أثير- جميلة العبرية

شاب عُماني ملّم باللغة الصينية، وله شغفٌ بالهوية والتاريخ العُماني، ويعمل في سفارة سلطنة عمان بجمهورية الصين الشعبية، حرص على إبراز الأثر الحضاري الذي أحدثه أسلافنا القدماء في خدمة طريق الحرير، فأقام معرضا بعنوان “طريق اللبان.. عمان في السجلات الصينية القديمة” بدعم وزارة الخارجية العُمانية، وتعاون زملائه الدبلوماسيين في السفارة العُمانية في العاصمة الصينية، خلال حفل الاستقبال بمناسبة العيد الوطني الـــ ٥٣ المجيد.


“أثير” تواصلت مع السكرتير ثاني ناصر بن أحمد الراشدي من سفارة سلطنة عمان في بيجين، الذي أكد أن المعرض أتى كمسعى جاد إلى تجسيد العلاقات بين سلطنة عمان وجمهورية الصين الشعبية؛ وفي ظل اهتمام معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي الموقر -مشكورا- بدعم المبادرات الخلاّقة، وبناء على التعاون المثمر مع بعض الفاعلين النشطين في خدمة التراث العماني، والعلاقات العمانية الصينية، وعلى خلفية ما توافر لدي من معلومات ثرّة، كلّفتْ جهدا وعملا كبيرين، ورغبة صادقة في عرض كل أولئك للجمهور الكريم، وتحقيق الإفادة به.

وأضاف الراشدي بأن المعرض ضم 19 لوحة، حملت نصوصا وثائقية مهمة ذات علاقة للصين القديمة، أعيد بناؤها وتصميمها من جديد، على صورة رسومات ملهمة، باستخدام أساليب الرسم الصيني القديم. وتتمحور موضوعات تلك النصوص حول عُمان القديمة -بحسب “المخيال” الصيني، وما استُلهم من تلك النصوص، أو استخرج لاحقا من إشارات دالّة-، إلى جانب أهم المدن، والمعابر، والعلامات، والحياة الاجتماعية والاقتصادية.. إلخ، ومعلومات أخرى حول اللبان العماني.

كما تضمنت أخبار التاجر الشيخ عبدالله الصحاري سفير الصداقة المخلصة والنوايا الحسنة بين الصين وعمان، والنص الأصيل للمرسوم الإمبراطوري الذي مُنِح بموجبه لقب جنرال الأخلاق الطيبة / جنرال الفضيلة، والذي أعيد ترجمته من جديد، بمراجعة أحد الخبراء والمختصين بالتاريخ العماني.

وذكر الراشدي بأن أبرز الوثائق التي ضمها المعرض هي النص الأول الذي ذكرت فيه عُمان، وقد جاء فيه: (تبعد عمان عن غرب الإمبراطورية البارثية بحوالي ٣٤٠٠ لي –وحدة قياس – وهي تبعد غربا عن العراق بمسافة ٣٦٠٠ لي)، وكذلك النص الأصلي للمرسوم الإمبراطوري، والذي جاء فيه: (بنعمة سلطاننا الممتد ظله في هذه الأرض بلا حدّ، وبالبركات التي نسبغها على أتباعنا، مهما ابتعدت بهم الأمكنة، نصدر مرسومنا هذا. فحين أتيت إلى بلاطنا الإمبراطوري لتقديم ولائك وهديتك المعبرة عن عمق العلاقات بين بلدينا، وشجعت أهل وطنك للقيام بذات الفعل. الآن، فإنك بذلك أصبحت من أتباع مملكتنا الخُلَّص، ورأينا أنك تستحق كل خير ومديح، فواصل ما بدأت به، وأنجز مهمتك الجليلة بكل تفانٍ وإخلاص. يعتمد). بالإضافة إلى نص آخر احتوى على وصف دقيق لشجرة اللبان، وتصنيف اللبان إلى ١٥ نوعا، وتسميتها حسب الجودة، بالإضافة إلى رسمة في إحدى المخطوطات، تعود إلى عام1607 ميلادية، صورت صينيا يجرب في ظفار استخراج اللبان باستخدام السيف.

وعن الفترة الزمنية التي قضاها الراشدي في التحضير لهذا المعرض قال: بحكم الانشغال بالعمل الدبلوماسي في السفارة، والبحث -وقت الفراغ- في المخطوطات الصينية، ومراجعة بعض المواد مع المختصين العمانيين والصينيين، ومناقشة محتواها، فقد استغرق العمل بالجملة ما يقارب سنة كاملة، فقد فرغت ابتداءً المواد المطلوبة، وراجعتها، وأعدت ربطها ببعض الأحداث، واستعرضت مع بعض الخبراء الترجمة اليتيمة للنص الإمبراطوري.

