نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للصحفية سوزانا جورج، قالت فيه إن الحرب في غزة تمثل اختبارا للعلاقات المعززة حديثا بين دول الخليج العربية وتل أبيب، مما يثير تساؤلات حول الرؤية المدعومة من الولايات المتحدة للنظام الإقليمي التي تركز على العلاقات الاقتصادية على الخلافات السياسية والانقسامات التاريخية.

وفي حين أنه من غير المرجح أن يؤدي الصراع إلى قطع العلاقات الدبلوماسية، إلا أنه أربك حسابات القوى الخليجية الناشئة التي ترى في "إسرائيل" شريكا أمنيا محتملا وثقلا موازنا لمنافستها الإقليمية إيران.

والآن يتعين على الزعماء أن يتعاملوا مع موجة من الغضب الشعبي بشأن الحرب التي أودت بحياة أكثر من 15 ألف شخص وتركت معظم أنحاء غزة في حالة خراب.


وفي خطاباتهم وبياناتهم ومنشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، أدان زعماء الخليج الموت والدمار في غزة، لكنهم حرصوا أيضا على التأكيد على أهمية الاستقرار الإقليمي وخطوط الاتصال.

ولا تقيم قطر، الدولة الأكثر انخراطا دبلوماسيا في الأزمة، علاقات دبلوماسية رسمية مع دولة الاحتلال، لكنها نجحت في التوسط في وقف مؤقت للقتال - مما يسمح بالإفراج عن الرهائن والسجناء الفلسطينيين.

وقد دافعت الولايات المتحدة عن التطبيع العربي مع "إسرائيل" عبر إدارتين. وأقامت الإمارات والبحرين علاقات رسمية مع تل أبيب في عام 2020 بموجب اتفاقيات إبراهيم التي توسطت فيها الولايات المتحدة، وتلاها المغرب والسودان. وكانت واشنطن تأمل أن تكون السعودية – القوة المهيمنة في الخليج – هي التالية. الآن، هذه الخطط معلقة.

قال الرئيس بايدن في وقت سابق من هذا الشهر: "لا أستطيع إثبات ما أنا على وشك قوله. لكنني أعتقد أن أحد الأسباب التي دفعت حماس إلى الهجوم عندما فعلت ذلك هو أنهم كانوا يعلمون أنني كنت أعمل بشكل وثيق للغاية مع السعوديين وغيرهم في المنطقة لإحلال السلام في المنطقة من خلال الاعتراف بإسرائيل وحق إسرائيل في الوجود" على حد قوله.


ودعت السعودية إلى وقف شامل لإطلاق النار في غزة، ووصفت الحرب بأنها "تطور خطير" و"كارثة إنسانية". وفي الداخل، اتخذت المملكة خطوات لتوجيه التعبير العلني عن التضامن مع الفلسطينيين إلى جهود الإغاثة وجمع التبرعات.

وفي حديثه يوم 18 تشرين الثاني/ نوفمبر في حوار المنامة الذي عقده المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في البحرين، قال الأمير السعودي تركي الفيصل، السفير السابق لدى واشنطن وعضو بارز في العائلة المالكة، إن الأزمة في غزة أظهرت أن جهود السلام الإقليمية التي تفشل في معالجة مشكلة احتلال الأراضي الفلسطينية هو "وهم".

وقال: "إن هذه الحرب هي نقطة تحول في عملية البحث الجاد عن حل عادل للقضية الفلسطينية". وللمضي قدما، فإن أي جهد يجب أن يتناول "المطلب المشروع للفلسطينيين بتقرير المصير".

ودافعت الإمارات والبحرين عن علاقاتهما مع "إسرائيل"، قائلة إنها تسمح لهما بالعمل كقوة معتدلة في الأزمة.


قال أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، إن بلاده تتمتع بنفوذ على "إسرائيل" لم يكن ليوجد لولا ذلك. وقال إنهم استخدموا نفوذهم حتى الآن للضغط من أجل الإغاثة الإنسانية، "لكن هذا النفوذ سينمو أيضا في مرحلة ما".

