 1969 و1977.

وخلال هذه الفترة، كان رائدًا في سياسة الانفراج الدولي مع الاتحاد السوفييتي، ونسق افتتاحَ العلاقات الأمريكية مع جمهورية الصين الشعبية، وانخرط في ما أصبح يُعرف باسم دبلوماسيةِ الوسيط المتنقل في الشرق الأوسط لإنهاء حرب أكتوبر، والتفاوض على اتفاقيات باريس للسلام، وإنهاء التدخل الأمريكي في حرب فيتنام.

وكان كيسنجر نشطاً بعد مرور مائة عام على عمره، حيث حضر اجتماعات في البيت الأبيض، ونشر كتاباً عن أساليب القيادة، وأدلى بشهادته أمام لجنة في مجلس الشيوخ حول التهديد النووي الذي تشكله كوريا الشمالية.

وفي يوليو/تموز 2023، قام بزيارة مفاجئة إلى بكين للقاء الرئيس الصيني شي جيبينغ.

يشار إلى أن كيسنجر الذي يوصف بـ"ثعلب السياسة" الأمريكية كان لاعبا رئيسيا في الدبلوماسية العالمية خلال الحرب الباردة وحائز نوبل للسلام، أطلق التقارب مع موسكو وبكين في سبعينيات القرن الماضي، معتمدا على رؤية براغماتية للعالم تعد نوعا من "السياسة الواقعية" على الطريقة الأمريكية.

لكن صورة الرجل ذو الصوت الأجش واللهجة الموروثة من أصوله الألمانية، ما زالت مرتبطة بصفحات مظلمة في تاريخ الولايات المتحدة مثل دعم انقلاب 1973 في تشيلي، أو غزو تيمور الشرقية في 1975، وبالتأكيد فيتنام، وفق "فرانس برس".

ولد اليهودي الألماني هاينز ألفريد كيسنجر في 27 مايو/أيار 1923 في فورث في بافاريا، ولجأ في سن الخامسة عشرة إلى الولايات المتحدة مع عائلته قبل أن يصبح مواطنا أمريكيا في سن العشرين.

ثم التحق نجل المدرس بالاستخبارات العسكرية والجيش الأمريكي قبل أن يبدأ دراسته في جامعة هارفارد حيث كان طالبا لامعا وعمل في التدريس أيضًا.

وفرض كيسنجر نفسه وجها للدبلوماسية العالمية عندما دعاه الجمهوري ريتشارد نيكسون إلى البيت الأبيض في 1969 ليتولى منصب مستشار للأمن القومي، ثم وزير الخارجية. وقد شغل المنصبين معا من 1973 إلى 1975. وقد بقي سيد الدبلوماسية الأميركية في عهد جيرالد فورد حتى 1977.

في تلك الفترة، أطلق الانفراج مع الاتحاد السوفييتي، وتحسن العلاقات مع الصين في عهد ماو، خلال رحلات سرية لتنظيم زيارة نيكسون التاريخية إلى بكين في 1972.

كما أجرى وبسرية تامة أيضا وبالتزامن مع قصف هانوي، مفاوضات مع لي دوك ثو لإنهاء حرب فيتنام.

ولتوقيعه وقف إطلاق النار منح جائزة نوبل للسلام مع الفيتناميين الشماليين في 1973، في واحدة من أكثر الجوائز إثارة للجدل في تاريخ نوبل.

المصدر | وكالات

المصدر: الخليج الجديد

إقرأ أيضاً:

المستقبل الاقتصادى للعلاقات العربية الأمريكية بعد صعود ترامب (٧- ١٠)

