“خطف واغتصاب وتعذيب”.. المرأة اليمنية في زمن الحوثيين (تقرير خاص)
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
يمن مونيتور/ وحدة التقارير
تسود المجتمع اليمني عادات وتقاليد مجتمعية متوارثة، تكاد تشمل كافة مناحي الحياة، فهو يضع المرأة في مكانة رفيعة ومقدسة، ويضع محرمات وممنوعات وخطوط حمراء لا يسمح بتجاوزها، لكن الحوثيون ومنذ استيلائهم على السلطة، كسروا هذه الأعراف والتقاليد، وتعرضت المرأة في زمنهم للاختطاف والاغتصاب والتعذيب.
وخلال سنوات الحرب الثمان الماضية، لم يتورع الحوثيون في التوقف عن ارتكاب الانتهاكات بحق النساء اليمنيات، واحترام حقوقهن ومكانتهن الاجتماعية والدينية، بل توسعت تلك الانتهاكات وتصاعدت من حين لآخر، وصولاً إلى قتلهن وانتهاك منازلهن وخطفهن والتشهير بهن.
ووثقت العديد من المنظمات الحقوقية، المحلية والدولية، انتهاكات جسيمة بحق المرأة اليمنية، وأظهرت تسجيلات مصورة، متداولة على مواقع التواصل، جانباً من الانتهاكات المروعة بحق المرأة اليمنية، ارتكبها عناصر تابعين للحوثيين، دون أي رادع، وقد أثارت تلك الانتهاكات غضب المجتمع اليمني.
“اعتداء جنسي”
وحسب تقرير لجنة الخبراء الدوليين الصادر لشهر فبراير الجاري 2023، فإن الحوثيون يواصلون احتجاز النساء لأسباب تتعلق بالنزاع، بما ذي ذلك انتماؤهن او لمشاركتهن في منظمات المجتمع المدني أو نشاطهن في مجال حقوق الإنسان، أو بسبب ما تسميه الجماعة “الأفعال غير اللائقة”.
وتتعرض النساء اليمنيات في سجون الحوثيين، وفقا للتقرير الأممي، للاعتداء الجنسي وفي بعض الحالات يخضعن لفحوص العذرية، وكثيراً ما يمنعن من الحصول على السلع الأساسية، كما يمنع الحوثيين المرأة من السفر، وعمدوا خلال الفترة الأخيرة على فصل الجنسين في المدارس والجامعات ومن حفلات التخرج المختلطة للخريجين.
كما يستخدم الحوثيون التشهير العلني الذي ينطوي على ادعاءات بممارسة البغاء ضد اليمنيات بمن فيهن نساء الشتات وتتلقى النساء المشاركات حاليا أو اللواتي شاركن سابقا في العمل السياسي أو منظمات المجتمع المدني تهديدات بالقتل وتهديدات ضد أفراد أسرهن، الأمر الذي يلقي بآثار سلبية على هؤلاء النساء لا سيما في المجتمع اليمني المحافظ.
وأفاد تقرير الخبراء الدوليين، بأنه تلقى تقارير تفيد بارتكاب الحوثيين عنف جنسي ضد رجال ونساء في مرافق الاحتجاز، كوسيلة للتعذيب في المقام الأول، مشيراً إلى توثيقه لحالات اغتصاب فتيان صغار في مرافق الاحتجاز.
وأشار إلى تشديد الحوثين في إلزام النساء والفتيات بوجود محرم (وصي شرعي من الذكور) حصولهن على خدمات الرعاية الصحية الأساسية بما في ذلك الصحة الإنجابية.
وأفاد تقرير الخبراء، أيضاً بارتكاب الحوثيين عنف جنساني مرتبط بالنزاع على الإنترنت مثل التحرش بالناشطات والتشهير بهن، بما في ذلك المغتربات منهن.
“عودة للجاهلية”
تقول امرأة مقيمة في صنعاء في هذا الشأن: “كانت لدى المرأة اليمنية مكانتها في المجتمع والقبيلة. ولا يستطيع أي شخص أن يمسّ بها، أما في زمن الحوثيين، فأصبحت المرأة تتعرّض للضرب والسجن والإهانة”، متابعة “لا تستطيع القبيلة ولا المجتمع الدفاع عنها”.
