الصلاة على النبي 100 مرة.. بـ33 كلمة مجربة تقضي حاجتك
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
تعد الصلاة على النبي 100 مرة، من الأمور التي يكثر البحث عنها خاصة في يوم الخميس وليلة الجمعة، وفي الثلث الأخير من الليل، فهي صلاة تجمع بين حقيقية الدعاء والاستغفار والتوبة إلى الله عزوجل، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المولى تبارك وتعالى يتجلى في هذا الوقت فيغفر لعباده ويجيب السائلين والمستغفرين.
الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أقرب القربات وأعظم الطاعات، وهو أمر مشروع بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة، فأما الكتاب: فقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
وأما السنة: فالأحاديث في ذلك كثيرة؛ منها: حديث أُبي بن كعب رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللهَ اذْكُرُوا اللهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ»، قَالَ أُبَي: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلاَةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاَتِي؟ فَقَالَ: «مَا شِئْتَ»، قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قُلْتُ: النِّصْفَ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلاَتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: «إِذن تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ» رواه الترمذي واللفظ له، والحاكم وصححاه.
وعن أوس بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ عليه السلام، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ» قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ -يَقُولُونَ: بَلِيتَ-؟ فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ» رواه أحمد وأبو داود واللفظ له، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة في ذلك.
صيغ الصلاة على النبي للفرج .. أدركها بـ 4 صيغ مجربة أفضل ما يقال في الصلاة على النبي..صيغتها الكاملة كما ذكرها الإمام علي عبارات عن الصلاة على النبي1- اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الْفَاتِحِ لِمَا أُغْلِقَ ، وَالْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ، نَاصِرِ الْحَقِّ بِالْحَقِّ، وَالْهَادِي إِلَى صِرَاطِكَ الْمُسْتَقِيمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ حَقَّ قَدْرِهِ وَمِقْدَارِهِ الْعَظِيمِ. هذه الصلاة تسمى "صلاة الفاتح" وتنسب لسيدي أحمد التيجاني رضى الله عنه ، كما تنسب إلى سيدي محمد البكري رضى الله عنه (مفاتح القرب للشيخ محمد زكي إبراهيم رحمه الله شيخ الطريقة المحمدية).
وقال الشيخ الهدار محمد بالمدينة المنورة : من قرأ صلاة الفاتح ليلة الجمعة مائة مرة رأى النبي ﷺ في المنام، وهو مجرب والحمد لله، وإن واظب عليها كل يوم مائة مرة انكشف له كثير من الحجب، وحصل له من الأنوار وقضاء الحوائج ما لا يعلمه إلا الله.
2- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ صَلَاةَ الْأَزَلِ وَالْأَبَدِ بِمَا لَا يُحْصَى وَلَا تُحِيطُ بِهِ دَائِرَةٌ ، وَرَضِىَ اللهُ عَنْ أَصْحَابِهِ أَهْلِ الْكَمَالِ وَالتَّكْمِيلِ الَّذِينَ هَدَى اللهُ بِهِمْ كُلَّ حَائِرٍ وَحَائِرَةٍ . وردت عن الشيخ أبي المواهب الشاذلي -رضى الله عنه- في شرحه للحكم العطائية.
3- اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الْحَبِيبِ الْبَشِيرِ ، الشَّفِيعِ النَّذِيرِ ، الَّذِي أَخْبَرَ عَنْهُ رَبُّهُ الْكَرِيمُ ؛ بِأَنَّ لِلهِ فِي كُلِّ نَفَسٍ مِائَةَ أَلْفِ فَرَجٍ قَرِيبٍ ، وَسَلِّمْ تَسْلِيمًا كَثِيرًا . تسمى هذه الصلاة بصلاة الفرج ذكرها السيد محمد علوي المالكي -رضى الله عنه- في كتابه [أبواب الفرج].
4- اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الْبَابِ الْمَفْتُوحِ لِلطَّالِبِينَ، وَالْفَضْلِ الْمَمْنُوحِ لِلْوَاصِلِينَ ، وَاجْمَعْنَا بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالدِّينِ ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينِ ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. هذه الصلاة للشيخ المبارك حسن شداد رضى الله عنه ، وقال : جاهد تشاهد. [الكنوز لمحمدية]
5- اللهم صلِ علي سيدنا محمد الحبيب إذا عُدِمَ الحبيب، والطبيب إذا عز الطبيب، راحة القلوب إذا اشتدت الكروب، سر الدواء وأصل الشفاء ، وعناية السماء، ومصدر الرجاء، صلي الله عليه وعلي آله الأوفياء، وأصحابه الرحماء، صلاة محيطة بجميع الكمالات، عالية علي سائر الصلوات، تُطهرنا بها من غرور النفس وشواغل الحس، وسيئات الذنوب، وخائنة الأعين، وما تخفي الصدور، صلاة تغفر لنا بها جميع الزلات والهفوات ، وتسترنا بها فى الحياة وترحمنا بها بعد الممات.
فضل الصلاة على سيدنا النبي يوم الجمعة وليلتهاالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مستحبة على العموم، وفي يوم الجمعة وليلتها على الخصوص؛ فعَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله، كَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ؟ - يَعْنِي بَلِيتَ - فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ» أخرجه أبو داود وابن ماجه في "سُننيهما"؛ قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (3/ 453، ط. دار الفكر): [«فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ»؛ أي: في يوم الجمعة؛ فإن الصلاة من أفضل العبادات، وهي فيها أفضل من غيرها؛ لاختصاصها بتضاعف الحسنات إلى سبعين على سائر الأوقات، ولكون إشغال الوقت الأفضل بالعمل الأفضل هو الأكمل والأجمل، ولكونه سيد الأيام فيصرف في خدمة سيد الأنام عليه الصلاة والسلام] اهـ.
وقد تواترت نصوص الفقهاء على استحباب الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الجمعة:
قال العلامة ابن عابدين في "حاشيته على الدر المختار" (1/ 518، ط. دار الفكر): [نص العلماء على استحبابها في مواضع: يوم الجمعة وليلتها] اهـ.
ونقل الإمام الحطاب في "مواهب الجليل" (1/ 18) قول الشيخ أبي عبد الله محمد الرصاع في كتابه "تحفة الأخيار في فضل الصلاة على النبي المختار": [من المواطن التي يتأكد فيها طلب الصلاة: إذا طنت الأذن، وعند العطاس، وعند الفراغ من الطهارة، وفي الصباح وفي المساء، وفي يوم الجمعة] اهـ.
وقال الإمام الماوردي في "الحاوي" (2/ 457، ط. دار الكتب العلمية): [وتختار الزيادة من عمل الخير، والإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة الجمعة ويومها؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ أَقْرَبَكُمْ مِنِّي فِي الْجَنَّةِ أَكْثَرُكُمْ صَلَاةً عَلَيَّ، أَلَا فَأَكْثِرُوا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيَّ فِي اللَّيْلَةِ الْغَرَّاءِ وَالْيَوْمِ الْأَزْهَرِ»، قال الشافعي: يعني ليلة الجمعة ويوم الجمعة] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (4/ 548، ط. دار الفكر): [يستحب للحاضر قبل الخطبة: الاشتغال بذكر الله تعالى، وقراءة القرآن، والصلاة، والإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يومها وليلتها، ودليل ذلك ظاهر.. قال الشافعي في "الأم"، والأصحاب: ويستحب قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة وليلتها، ويستحب إكثار الدعاء يوم الجمعة بالإجماع] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (2/ 262، ط. مكتبة القاهرة): [ويستحب أن يُكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الجمعة؛ لما رُوي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ فَإِنَّهُ مَشْهُودٌ تَشْهَدُهُ الْمَلَائِكَةُ» رواه ابن ماجه] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الصلاة على النبي الصلاة على النبي يوم الجمعة الصلاة على النبي ليلة الجمعة الصلاة على النبي 100 مرة الصلاة على النبی صلى الله علیه وآله وسلم رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله عنه ق من الصلاة على فی یوم الجمعة ف أ ک ث ر وا ول الله ص ى الله ع ع ل ى ال وا ع ل ی
إقرأ أيضاً:
حكم بيع قائمة بأرقام الهواتف لمساعدة الآخرين في التواصل مع أصحابها.. دار الافتاء توضح
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"حكم بيع قائمة بأرقام الهواتف بمبالغ معينة لبعض الشركات أو الأفراد للمساعدة في التواصل مع أصحاب هذه الأرقام؟ فهناك بعض الأفراد الذين يعملون في بعض الجهات التي تقدم خدمات لجمهور المتعاملين معها، ويقوم هؤلاء الأفراد بجمع أرقام هواتف العملاء وبياناتهم وعمل قائمة بها دون علم أصحابها، ثم يبيعونها لشركاتٍ أخرى تقدم خدماتٍ للجمهور، مقابل مبلغ مالي. فما حكم الشرع في ذلك؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: انه لا يجوز شرعًا قيام بعض الأفراد الذين يعملون في جهة ما بعمل قائمة بأرقام هواتف العملاء وبياناتهم وإعطائها لجهة أخرى مقابل مبلغ من المال دون إذن أصحاب تلك البيانات؛ فهذا فعلٌ محرم شرعًا وممنوعٌ قانونًا، لا سيما وأنَّ هذه الأرقام والبيانات من جملة الأسرار والأمانات التي يجب حفظها، وإفشاؤها يُعدُّ من خيانة الأمانة المحرمة شرعًا، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 27]، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ حَدَّثَ حَدِيثًا لَا يُحِبُّ أَنْ يُفْشَى عَلَيْهِ فَهُوَ أَمَانَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَكْتِمْهُ صَاحِبُهُ»، كما أنها ليست ملكًا لهؤلاء الأفراد حتى يصحَّ بيعها.
بيان أنَّ الإسلام وضع القواعد العامة التي تنظم المعاملات بين الناس
وضع الشرع الشريف القواعد التي تنظم علاقة الأفراد بعضهم البعض؛ في البيع والشراء والأخذ والعطاء، وأرشد إلى طرق الكسب الحلال فيها، ونهى عمَّا يخالفها؛ رعايةً للحقوق، وتحقيقًا للمصالح، ودفعًا ورفعًا للظلم؛ فقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29].
حكم بيع قائمة بأرقام الهواتف بمبالغ معينة لبعض الشركات أو الأفراد للمساعدة في التواصل مع أصحاب هذه الأرقام
أرقام الهواتف وبياناتها تمثل اختصاصًا لأصحابها، ومن المقرر شرعًا أن كلَّ من اختص بشيء فهو له، ولا يجوز لغيره الاعتداء على ذلك الاختصاص والانتفاع به إلا بإذن صاحبه، وهو ما أَسَّسه حديث النبي صَلَّى الله عليه وآله وسَلَّم: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسِهِ» أخرجه الدَّارَقُطِني في "السُّنَن" مِن حديث أنسِ بن مالك رضي الله عنه، ووَرَد مِثْله مِن طريق حنيفة عَمِّ أبي حُرَّة الرَّقَاشي في مسند الإمام أحمد، والبَيْهَقِي في "الكُبْرَى" و"الشُّعَب".
ومن ثمَّ فقيام بعض الموظفين في بعض الجهات التي تستقبل اتصالات متعددة من عملاء يتعاملون معها بجمع أرقام العملاء وبياناتهم وبيعها لجهات أخرى دون علم أصحابها -فعلٌ محرم شرعًا، ويؤكد ذلك ما يلي:
أولًا: أنَّ هذه البيانات من قبيل الأسرار لدى الجهة المستقبلة لها، فبيعها أو تسريبها للآخرين دون علم أصحابها يعدُّ إفشاء لهذه الأسرار، ومن المقرر شرعًا حرمة إفشاء الأسرار، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» أخرجه الإمام الترمذي وابن ماجه في "السنن".
قال الشيخ إبراهيم بن يوسف الوَهْراني المشهور بابن قُرقُول المتوفى (569 هـ) في كتابه "مطالع الأنوار على صحاح الآثار" (5/ 9، ط. وزارة الأوقاف القطرية): [«مَا لَا يَعْنِيهِ» أي: ما لا يَخُصُّه ويلزمه] اهـ.
فحثَّ الشرع الشريف على ترك المرء ما لا يَخصُّه، فشأن هذه المعلومات والبيانات خاصٌّ بأصحابها، وإنما أُخذت منهم لغرض محدَّد، فينبغي أن يُقتصر عليه؛ لأصالة اختصاصها بأصحابها دون الجهات التي حصلت عليها منهم، ومن ثمَّ الأفراد العاملون بها من باب أولى.
ولا يشترط في عَدِّ هذه البيانات من الأسرار أن يطلب العميل كتمانها عن الآخرين، إذ الأصل حفظ وصيانة كل ما يخص الغير وعدم إفشائه إلا إذا صرح بجواز تداوله؛ وذلك لما أخرجه الإمام الطَّبَرَاني في "المعجم الكبير" بسنده، قال: كان عبد الله بن سَلَام رضي الله عنه جالسًا فتكلَّم بكلمة فسمعه رجل، لم يحب أن يَسمعه، فالتفت إلى أبي الدَّرْداء رضي الله عنه فقال: أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ حَدَّثَ حَدِيثًا لَا يُحِبُّ أَنْ يُفْشَى عَلَيْهِ فَهُوَ أَمَانَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَكْتِمْهُ صَاحِبُهُ».
والسر أمانةٌ من الأمانات التي يجب حفظها، فقد روى الإمام البخاري في "صحيحه" عن أنسِ رضي الله عنه قال: «أسرَّ إلي النبي صلى الله عليه وآله وسلم سرًّا، فما أخبرت به أحدًا بعده، ولقد سألتني أم سليم فما أخبرتها به».
قال الإمام ابن بَطَّال في "شرح صحيح البخاري" (9/ 63، ط. مكتبة الرشد): [السر أمانة وحفظه واجب، وذلك من أخلاق المؤمنين] اهـ.
ثانيًا: أن قيام هؤلاء الأفراد بجمع هذه البيانات والعمل على بيعها خيانة لأمانة الجهات التي يعملون بها قبل أن تكون خيانة للعملاء؛ فالعمل وما يتعلق به من الأمانات، والأمانة: هي الشّيء الموجود عند الشخص الذي اتُّخِذَ أمينًا؛ سواءٌ أجُعِلَ أمانةً بعقد الاستحفاظِ كالوديعة، أم كان أمانةً ضِمنَ عقدٍ كالمأجور والمستعار. كما في "مجلة الأحكام العدلية" (المادة 762).
وحفظ الأمانة أمرٌ واجبٌ شرعًا، فقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 27]، وأكدت ذلك السنة؛ فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» رواه أبو داود، وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ» قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ» رواه البخاري، والإشارة في النصوص عامة في جميع الأمانات الواجبة على الإنسان، سواء منها ما كان من حقوق الله تعالى كالصلاة والصيام وغيرهما، أو ما كان من حقوق العباد كالودائع وغيرها.
قال الإمام ابن كثير في "تفسيره" (2/ 338، ط. دار طيبة): [يخبر تعالى أنه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها، وفي حديث الحسن، عن سَمُرَة، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ». رواه الإمام أحمد وأهل السنن، وهذا يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله عز وجل على عباده من الصلوات، والزكوات، والكفارات، والنذور، والصيام، وغير ذلك، مما هو مؤتمن عليه لا يطلع عليه العباد، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض كالودائع وغير ذلك مما يأتمنون به بعضهم على بعض من غير اطلاع بينة على ذلك. فأمر الله عز وجل بأدائها، فمن لم يفعل ذلك في الدنيا أخذ منه ذلك يوم القيامة، كما ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا حَتَّى يُقْتَصَّ لِلشَّاةِ الْجَمَّاءِ مِنَ الْقَرْنَاءِ»] اهـ. وعلى ذلك فتشمل الأمانات ما يؤديه الموظف في عمله وما يتعلق به من الأسرار.