تناولنا فى المقالات السابقة أن عودة ترامب تعلن عن تبعثر أوراق الاقتصاد العالمى خاصة فى الدول العربية، بسبب السياسات الخاصة المرتبطة مع الولايات المتحدة الأمريكية. والتى انخرطت فى صراعات مدتها 231 عامًا من أصل 248 عامًا من وجودها، واستنادًا على شعار ترامب"أمريكا أولًا"، فإن توجهاته تعكس هذا الشعار. وفى هذا السلسلة من المقالات سوف نتناول تأثير ذلك على الدول العربية بصورة منفردة، وفى هذا المقال سوف نتناول الأثر الاقتصادى على الجانب الليبى، خاصة وأن إعادة فوز ترامب يفتح التكهنات حول دور الولايات المتحدة فى ليبيا، فى ظل السياسات المتغيرة، التى أن يتبناها الرئيس الجمهورى فى تعاطيه مع الأزمات العالمية والإقليمية، خاصة أن ليبيا تمثل نقطة اشتباك رئيسية بين القوى الدولية والإقليمية، مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين، فضلًا عن التدخلات الإقليمية مثل تركيا، وتزداد أهمية هذه القضية فى ظل التحولات الداخلية فى ليبيا والصراع المستمر بين الأطراف المختلفة، بعد استهداف ليبيا زيادة إنتاجها من النفط الخام لتصل إلى 1.3 مليون برميل يوميًا، بزيادة 96 ألف برميل، وامتلاكها احتياطيات كبيرة من النفط والغاز، ولديها بالتالى واحد من أعلى مستويات نصيب الفرد من إجمالى الناتج المحلى فى إفريقيا. وهو ما عجل إعلان الخطوط الجوية الإيطالية (إيتا) استئناف رحلاتها المباشرة إلى العاصمة الليبية، هذا الأسبوع لتصبح أول شركة طيران من دولة كبرى فى غرب أوروبا تتخذ هذه الخطوة بعد انقطاع دام 10 سنوات بسبب الحرب فى ليبيا، ولكن ما يجب التخوف منه هو احتمال اقتراب ليبيا من خطر الانزلاق تجاه "نفق فنزويلا"، التى دخلت فى أزمة اقتصادية منذ 2013 أدت إلى انهيار العملة المحلية وارتفاع الدين العام وازدياد البطالة بسبب عدم تنوع مصادرها واعتمادها على النفط فقط، خاصة أن البلدين يعتمدان على النفط كمصدر اقتصادى. ويزيد من هذا الهاجس انخفاض إيرادات النفط فى ليبيا فى عام 2024 بنحو 23%، مسجلة 15.50 مليار دولار بعدما كانت فى حدود 20.45 مليار فى 2023، كما أدى تراجع عائدات النفط إلى تراجع صافى العجز فى النقد الأجنبى إلى 5.2 مليار دولار. ولكن الملفت للنظر أنه منذ بداية الأزمة الليبية، اتبعت الولايات المتحدة عدة إستراتيجيات تنوعت بين الدبلوماسية والضغط العسكرى، والضغط الدولى عبر الأمم المتحدة، والواضح، أن إدارة ترامب لن تتخلى عن دورها فى ليبيا بسهولة، حيث كان الوجود الأمريكى فى صلب المفاوضات بين الأطراف المحلية حاضرًا، وما يدعم ذلك هو التوسع الصينى فى مشاريع إعادة الإعمار فى شرق ليبيا، لذا فإن عودة الشركات الصينية للمشاركة فى إعادة إعمار البنية التحتية الليبية قد تشكل تحديًا إستراتيجيًا للولايات المتحدة، خاصة فى ظل منافستها الاقتصادية مع الصين، وفى هذا السياق، ستسعى إدارة ترامب إلى ضمان عدم تحول ليبيا إلى ساحة للتنافس الاقتصادى الدولى، حيث يمكن أن يشهد الوضع الليبى تحولًا نحو صراعات بالوكالة بين القوى الكبرى، فقد تركز الولايات المتحدة على ضمان أن أى مشاريع إعمار فى ليبيا تتم تحت إشراف دولي، وهو ما يؤكده معظم خبراء الاقتصاد، بما فى ذلك فى صندوق النقد الدولى ومنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية والمفوضية الأوروبية، بتوقع نمو أقوى فى الولايات المتحدة مقارنة بأوروبا فى عام 2025. وما نود أن نشير إليه أن هناك شكوكًا فى إمكانية تحقيق تحول كبير، فى السياسات الأمريكية، وأن الشرق الأوسط يمر بمرحلة حرجة، تتطلب تضافر الجهود الإقليمية والدولية لتهدئة الأوضاع وضمان عدم توسع الصراعات، خاصة فى ليبيا. وللحديث بقية إن شاء الله.

 

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام 

مقالات مشابهة

  • بعد تصريحات ترامب.. الخارجية الأمريكية: اتفاق وقف إطلاق النار نتاج إدارة بايدن
  • عقيدة ترامب: كيف تعيد الأحلام التوسعية تعريف السياسة الخارجية الأمريكية؟
  • استراتيجيةُ (الهُروب السريع) لحاملات الطائرات الأمريكية
  • سياسي إيراني: خسرنا لبنان وسوريا والعراق وعلينا تعديل السياسة الخارجية
  • هنري: مبابي «كائن بشري» وليس «روبوت»!
  • غطرسة القوة الأمريكية
  • إيران تحذّر من عواقب الغارات الأمريكية البريطانية الإسرائيلية على اليمن
  • المستقبل الاقتصادى للعلاقات العربية الأمريكية بعد صعود ترامب (٧- ١٠)
  • أسس السياسة الخارجية الأمريكية في القارة الأفريقية.. قراءة في كتاب
  • أسس السياسة الخارجية الأمريكية في القارة الإفريقية.. قراءة في كتاب