فى العلوم الاستراتيجية مثلما تقاس قدرة الدولة بما تمتلكه من قدرات بشرية ومادية فإنها تقاس أيضا بثقلها السياسى وعلاقاتها الخارجية وتعاملها مع الأزمات، وعندما نتابع تعامل الدولة المصرية مع واحدة من أخطر وأصعب الأزمات الاقليمية، الحرب على غزة، سندرك سريعا حجم وقوة مصر، ومدى نفوذها وكيف ينظر اليها العالم.
المتخصصون فى ملف الصراع الفلسطينى الاسرائيلى يدركون جيدا ان «طوفان الاقصى» جعلنا جميعا امام مرحلة جديدة من الصراع، وليس من السهل على أى دولة ان تتدخل وتفرض رؤيتها، خاصة وأن العالم الغربى والقوى المهيمنة دعمت منذ اللحظة الأولى الرواية الاسرائيلية ودعمتها، وأصبح الفلسطينيون أمام تحد كبير.
والأخطر ان مخطط تصفية القضية بدأ فعليا تنفيذه تحت غطاء رد الفعل على اعتداءات حماس، وكان خط التهجير مرسوم مسبقا ومتجها الى سيناء، مثلما كان القرار محسوما بحصار غزة وتدميرها، وتغيير تركيبتها لكن قوة الدولة المصرية فرضت نفسها واستطاعت ان تضع ثوابت تلزم بها الجميع، مثل رفض التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، ووضع سيناء كخط أحمر ملزم حتى للولايات المتحدة الامريكية والقوى الغربية التى كانت تؤيد المخطط الاسرائيلى، ولم تقف مصر عند ذلك بل فرضت رؤيتها وقرارها بإجبار اسرائيل على قبول دخول المساعدات الإنسانية، وكان القرار المصرى بربط خروج الجنسيات الاجنبية من معبر رفح بدخول المساعدات، نقطة فاصلة فى هذا الاتجاه ثم كان انجاز الهدنة الانسانية بمرحلتيها من خلال الجهود المصرية بالتنسيق مع قطر وبدعم من الولايات المتحدة، كل هذه الخطوات لم تكن ممكنة إلا إذا كانت مصر دولة قوية وتمتلك القدرة، ولديها رؤية واضحة وقيادة مؤثرة ومؤسسات تجيد التحرك باحترافية وتحقيق رؤية الدولة، بما يحافظ على الامن القومى المصرى ويوقف نزيف الدم الفلسطينى.
الأهم أنه مثلما تعاملت اسرائيل مع طوفان الاقصى باعتباره فرصة لتنفيذ مخططها فى تهجير الفلسطينيين، تعاملت مصر مع جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطينى باعتباره فرصة لإعادة احياء ملف الدولة الفلسطينية كاملة الاركان على حدود ٦٧ ونجحت مصر بالفعل بثقلها السياسى وقدرتها الدبلوماسية ان تجعل حل الدولتين هو الطرح السائد دوليا الآن، والجميع يتحدثون عنه، ويعتبرونه الطريق الى ايقاف الصراع وتحقيق الاستقرار فى المنطقة.
بل ونجحت القاهرة فى الربط بين مصالح الغرب وبين ايقاف الحرب والبدء فى حل الدولتين وهذا يحسب للقيادة السياسية التى لم تدخر جهدا فى اظهار خطر ما تفعله اسرائيل على العالم كله وليس المنطقة فقط.
الأكيد أننا امام دولة فرضت نفسها وارادتها وجعلت العالم ينظر إليها كما قال وزير الخارجية الروسى كقوة عالمية وليست إقليمية، وهذا هو الفارق.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: العلوم الاستراتيجية الأزمات الإقليمية طوفان الأقصى العالم الغربى
إقرأ أيضاً:
الإمارات تُشارك في مؤتمر التصاميم الصناعية بالرياض
أبوظبي (الاتحاد)
شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة، في المؤتمر الدبلوماسي المعني بإبرام واعتماد معاهدة قانون التصاميم الصناعية، الذي تترأسه المملكة العربية السعودية الشقيقة، والذي تم تنظيمه في الرياض ابتداء من 11 نوفمبر الجاري ويختتم اليوم، تحت مظلة المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو».