وعندما سئل عما إذا كان هناك أي شيء قد يجبر الإمارات على قطع العلاقات مع تل أبيب، كان قرقاش حذرا: "ما اكتشفناه من خلال عمليتنا الدبلوماسية هو أن الإشباع الفوري ليس هو الحل في السياسة. التواصل هو الحل في السياسة".

لكن على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الاحتجاجات وفي محادثات مائدة العشاء، يقول العديد من المواطنين الخليجيين إنهم يريدون من قادتهم أن يفعلوا المزيد.


قالت صيدلانية تبلغ من العمر 45 عاما حضرت مؤخرا احتجاجا مناهضا للتطبيع مع شقيقتها وابنة أختها الرضيعة في المنامة، عاصمة البحرين: "لم نر أي فائدة. يجب أن نضغط على إسرائيل، هذه هي الطريقة التي تنهي بها الفصل العنصري، بالمقاطعة". وهي، مثل الآخرين في هذه القصة، تحدثت بشرط عدم الكشف عن هويتها لمناقشة مواضيع حساسة سياسيا.

وقالت: "مع التطبيع، ما تقوله هو أن ما يحدث للشعب الفلسطيني أمر طبيعي". ولا تعتقد هذه السيدة، وعائلتها فلسطينية، أن العلاقات الدبلوماسية مع الاحتلال الإسرائيلي ساعدت المنطقة.

وتابعت: "لو كان لدينا استقرار، لما حدث ما يحدث في غزة. كان عدم الاستقرار موجودا دائما، والآن أصبح الأمر في العراء ليراه الجميع".


ومع تزايد الغضب الشعبي، اعتمدت الشركات الإسرائيلية في الخليج حضورا عاما أقل. فيتغيبون عن المعارض التجارية، ويسحبون الإعلانات ويقلصون عدد الوفود الرسمية.

قال أحد رجال الأعمال في الخليج الذي يعمل على نطاق واسع مع الشركات الإسرائيلية: "تحت السطح، الأمور تسير كالمعتاد. نحن نعلن عن العلاقة بشكل أقل".

وقال: "كانت العلاقة التجارية موجودة قبل [اتفاقيات إبراهيم] وستكون موجودة بعد انتهاء هذه الأزمة".

لكن المستهلكين يتحدثون بمحافظهم. وقد اكتسبت حركة المقاطعة الشعبية ضد العلامات التجارية الغربية، بما في ذلك ستاربكس وماكدونالدز، الدعم في الخليج وفي جميع أنحاء العالم العربي.

ووصفت مستشارة كويتية في وسائل التواصل الاجتماعي تبلغ من العمر 30 عاما أمضت حياتها كلها في دبي، العلاقة مع الشركات الإسرائيلية في الإمارات العربية المتحدة بأنها "غير مريحة". وقالت إنها كانت تجتمع بانتظام مع ممثلين عن العلامات التجارية الإسرائيلية، لكنها تراجعت خطوة إلى الوراء منذ بدء الحرب. وهي تشك في أن الأمور ستعود على الإطلاق إلى ما كانت عليه قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر.


وفي حين تبدو الحياة في الإمارات، ظاهريا، وكأنها طبيعية، إلا أن السيدة قالت إن الحرب كانت تستهلك كل شيء. وتهيمن على المحادثات مع الأصدقاء والعائلة. قالت: "الجميع يشعرون بالخدر". مثل الآلاف غيرها، انضمت إلى حملة المساعدات التي نظمتها الحكومة في دبي.

وقالت: "أردت أن يكون لدي متنفس لأشعر بأنني أصنع فرقا، حتى لو كان تافها. هذا أفضل ما يمكنني فعله. يداك مقيدتان لذا ستفعل كل ما يمكنك فعله في حدود مواردك".

ومهما كانت مشاعر العجز والإحباط واسعة النطاق هنا، إلا أنها قالت إنها لم تترجم إلى مشاعر مناهضة للحكومة.


