أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن كل يوم يمُر مع استمرار العدوان الإسرائيلي علي غزة يبعدنا عن سلامٍ مستدام في المستقبل، محذرا من أن القتل والتدمير بالجملة من ناحية والعقاب الجماعي الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي من ناحية أخرى يزرع الكراهية والغضب في فلسطين والمنطقة لسنوات قادمة ويترك جراحاً مفتوحة لن تندمل بسهولة.

وقال الأمين العام للجامعة العربية -في كلمته اليوم الأربعاء أمام مجلس الأمن في جلسته رفيعة المستوى المخصصة لمناقشة الوضع في غزة- "إن الساعين من أجل السلام عليهم إدراك الخطورة الكبيرة التي ينطوي عليها استمرار حربٍ مفتوحة تُدار بهذا الشكل.

وأضاف أن " ثمن هذه المذبحة المستمرة لا يدفعه فقط المدنيون الفلسطينيون والأطفال والنساء الذين يفقدون حياتهم أو حياة أحبائهم، وإنما سندفعه جميعاً في مستقبل الأيام، لذلك من الضروري العمل على وقف الحرب، بشكل فوري وتحويل الهدنة الإنسانية الى هدنة مطولة ووقف كامل لإطلاق النار، وضمان استعادة الهدوء، ومساعدة الناس في غزة على استعادة الحد الأدنى من حياتهم الطبيعية"، موضحا أن هذه مسئولية مجلس الأمن في المقام الأول ليس فقط تجاه ملايين المدنيين في غزة، ولكن نحو مستقبل السلام والاستقرار في المنطقة.

وأكد أن معالجة الكارثة الإنسانية التي تخلفها آلة الحرب الإسرائيلية، والتي تتكشف مدى فظاعتها كل يوم، هي أيضاً مسئولية عالمية عاجلة وُملحة، مضيفا " لقد رأينا الناس في غزة وهم يحاولون العودة إلى أطلال بيوتهم التي تهدمت في شمال القطاع، ورأينا كافة نظم الحياة وهي تتداعى بعد خمسين يوماً من القصف الشامل".

وتابع أبو الغيط "لقد تحولت الغالبية الكاسحة من سكان غزة إلى نازحين داخل بلدهم، بلا مأوى وبدون الحد الأدنى من مقومات الحياة"، مشيرا إلى أن إدخال المساعدات الإنسانية، في إطار آلية مستدامة وناجزة، يُمثل الفارق بين الحياة والموت لملايين السكان المكدسين في خيم الإيواء ومدارس الأونروا في الجنوب.

ونبه أبو الغيط إلى أن الكثيرين يغفلون حقيقة أن ما يدخل غزة من مساعدات يمثل أقل من الحد الأدنى المطلوب من احتياجات سكانها، ولا يعني ذلك سوى حكم بالإعدام على مئات الآلاف من الناس، والمجاعة وانتشار الأوبئة، مؤكدا أنها

إنها مسؤوليتكم في مجلس الأمن.

وأعرب أبو الغيط عن تطلعه إلى قرار سريع يمهد الطريق أمام دخول المساعدات والمواد الأساسية اللازمة لإعاشة البشر، من غذاء ودواء وكساء ووقود، عبر آلية سريعة وناجزة تواكب خطورة الكارثة الإنسانية المروعة وتمنع وقوع السيناريو المرفوض والمتمثل في الموت جوعاً أو مرضاً، بدلاً من الموت قصفاً.

وقال "برغم أن وقف العدوان الإسرائيلي هو أولوية مُطلقة كما حددتها القمة العربية- الإسلامية، إلا أننا لسنا بغافلين عن ضرورة النظر إلى المستقبل، داعيا مجلس الأمن أيضا إلى أن يمد نظره إلى الأفق السياسي لهذا الوضع المؤلم.

وتابع "فمهما كان الحاضر الذي نشهده مؤلماً، بل مُخزياً، فإن المستقبل لا يعني سوى شيء واحد: الضرورة الحتمية لبزوغ الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، أما التفكير في مستقبل لقطاع غزة بمعزل عن الدولة، أو التفكير في تهجير الفلسطينيين أو ما شابه ذلك من حلول "أمنية"، فقد عفا عليه الزمن بعد أن أثبتت هذه الحلول فشلها الذريع لكل ذي عينين".

