عُماني يقيم معرضًا يستعرض عُمان في السجلات الصينية القديمة؛ فما النصّ الأول الذي ذُكِرتْ فيه؟
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
أثير- جميلة العبرية
شاب عُماني ملّم باللغة الصينية، وله شغفٌ بالهوية والتاريخ العُماني، ويعمل في سفارة سلطنة عمان بجمهورية الصين الشعبية، حرص على إبراز الأثر الحضاري الذي أحدثه أسلافنا القدماء في خدمة طريق الحرير، فأقام معرضا بعنوان “طريق اللبان.. عمان في السجلات الصينية القديمة” بدعم وزارة الخارجية العُمانية، وتعاون زملائه الدبلوماسيين في السفارة العُمانية في العاصمة الصينية، خلال حفل الاستقبال بمناسبة العيد الوطني الـــ ٥٣ المجيد.
“أثير” تواصلت مع السكرتير ثاني ناصر بن أحمد الراشدي من سفارة سلطنة عمان في بيجين، الذي أكد أن المعرض أتى كمسعى جاد إلى تجسيد العلاقات بين سلطنة عمان وجمهورية الصين الشعبية؛ وفي ظل اهتمام معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي الموقر -مشكورا- بدعم المبادرات الخلاّقة، وبناء على التعاون المثمر مع بعض الفاعلين النشطين في خدمة التراث العماني، والعلاقات العمانية الصينية، وعلى خلفية ما توافر لدي من معلومات ثرّة، كلّفتْ جهدا وعملا كبيرين، ورغبة صادقة في عرض كل أولئك للجمهور الكريم، وتحقيق الإفادة به.
وأضاف الراشدي بأن المعرض ضم 19 لوحة، حملت نصوصا وثائقية مهمة ذات علاقة للصين القديمة، أعيد بناؤها وتصميمها من جديد، على صورة رسومات ملهمة، باستخدام أساليب الرسم الصيني القديم. وتتمحور موضوعات تلك النصوص حول عُمان القديمة -بحسب “المخيال” الصيني، وما استُلهم من تلك النصوص، أو استخرج لاحقا من إشارات دالّة-، إلى جانب أهم المدن، والمعابر، والعلامات، والحياة الاجتماعية والاقتصادية.. إلخ، ومعلومات أخرى حول اللبان العماني.
كما تضمنت أخبار التاجر الشيخ عبدالله الصحاري سفير الصداقة المخلصة والنوايا الحسنة بين الصين وعمان، والنص الأصيل للمرسوم الإمبراطوري الذي مُنِح بموجبه لقب جنرال الأخلاق الطيبة / جنرال الفضيلة، والذي أعيد ترجمته من جديد، بمراجعة أحد الخبراء والمختصين بالتاريخ العماني.
وذكر الراشدي بأن أبرز الوثائق التي ضمها المعرض هي النص الأول الذي ذكرت فيه عُمان، وقد جاء فيه: (تبعد عمان عن غرب الإمبراطورية البارثية بحوالي ٣٤٠٠ لي –وحدة قياس – وهي تبعد غربا عن العراق بمسافة ٣٦٠٠ لي)، وكذلك النص الأصلي للمرسوم الإمبراطوري، والذي جاء فيه: (بنعمة سلطاننا الممتد ظله في هذه الأرض بلا حدّ، وبالبركات التي نسبغها على أتباعنا، مهما ابتعدت بهم الأمكنة، نصدر مرسومنا هذا. فحين أتيت إلى بلاطنا الإمبراطوري لتقديم ولائك وهديتك المعبرة عن عمق العلاقات بين بلدينا، وشجعت أهل وطنك للقيام بذات الفعل. الآن، فإنك بذلك أصبحت من أتباع مملكتنا الخُلَّص، ورأينا أنك تستحق كل خير ومديح، فواصل ما بدأت به، وأنجز مهمتك الجليلة بكل تفانٍ وإخلاص. يعتمد). بالإضافة إلى نص آخر احتوى على وصف دقيق لشجرة اللبان، وتصنيف اللبان إلى ١٥ نوعا، وتسميتها حسب الجودة، بالإضافة إلى رسمة في إحدى المخطوطات، تعود إلى عام1607 ميلادية، صورت صينيا يجرب في ظفار استخراج اللبان باستخدام السيف.
وعن الفترة الزمنية التي قضاها الراشدي في التحضير لهذا المعرض قال: بحكم الانشغال بالعمل الدبلوماسي في السفارة، والبحث -وقت الفراغ- في المخطوطات الصينية، ومراجعة بعض المواد مع المختصين العمانيين والصينيين، ومناقشة محتواها، فقد استغرق العمل بالجملة ما يقارب سنة كاملة، فقد فرغت ابتداءً المواد المطلوبة، وراجعتها، وأعدت ربطها ببعض الأحداث، واستعرضت مع بعض الخبراء الترجمة اليتيمة للنص الإمبراطوري.
وأردف: هو جهد مخلص لا يحدّه زمن، وإنْ أطرنا له؛ لأنني مستمر في الإضافة إليه، والتطوير والإنتاج والتعريف به من وقت لآخر؛ بخاصة أنني أخذت على عاتقي خدمة هذا الهدف النبيل، وأراني بدأت أقطف نتاجه؛ وذلك على خلفية كل هذا التشجيع الذي ألقاه، والدعم الذي أتاحته لي بشكل كبير جدا وزارة الخارجية الموقرة وسفارتنا بجمهورية الصين الشعبية، إلى جانب المتابعات والمراجعات المستمرة المؤيدة لهذا المشروع.
وذكر الراشدي بأن التحديات تكمن في أن جميع النصوص قد كتبت باللغة الصينية القديمة، والتي تحتاج إلى مختصين؛ لترجمتها إلى الصينية الحديثة، بالإضافة إلى إشكالية التأكد والتثبت من أسماء المواضع التي تشير إلى عُمان، والتي أخذت جهدا آخر، اقتضى الرجوع إلى الدراسات العلمية، والأبحاث المختصة حول الموضوع ككل، ومناقشة الخبراء بشأنها. ومن التحديات أيضاً تحويل النصوص إلى لوحات فنية مرسومة، تحتاج إلى خيال واسع، وأفكار أخذت وقتا لا بأس به، من المناقشة والمحاولة إثر المحاولة، حتى خرجنا بهذه الصورة المرضية، والحمد لله.
وأشار إلى أن التطور التقني الذي تظفر به الصين، وسهولة الوصول إلى أوعية المعلومات المختلفة ساعد إلى حد ما في التغلب على العديد من تلك التحديات.
وأضاف: لا يخلو عمل جاد عادة منها، لكنّ همَّ إبراز عُمان وجهود أسلافنا العظماء، والواجب الذي ننوء به تجاههم؛ كان وحده الكفيل بالتخفيف من حدة وصعوبة هذا العمل، وتمّ ذلك كله بمساندة المخلصين من أبناء عمان، البارين بإرثهم وتاريخ أسلافنا المشترك، الأمر الذي كان خير معين على تجاوز كل ما أشرت إليه، فضلا عن الدعم والمساندة التي أجدها مباشرة وما زلت من سعادة السفير رئيس البعثة شخصيا، وجميع الزملاء الدبلوماسيين المحيطين بي في السفارة وطاقمها.
وأوضح الراشدي بأن الأهداف الأساسية لهذا المعرض تأتي بإتاحة الوثائق لفائدة الجماهير المهتمة من أبناء البلدين، ولتعزيز بحوث المختصين من الجانب العماني بالنصوص الأصلية؛ ولإجراء مزيد من التدقيق والبحث في التاريخ العماني المرتبط بعلاقاتنا الحضارية مع الدول الأخرى؛ إذ إن جميع النصوص الواردة في اللوحات مأخوذة نصًّا من المخطوطات الأصلية، دون إجراء أي تعديلات عليها، عدا ما اقتضته رعاية الاختلاف الثقافي، والمعتقد، وما فرضته الشروحات الإضافية للمصطلحات الكلاسيكية القديمة (الأوزان، المسافات.. إلخ)
واختتم السكرتير ثاني ناصر الراشدي حديثه لـ “أثير” قائلًا: آمل أن يُعزز هذا المعرض ويكرس مركبا اصطلاحيا جديدا، يعنينا كثيرا في سلطنة عمان؛ على حد تعبير أحد أساتذتنا الذين خدموا هذه الفكرة، وألحّوا عليّ بتوجيه الأنظار إلى أهميتها؛ أعني فكرة ومشروع مبادرة (طريق اللبان)، الذي نرجو له أن يُعمّق أكثر، ليغدو مشروعا ثقافيا وفنيا حضاريا عمانيا خالصا، يكون له ما بعده، يبرز الإسهامات العمانية على طول هذا الطريق، الذي وصل للكثير من دول العالم القديم (الصين – مصر – بلاد وادي الرافدين .. إلخ).
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: سلطنة عمان
إقرأ أيضاً:
افتتاح معرض "أنامل بصيرة" لعرض ابداعات مكفوفين وضعاف البصر فى فنون الرسم والتشكيل
افتتحت مؤسسة بصيرة لرعاية ذوي الاعاقات البصرية ولأول مرة ومن داخل دار الاوبرا المصرية معرض "انامل بصيرة" لابداعات ابناء بصيرة من المكفوفين وضعاف البصر فى مجالات الرسم والتشكيل.