وقالت: "البعض يأمل أن يكون لدولة الإمارات موقف أقوى، لكنهم في نهاية المطاف يثقون في الحكومة لأن هناك معلومات لا نعرف عنها. نحن نعلم أنهم يعطون الأولوية للأمن والاستقرار لأنه واضح في سجلهم."

وفي البحرين، يبدو الغضب أكثر حدة، وربما أكثر إثارة للقلق بالنسبة للسلطات.


وعلى بعد أميال قليلة من فندق الخمس نجوم الذي يستضيف القمة الأمنية في المنامة، تظاهر مئات الأشخاص ضد التطبيع، وهم يهتفون "من رام الله إلى البحرين شعب واحد لا شعبين" و"لا للتهجير لا للتطبيع، تحيا فلسطين".

حصلت المسيرة على تصريح احتجاج من قبل حكومة البحرين – وهو اعتراف، كما قال الحاضرون، بأن السخط العام أصبح الآن قوة سياسية لا يمكن إنكارها.

وحذر ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد آل خليفة من التصرفات التي تقوض "النظام القائم على القواعد" في خطابه بمناسبة افتتاح القمة. وقال إن الدول مثل بلده يجب أن تعمل "مع جميع الأطراف المعنية للتأكد من أن صوتنا مسموع". وحذر من أنه كلما طال أمد الحرب في غزة، كلما زاد احتمال أن تؤدي إلى عدم الاستقرار والتطرف.


في مكان قريب، في حي مليء بالمطاعم والمقاهي الأنيقة، تجمع عشرات الأشخاص مؤخرا خارج مكتب مجموعة مناصرة فلسطينية، مطالبين الحكومة بقطع العلاقات مع تل أبيب.

اعترف رجل بحريني يبلغ من العمر 33 عاما، يعمل أمين معرض فني ويصف نفسه بأنه مؤيد للحكومة، بأنه لم يكن مرتاحا أبدا لقرار بلاده تطبيع العلاقات. والآن، بعد أن رأى وحشية الحرب في غزة، يأمل أن تعكس السلطات مسارها.


وقال: "لا أعتقد أن قيادة أي مجتمع تعكس قيم ذلك المجتمع بشكل مثالي، ولكن في هذا الصدد آمل أن يتغير الأمر، وآمل أن يقطعوا العلاقات".

وفي الأجزاء الشيعية من هذه المملكة التي يحكمها السنة، حيث يغلي الاستياء منذ فترة طويلة، فإن الحرب في غزة تغذي المزيد من الغضب العلني.

وخارج مسجد شيعي في الشمال، بعد صلاة الجمعة، تجمع العشرات من الرجال والنساء والأطفال، رافعين لافتات تطالب بمحو إسرائيل ويتهمون القادة الأميركيين بالإبادة الجماعية.


وقال وكيل سفريات يبلغ من العمر 35 عاما على هامش التجمع: "نحن صوت صغير، ولكن صوت مهم".

وقال: "الناس في السعودية، لا يمكنهم الاحتجاج"، في إشارة إلى القيود الصارمة على التجمعات العامة في جارة البحرين القوية والغنية بالنفط. "لكننا نقول بصوت عال ما يفكر فيه الجميع في السعودية وكل عربي وكل مسلم في قلبه".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة غزة قطر التطبيع الإمارات تل أبيب السعودية تل أبيب السعودية غزة قطر الإمارات صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحرب فی غزة فی الخلیج من العمر

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يعلن شروطه قبل محادثات الصفقة الجديدة مع حماس

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، يوم الأحد، عن الشروط التي وضعها بنيامين نتنياهو للصفقة المنتظرة مع حركة حماس.

وقال مكتب نتنياهو في بيان إن أي اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة يجب أن يتيح لإسرائيل مواصلة القتال حتى تحقق أهداف الحرب.

