أمضت فاطمة شاهين سبعة أشهر في السجون الإسرائيلية، واتهمتها السلطات في البداية بمحاولة قتل إسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، لكنها لم توجه إليها أي تهمة بارتكاب أي جريمة، تم يوم الجمعة إطلاق سراح الشاب البالغ من العمر 33 عاما من مدينة بيت لحم بالضفة الغربية، وهو واحد من 39 فلسطينيا تم إطلاق سراحهم في ذلك اليوم مقابل إطلاق سراح رهائن إسرائيليين كجزء من الهدنة بين إسرائيل وحماس، وحتى اليوم الأربعاء، أطلقت إسرائيل سراح 180 سجينًا ومعتقلًا فلسطينيًا ، وأطلقت حماس سراح 81 رهينة، وكانت لشهادات المفرج عنهم أثرا في كشف جرائم إسرائيل بحق معتقلي فلسطين بحسب صحيفة CNN الأمريكية.

 

ومثل شاهين، فإن غالبية المفرج عنهم حتى الآن – 128 من أصل 180 – كانوا محتجزين ولم توجه إليهم اتهامات أو يقدموا للمحاكمة أو يمنحوا فرصة للدفاع عن أنفسهم، ويقول البعض إنهم لم يتم إخبارهم حتى عن سبب احتجازهم، وقد تم احتجاز بعض الفلسطينيين بموجب نظام قضائي عسكري غامض يسمح نظريًا لإسرائيل باحتجاز الأشخاص لفترات غير محددة دون محاكمة أو تهمة، حيث تدير إسرائيل نظامين قضائيين مختلفين في الضفة الغربية منذ استيلائها على المنطقة في عام 1967، فيخضع الفلسطينيون الذين يعيشون هناك لسلطة نظام المحاكم العسكرية الإسرائيلية، حيث يكون القضاة والمدعون العامون جنوداً إسرائيليين يرتدون الزي الرسمي، وفي الوقت نفسه، يخضع المستوطنون اليهود هناك لمحاكم مدنية.

 

قوانين لا تعرف العدل وتهدف للسطوة على الفلسطينيين

وبحسب التقرير الذي نشرته صحيفة  CNN  الأمريكية بهدف تفنيد جرائم إسرائيل بحق المعتقلين من الشعب الفلسطيني، قال مستشار قانوني في إدارة القانون الدولي التابعة لقوات الدفاع الإسرائيلية، إن الأنظمة المختلفة موجودة لأنه بموجب القانون الدولي، لا يُسمح لإسرائيل "بتصدير" نظامها القانوني إلى الضفة الغربية، فيما يقول مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، بتسيلم، وهو منظمة غير حكومية، إن المحاكم "تعمل كأحد الأنظمة المركزية التي تحافظ على سيطرة إسرائيل على الشعب الفلسطيني  " .

وتقول شاهين إنها أثناء احتجازها، مُنعت من الاتصال بمحام ومُنعت من التحدث إلى عائلتها، حيث تعافت من الإصابات التي غيرت حياتها والتي عانت منها أثناء اعتقالها، وتابعت: "لقد اتهموني بتنفيذ عملية طعن. هذا ليس صحيحا، وأطلقوا النار عليّ، وأصبت برصاصتين في العمود الفقري...أعاني من شلل جزئي، والآن لا أستطيع أن أشعر بساقي أو الوقوف"، وتأتي شهادة شاهين لتكشف كذب مصلحة السجون الإسرائيلية، حيث قالت في بداية صفقة الهدنة الحالية، إن السجناء الذين تم إطلاق سراحهم كجزء من الصفقة، كانوا يقضون عقوبة لارتكابهم جرائم خطيرة، مثل محاولة القتل والاعتداء وإلقاء المتفجرات، ولكن المعلومات التي قدمتها السلطات الإسرائيلية تكشف أن معظمهم لم توجه إليهم اتهامات أو تتم إدانتهم.