وترى يمنية أخرى مقيمة في صنعاء رفضت أيضا الكشف عن اسمها، أن الحوثيين “يريدون العودة بالنساء اليمنيات إلى عهد الجاهلية”، وتتابع “لا يوجد فرق بينهم وبين داعش من حيث التعامل مع المرأة”.
“انتهاكات مستمرة”
في السادس من فبراير الجاري، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، إن جماعة الحوثي مستمرة في انتهاكاتها لحقوق النساء والفتيات في مناطق سيطرتها.
وقالت نيكو جافارنيا” باحثة البحرين واليمن داخل المنظمة في تقرير لها: أرسل خبراء حقوقيون تابعون للأمم المتحدة كتابا إلى الحوثيين، يعرضون فيه بالتفصيل “الانتهاك المنهجي لحقوق النساء والفتيات”، بما في ذلك حقهن في حرية التنقل، وحرية التعبير، والصحة، والعمل، بالإضافة إلى تفشي التمييز ضدهن.
ووفقا للباحثة: يعرض الكتاب انتهاكات عديدة، منها زيادة القيود على حرية تنقل النساء. فعلى سبيل المثال، يلزم الحوثيون، أكثر فأكثر، النساء على السفر مع محرم (قريب ذكر أو زوج) أو بموجب موافقة خطية من ولي الأمر الذكر.
وقد أصبح هذا الشرط قانونا بحكم الواقع في جميع المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. وقد قال الخبراء إن “الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري” التابعة للحوثيين وسّعت نطاق القيود في أغسطس/آب 2022 بسحب تقارير، فلم يعد يُسمح للنساء بالسفر بدون محرم إلى أي مكان داخل المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، أو إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية، أو إلى خارج البلاد.
وقالت “منظمة العفو الدولية” إن النساء اليمنيات العاملات مع جهات إنسانية، بما فيها هيئات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، قلن إنهن يتعرضن لقيود على السفر إلى مختلف المحافظات للقيام بعملهن. ويعرض الكتاب كيف تُضطر الجهات الإنسانية إلى وضع اسم محرم لدى تقديم طلب سفر أي موظفة يمنية إلى السلطات الحوثية.
ويضيف أن العديد من الموظفات ليس لديهن محرم بإمكانه مرافقتهن خلال رحلات العمل الضرورية، ما أدى إلى استقالتهن وخسارتهن مدخول أساسي لعائلاتهن. وقال الخبراء إن هذه القيود “تمنع” النساء والفتيات اليمنيات من الحصول على المساعدات الإنسانية.
فيما تقول المنظمة الحقوقية اليمنية “مواطَنة لحقوق الإنسان” إن الحوثيين يعرقلون منذ 2017 حصول النساء على الرعاية الصحية، لا سيما الصحة الإنجابية.
كما أنهم يفرضون، أكثر وأكثر، قيودا على ملابس النساء، إذ فرضوا مؤخرا على محلات الملابس النسائية عدم بيع غير العباءات السوداء الطويلة، ومنعوا النساء من العديد من الأماكن العامة، مثل المطاعم والمقاهي، بالإضافة إلى أماكن العمل.
“جالبات للعار”
وفي مارس الماضي من العام الجاري، أصدرت نحو 122 منظمة مجتمعية ومدنية ودولية، بيانا مشتركاً عددت فيها سلسلة واسعة من الممارسات الإجرامية بحق النساء اليمنيات في مناطق الحوثيين، داعية إلى ممارسة ضغط حقيقي على قيادات هذه الجماعة لإجبارها على وقف انتهاكاتها الجسيمة ضد المرأة واتخاذ اجراءات رادعة بحقهم.
وقالت المنظمات في بيان بمناسبة يوم المرأة العالمي الي يوافق الثامن من مارس ن كل عام، إن “النساء والفتيات في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضن لانتهاكات ممنهجة “بما في ذلك تقييد سفر المرأة دون ولي أمر ومنع الوصول إلى الرعاية الصحية والانجابية والمنع من العمل والفصل بين الجنسين في الأماكن العامة وتعزيز المواقف المعادية للمرأة”.
