طهران- مع تمديد الهدنة الإنسانية المؤقتة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ليومين آخرين، يجمع الإيرانيون على أن استمرارها يصب في صالح الجانب الفلسطيني، ويكرّس هزيمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي سبق ورفع سقف أهداف عدوانه عاليا، ولم يحقق أيا منها.

وعلاوة على إخفاق الأجهزة الاستخبارية والأمنية الإسرائيلية في التنبؤ بعملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فإن تطورات الهدنة جاءت لتكمل المفاجئات الأمنية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي أصرّت على تسليم المحتجزين للصليب الأحمر شمالي القطاع، حيث كانت القوات الإسرائيلية قبيل الهدنة هناك.

وطالما انقسمت الأوساط الإيرانية إزاء سياسة البلاد الخارجية خلال العقود الماضية، لكنها تكاد تجمع هذه الأيام على صوابية ما راهنت عليه الجمهورية الإسلامية في دعم المقاومة، باعتبارها الجبهة الأمامية لطهران في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

تمديد الهدنة

اعتبر أستاذ العلوم السياسية صادق زيبا كلام، تراجع تل أبيب عن شروطها لبحث الهدنة، انتصارا للمقاومة الفلسطينية "التي كسرت شوكة الغرور الإسرائيلي".

وفي مقال تحت عنوان "اتفاق الهدنة، أي طرف فاز في معركة غزة؟" نشره في صحيفة "آرمان ملي"، قال زيبا كلام، إن "الهدنة خطوة مهمة لحسم الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل"، موضحا أن "معركة غزة الأخيرة أثبتت أن التطرف والتعنت لن يجلبا سلاما".

وبينما يعبّر الأكاديمي الإيراني عن أمله في أن تفضي الهدنة المؤقتة إلى "القبول بحقائق الملف الفلسطيني، والتوصل إلى حل دائم للصراع في الأراضي المحتلة"، يتساءل مراقبون إيرانيون عن ملامح مرحلة ما بعد معركة طوفان الأقصى، وتداعياتها على طرفي النزاع، لا سيما القضية الفلسطينية.

ورأى الباحث في الشؤون العسكرية محمد مهدي ملكي، موافقة الجانب الإسرائيلي على تمديد الهدنة، مؤشرا على رغبته الحقيقية بالهروب من مستنقع غزة، موضحا أن "المحور الغربي العبري يسعى لإضفاء صبغة إنسانية على الهدنة المؤقتة، للتغطية على الهزيمة التي منيت بها تل أبيب".

وفي حديثه للجزيرة نت، اعتبر ملكي أن "الهدنة الجارية لن تدوم طويلا"، وتوقع أن يستأنف الاحتلال خلال الفترة المقبلة قصفه على القطاع "سعيا منه لتسجيل إنجاز عسكري على الأرض، بعد أن فشل في تحقيق أي هدف سياسي عبر مفاوضات الهدنة".

وتوقع الباحث الإيراني أن تُماطِل حكومة اليمين الإسرائيلي المساعي الدولية، الرامية لوقف كامل للعمليات العسكرية في غزة "لأن ذلك سيكون بمثابة هزيمة مدوية لكيان مدجج بالسلاح، ويحظى بشتى أنواع الدعم الدولي، أمام حركة مقاومة، وليس جيشا كلاسيكيا"، حسب تعبيره.

آلام المخاض

ويرى السفير الإيراني السابق في النرويج وسريلانكا وهنغاريا، عبد الرضا فرجي راد، أن في تمديد الهدنة "مؤشرا على احتمال تحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار"، موضحا أنه "كلما استمرت الهدنة الإنسانية فترة أطول، سوف تتضاعف ضغوط الأوساط الدولية والرأي العام العالمي على الطرف الذي يخترقها، وتُحمّله مسؤولية استئناف الحرب".

وفي حديثه للجزيرة نت، اعتبر الدبلوماسي الإيراني السابق أن "طوفان الأقصى قرّبت موعد استقلال الشعب الفلسطيني"، مشبها العنف بحق أهالي غزة بـ"آلام المخاض لولادة الدولة الفلسطينية".

ويعتقد فرجي راد أنه "في حال تقديم الأطراف الوازنة إقليميا ودوليا مبادرة لإنهاء الصراع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإن الهدنة الجارية مرشحة لأن تتحوّل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وأن تضع حدا للصراع المتواصل منذ عقود في الشرق الأوسط".

وفي ما يتعلق بجبهة جنوب لبنان، توقع السفير فرجي راد استمرار التهدئة غير المعلنة بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي إذا توقف القتال في غزة، مضيفا أنه "بعد استنزاف طاقات الكيان الإسرائيلي في معركة طوفان الأقصى، وتداعياتها على الداخل الإسرائيلي، فإن الأخير سيتراجع عن تهديده بشن هجوم على حزب الله، وسوف يخرج خيار الحرب في جبهته الشمالية من حساباته، لأن تجربة الحزب وقدراته العسكرية تفوق ما تتمتع به حركة حماس".

ويرى الدبلوماسي الإيراني أن معركة طوفان الأقصى قد "أفرزت ترويكا إسلامية بمشاركة إيران وقطر ومصر، ولعبت دورا بناء في مسار المعركة"، مشيرا إلى أن "مكانة طهران الجيوسياسية ستتعزز بعد معركة غزة، وسوف يحسب الجانب الغربي ألف حساب للتعامل مع الملفات المرتبطة بالجمهورية الإسلامية".

وأشاد بالتنسيق بين حلقات محور المقاومة وتقسيم الأدوار بينها خلال معركة طوفان الأقصى، ورأى أن "المعركة الأخيرة ستضع حدا لاتهام طهران بالتدخل في الشؤون العربية، والتحديات التي كانت ماثلة أمام الجمهورية الإسلامية في ملف الاحتجاجات الشعبية، والتهديد الناجم عن التوتر بين أذربيجان وأرمينيا، والضغوط الغربية المتواصلة بحقها".

فرجي راد شبّه العنف الإسرائيلي بحق أهالي غزة بآلام المخاض لولادة الدولة الفلسطينية (الصحافة الإيرانية) ما بعد الهدنة

"لن تكون مرحلة ما بعد طوفان الأقصى كما قبلها"، وفق فرجي راد، الذي يرى أن الإطاحة بحكومة نتنياهو ستكون أولى تداعيات معركة طوفان الأقصى، مضيفا أن "الحرب الأخيرة كشفت عن ضعف الاحتلال على شتى المستويات، لا سيما عسكريا وأمنيا، وأن شوكة الكيان لن تعود كما كانت عليه".

وعدّد فرجي راد ملامح المرحلة المقبلة وفق التالي:

عودة القضية الفلسطينية إلى سلم أولويات العالم. اهتمام أميركي وإسلامي أكبر بالقضية الفلسطينية وتطورات الشرق الأوسط. تراجع الدور الأميركي أمام قوة الصين الصاعدة. تعثر وتيرة تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل. تعزيز مكانة إيران وقطر على المستويين الإقليمي والدولي.

أما الباحث السياسي قاسم ذاكري فيضيف إلى هذه المحاور "احتمالية اتساع الهوة بين حماة إسرائيل الغربيين والدول الأخرى"، موضحا أنه "بعد معركة طوفان الأقصى سوف تدير العديد من الدول المستقلة ظهرها للرواية الغربية، بسبب سياسة الغرب المزدوجة إزاء الحروب وحقوق الإنسان".

وفي مقال تحت عنوان "التداعيات المحتملة لعملية طوفان الأقصى" كتب ذاكري في صحيفة اعتماد الناطقة بالفارسية، أن "حماس وسائر حركات المقاومة الإسلامية في اليمن والعراق سوف تعزز قدراتها العسكرية"، وتوقّع "ارتفاع التوتر في الضفة الغربية وتكرار معارك مشابهة لطوفان الأقصى، قد تستدعي تدخلا أميركا وفتح جبهات جديدة في مواجهة إسرائيل".

ورأى أن إسرائيل وحماتها الغربيين سوف يعملون على "زعزعة أمن دول الطوق، لا سيما سوريا، بعد معركة طوفان الأقصى، تمهيدا للضغط على حزب الله اللبناني"، مؤكدا أنه لا يستبعد ظهور حركات متطرفة على غرار القاعدة، للانتقام من إسرائيل والولايات المتحدة، حسب تعبيره.

وخلص الباحث، إلى أن "الدعم الأميركي المطلق للكيان الصهيوني خلال معركة طوفان الأقصى، قد يؤدي إلى انتكاسة للديمقراطيين في رئاسيات 2024، إلى جانب خروج أوكرانيا من سلم أولويات الإدارة الأميركية بشكل تدريجي".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: معرکة طوفان الأقصى تمدید الهدنة بعد معرکة

إقرأ أيضاً:

وقفة ومسير لـ3 آلاف من خريجي دورات “طوفان الأقصى” في جبل راس بالحديدة

يمانيون/ الحديدة نظم ثلاثة آلاف خريج من دورات التعبئة العامة المفتوحة ” طوفان الأقصى” من أبناء عزل قمة جبل راس بالحديدة، اليوم، مسيرا شعبيا هو الأكبر في مسار تعزيز الجهوزية لمعركة الفتح الموعود والجهاد المقدس.

وهتف المشاركون في الوقفة والمسير الذي انطلق من قمة جبل رأس إلى أسفل منطقة المسحابة لمسافة ثلاثة كيلو مترات، بشعارات النفير والجاهزية للجهاد إلى جانب أبطال الجيش والقوات المسلحة للدفاع عن سيادة اليمن ونصرة وإسناد الشعب الفلسطيني.