تعليم المنشأة يوجه مديري المدارس بالاستعداد لامتحانات الفصل الدراسي الأول 2025اقيم المعرض تحت رعاية د. أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة وبنك القاهرة وافتتحته د. إيمان كريم المشرف العام على المجلس القومى للإعاقة يرافقها الأستاذ حامد مبروك، رئيس مجلس أمناء مؤسسة بصيرة، والأستاذ تامر الطوبجي ممثلاً عن بنك القاهرة وعدد من قيادات مؤسسة بصيرة وعدد من المهمتين بمجالات فنون الاشخاص ذوي الاعاقة بشكل عام والاشخاص ذوي الاعاقات البصرية بشكل خاص و حازت الاعمال الفنية داخل المعرض على ابهار الحضور.
واكدت السيدة دعاء مبروك المدير التنفيذي لمؤسسة بصيرة ان تنظيم المعرض ياتى ضمن احتفالات بصيرة بشهر الاعاقة شهر ديسمبر وهو ثمرة مشروع انطلق قبل شهور تحت عنوان "انامل بصيرة" كخطوة مؤثرة تعزز التقدير لإبداعات ذوي الإعاقة البصرية وتدعم رؤية بصيرة نحو مجتمع أكثر تمكيناً واندماجاً وكمبادرة هامة لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية في عالم الفن، لممارسة هواياتهم وتطوير مهاراتهم من خلال ورش الرسم والتشكيل واحد اليات استراتيجية عمل المؤسسة التى تهدف الى دمج الاشخاص ذوي الاعاقة البصرية فى المجتمع والتنقيب عن قدراتهم وامكانياتهم وتسليط الضوء على إبداعات ابناء بصيرة من المكفوفين وضعاف البصر
واعربت مبروك عن امتنانها لمعالى وزير الثقافة لرعايته المعرض مقدمه الشكر الى بنك القاهرة لشراكته الفاعلة مع مؤسسة بصيرة من اجل خروج المعرض للنور ودعم تنمية مواهب وقدرات ابناء بصيرة من ذوي الاعاقات البصرية
من جانبها اوضحت الفنانة التشكيلية امانى داود مدير قسم الاتاحة ببصيرة والمسئولة عن مشروع انامل بصيرة ان الاعمال التى تم عرضها بالمعرض شملت 72 لوحة فنية تضمنت عدد من فنون الرسم بطرق مختلفة و خمات متنوعة منها الرسم على توال بالخامات والوان الاكرلك والرسم على توال بالاكرلك والرسم بالفحم والرصاص على الورق والرسم بالوان اكرلك على الورق والتشكيل بالصلصال الفوم على الجوخ
واضافت داود ان المعرض شمل ايضا وفى مجال فنون النحت 13 تمثال متنوع بين بورتريه وتشكيل حر تم نحتها من وحي خيال الشباب المشاركين فى ورشة "انامل بصيرة" فضلا عن 8 اعمال فنية خزفيه شكلت من الطين الاسواني على شكل ماصكات افريقية وشارك فى المعرض ثمانية عشر طفل وشاب من ابناء بصيرة المكفوفين وضعاف البصر ترواحت اعمارهم ما بين 9 الى 19 عاما
واوضحت داود ان التنقيب عن مواهب وامكانيات ابناءنا من ذوي الاعاقات البصرية فى مجالات الرسم والتشكيل كانت تحديا كبيرا فى استخدام ذوي الاعاقات البصرية لفن بصري وكانت البداية بتعريفهم بالخامات الفنية وخواص هذه الخامات التى يتم استخدامها وان البداية جاءت بتعليم هؤلاء المبدعين الصغار استخدام الخطوط والاشكال التى تعرفوا عليها من خلال تاهيلهم فى بصيرة فى صياغة عمل فنى متكامل
واضافت داود بان المعرض بما لاقاه من ابهار الحضور يعكس الإبداع والتميز الذي يقدمه الأطفال والشباب من ذوي الإعاقات البصرية، حيث تعبر أعمالهم الفنية والحرفية عن رؤيتهم الفريدة للعالم، ملهمة الجميع بقوة الإرادة والعزيمة وانه ولأول مرة، أبناءنا من ذوي الإعاقة البصرية يشاركون في معرض فني يبرز إبداعاتهم ومواهبهم المميزة والمشروع مكتملا يمثل تجربة فريدة تثبت أن الإبداع لا حدود له، وان كل قطعة في المعرض تحكي قصة إرادة وتصميم وأمل فلأول مرة، هذه الأصابع الصغيرة لا تكتفي بلمس العالم، بل تشكّله وتلوّنه بطرق ملهمة.
واختتمت داود بان "أنامل بصيرة" ليس مجرد معرض، بل احتفال بحلم تحقق، وبفرصة جديدة يحصل عليها أطفالنا ليعبروا عن أنفسهم ويجدوا من يسمعهم ويدعمهم.