ودأبت جماعة الحوثي على مدى سنوات على تفتيش واستجواب النساء المسافرات بمفردهن على الرغم من أن القانون اليمني لا يشترط أن تسافر المرأة مع أحد من أفراد الأسرة أو مع وصي، كما أن المليشيات تطالب مرافقي النساء بإثبات ارتباطهم بهن من خلال الوثائق الشخصية أو وثائق الأسرة أو عقود وشهادات الزواج وقد تعرضت النساء للتهديد بلغة مسيئة والسجن في جهاز الأمن والمخابرات إذا غادرن صنعاء وغيرها من المناطق الخاضعة للسيطرة الحوثية بدون محرم، وفقا لبيان المنظمات.
وقال البيان إن جماعة الحوثي فرضت “قيودا على حركة الموظفات اليمنيات في وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية والمنظمات الوطنية غير الحكومية في محافظات حجة والحديدة وعمران وصعدة وصنعاء وهذه القيود لا تتفق مع معايير المجتمع اليمني”.
وفيما يخص العنف القائم على النوع الاجتماعي والاستجابة الإنسانية، أكد البيان “أن الحوثي تقيد أو تثبط أو تؤخر أي تدخلات إنسانية في هذا المجال، وتكرس الفصل بين الجنسين في المرافق التعليمية والمطاعم وغيرها من الأماكن العامة بما في ذلك في المدارس والجامعات.
وأضافت المنظمات في البيان “أن الحوثي حظرت وصول المرأة إلى الرعاية الصحية المطلوبة ومنها الصحة الإنجابية ومن ذلك حظر حقن منع الحمل مما حرم السكان في بعض المناطق من الخدمات الصحية بما فيها تقديم المشورة في شأن أساليب تنظيم الأسرة. كثفت الجماعة القيود على بيع وتداول وسائل منع الحمل مثل الحبوب والواقيات”.
وتبت جماعة الحوثي “مقاربة تمييزية تجاه مكانة المرأة بهدف خنق النساء والفتيات ومحوهن من المجال العام ووصفتهن بأنهن كيانات غير مكتملة أو بشرية وأنهن يجلبن العار والشر لدرجة أنها صادرت العارضات البلاستيكية التي تعرض الملابس في المحلات التجارية، ومارست غير ذلك من القيود على الحريات الشخصية مثل أدوات التجميل والغناء في حفلات الزفاف واقتناء الهواتف الذكية” وفقاً لهذه المنظمات.
“عنف وابتزاز”
وفي تقرير حديث لها، قالت رابطة أمهات المختطفين (رابطة أهلية يمنية) إنها وثقت 140 امرأة تعرضن للاختطاف، والانتهاكات المختلفة، وذلك بالتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة.
وذكرت الرابطة، أن “أمهات ونساء المختطفين يتعرضن للانتهاكات على أبواب السجون عند الزيارة لذويهن المحتجزين، وتتعرض معظم النساء في اليمن للعنف اللفظي والابتزاز والتوقيف في نقاط التفتيش أثناء تنقلهن، ناهيك عن تعرض “5” نساء في السجون لمحاكمات خارجة عن إطار القانون”.