 

 

جريمة الاعتقال الإداري

قبيل دخول الهدنة حيز التنفيذ الأسبوع الماضي، نشرت وزارة العدل الإسرائيلية قائمة بأسماء 300 أسير ومعتقل فلسطيني مؤهلين للإفراج عنهم بموجب اتفاق التبادل، وغالبية الأشخاص المدرجين في القائمة لم يتم اتهامهم أو الحكم عليهم بأي جريمة، وبدلا من ذلك، وفقا للوثيقة، تم احتجاز البعض أو احتجازهم رهن الاحتجاز الإداري، وهو إجراء مثير للجدل يسمح للسلطات الإسرائيلية باحتجاز الأشخاص إلى أجل غير مسمى لأسباب أمنية دون محاكمة أو تهمة، وأحيانا بناء على أدلة لم يتم الإعلان عنها، كما تستخدمه إسرائيل كإجراء وقائي: حيث يتم احتجاز الأشخاص ليس بسبب ما فعلوه، ولكن بسبب جرائم مستقبلية يُزعم أنهم خططوا لارتكابها.

والعديد من المعتقلين بموجب هذه السياسة ليس لديهم أي فكرة عن سبب سجنهم، لأن الأدلة ضدهم سرية، وهذا يترك المعتقلين عاجزين - يواجهون ادعاءات مجهولة دون أي وسيلة لدحضها، ولا يعرفون متى سيتم إطلاق سراحهم، ودون توجيه اتهامات إليهم أو محاكمتهم أو إدانتهم، وذلك ما أكدته منظمة بتسيلم، فبموجب القانون الإسرائيلي، يمكن احتجاز الأشخاص رهن الاعتقال الإداري لمدة تصل إلى ستة أشهر، ولكن يمكن تجديد هذه المدة إلى أجل غير مسمى، ووفقاً للبيانات التي حصلت عليها منظمة بتسيلم من مصلحة السجون الإسرائيلية، فإن من بين ما يزيد عن 1300 فلسطيني كانوا محتجزين رهن الاعتقال الإداري حتى شهر سبتمبر، كان نصفهم تقريباً محتجزين لأكثر من ستة أشهر.

واعتبارًا من شهر سبتمبر، كان الرقم عند أعلى مستوياته منذ  أكثر من ثلاثة عقود ، متجاوزًا الرقم القياسي السابق المسجل في ذروة الانتفاضة الفلسطينية الثانية في عام 2003، وفقًا للبيانات التي حصلت عليها بتسيلم  وهاموكيد  ، وهي منظمة إسرائيلية غير حكومية تعمل على تركز على قانون حقوق الإنسان وتقدم المساعدة القانونية المجانية للفلسطينيين.

 

 

الأطفال في الاحتجاز يتعرضون للضرب والتعري 

كما سلطت أحداث الأيام الأخيرة الضوء على قضية أخرى تعرضت إسرائيل لانتقادات بسببها: احتجاز الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 18 عامًا أو أقل، ووفقاً لمنظمة بتسيلم، كانت مصلحة السجون الإسرائيلية تحتجز 146 قاصراً فلسطينياً على أساس ما وصفته بأسباب أمنية حتى سبتمبر، وبموجب القانون الإسرائيلي، يمكن سجن الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 12 عاما لمدة تصل إلى ستة أشهر، ويُرسل القُصَّر إلى السجون العسكرية إلى جانب البالغين، فأغلبية من تم إطلاق سراحهم حتى الآن من خلال صفقة التبادل هم من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و18 عامًا، لكن قائمة الأشخاص المؤهلين للإفراج عنهم في إسرائيل تشمل أيضًا خمسة أطفال يبلغون من العمر 14 عامًا وسبعة أطفال يبلغون من العمر 15 عامًا.

ومثل بقية الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل، يخضع الأطفال لنظام المحاكم العسكرية الإسرائيلية، مما يعني أن حقوقهم محدودة ولا تتماشى مع المعايير الدولية لنظام قضاء الأحداث، ووفقا لتقرير  صادر عن منظمة إنقاذ الطفولة في وقت سابق من هذا العام، يتم احتجاز ما بين 500 إلى 1000 طفل في السجون العسكرية الإسرائيلية كل عام، وأضافت أن العديد من الأطفال محتجزون بتهمة رشق الحجارة، وهي جريمة تصل عقوبتها القصوى  إلى السجن 20 عامًا  بموجب القانون الإسرائيلي، وفي وقت سابق من هذا العام، قالت المنظمة إن مسحها للأطفال الفلسطينيين الذين اعتقلهم الجيش الإسرائيلي أظهر أن 86% أفادوا بأنهم تعرضوا للضرب، و70% قالوا إنهم تعرضوا للتهديد بالأذى، و69% أفادوا بأنهم تعرضوا للتفتيش العاري أثناء الاستجواب.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: السجون الإسرائیلیة تم إطلاق سراحهم بموجب القانون

إقرأ أيضاً:

من دير ياسين إلى غزة.. آلة القتل الإسرائيلية مستمرة بحق الفلسطينيين

مع تكرار مشاهد الدمار والموت في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعالت أصوات الناشطين والسياسيين للتأكيد أن آلة القتل الإسرائيلية لم تتغير منذ عقود، بل استمرت في نهجها القائم على استهداف الأبرياء من الأطفال والنساء، وقصف المنازل ومراكز الإيواء.

ومع تواصل الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة بوتيرة متصاعدة، واستهدافها للأطفال والنساء بشكل رئيسي، أثارت هذه الهجمات موجة غضب واسعة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث شبّه الناشطون ما يحدث في القطاع بمجزرة دير ياسين عام 1948، حين ارتكبت العصابات الصهيونية إحدى أبشع الجرائم ضد الفلسطينيين.

وتعد مجزرة دير ياسين إحدى المجازر التي نفذتها عصابات الأرغون وشتيرن الإسرائيلية بدعم من البالماخ والهاغاناه في فجر التاسع من أبريل/نيسان 1948، لتهجير سكان القرية، وبث الرعب في القرى والمدن الأخرى. وكان معظم ضحايا المجزرة من المدنيين، ومنهم أطفال ونساء وعجزة، وخلفت -حسب المصادر الفلسطينيةـ نحو 254 شهيدا.

وتحكي المصادر التاريخية أن عناصر الأرغون وشتيرن كانت تفجر البيوت، وتقتل أي شيء يتحرك، وأوقفوا العشرات من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب إلى الجدران وأطلقوا عليهم النيران.

إعلان

وتعليقا على استمرار آلة القتل الإسرائيلية رأى السياسي والأكاديمي الفلسطيني فايز أبو شمالة أن ما يحدث في قطاع غزة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي هو إرهاب متكرر ومتواصل منذ مذبحة دير ياسين عام 1948 وحتى عام 2024، في إشارة إلى استمرارية القوات الإسرائيلية ممارسة الإرهاب نفسه، وأن آلة القتل الإسرائيلية لم تتغير مع الزمن.

الإرهاب الإسرائيلي يتواصل من دير ياسين 1948 وحتى قطاع غزة 2024
مشهد الذبح والفراق الحزين يتكرر في فلسطين، وبصور مختلفه pic.twitter.com/8qzTNBezO3

— د. فايز أبو شمالة (@FayezShamm18239) December 17, 2024

من جهتها، أشارت الناشطة بلقيس عبر منصة "إكس" إلى أن الفاجعة والمآسي في غزة لم تبدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بل هي مشهد فلسطيني مستمر منذ مذبحة دير ياسين عام 1948، مضيفة أن الاحتلال لا يفرق بين كبير وصغير، إذ يستهدف الجميع بلا تمييز، مستدلة على ذلك بآخر جريمة ارتكبها، وهي قتل الرجل المعروف باسم "روح الروح"، الشاهد على مذبحة حفيدته، ثم قتله لإخفاء الحقيقة.

الفاجعة والمآسي لم تبدأ في 7 أكتوبر 2023

مشهد فلسطيني واحد، ما بين دير ياسين 1948 وغزة 2023، الاحتلال يقتل #روح_الروح pic.twitter.com/XqS7lmZHa8

— بْـلـْقِـيـِسْ★ (@Balqee1s) December 16, 2024

بينما قال الناشط خالد صافي إن الأطفال في غزة، عندما ينامون، لا يستيقظون، فهم ينامون على صدى القذائف وتحت سقف هشٍ من الخوف، وغالبا ما يكون نومهم الأخير. أحلامهم لا تكتمل، وأصوات ضحكاتهم تنطفئ تحت الأنقاض، وكأن النوم أصبح لديهم جسرا بين الحياة والموت.