ثالثًا: أنَّ بيانات العملاء ليست ملكًا للموظفين في الشركة المستقبلة لها، وإنما هي ملك للعميل، والموظفون أمناء على هذه البيانات، فبيعهم لها لا يصحُّ؛ لأنَّ المبيع غير مملوك للبائع، ومن المقرر شرعًا أنه يشترط لصحة البيع: أن يكون المبيع مملوكًا للبائع وقت البيع؛ وذلك لما رواه أصحاب "السنن" عن حكيم بن حزام رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، يَأْتِينِي الرَّجُلُ فَيُرِيدُ مِنِّي الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِي، أَفَأَبْتَاعُهُ لَهُ مِنَ السُّوقِ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ».
ووجه دلالة هذا الحديث في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ»، والمراد به "أن يبيعه شيئًا قبل أن يملكه"؛ كما في "المنتقى" للإمام أبي الوليد الباجي (5/ 77، ط. السعادة).
قال الإمام ابن قُدَامَة في "المغني" (4/ 155، ط. مكتبة القاهرة): [ولا يجوز أن يبيع عينًا لا يملكها، ليمضي ويشتريها، ويسلمها، رواية واحدة، وهو قول الشافعي ولا نعلم فيه مخالفًا] اهـ.
بيان موقف القانون المصري من هذا الأمر
نظم المشرع المصري إجراءات التعامل مع البيانات الشخصيَّة لدى الجهات والهيئات، فنص في المادة (36) من القانون 151 لسنة 2020م على أنَّه: [يُعاقب بغرامة لا تقلُّ عن مائة ألف جنيه ولا تُجاوز مليون جنيه كلُّ حائز أو متحكم أو معالجٍ جمَعَ أو عالَجَ أو أفشَى أو أتاح أو تداوَلَ بيانات شخصية معالَجَة إلكترونيًّا بأي وسيلة من الوسائل في غير الأحوال المصرَّح بها قانونًا أو بدون موافقة الشخص المَعنيِّ بالبيانات.
وتكون العقوبة الحبس مدةً لا تقلُّ عن ستة شهور وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا ارتكب ذلك مقابل الحصول على منفعة مادية أو أدبية، أو بقصد تعريض الشخص المعني بالبيانات للخطر أو الضرر] اهـ.
كما نصَّ في الفقرة الثانية من المادة (150) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 على أنَّه: [يحظر على الموظف مخالفة القوانين، واللوائح، والقرارات، والنظم المعمول بها، ويحظر عليه على الأخص ما يأتي:
1- مباشرة الأعمال التي تتنافى مع الحيدة والتجرد والالتزام الوظيفي أثناء ساعات العمل الرسمية.
2- إفشاء أية معلومات يطلع عليها بحكم وظيفته إذا كانت سرية بطبيعتها أو بموجب تعليمات تقضي بذلك دون إذن كتابي من الرئيس المختص، ويظل هذا الالتزام قائما بعد ترك الخدمة] اهـ.
الخلاصة
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن قيام بعض الأفراد الذين يعملون في جهة ما بعمل قائمة بأرقام هواتف العملاء وبياناتهم وإعطائها لجهة أخرى مقابل مبلغ من المال دون إذن أصحاب تلك البيانات -فعلٌ محرم شرعًا وممنوع قانونًا، فهذه الأرقام والبيانات من جملة الأسرار والأمانات التي يجب حفظها، كما أنها ليست ملكًا لهؤلاء الأفراد حتى يصحَّ بيعها.