وأكد أن التفكير السليم، يقتضي العمل وبأسرع وقت ممكن على تحقيق حل الدولتين، وله مقوماتٍ معروفة، ومُحدداتٍ اتُفق عليها منذ أكثر من ثلاثين عاماً، والأهم من ذلك أنه يحظى بالإجماع العالمي، ويُمثل جوهر مبادرة السلام العربية التي أُطلقت منذ أكثر من عشرين عاماً، مشيرا إلى أن الدولة الوحيدة التي ترفض حل الدولتين هي دولة الاحتلال.

وشدد على أن إنفاذ هذا الحل وتحقيقه على الأرض يتطلب في الأساس مواجهة شجاعة وحاسمة مع الاحتلال ومع أوهامه المتجذرة في الاحتفاظ بالأرض، كل الأرض، وتحقيق الأمن معاً، وهذا طريق دولة فصل عنصري، بلا حقوق للشعب الفلسطيني من أي نوع وبلا أفق سياسي يتطلع إليه الفلسطينيون.. وهي مرفوضة قطعا من العالم كله.

وأكد أبو الغيط أن الطريق إلى حل الدولتين لا يمر عبر مفاوضات لا تنتهي، ولكن من خلال إرادة دولية حاسمة لإنفاذ هذا الحل وتحويله إلى واقع في أسرع وقت، عبر إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

وأعرب عن اعتقاده بأن الحرب الحالية ضد الشعب الفلسطيني في غزة تفتح أمامنا نافذة يتعين اغتنامها قبل أن تُغلق.

وقال "إننا ننشد تسوية تضمن ألا تتكرر هذه المآسي، وتوفر الحرية والكرامة للشعب الفلسطيني والأمن والسلام للإسرائيليين"، مضيفا "إنها تسوية ستكون فقط ممكنة إذا اجتمعت الإرادة الدولية على تحويلها إلى واقع عبر مؤتمر دولي يرسم مساراً محدداً، وبأفق زمني واضح، وفي أجل قريب لإنهاء آخر احتلال عسكري استيطاني ممتد على وجه الأرض، وإقامة الدولة الفلسطينية، وتحقيق انفصال سلمي بين الشعبين، وبضمانات أمنية من المجتمع الدولي بهدف استدامة هذه التسوية".

وأشار أبو الغيط إلى أن الحرب على غزة أفرزت حالة إيجابية نلمسها في تجليات الرأي العام العالمي، وتعكس إدراكاً لعالمية القيم الأخلاقية وشمولها، ورفضاً لازدواجية المعايير الصارخة والفاضحة، ولكن يُقابلها، في الوقت نفسه، قدر هائل من الغضب والشعور بالخذلان وبالذات لدى الشعوب العربية والإسلامية، خذلان النظام العالمي الذي يفترض فيه أن يقوم على القواعد واحترام القانون الدولي، وخذلان من تحدثوا كثيراً عن القيم والمبادئ الأخلاقية ثم تغيرت مواقفهم بتغير الظروف.

وأكد أن استعادة الثقة.. ثقة الشعوب جميعاً، وثقة العرب والمسلمين على وجه الخصوص، في عدالة القواعد الدولية وشمولها، وهو أمر ضروري يتعين على الجميع الانتباه له حتى لا نحصد في مستقبل قريب حصاداً مُراً لهذا الغضب المكتوم، والذي يصير -كما علّمنا التاريخ- طاقة يسهل على الاتجاهات المتشددة استغلالها وتوجيهها.

وأوضح أبو الغيط أن الطريق إلى استعادة الثقة في هذه اللحظة، لحظة الحقيقة، كما قال بصدق السكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش "واضحٌ وجليٌ" إنه يتلخص في اتخاذ الموقف السليم المؤسس على الإنسانية والأخلاق، بغض النظر عن الدين أو العرق أو القومية، وفي رفض الخروج عن القانون الدولي الإنساني، وإدانة كل من يمارس انتهاك القانون، أياً كان الطرف الذي يُمارس هذا الانتهاك، ورفض وإدانة قتل المدنيين على إطلاقه، وليس بصورة انتقائية أو مُجتزأة، مضيفا " هكذا فقط نُحصن المجتمع العالمي من شرور وآفات صراعات الحضارات والأديان"، مشيرا الى أن لمجلس الأمن دور رئيسي في ذلك.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: فلسطين مجلس الأمن الجامعة العربية أبو الغيط غزة الحرب على غزة السلام في فلسطين مجلس الأمن أبو الغیط فی غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