وأضاف أن الاتفاق يجب أن يمنع تهريب الأسلحة إلى حماس عبر الحدود بين غزة ومصر، ويجب ألا يسمح لآلاف المسلحين بالعودة إلى شمال غزة.

 وأردف إن إسرائيل ستعمل على إعادة أكبر عدد من الرهائن الأحياء.

وأورد البيان "الخطوط العريضة التي تم الاتفاق عليها والتي حظيت بمباركة بايدن ستسمح لإسرائيل بإعادة المختطفين دون الإضرار بأهداف إسرائيل الأخرى".

وأضاف أن "تصرفات الجيش الإسرائيلي في رفح هي التي دفعت حماس إلى تعديل موقفها والدخول في المفاوضات".

ويأتي بيان نتنياهو وسط تجدد جهود الوساطة التي تبذلها الولايات المتحدة وقطر ومصر لحثّ إسرائيل وحركة حماس على خوض محادثات لوقف الحرب المستمرة منذ تسعة أشهر والتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس ومعتقلين فلسطينيين في إسرائيل.

حماس توافق على مفاوضات دون وقف دائم للقتال

وقال قيادي في حماس لوكالة فرانس برس الأحد إن الحركة وافقت "أن تنطلق المفاوضات" حول الرهائن "من دون وقف إطلاق نار" دائم.

وذكّر المسؤول طالبًا عدم الكشف عن هويته بأن "حماس كانت في السابق تشترط أن توافق إسرائيل على وقف كامل لإطلاق النار بشكل دائم" لتخوض مفاوضات حول الرهائن.

وأضاف "هذه الخطوة تم تجاوزها حيث أن الوسطاء تعهدوا بأنه طالما مفاوضات الأسرى مستمرة، يستمر وقف إطلاق النار".

وتابع "حماس تراجعت عن شرطها الخاص بالوقف الدائم لإطلاق النار، حيث وافقت أن تنطلق المفاوضات من دون وقف النار" الدائم.

وقال مسؤولون إن إسرائيل عارضت بشدة في السابق مطالب حماس بوقف دائم لإطلاق النار.

تحركات المحادثات الجديدة

وذكرت قناة القاهرة الإخبارية المصرية اليوم الأحد نقلا عن مصدر رفيع المستوى أنه من المتوقع أن يزور مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز القاهرة هذا الأسبوع لإجراء محادثات بشأن وقف إطلاق النار في غزة.

وقال المصدر "من المتوقع أن يتوجه رئيس السي.آي.إيه إلى القاهرة هذا الأسبوع للمشاركة في المفاوضات بشأن صفقة الأسرى وإنهاء الحرب المستمرة منذ تسعة أشهر في قطاع غزة".

وقال مصدر مطلع في وقت سابق من اليوم إن بيرنز سيسافر أيضا إلى قطر هذا الأسبوع.

وأضافت القاهرة الإخبارية أن مصر ستستقبل أيضا وفدا إسرائيلياهذا الأسبوع.

مقالات مشابهة

  • نتنياهو يعلن شروطه قبل محادثات الصفقة الجديدة مع حماس
  • حماس تنتظر الرد الإسرائيلي على اقتراح وقف إطلاق النار
  • بعد فوزه برئاسة إيران.. هل يطبع بزشكيان العلاقات مع إسرائيل؟
  • حماس: ننتظر الرد الإسرائيلي على اقتراح وقف إطلاق النار
  • جنرال إسرائيلي يهاجم نتنياهو ويدعو للخروج من رفح
  • قرقاش: تعزيز العلاقات الخليجية الإيرانية لتحقيق ازدهار واستقرار المنطقة
  • أمريكا نمر من ورق!!
  • حماس تعلن موقفها النهائي من مقترح أميركي لإجراء محادثات إطلاق الرهائن الإسرائيليين
  • وزير الدفاع الأمريكي يدعو إسرائيل لوقف التصعيد ودعم الجهود الدبلوماسية لحل الصراع في غزة
  • الأرشيف والمكتبة الوطنية يختتم مشاركته في «طانطان»