وأكد خريجو الدفعة الثانية من دورات المرحلة الخامسة، أن غطرسة العدو الصهيوني بحق شعوب الأمة، تمثل الخطر الحقيقي على أمن واستقرار دول المنطقة، مشيدين بالضربات التي تنفذها القوات اليمنية في عمق الكيان الغاشم الذي يواصل حرب الإبادة في قطاع غزة.

ووجهوا رسائل تحذيرية للكيان الصهيوني من مغبة التصعيد ومواصلة انتهاك السيادة اليمنية، مؤكدين أن الشعب اليمني لن يتراجع أو يثنيه الإرهاب الصهيوني عن دعم واسناد غزة ونصرة مظلومية الشعب الفلسطيني، والدفاع عن سيادة واستقلال أراضيه.

وجدد الخريجون، مواصلة التحشيد والتعبئة العامة والالتحاق بالدورات العسكرية بوعي إيماني صادق ويقين راسخ مستمد من كتاب الله العظيم للانتصار لمظلومية الشعب الفلسطيني ومناهضة المشروع الاستعماري في المنطقة، حتى نيل الحرية والاستقلال وتحرير أرضهم المغتصبة.

كما هتفوا بالاعتزاز بالموقف اليمني المتعاظم في نصرة مظلومية الشعب الفلسطيني وما وصلت إليه القوات المسلحة اليمنية في التصدي لسفن ومدمرات العدو الأمريكي والبريطاني وتأدية الواجب الديني والأخلاقي والإنساني المتمثل في إسناد المجاهدين في قطاع غزة.

وأكدوا أن التحاقهم بالدورات العسكرية وخروجهم في هذه الوقفات يأتي تأكيدا على مواصلة نصرة وإسناد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي يتعرض لأبشع عمليات التطهير العرقي والابادة الجماعية في ظل صمت وتواطؤ دولي وتخاذل عربي وإسلامي.

ودعا أبناء عزل قمة جبل راس إلى العمل بمشروع الجهاد لإعادة لملمة الشتات والذل التي تعاني منه الدول العربية، واستعادة وحدة الصف الإسلامي لمواجهة ثالوث الشر الصهيوني الأمريكي البريطاني، والخروج من وصايتها والتحرر من الهيمنة والانتصار للكرامة المسلوبة.

وحذروا كل المتربصين، بأن محافظة الحديدة ستظل عصية على الغزاة والمحتلين وأن أي تحركات مشبوهة لمرتزقة العدوان للإضرار بمصالح الشعب اليمني، سيقابل برد أعنف والتفاف شعبي ورسمي منقطع النظير، مؤكدين جهوزيتهم لمواجهة أي تهديدات والتصدي لأي محاولات.

وخلال الوقفة، أكد مدير المديرية مطهر النور ومسؤول التعبئة العامة في المديرية صالح الشريف، السير على خط الجهاد في سبيل الله، والتضحية والعزة والكرامة والانتصار للدين والوطن وقضايا الأمة، معلنين النفير لمواجهة كل قوى الاستكبار والطغيان.

كما أكدا جاهزية أبناء مديرية جبل راس للوقوف إلى جانب الجيش والقوات المسلحة في التصدي لأي تصعيد في حال إقدام العدو الأمريكي البريطاني على ارتكاب أي حماقات باستهداف اليمن، مشددين بأن الجميع طوع أمر قائد الثورة للتصدي لأي تهديدات معادية دون تردد أو تراجع.

مقالات مشابهة

  • مسير لخريجي دورات طوفان الأقصى في سنحان بمحافظة صنعاء
  • كل ساعة يُستشهد طفل.. 45338 شهيدا فلسطينيا في غزة منذ "طوفان الأقصى"
  • كل ساعة يستشهد طفل.. 45338 شهيدا فلسطينيا في غزة منذ "طوفان الأقصى"
  • بالصور: تطبيقاً عسكرياً لخريجي “دورات طوفان الأقصى” من قوات التعبئة العامة من أبناء بني معاذ بسحار صعدة
  • خبراء إيرانيون يقيّمون التصعيد بين طهران وتل أبيب
  • مسير لثلاثة آلاف من خريجي دورات طوفان الأقصى في جبل راس بالحديدة
  • مسير لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في بني الحارث بأمانة العاصمة
  • تدشين المرحلة السادسة للدورات المفتوحة ”طوفان الأقصى” في مديرية المنيرة بالحديدة
  • وقفة ومسير لـ3 آلاف من خريجي دورات “طوفان الأقصى” في جبل راس بالحديدة
  • مسير لـ 3000 آلاف من خريجي دورات طوفان الأقصى في جبل راس بالحديدة