وكتب الناشط تامر عبر منصة "إكس" "في الوقت الذي يخلد فيه أطفال العالم إلى النوم سالمين، ثم إلى المدرسة الكبيرة، أو للاحتفال بالأعياد، أو التعبير والمرح مع عائلاتهم، في غزة، يضطر الأهالي إلى وضع أطفالهم في ثلاجات الموت، بعد أن قتلتهم إسرائيل في حربها ضد الإنسانية والتطهير العرقي لقطاع غزة بالكامل".

في الوقت الذي يخلد فيه أطفال العالم إلى النوم استعدادًا للذهاب إلى المدرسة صباحًا، أو للاحتفال بالأعياد، أو للعب والمرح مع عائلاتهم

في غزة، يحمل الأهالي أطفالهم إلى ثلاجات الموت، بعد أن قتلتهم إسرائيل في حربها ضد الإنسانية والتطهير العرقي بحق قطاع غزة pic.twitter.com/rM9aoY6oaf

— Tamer | تامر (@tamerqdh) December 20, 2024

إعلان

بدوره، يتساءل الإعلامي والكاتب السياسي فايز أبو شمالة "أي نوع من الحكام هؤلاء الذين سمحوا للقتلة بأن يستبيحوا كل شيء في غزة؟ والأغرب أن شعوبنا جميعا تتحرق شوقا لتحرير غزة والقدس والأقصى وفلسطين. كيف وصلنا إلى هذا المستوى من البلادة؟".

كما علق أحدهم قائلا "444 يوما والبشرية تتفرج على المحرقة الصهيونية بحق أبناء الشعب الفلسطيني في غزة. قتل، تدمير، تهجير، إحراق. فأين العالم؟ أين أحرار العالم؟ لا تنسوا غزة، ففي كل ثانية يُقتل مئات الأطفال والنساء والشيوخ".

pic.twitter.com/ElWMl3OBp8

— أحمدصالحAhmd Saleh (@iahmedsalih) December 22, 2024

وأشار بعضهم إلى أنه ليس جديدا على الاحتلال استهداف الأطفال والنساء الفلسطينيين، ففكر الاحتلال الذي يرتكب جرائم حرب وإبادة ضد الإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني مستمر منذ النكبة في عام 1948.

وأضاف ناشطون أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد قصف المنازل ومراكز الإيواء بالصواريخ والقنابل بهدف قتل أكبر عدد ممكن من الأطفال والنساء.

في السياق ذاته، ذكرت وزارة الصحة بغزة أن الاحتلال الإسرائيلي كثف من استهدافه للمنظومة الصحية في شمال قطاع غزة، وذلك بحصاره واستهدافه المباشر للمستشفى الإندونيسي ومستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة خلال الساعات الماضية وإصراره بإخراجها عن الخدمة.

وأشارت الوزارة إلى أن القصف الإسرائيلي شمل جميع أقسام مستشفى كمال عدوان ومحيطه على مدار الساعة والشظايا تتناثر داخل ساحاته محدثة أصواتا مرعبة وأضرارا جسيمة.

وتشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدعم أميركي، حرب إبادة جماعية على غزة أسفرت عن أكثر من 153 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

مقالات مشابهة

  • اختفاء أربعة أطفال يهز الإكوادور والتحقيقات تقود إلى تورّط عناصر عسكرية
  • خبير في الشئون الإسرائيلية: نتنياهو وضع العراقيل أمام تطلعات الشعب الفلسطيني
  • حماس: لن نقبل بأي شروط تمس بكرامة الشعب الفلسطيني
  • الأجهزة الأمنية تعلن عن إحباط أنشطة استخباراتية لوكالة المخابرات الأمريكية (CIA) وجهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد)
  • تصاعد عمليات التوغل الإسرائيلية في سوريا.. نقاط عسكرية وسواتر ترابية حول سد المنطرة
  • مسئولة بالهلال الأحمر الفلسطيني: الاحتلال يحول غزة إلى مقبرة للأطفال
  • وثيقة مسربة تكشف علم مسؤولي الاتحاد الأوروبي بجرائم الحرب الإسرائيلية في غزة
  • لبنان يقدّم أسماء المفقودين في «السجون السورية» وشكوى ضد إسرائيل بمجلس الأمن
  • من دير ياسين إلى غزة.. آلة القتل الإسرائيلية مستمرة بحق الفلسطينيين
  • أسماء نحو 200 من معتقلي غزة في السجون الإسرائيلية