وأردف: هو جهد مخلص لا يحدّه زمن، وإنْ أطرنا له؛ لأنني مستمر في الإضافة إليه، والتطوير والإنتاج والتعريف به من وقت لآخر؛ بخاصة أنني أخذت على عاتقي خدمة هذا الهدف النبيل، وأراني بدأت أقطف نتاجه؛ وذلك على خلفية كل هذا التشجيع الذي ألقاه، والدعم الذي أتاحته لي بشكل كبير جدا وزارة الخارجية الموقرة وسفارتنا بجمهورية الصين الشعبية، إلى جانب المتابعات والمراجعات المستمرة المؤيدة لهذا المشروع.

وذكر الراشدي بأن التحديات تكمن في أن جميع النصوص قد كتبت باللغة الصينية القديمة، والتي تحتاج إلى مختصين؛ لترجمتها إلى الصينية الحديثة، بالإضافة إلى إشكالية التأكد والتثبت من أسماء المواضع التي تشير إلى عُمان، والتي أخذت جهدا آخر، اقتضى الرجوع إلى الدراسات العلمية، والأبحاث المختصة حول الموضوع ككل، ومناقشة الخبراء بشأنها. ومن التحديات أيضاً تحويل النصوص إلى لوحات فنية مرسومة، تحتاج إلى خيال واسع، وأفكار أخذت وقتا لا بأس به، من المناقشة والمحاولة إثر المحاولة، حتى خرجنا بهذه الصورة المرضية، والحمد لله.

وأشار إلى أن التطور التقني الذي تظفر به الصين، وسهولة الوصول إلى أوعية المعلومات المختلفة ساعد إلى حد ما في التغلب على العديد من تلك التحديات.

وأضاف: لا يخلو عمل جاد عادة منها، لكنّ همَّ إبراز عُمان وجهود أسلافنا العظماء، والواجب الذي ننوء به تجاههم؛ كان وحده الكفيل بالتخفيف من حدة وصعوبة هذا العمل، وتمّ ذلك كله بمساندة المخلصين من أبناء عمان، البارين بإرثهم وتاريخ أسلافنا المشترك، الأمر الذي كان خير معين على تجاوز كل ما أشرت إليه، فضلا عن الدعم والمساندة التي أجدها مباشرة وما زلت من سعادة السفير رئيس البعثة شخصيا، وجميع الزملاء الدبلوماسيين المحيطين بي في السفارة وطاقمها.

وأوضح الراشدي بأن الأهداف الأساسية لهذا المعرض تأتي بإتاحة الوثائق لفائدة الجماهير المهتمة من أبناء البلدين، ولتعزيز بحوث المختصين من الجانب العماني بالنصوص الأصلية؛ ولإجراء مزيد من التدقيق والبحث في التاريخ العماني المرتبط بعلاقاتنا الحضارية مع الدول الأخرى؛ إذ إن جميع النصوص الواردة في اللوحات مأخوذة نصًّا من المخطوطات الأصلية، دون إجراء أي تعديلات عليها، عدا ما اقتضته رعاية الاختلاف الثقافي، والمعتقد، وما فرضته الشروحات الإضافية للمصطلحات الكلاسيكية القديمة (الأوزان، المسافات.. إلخ)

واختتم السكرتير ثاني ناصر الراشدي حديثه لـ “أثير” قائلًا: آمل أن يُعزز هذا المعرض ويكرس مركبا اصطلاحيا جديدا، يعنينا كثيرا في سلطنة عمان؛ على حد تعبير أحد أساتذتنا الذين خدموا هذه الفكرة، وألحّوا عليّ بتوجيه الأنظار إلى أهميتها؛ أعني فكرة ومشروع مبادرة (طريق اللبان)، الذي نرجو له أن يُعمّق أكثر، ليغدو مشروعا ثقافيا وفنيا حضاريا عمانيا خالصا، يكون له ما بعده، يبرز الإسهامات العمانية على طول هذا الطريق، الذي وصل للكثير من دول العالم القديم (الصين – مصر – بلاد وادي الرافدين .. إلخ).

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: سلطنة عمان

إقرأ أيضاً:

200 مشروع ريادي في معرض تكاتف الخليجي

افتُتح اليوم معرض تكاتف الخليجي في نسخته الثالثة بشراكة استراتيجية مع هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وبمشاركة 200 مشروع ريادي بعلامات تجارية معتمدة، وذلك بحضور معالي الدكتور سعيد بن محمد الصقري، وزير الاقتصاد، وممثلي الدول الخليجية المشاركة والرعاة، ويستمر المعرض لمدة ثلاثة أيام بإدارة صاحبة السمو السيدة حجيجة بنت جيفر آل سعيد، وتنظيم من قبل مؤسسة لنكس للمبادرات المجتمعية.

