الحكومات وحدها لن تستطيع.. كيف يمكن للقطاع الخاص الإسهام في حل أزمة الكربون؟
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
بالتزامن مع انطلاق مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب 28" في دبي، تحدثت مجلة "فورين أفيرز" عن أهمية إشراك القطاع الخاص في خطط القضاء على التلوث الناتج عن الانحباس الحراري، لأن تحويله إلى واقع سوف يتطلب استثمارات رأسمالية أكبر من أن تتحملها حكومات الدول وحدها.
وذكرت المجلة أنه بالنظر إلى تعهد العديد من الدول والمنظمات بخفض الانبعاثات إلى "صافي الصفر" بحلول عام 2050 في مؤتمر غلاسكو في عام 2021، ورغم أنه من الصعب تحديد التكاليف الدقيقة لتحويل الأنظمة الصناعية في العالم بالكامل بحلول منتصف القرن، فإن أفضل التقديرات، مثل تلك الصادرة عن بنك "غولدمان ساكس" تقدر التكلفة الإجمالية بنحو 4 تريليون دولار سنويا على مدى العقد المقبل، أو حوالي أربعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد العالمي.
وأشارت المجلة إلى أن إجمالي الاستثمار العالمي في الطاقة النظيفة يبلغ اليوم نحو 1.1 تريليون دولار سنويا، حتى مع ارتفاع الإنفاق الحكومي في هذا المجال إلى أعلى مستوياته على الإطلاق.
ولذلك أوضحت المجلة أنه لا يمكن أن نتوقع من الدول وحدها أن تسد هذه الفجوة، خاصة أن تريليونات الدولارات المطلوبة تتجاوز ببساطة ما يمكن أن تدعمه الميزانيات الحكومية وسط أولوياتها العامة الملحة الأخرى.
ومع ذلك، ترى المجلة أن إمكانية التوسع من المصادر الخاصة كبيرة، موضحة أنه تكمن فرصة واعدة بشكل خاص في صناديق الاستثمار الخاصة التي تخصص مبالغ ضخمة من رأس المال بدعم من مستثمرين مؤسسيين، مثل صناديق التقاعد، وصناديق الثروة السيادية، والأوقاف، وشركات التأمين.
وعلى النقيض من شركات الطاقة والصناعة، والتي يعطي مساهموها الأولوية للتدفقات النقدية في الأمد القريب، أشارت المجلة إلى أن صناديق الاستثمار الخاصة تتمتع بالمرونة اللازمة للقيام برهانات طويلة الأجل على التكنولوجيات والبنية الأساسية الجديدة، ما يسمح لها بالمساعدة في تحويل النظام الصناعي وإحداث فرق أكبر بكثير في المستقبل من خلال وضع السياسات ونماذج الأعمال الصحيحة.
ولتشجيع صناديق الاستثمار بشكل لاستثمار رؤوس أموالها، ذكرت المجلة أنه يجب عرض نماذج جذابة ماليا للممولين وعملية لشركاء الأعمال تشجع مزيدا من مستثمري القطاع الخاص بشأن الفرص المتاحة في مجال الطاقة النظيفة.
لكن "فورين أفيرز" أوضحت أنه على مدى السنوات القليلة الماضية، ظهرت أمثلة واعدة تعتمد جميعها على الشراكات والمعاملات بين رأس المال الخاص والشركات التي تتمتع بالخبرة اللازمة لبناء وتشغيل أنظمة تكنولوجية نظيفة جديدة، وهو التحول الذي نطلق عليه "البني إلى الأخضر".
ووفقا للمجلة، تعمل هذه الشركات القائمة في صناعات تحتاج إلى تقليص عملياتها الكثيفة من الكربون، ويمكنها القيام بذلك من خلال الاستثمارات المناسبة. لذلك ترى المجلة أن إدراك قيمة هذه النماذج واستخدامها على نطاق أوسع كثيرا أمر ضروري لتحويل الطموحات الجريئة للطاقة النظيفة إلى واقع ملموس.
ووفقا للمجلة، رغم أن المستثمرين على استعداد متزايد للإنفاق على التحول الأخضر، فإن أكثر من 80% من تدفقات رأس المال إلى الطاقة النظيفة، في العام الماضي، ذهبت إلى التكنولوجيات التي تكون فيها المخاطر أقل، مثل تطوير طاقة الرياح والطاقة الشمسية، على سبيل المثال، وهي تكنولوجيات ليست أقل تكلفة من المولدات التقليدية التي تعمل بالوقود الأحفوري فحسب، بل إن جدواها التجارية مفهومة على نطاق واسع.
مجال آخر تتدفق إليه الاستثمارات الكبيرة أيضا، كما تشير المجلة، وهو الإمدادات والتقنيات المرتبطة بالسيارات الكهربائية مع ارتفاع الطلب على تلك السيارات.