وتشير الرابطة، إلى ضرورة مساندتها في جهود مناهضة العنف ضد المرأة، وضمان توفير الحماية والدعم اللازم لكل امرأة، ودعم الجهود التي تبذلها المنظمات العاملة في مجال مناهضة العنف ضد المرأة، والتوقف عن استغلال النساء سواء عن طريق التغرير أو الترهيب واستخدامهن كأوراق ضغط في الحروب.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الحوثيون المرأة اليمنية اليمن انتهاكات النساء الیمنیات النساء والفتیات المجتمع الیمنی المرأة الیمنیة الرعایة الصحیة جماعة الحوثی بما فی ذلک ضد المرأة
إقرأ أيضاً:
وزارة الخارجية تلفت نظر المجتمع الدولي للفظائع التي يرتكبها مليشيا الجنجويد بشكل منهجي ضد النساء
أصدرت وزارة الخارجية بيانا يصادف يوم الإثنين 25 نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة وبهذه المناسبة المهمة تلفت فيه نظر المجتمع الدولي مجددا للفظائع غير المسبوقة وواسعة النطاق التي ترتكبها مليشيا الجنجويد بشكل منهجي ضد النساء والفتيات في سن الطفولة في مناطق مختلفة من السودان. وتشمل تلك الفظائع جرائم الإغتصاب، والاختطاف، والاسترقاق الجنسي، والتهريب، والزواج بالإكراه، وأشكال أخرى من العنف والمعاملة غير الإنسانية والمهينة و القاسية والحاطة للكرامة للنساء وأسرهن ومجتمعاتهن وفيما يلي تورد سونا نص البيان التالي .يصادف يوم غد الإثنين 25 نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة . وبهذه المناسبة المهمة تلفت وزارة الخارجية نظر المجتمع الدولي مجددا للفظائع غير المسبوقة وواسعة النطاق التي ترتكبها مليشيا الجنجويد بشكل منهجي ضد النساء والفتيات في سن الطفولة في مناطق مختلفة من السودان. وتشمل تلك الفظائع جرائم الإغتصاب، والاختطاف، والاسترقاق الجنسي، والتهريب، والزواج بالإكراه، وأشكال أخرى من العنف والمعاملة غير الإنسانية والمهينة و القاسية والحاطة للكرامة للنساء وأسرهن ومجتمعاتهن.لقد تم توثيق ما لا يقل عن 500 حالة إغتصاب بواسطة الجهات الرسمية والمنظمات المختصة و منظمات حقوق، تقتصر على الناجيات من المناطق التي غزتها المليشيا، ولا شك أن هناك أعدادا أخرى من الحالات غير المرصودة بسبب عدم التبليغ عنها، أو لأن الضحايا لا يزلن في المناطق التي تسيطر عليها المليشيا. بينما يقدر أن هناك عدة مئات من المختطفات والمحتجزات كرهائن ومستعبدات جنسيا وعمالة منزلية قسرية، مع تقارير عن تهريب الفتيات خارج مناطق ذويهن وخارج السودان للاتجار فيهن .تستخدم المليشيا الإغتصاب سلاحا في الحرب لإجبار المواطنين على إخلاء قراهم ومنازلهم لتوطين مرتزقتها، ولمعاقبة المجتمعات الرافضة لوجودها. كما توظفه ضمن استراتيجيتها للإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي تستهدف مجموعات إثنية بعينها، حيث تقتل كل الذكور من تلك المجموعات وتغتصب النساء والفتيات بغرض إنجاب أطفال يمكن إلحاقهم بالقبائل التيينتمي إليها عناصر المليشيا.ظلت حكومة السودان وخبراء الأمم المتحدة وبعض كبار مسؤوليها، وعدد من منظمات حقوق الإنسان الدولية والوطنية تنبه لهذه الجرائم منذ وقت مبكر، بعد أن شنت المليشيا حربها ضد الشعب السوداني وقواته المسلحة ودولته الوطنية في أبريل من العام الماضي. ومع ذلك لم يكن هناك رد فعل دولي يوازي حجم هذه الفظائع التي تفوق ما ارتكبته داعش وبوكو حرام وجيش الرب اليوغندي ضد المرأة. ومن الواضح أنها تمثل أسوأ ما تتعرض له النساء في العالم اليوم. وعلى العكس من ذلك، لا تزال الدول والمجموعات الراعية للمليشيا الإرهابية تتمادي في تقديم الدعم العسكري والمالي والسياسي والإعلامي لها مما يجعلها شريكة بشكل كامل في تلك الجرائم. وما يزال مسؤولو الدعاية بالمليشيا والمتحدثون باسمها يمارسون نشاطهم الخبيث من عواصم غربية وأفريقية للترويج لتلك الجرائم وتبريرها. ولا شك أن في ذلك كله تشجيع للإفلات من العقاب يؤدي لاستمرار الجرائم والانتهاكات ضد المرأة.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب