قامات فلسطينية مضيئة عبر “أثير”: نُعرِّفكم على ناجي العلي
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
أثير- مكتب أثير في تونس
إعداد: محمد الهادي الجزيري
من منّا لا يعرف ” حنظلة ” ومبتكره وراسمه الفنان الشهيد ناجي العلي..، فكلّنا بطرق متفاوتة لنا فكرة عنهما ..، وها إنّ فلسطين تخرج من قمقمها وتشير إلى الزخم الذي راكمته منذ النكبة إلى الآن ..فنبصر تاريخا استثنائيا ومجدا يكلّله النصر الأخير في غزة..، لذا وجب نفض الغبار عن أيقوناتها الرائعة .
ولد “ناجي العلي” عام 1937 في قرية ” الشجرة ” بمنطقة الجليل، وفي عام 1948 نزح مع أسرته إلى جنوب لبنان، وعاش في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين..، تلقى تعليمه الابتدائي بمدارس لبنان، والتحق بالأكاديمية اللبنانية عام 1960 ودرس الرسم فيها لمدة عام، وعمل في الصحافة متنقلا بين لبنان والكويت ولندن…
انقلبت حياته حين زار الكاتب الفلسطيني”غسان كنفاني” مخيم عين الحلوة وتعرّف عليه وشاهد رسوماته ونشر أحدها في العدد 88 من مجلة “الحرية” في 25 سبتمبر/أيلول 1961؛ لتبدأ رحلة ناجي في الصحف وتكون البوابة التي قدمته للجمهور..، وتقول السيرة أنّه استقبل غسان كنفاني بوصفه مشرفاً على معرض الأطفال لأنه مدرّسهم، وتوقف كنفاني أمام لوحة تمثّل خيمة على شكل هرم ترتفع من رأسه قبضة تطالب بالثأر والتصميم والنصر..، سأل كنفاني العلي عن صاحب اللوحة، فقال الأخير إنه صاحبها، ما دفع كنفاني الى مصافحته والشد على يده..، و لم يخرج كنفاني من مخيم عين الحلوة في تلك الليلة إلا وقد انداح الجدولان (هو والعلي) على بعضهما، وشكّلا جدولاً جديداً يصب في شواطئ فلسطين، وأخذ كنفاني “خيمة” العلي لينشرها في مجلة “الحرية”، وطلب منه مزيداً من الرسومات لنشرها، إلى أن صار الأخير يتردّد على المجلة من وقت الى آخر، وتوطدت الصداقة، ومعرفة سوء الحال، فحاول كنفاني أن يجد عملاً للعلي في الكويت، ثم رتّب له أن يعمل محرراً صحافياً في” الطليعة “…
عبر عن قضايا الأمة العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، فرسم ساخرا من جميع الأنظمة، كما وصف حال المخيم الذي نشأ به، ومجزرة صبرا وشاتيلا، واجتياح لبنان وقصف المخيمات دون أن ينطق بكلمة واحدة..، رسم نحو 40 ألف كاريكاتير خلال حياته، أشهرها “فاطمة” رمزا للمرأة الفلسطينية القوية التي لا تهادن، و”الرجل الطيب” رمزا للفلسطيني المشرد المقهور والمناضل والمكسور أحيانا، و”حنظلة” وهو طفل يعقد يديه خلف ظهره وبقي رمزا للقضية الفلسطينية حتى يومنا هذا….
ولدتْ شخصية “حنظلة” في 5 يونيو/حزيران 1969 في جريدة “السياسة” الكويتية كرمز للفلسطيني، وأصبح “حنظلة” بمثابة توقيع ناجي العلي على كل رسوماته، وقد قال عنه ناجي علي :
” ولد حنظلة في العاشرة في عمره وسيظلّ دائما في العاشرة من عمره، ففي تلك السنّ غادر فلسطين وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعد في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء، وأما عن سبب تكتيف يديه فيقول ناجي العلي: كتفته بعد حرب أكتوبر 1973، لأنّ المنطقة كانت تشهد عملية تطويع وتطبيع شاملة، وهنا كان تكتيف الطفل دلالة على رفضه المشاركة في حلول التسوية الأمريكية في المنطقة، فهو ثائر وليس مُطبعا ”
وعندما سُئل ناجي العلي عن موعد رؤية وجه حنظلة أجاب:
” عندما تصبح الكرامة العربية غير مهددة، وعندما يسترد الإنسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته..”
وكتب عنه سميح القاسم :
” حنظلة
كم هو شرير وفاضح
هذا الولد حنظلة
كم هو قاس هذا الولد ”
وكتبت عنه سلوى النعيمي في حنظلة العصفور الجريح
“أعشق حنظلة
أحييه كل صباح
وأرسم على امتداد ذراعيه قبلة ”
وكتب رشاد أبو شاور يقول :
هذا هو حنظلة في قرى فلسطين، على حيطان الوطن العربي، يخرج من تحت الخراب، من الدخان من النسيان أكثر جسارة وأبهى..، لم يمت حنظلة من الجوع، صمد في المخيم على كسرة خبز وأكل مما تنبت الأرض..، لم يمت في المنافي، فمال المنافي لم يكن هاجسه، لذا أدار ظهره دائماً للترف، وولّى وجهه إلى فلسطين ،أصبح حنظلة المرآة، إذاً، ضميراً جماعياً في ذاكرة الناس، وملأ الدنيا وشغل الناس، كما أصبح تساؤلاً ملحاً ورمزاً فاعلاً، في صمته وكلامه، في سكونه وحركته، في غنائه ولعبه….
في 22 يوليو/تموز1987 أطلق شاب مجهول النار على ناجي العلي في لندن، فأصابه ومكث في غيبوبة حتى وفاته في 29 أغسطس/آب 1987
رحم الله ناجي العَلي فقد أثبت أنّه رسام كاريكاتير فلسطيني مائة في المائة، كما ارتبط اسمه بشخصية “حنظلة”، صور القضية الفلسطينية في رسوماته واخترع شخصيات ما زالت حاضرة في ذاكرة كل عربي، فكان فدائيا بطريقته الخاصة حتى تسببت رسوماته بمقتله..، جزاه الله خيرا فقد ترك لنا ولمن سيأتي بعدنا ..آلاف الرسومات المخلّدة لجرحنا النازف ..الجاري تعافيه وشفاؤه ..، نعم واثق من قولي : إنّنا بشهدائنا وأحيائنا ماضون نحن النصر ..إمّا آجلا أو عاجلا …….
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: ناجی العلی
إقرأ أيضاً:
“قطعوا لي أذني.. لا يرحمون أحدًا” .. انتهاكات الدعم السريع
“قطعوا لي أذني.. لا يرحمون أحدًا”.. بعد أن أمضوا أياما سيرا على الأقدام للوصول إلى حلفا الجديدة.. مواطنون من قرى غريقانة شرق ولاية الجزيرة يكشفون مآسي الهروب من مناطقهم عقب اقتحامها بواسطة قوات الدعم السريع.الجزيرة – السودان إنضم لقناة النيلين على واتساب