الأربعاء.. لجنة الشؤون العربية بنقابة الصحفيين تستضيف حوارًا مفتوحًا حول سوريا

تستضيف لجنة الشؤون العربية بنقابة الصحفيين، برئاسة الكاتب الصحفي حسين الزناتي وكيل النقابة، بعد غد الأربعاء في تمام الساعة الخامسة مساءً، حوارًا مفتوحًا بعنوان "سوريا إلى أين؟" وذلك في إطار سلسلة من الفعاليات التي تنظمها اللجنة لمناقشة القضايا العربية الراهنة.

ويُعقد الحوار في المائدة المستديرة بنقابة الصحفيين بالدور الثالث، ويشارك فيه نخبة من الشخصيات السياسية والدبلوماسية والعسكرية البارزة، يتقدمهم المفكر السياسي البارز د. مصطفى الفقي، الذي سيطرح رؤيته حول الوضع الراهن في سوريا وآفاق المستقبل.

كما يشارك في الحوار السفير حازم خيرت، سفير مصر السابق في دمشق، الذي سيسلط الضوء على تجربته الدبلوماسية في سوريا ويقدم تحليلاً معمقًا حول العلاقات بين البلدين في ظل الأحداث الأخيرة.

من جانب آخر، يشارك اللواء الدكتور وائل ربيع، مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية بأكاديمية ناصر للدراسات العليا، في إضاءة أبعاد الأزمة السورية من منظور عسكري واستراتيجي، فيما يقدم اللواء أركان حرب أيمن عبد المحسن، عضو مجلس الشيوخ والمتخصص في الشأن العسكري والاستراتيجي، رؤى حول التطورات العسكرية في سوريا وأثرها على الأمن الإقليمي والدولي.

من جانبه قال حسين الزناتي وكيل النقابة، إن الندوة تأتي في وقت حاسم تشهد فيه سوريا تطورات سياسية وعسكرية معقدة، مما يثير تساؤلات عدة حول المستقبل السياسي للبلاد ومسارات الحلول المحتملة للأزمة السورية، ويُنتظر أن تفتح الجلسة نقاشًا واسعًا حول تأثيرات التدخلات الإقليمية والدولية في الشأن السوري، وتداعيات هذه التدخلات على الأمن القومي العربي.

وأضاف الزناتي، أن اللقاء يعتبر فرصة للصحفيين للاستماع إلى خبرات ورؤى هؤلاء الخبراء البارزين حول الأزمة السورية، كما يتيح المجال لمناقشات مفتوحة حول سبل إنهاء الأزمة في سوريا وتحقيق الاستقرار في المنطقة.

 ودعا الزناتي، جميع المهتمين بالشأن السوري والشرق الأوسط للمشاركة في هذا الحدث الهام، والمساهمة في إثراء النقاشات التي ستُطرح خلال الحوار.

مقالات مشابهة

  • أبو الغيط: الجامعة العربية ملتزمة بالكامل بدعم مسيرة التنمية ومكافحة الإرهاب في الصومال
  • الطائرات المسيّرة الصينية.. الحلول الفعالة التي تهدد الأمن القومي الأمريكي
  • حصيلة مروعة وضحايا بالمئات.. السحر يشعل مذبحة الفودو في هايتي
  • الأربعاء.. لجنة الشؤون العربية بنقابة الصحفيين تستضيف حوارًا مفتوحًا حول سوريا
  • أبو الغيط يفتتح في الرياض الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب
  • أبو الغيط: مجلس الوزراء العرب للأمن السيبراني.. إضافة جديدة لمنظومة الأمن القومي العربي
  • الأربعاء.. الشئون العربية ب"الصحفيين" تستضيف حوارا مفتوحا بعنوان "سوريا إلى أين؟"
  • متى تلامس النكبة «العربية» ضمير الإنسانية؟!
  • الحرية المصري: حديث الرئيس بأكاديمية الشرطة اتسم بالمكاشفة بشأن التحديات التي تواجه الوطن
  • سفير تركيا بالقاهرة: السوريون وحدهم هم من يستطيعون تحديد مستقبل سوريا وخيوط سوريا في أيدي السوريين