ويُمثل هذا المؤتمر المرحلة النهائية من المفاوضات الخاصة بهذه المعاهدة، والتي تسهم في تعزيز الحماية القانونية المتكاملة للتصاميم الصناعية والملكية الفكرية على المستويين الإقليمي والعالمي، وترسيخ ثقافة الابتكار والإبداع.
حضر المؤتمر ممثلاً لدولة الإمارات، الدكتور عبد الرحمن حسن المعيني، الوكيل المساعد لقطاع الملكية الفكرية بوزارة الاقتصاد، وشارك فيه دارين تانغ، المدير العام للمنظمة العالمية الملكية الفكرية «الويبو»، ومجموعة كبيرة من الممثلين عن الدول الأعضاء للمنظمة.
وأكد الدكتور عبد الرحمن المعيني، أن المعاهدة تعد نقطة انطلاق جديدة لتسهيل عملية تسجيل التصاميم الصناعية للمبدعين والمبتكرين في جميع أنحاء العالم، وتوفير كافة السُبل والآليات لدعم منظومة الملكية الفكرية تعددية الأطراف، وتبسيط الإجراءات التي تدعم حماية حقوقهم.
وأشار إلى أن المعاهدة تتضمن مجموعة من المواد الجوهرية مثل منع التملك غير المشروع للتصاميم التقليدية، وتأييد مطلب المساعدة التقنية وتكوين الكفاءات، وغيرها من المسائل الإجرائية الأخرى، التي تتطلب تعزيز التعاون المشترك بين الدول الأعضاء لضمان نجاح المفاوضات الخاصة بالمعاهدة، وكذلك أهمية توافق وجهات النظر بين الدول الأعضاء وأصحاب المصالح من مصممي الملكية الصناعية وخاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وفي هذا الاتجاه، قال إن دولة الإمارات حريصة على دعم أعمال المؤتمر ومخرجاته، ومواصلة التعاون وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات مع الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، والانضمام لكافة المعاهدات والاتفاقيات الخاصة بمجال الملكية الفكرية، تحت مظلة «الويبو»، إضافة إلى الإسهام بدور بارز وفعال في دعم الجهود الدولية في هذا الصدد.
وأعرب عن تأييد دولة الإمارات للبيان الذي أدلى به وفد جمهورية باكستان في هذا المؤتمر نيابة عن مجموعة دول آسيا والمحيط الهادئ.
وأطلقت دولة الإمارات خلال المرحلة الماضية منظومة جديدة من المبادرات لتعزيز حماية الملكية الفكرية في الدولة والتي تشمل 31 مبادرة متكاملة تصب في دعم الابتكار والإبداع في الدولة، اعتماداً على أفضل الممارسات العالمية، وكذلك مشروع «حاضنة براءات الاختراع»، الذي يتضمن توثيق عملية تسجيل براءات الاختراع في الإمارات السبع، وتوفير الدعم للمبتكرين، وتشجيعهم على التقدم للحصول على كافة حقوقهم الفكرية فيما يبتكرونه، ويُعزز قيمة أفكارهم.
يذكر أن قطاع الملكية الفكرية في الدولة حقق نتائج ومؤشرات إيجابية خلال المرحلة الماضية، ومنها وصول إجمالي عدد العلامات التجارية المسجلة في الأسواق الإماراتية إلى 356 ألفا و408 علامات تجارية بنهاية سبتمبر لعام 2024، وتسجيل أكثر من 15 ألف براءة اختراع وشهادة منفعة، وتصميم صناعي مسجل في الدولة حتى نهاية سبتمبر الماضي.
أخبار ذات صلة وزير الاقتصاد: مطارات الدولة تخدم 400 ألف مسافر يومياً وزير الاقتصاد يزور شركتين بقطاع الأغذية في الدولة