وفي كل هذه التكنولوجيات النظيفة، ترتبط حالة الاستثمار جزئيا بإعانات الدعم الجذابة التي قدمها الحكومات، بحسب المجلة.
وترى "فورين أفيرز" أن الاستثمار في التقنيات التي أثبتت جدواها لا يمكن أن يؤدي إلى إزالة الكربون بما يطمح له العالم، موضحة أنه حتى مع هذه الاتجاهات الاستثمارية، فإن إجمالي الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون، السبب الرئيسي لتغير المناخ، وصل إلى مستوى قياسي في عام 2022، وكذلك لم تؤد طاقة الرياح والطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية سوى إلى خفض بضع نقاط مئوية من انبعاثات الكربون العالمية.
وأوضحت المجلة أن هذه الجهود ليست كافية لوقف تغير المناخ الذي يتطلب خفض الانبعاثات إلى ما يقرب من الصفر بدلاً من مجرد الانخفاض، مؤكدة أن "الإزالة العميقة للكربون" تتطلب تحولات أكبر وأكثر خطورة في أنظمة الطاقة والصناعة.
وشرحت المجلة أن التقدم على مسار إزالة الكربون بشكل عميق يتوقف على تحولين تكنولوجيين أساسيين. الأول هو التحول إلى طاقة خالية من الكربون، والمعروفة باسم "الإلكترونات النظيفة" (مثل تلك الناتجة عن الطاقة المتجددة أو النووية).
أما التحول الآخر، كما تحدثت عنه المجلة، يتمثل في إيجاد بدائل للوقود الأحفوري التقليدي مثل الديزل ووقود الطائرات، والتي تسمى غالبا "الجزيئات النظيفة".
لكن لا أحد يعرف اليوم ما هو المزيج الصحيح من الإلكترونات والجزيئات الذي سيكون عليه نظام الطاقة النظيفة في المستقبل، بحسب المجلة التي أوضحت أن هذا أحد الأسباب وراء ضخامة مخاطر التحول وعدم دعم المستثمرين حتى الآن سوى في الخيارات الأكثر شيوعًا.
لذلك ترجح المجلة أن الجزء الأكبر من التقدم سيتوقف على الأرجح على الكهرباء، حيث أن الإلكترونات النظيفة مفيدة في حد ذاتها، على سبيل المثال، في شحن السيارات الكهربائية، وهي أيضًا واحدة من أكثر الطرق الواعدة، وإن كانت لا تزال مكلفة، لصنع جزيئات نظيفة. ووفقا للمجلة، يتوقع منظور الطاقة العالمية لشركة ماكينزي لعام 2023 أن يتضاعف الطلب العالمي على الكهرباء بحلول عام 2050. وتقدم الدراسات التي أجرتها مجموعات أخرى، مثل وكالة الطاقة الدولية، تقديرات مماثلة.
وتتطلب إزالة الكربون من قطاع الطاقة نشر أنظمة الطاقة الكهربائية أكثر من مجرد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهي مصادر متقطعة للطاقة، بحسب المجلة.
ولكي تكون الشبكة نظيفة وموثوقة، ستحتاج أيضًا إلى أن تشتمل على محطات طاقة يمكنها توفير الطاقة الأساسية، مثل المولدات النووية أو الطاقة الحرارية الأرضية الجديدة. وستكون هناك أيضًا أدوار للبطاريات والأجهزة الأخرى التي يمكنها تخزين الكهرباء لفترات طويلة وللأنظمة المتقدمة التي تتحكم في شبكات الطاقة هذه بحيث تظل إمدادات الكهرباء ثابتة، بحسب "فورين أفيرز".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الطاقة النظیفة فورین أفیرز المجلة أن
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء يشهد مراسم توقيع عدد من الاتفاقيات بين الحكومة وشركات القطاع الخاص
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، صباح اليوم، مراسم توقيع عدد من الاتفاقيات بين الحكومة وشركات القطاع الخاص، جاء ذلك خلال حضوره فعاليات إطلاق تقرير المتابعة الثاني للمنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي»، محور الارتباط بين مشروعات المياه والغذاء والطاقة.
وأكد رئيس الوزراء، في هذا الصدد، استمرار جهود الدولة التي من شأنها أن تسهم في دعم وتعزيز دور مؤسسات القطاع الخاص للمساهمة بصورة أكبر في العديد من الأنشطة الاقتصادية، وخاصة فيما يتعلق بقطاع الطاقة، لافتا إلى أن ما يتم تنفيذه من مشروعات إنما يأتي في إطار استراتيجية الدولة المصرية لتحقيق التنوع في مصادر الطاقة، ويعكس التزام الحكومة الجاد نحو تعزيز استخدام الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، منوها إلى دور تلك المشروعات في تحقيق وفورات كبيرة في استهلاك الكهرباء، وصولا لتحقيق المزيد من أهداف التنمية المستدامة المرجوة في هذا الصدد.
وتضمنت الاتفاقيات التي شهدها الدكتور مصطفى مدبولي، اتفاقية إطارية للتعاون بهدف إدراج مشروع تطوير محطة الزعفرانة ضمن محور الطاقة ببرنامج "نُوَفِّي"، حيث وقع الاتفاقية كل من الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، وباكينام كفافي، الرئيس التنفيذي لشركة طاقة عربية، وكريم العزاوي، العضو المنتدب لشركة فولتاليا مصر والأردن.
ويُعد مشروع إعادة تأهيل محطة الزعفرانة مبادرة تحويليةً تهدف إلى إعادة إحياء مزرعة الرياح الرائدة في مصر "الزعفرانة"، والتي تقترب من نهاية عمرها التشغيلي، كما أن هذا المشروع يتماشى مع استراتيجية مصر للطاقة المتجددة، وهدفها المتمثل في تحقيق 42% من الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء بحلول عام 2030، ويأتي أيضا كناتج للتعاون بين شركتي طاقة عربية وفولتاليا، للاستفادة من خبراتهما لتقديم حل هجين يجمع بين طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وشهد رئيس الوزراء، توقيع بروتوكول تعاون بين وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والوحدة المركزية للمشاركة مع القطاع الخاص بوزارة المالية، والهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، لإدراج مشروع إنشاء محطة تحلية مياه البحر بالعين السخنة ضمن محور المياه ببرنامج "نُوَفِّي"، ووقع بروتوكول التعاون كل من الدكتور رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، وأحمد كجوك، وزير المالية، ووليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
ويستهدف مشروع إقامة محطة تحلية مياه البحر بالعين السخنة إنتاج مليون متر مكعب يوميًا من المياه النظيفة، وتم طرح المرحلة الأولى منه بطاقة إنتاجية قصوى تصل إلى 250 ألف متر مكعب يوميًا في مناقصة بنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بالتعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية، ووحدة الشراكة بين القطاعين العام والخاص التابعة لوزارة المالية، وذلك بما يسهم في خدمة وتلبية احتياجات المشروعات الصناعية الحالية والجاري تنفيذها والمتوقع تنفيذها خلال العشرين عاما القادمة، وفى مقدمتها المشروعات الخاصة بالهيدروجين الأخضر.
كما شهد رئيس الوزراء توقيع اتفاقية إطارية للتعاون بهدف إدراج مشروعات شركة سكاتك النرويجية في مجال الطاقة المتجددة ضمن محور الطاقة ببرنامج "نُوَفِّي"، حيث وقع هذه الاتفاقية كل من الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، مع السيد/ تيري بيلسكوج، الرئيس التنفيذي لشركة سكاتك النرويجية.
كما تضمنت التوقيعات التي شهدها رئيس الوزراء، توقيع اتفاقية بين شركة مصر للألومنيوم، وشركة سكاتك النرويجية، لشراء الطاقة وإنشاء محطة للطاقة الشمسية بقدرة 1 جيجاوات، بإجمالي استثمارات أجنبية مباشرة تبلغ 650 مليون دولار أمريكي، وذلك لتوفير الطاقة النظيفة لمجمع الألومنيوم بنجع حمادي، وهو أحد مشروعات محور الطاقة ببرنامج "نُوَفِّي".
ووقع الاتفاقية كل من الدكتور محمود عجور، العضو المنتدب التنفيذي لشركة مصر للألومنيوم، وتيري بيلسكوج، الرئيس التنفيذي لشركة سكاتك النرويجية.
وتمت الإشارة إلى أن هذا المشروع يعزز بشكل كبير قدرة مصنع الألومنيوم في نجع حمادي على تلبية احتياجاته من الطاقة، بما يسهم في تحسين الإنتاجية، حيث ان محطة الطاقة الشمسية ستسهم في تقليل التكاليف التشغيلية للمصنع وتعزيز استدامته البيئية، فضلا عن العمل على استيفاء المواصفات الدولية لقواعد الحد من الانبعاثات الكربونية، وتلبية المتطلبات العالمية لتعزيز المنافسة في الأسواق الدولية، حيث يُمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز استخدام الطاقة المتجددة في القطاع الصناعي، ومن المتوقع أن تستفيد شركة مصر للألومنيوم بشكل كبير من هذه المبادرة الطموحة، التي تسهم في توفير أكثر من 40% من احتياجات المصنع من الكهرباء.