بوابة الوفد:
2024-11-27@02:59:01 GMT

شموع تقاوم العتمة

تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT

قيمة المؤتمرات الأدبية العامة والإقليمية هى أنها تكشف لنا واقع الإبداع والثقافة. تتيح لنا نظرة طائر على ما يجرى فى هذه الأنهار والروافد التى نحسن الظن بها بالأساس، فإيجابياتها أكثر. نظرت إلى بحيرة قارون الشهيرة فى الفيوم فإذا هى تبدو لى أعمق وأعرض من الفعل الثقافى عموما فى مصر. شاسعة توسع الأفق، لكن على الرغم من أنها تستقى مياهها من النهر الخالد (أو الذى كان هكذا!) إلا أن مثقفًا مستنيرًا مثل عصام الزهيرى قال -ردًا على سؤال مجموعة من الأصدقاء الذين حضروا فعاليات المؤتمر الأدبى الثالث والعشرين المنعقد فى الفيوم (دورة الأديب الراحل حمدى أبوجُلَّيِّل): ليست عذبة بالتأكيد، بل مالحة بفعل الصرف غير الصحى لعشرات المصانع! قارون بحيرة مالحة، وكذلك الوسط الثقافى المصرى، بكل ما فيه من شخصنة مقيتة، وصراعات على مكانة متوهمة ونفوذ ثقافى يجعل من كل شيء -حتى الموت- «سبوبة للعايشين».

و«الموت سبوبة للعايشين»، هو أحدث دواوين الشاعر مسعود شومان، الذى تجرى أعمال المؤتمر تحت هيمنة وبمقدرات هيئة قصور الثقافة، التى يترأس إدارتها المركزية للشئون الثقافية. شومان يحاول أن يضيء الأقاليم بثقافة متنوعة، مدفوعا بيقينه أن الضوء كامن هناك،ويأتى من هذه الأخاديد البعيدة التى خبرها فى رحلات سفره الأنثروبولوجى الطويلة اليها، فخبرها شبرًا شبرًا، وهو أحد العارفين ب»موبقات» الفعل الثقافى فى مصر، ومشكلات عناصره، وأحقادهم الدفينة على بعضهم البعض، فى ظل تراجعهم الإبداعى نفسه، واجترار الأدباء والشعراء–إلا قليلا- صيغهم الإبداعية، بحيث أنه لا جديد فيها ولا ابتكار،فلا اتجاه يحدث ثورة فى الإبداع أو انقلابا فى الأدب!

- «فوق الحياة إلا قليلا والحالة دايت» رواية كاشفة عن هذه الموبقات، كتبها قبل ربع قرن الروائى سيد الوكيل، الذى قال لى فى حضور الشاعر محمود الحلوانى (وهو أحد أبطال الرواية المذكورة) أنه توقف حاليًا عن الإبداع الروائى، وخصص وقته وجهده -مختارًا- للنقد الأدبى.. يريد أن ينجز فيه بعضًا من الأعمال التى يتصدى لها بالنقد والتفسير.والتحليل والتفسير كان سمة رواية سيد الوكيل، التى تطل بنا على جوانب من الوسط الثقافى وأزماته وصراعاته. كنت قد لفت الانتباه إلى أن هذا الفراغ الإبداعى والثقافى وهذه الموبقات الثقافية ستغرى بعض الكتاب «اللابدين فى الدرة» بالتعبير الدارج، إلى تأريخ هذه الحقبة بأشخاصها ومهازلها ومعاركها الصغيرة التى لاتصب فى نهر الثقافة، بل تجعل منه بحيرة مالحة أخرى. وربما جذب ما كتبته انتباه الصحفى والشاعر حمدى عابدين، الذين أعلن أنه بصدد تدوين سيرة للمهازل التى تلوكها ألسن الجميع.. والمستقاة من تصرفات وسلوكيات من يُعْتَقد أنهم نجوم لامعة، وفى الحقيقة هى «مِصَدِية»بأكثر مما ينبغى.

-فى مقابل هذه النماذج الشنيعة التى رصدناها، كانت هناك إضاءات أخرى حقيقية من قبل نقاد لا شك أنهم بجهدهم وإصرارهم على الفعل الثقافى الحقيقى اعتبرتهم فى كلمة لى فى مؤتمر أدباء الفيوم الأخير هم صوت القارئ الذى يحتفى بالمبدع ويعيده إلى الحياة، لأنهم بجهدهم وإسهامهم أكبر من المؤسسة الثقافية نفسها. يتجلى هذا فى الناقد الدكتور يسرى عبدالله بكل قيمته، كما أن السيد الوكيل وشريف الجيار ومحمد السيد إسماعيل من هذه الفصيلة. للمقال بقية.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: سبوبة للعايشين الأصدقاء

إقرأ أيضاً:

السعودية يمكن أن تقاوم الفيضانات عبر الأسطح الخضراء

في24 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2009، شهدت مدينة جدة السعودية، هطول أمطار غزيرة غير مسبوقة، حيث انهمرت قطرات المطر من السماء بلا توقف، وتحولت الشوارع سريعا إلى أنهار جارفة، لتغرق البنية التحتية في دقائق معدودة، وتترك آثارا محفورة في الذاكرة الجماعية للمدينة التي فقدت العشرات بسبب هذا الفيضان التاريخي غير المسبوق.

ومنذ هذا الحدث، الذي تم تفسيره حينها بأنه إحدى النتائج الواضحة للتغيرات المناخية، أصبحت المدينة على موعد سنوي مع تساقط أمطار غزيرة، كان أشدها قبل نحو عامين، وفي نفس اليوم "24 نوفمبر 2022″، مما دفع باحثين من قسم الهندسة المدنية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، إلى استشراف آلية "الأسطح الخضراء"، كحل يسخر قوة الطبيعة للتقليل من مخاطر الفيضانات.

والأسطح الخضراء ليست مجرد منظر جمالي أو تقنية مبتكرة للحفاظ على الطاقة، بل هي وفق الدراسة المنشورة بـ"مجلة جامعة الملك سعود للعلوم الهندسية"، والتي تستلهم تجارب مناطق أخرى من العالم، أداة فعالة لمكافحة الفيضانات، مما يساعد على امتصاص مياه الأمطار وتخزينها بطريقة طبيعية.

وتعتمد هذه التقنية على تغطية أسطح المباني بطبقات من النباتات والتربة، تعمل على امتصاص المياه بشكل جزئي، في حين يتم تصريف الجزء المتبقي بشكل بطيء ومنظم، مما يقلل من سرعة وكمية المياه التي تصل إلى شبكات التصريف، وهوما يساعد على تخفيف الضغط على تلك الشبكات التي تنهار عند سقوط الأمطار على الأسطح التقليدية، والتي تصرف المياه مباشرة إلى شبكات الصرف أو إلى الشوارع، مما قد يتسبب في تجمع المياه وحدوث الفيضانات، خاصة إذا كانت كميات الأمطار كبيرة وشبكات الصرف غير قادرة على استيعابها بالكامل.

والفرق بين النمطين من الأسطح مثل سكب الماء في كوبين، أحدهما غير مبطن بالإسفنج، والآخر مبطن، ففي الكوب الأول، يؤدي سكب الماء بسرعة كبيرة، إلى امتلائه إلى حد الفيضان والتساقط على الأرض، وهذا يمثل المناطق الحضرية التي لا تحتوي على أنظمة التحكم بالجريان السطحي مثل الأسطح الخضراء، ونتيجة لذلك، تتجمع المياه وتفيض في الشوارع، مما يؤدي إلى حدوث الفيضانات.

أما في الكوب الثاني، فتمتص الإسفنجات الموضوعة في قاع الكوب الماء تدريجيا، وهذا يمثل المناطق التي تعتمد على الأسطح الخضراء، والتي تمتص المياه الزائدة وتمنع تدفقها إلى الخارج، مما يقلل من خطر الفيضانات.

أثر الفيضانات في السعودية (الجزيرة) تجارب مبشرة من دراسات سابقة

وتوظيف الأسطح الخضراء للوقاية من أخطار الفيضانات، تجربة أثبتت كفاءتها في العديد من البلدان، وتم توثيقها في العديد من الدراسات السابقة، منها دراسة تطبيقية أجريت في 2003 على سطح مبنى بلدية شيكاغو، وأثبتت أن الأسطح الخضراء يمكنها امتصاص ما يصل إلى 75% من مياه الأمطار خلال الفصول الممطرة، وهذا الامتصاص الكبير أدى إلى تقليل الضغط على شبكات الصرف التقليدية، وبالتالي الحد من الفيضانات في مناطق وسط المدينة التي تعاني من جريان سطحي كثيف خلال الأمطار الغزيرة.

كما أجريت في مدينة تورنتو بكندا عام 2010 دراسة واسعة النطاق، تم خلالها تركيب أنظمة أسطح خضراء على مبان مختلفة في المدينة، وأظهرت النتائج أن تلك الأسطح أسهمت في تقليل تدفق المياه بنحو 60% خلال الأمطار الغزيرة، مما قلل من احتمالية الفيضانات.

وتناولت دراسة أجريت في مدينة برلين بألمانيا، دور الأسطح الخضراء في تعزيز "إدارة مياه الأمطار المستدامة"، حيث ركزت على الأحياء السكنية المكتظة، وأظهرت النتائج أن الأسطح الخضراء تساعد في تقليل الفيضانات الناتجة عن الأمطار الغزيرة بنسبة تصل إلى 50%.

وشملت التجارب السابقة أيضا، دراسة أجريت في مدينة سيول بكوريا الجنوبية، التي تتعرض لفيضانات متكررة بسبب الطقس الموسمي الغزير، وأظهرت النتائج أن الأسطح الخضراء قللت من حجم الجريان السطحي للمياه بنسبة تتراوح من 40% إلى 60%، وهذا التخفيض في تدفق المياه ساعد على منع انسداد شبكات التصريف وتجنب الفيضانات في بعض المناطق الحضرية المزدحمة.

حينما تم تطبيق الأسطح الخضراء بنسبة 70% قل تدفق المياه بشكل كبير في جميع المناطق الحضرية (بيكسابي) توظيف النموذج الأميركي

واستلهم الباحثون السعوديون خبرات هذه التجارب السابقة، وقاموا خلال دراستهم بتطبيق نموذج إدارة مياه الأمطار، التابع لوكالة حماية البيئة الأميركية، لوضع مجموعة من السيناريوهات، لاختيار أنسبها لمدينة جدة.

والنموذج الأميركي أداة برمجية متقدمة تُستخدم لتصميم وتحليل نظم إدارة مياه الأمطار والصرف الصحي في المناطق الحضرية، ويساعد في تحليل الجريان السطحي، وذلك بفهم كيفية تجمع وتصريف مياه الأمطار في المدن والمناطق الحضرية، حيث يقوم بحساب كمية الجريان السطحي الناتج عن العواصف ويدرس سلوك التدفقات في مختلف أجزاء النظام الهيدرولوجي.

ويستخدمه المهندسون والمخططون لتصميم وتحسين شبكات الصرف الصحي ومجاري السيول والمصارف، بما يضمن التعامل الفعّال مع مياه الأمطار ويمنع الفيضانات، ويُمكن من خلاله نمذجة سيناريوهات مختلفة للتغيرات المستقبلية في الطقس أو التطورات العمرانية، مما يساعد في اتخاذ قرارات أفضل بشأن بنية تحتية لمواجهة الفيضانات.

كما يمكن استخدامه لدراسة تأثير البنية التحتية منخفضة التأثير، مثل الأسطح الخضراء، الحدائق المطرية، والأرصفة النفاذة، في تخفيف الفيضانات وتحسين إدارة مياه الأمطار، وأخيرا يمكن أن يُستخدم لتحليل جودة المياه ومعالجة التلوث في نظم الصرف، حيث يُمكنه حساب تراكم ونقل الملوثات مع جريان مياه الأمطار.

 4 سيناريوهات للأسطح الخضراء

وباستخدام الجانب المتعلق بتأثير البنية التحتية منخفضة التأثير، استخدم الباحثون البرامج المتقدمة التي يتيحها النموذج الأميركي لتحليل تدفق المياه وتقييم كيفية تفاعل النظام الحضري مع كميات الأمطار الكبيرة، ووضع الباحثون 4 سيناريوهات مختلفة لمحاكاة كيفية تصريف المياه والسيطرة عليها في 6 أحياء وسط مدينة جدة باستخدام الأسطح الخضراء.

وفي السيناريو الأول، حيث لا يتم استخدام الأسطح الخضراء في المناطق الحضرية، أظهرت النتائج بعد مرور 30 دقيقة من انتهاء عاصفة مطرية استمرت 3 ساعات، أن معظم الأحياء الشرقية كانت تعاني من جريان سطحي منخفض بسبب وجود منحدرات حادة، مما سمح بامتصاص المياه أو تصريفها، ولكن في المقابل، شهدت الأحياء الغربية جريانا سطحيا أعلى بكثير يصل إلى 2 متر مكعب في الثانية، نتيجة الانحدارات الطفيفة والتحضر الكثيف في تلك المناطق، وكانت الأحياء ذات الانحدار الطفيف والبنية التحتية القديمة، غير قادرة على تصريف كميات الأمطار بشكل فعال، مما تسبب في انسداد القنوات الرئيسية، وحدوث فيضانات خطيرة في المناطق السفلى.

وفي السيناريو الثاني، حيث تم تطبيق الأسطح الخضراء على 30% من الأسطح، فعلى الرغم من أن ذلك ساعد على إظهار بعض التحسن في تصريف المياه، فإنه لم يكن هناك تأثير كبير على تقليل الفيضانات في الأحياء التي عانت في السيناريو الأول، و يُعزى ذلك إلى أن الكمية الإضافية من المياه التي تم تخفيضها بسبب الأسطح الخضراء لم تكن كافية لتخفيف الضغط على القنوات الرئيسية التي كانت تعمل بكامل طاقتها بالفعل.

وعندما زادت نسبة تطبيق الأسطح الخضراء إلى 50% في السيناريو الثالث، أدى ذلك إلى تقليل كبير في الجريان السطحي في جميع المناطق، حيث شهدت المناطق ذات الانحدار الشديد تقليلًا في تدفقات المياه بنسبة تصل إلى 50%، وبدأت قنوات الصرف السفلى في العمل بشكل أكثر فعالية، ولم تعد هناك إشارات تشير إلى انسداد النظام الرئيسي، مما أدى إلى تقليل الفيضانات في المناطق السفلى.

وفي السيناريو الرابع والأخير، حيث تم تطبيق الأسطح الخضراء بنسبة 70%، كانت هذه النسبة كافية لتقليل تدفق المياه بشكل كبير في جميع المناطق الحضرية، وانخفضت تدفقات المياه السطحية في المناطق الشرقية من 3.8 أمتار مكعبة في الثانية إلى 1.8 متر مكعب في الثانية، بالإضافة إلى ذلك، انخفضت تدفقات المياه في القنوات الرئيسية بالمناطق الأخرى إلى النصف تقريبًا، مما منع انسداد القنوات وقلل من حدوث الفيضانات بشكل كبير.

وأثبتت هذه السيناريوهات أن تطبيق الأسطح الخضراء، يمكن أن يكون حلا فعالا لمنع الفيضانات في المدن الحضرية، حيث توجد علاقة خطية بين نسبة تطبيق تقنيات الأسطح الخضراء وتقليل تدفق المياه السطحية، فكلما زادت نسبة الأسطح المغطاة بالتقنيات الخضراء، انخفضت معدلات الفيضانات بشكل ملحوظ.

بالرغم من ذلك، يجب أن تطبق هذه التقنيات بحذر في المناطق التي تتعرض لعواصف مطرية طويلة الأمد، حيث إن نسبة الأسطح الخضراء المنخفضة (حتى 30%) قد لا تكون كافية لتقليل التدفقات بشكل كبير.

تحديات التطبيق العملي

ورغم النتائج الإيجابية للدراسة، فإن هناك تحديات يجب مواجهتها لضمان فعالية تطبيق الأسطح الخضراء في جدة، ومن أهم هذه التحديات القدرة على استمرارية الأسطح الخضراء على المدى الطويل في مناخ جدة الحار والرطب، كما يقول علاء حموية، المدير الإقليمي للمركز الدولي للبحوث في المناطق الجافة والقاحلة (إيكاردا) للجزيرة نت.

ويوضح حموية، أن هذه الفكرة تحتاج إلى إعادة تصميم المباني بحيث يكون هناك صرف يتم توجيهه للأسطح الخضراء وقت غياب مياه الأمطار صيفا، وليكن مثلا توجيه صرف مياه التكييفات إليها، وفي المقابل، يكون هناك تصميم يسمح بتصريف المياه الزائدة عن حاجة النبات وقت الأمطار الشديدة شتاء، حيث إن هناك طاقة قصوى لاستيعاب التربة للمياه.

وينصح حموية من أجل مزيد من الفائدة أن يكون هناك استخدام لأكثر من وسيلة لإدارة مياه الأمطار والحد من آثار الفيضانات والجريان السطحي في المناطق الحضرية.

ويقول: "إضافة لاستخدام الأسطح الخضراء، يمكن إنشاء الخزانات الجوفية، وهي آلية رومانية قديمة، بدأت تلجأ لها بعض البلدان التي تعاني من شح مائي مثل الأردن، حيث يتم توجيه مياه الأمطار الزائدة في فصل الشتاء لهذه الخزانات للاستفادة منها صيفا".

مقالات مشابهة

  • مشروبات سحرية لتعزيز صحة جهازك التنفسي.. كيف تقاوم البرد والسعال بشكل طبيعي!
  • الحب والدعم كانا من العوامل المهمة التى ساعدتنى على التعافى
  • سحر الجعارة: ملف شباب الصحفيين أولوية.. ونسعى لبناء جيل قادر على مواجهة التحديات
  • السعودية يمكن أن تقاوم الفيضانات عبر الأسطح الخضراء
  • يا وزير اسرع كرم عمر الجزلى وهو حى يرزق قبل ان يلتحق بالرفيق الاعلى
  •  سلاف فواخرجى: فيلم «سلمى» يعبر عن معاناة نساء سوريا.. والظروف الحقيقية أصعب من التخيل
  • كشف حساب للدور الـ45 لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى
  • حنان أبوالضياء تكتب عن: الهوية الأنثوية المشوشة فى Wild Diamond
  • سامح فايز يكتب: الحرب الثقافية (4)
  • اللجوء.. وكرم شعب