ويهدف المعرض إلى دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الترويج لمنتجاتها وخدماتها، وذلك إيمانًا منهم بقوة السوق المحلي ورغبتهم في مشاركة الأفكار التطويرية مع الشباب العماني في مجال ريادة الأعمال وإنشاء شراكات مع المؤسسات ذات التوجهات أو المجالات المرتبطة لتحقيق تأثير إيجابي وإحداث تغيير فعّال للمشاريع المشاركة.

وقالت صاحبة السمو السيدة حجيجة آل سعيد: "هناك إقبال كبير من الزوار ومن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المشاركة، إذ وصل عدد رواد الأعمال المشاركين إلى 200 رائد ورائدة عمل من سلطنة عمان ودول الخليج، مثل مملكة البحرين والإمارات العربية المتحدة، ونسعى في كل معرض وفي كل فعالية إلى أن تكون هناك علاقة مستمرة بيننا وبين العارضين والمشاركين، وذلك من خلال تقديم خدمات الدعم والمساندة، كما نسعى لتقديم خدمة مجتمعية في كل عمل، مشيرة إلى أن نسخة هذا المعرض أتاحت الفرصة لتأهيل الطلبة في مجال إدارة الفعاليات وعمليات التنسيق، ونأمل أن يستفيدوا من طاقم العمل لدينا لأننا نؤمن بأن الخبرات تأتي من التجارب والعمل المستمر".

وأضافت: "إن معارض التكاتف الخليجي دائمًا تسعى إلى الاهتمام برواد الأعمال حتى بعد انتهاء المعرض، من خلال تنظيم دورات تدريبية في مجال التسويق وإدارة الأعمال، حيث يحصل المشاركون على شهادات مصدقة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار".

وأفاد باسم بن أحمد البلوشي، مدرب تطوير بيئة العمل وتنمية الذات والقيادة، واستشاري في التمكين الإداري والذاتي، أن أبرز ما جاء في هذه الدورة هو توجيه المشاركين نحو التفكير الريادي من خلال تعريفهم بأساسيات ريادة الأعمال، مثل الابتكار، وإدارة المخاطر، والاستدامة، وتعزيز التفكير الإبداعي ومهارات حل المشكلات لديهم، كما شملت الدورة تطوير المهارات الإدارية والقيادية، وتدريبهم على التخطيط الاستراتيجي، واتخاذ القرارات الفعالة، وتنمية مهارات القيادة والتأثير، خاصة لمن يسعون إلى توسيع أعمالهم، كذلك تم تدريبهم على كيفية تحسين مهارات التواصل والتفاوض، وتعريفهم بكيفية التفاوض مع المستثمرين والشركاء، وتعزيز مهارات العرض والتواصل لإقناع الزبائن والممولين.

وأضاف: قمنا بتعريف المشاركين بكيفية بناء وتعزيز الهوية التجارية "Branding"، من خلال مساعدتهم في تحديد هوية علامتهم التجارية ورسالتها، وتوجيههم نحو بناء صورة احترافية لشركاتهم ومنتجاتهم، كما قمنا بإرشادهم في إعداد خطط العمل والتسويق، وتوجيههم نحو إعداد خطط أعمال واضحة وقابلة للتنفيذ، إضافة إلى تعريفهم بأحدث استراتيجيات التسويق الرقمي واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي، كما دعمناهم في فهم الجوانب المالية والاستثمارية من خلال تقديم أساسيات الإدارة المالية للمشاريع الصغيرة، ومساعدتهم على فهم آليات التمويل والاستثمار الذكي، وتحفيزهم على مشاركة تجاربهم والاستفادة من قصص النجاح.

وقالت المشاركة شيخة بنت ناصر الرميثية من دولة الإمارات العربية المتحدة: "أنا رائدة أعمال في مجال الخياطة والتطريز منذ 30 سنة، وهذه السنة الرابعة لمشاركتي في المعرض، وقد حظينا بالكثير من الدعم كأصحاب مشاريع".

مقالات مشابهة

  • "كومكس عمان 34" يدعو الشركات المصرية لاستكشاف الفرص المتاحة بقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات
  • بدعم حكومي.. تفاصيل المشاركة المصرية بمعرض الاتصالات في عمان
  • استعداداً للدور النهائي من تصفيات كأس آسيا.. منتخبنا الوطني يقيم معسكره الداخلي
  • السامعي يزور معرض بروج العائلي ويشيد بجودة المعروضات
  • معرض للوظائف بمدينة إكسبو دبي
  • اختتام معرض الإمارات تبتكر بالفجيرة
  • معرض «قطاف» يستعرض إنجازات الدولة بقطاع الملكية الفكرية
  • السامعي يزور معرض بروج العائلي 2025 ويشيد بجودة المعروضات
  • 200 مشروع ريادي في معرض تكاتف الخليجي
  • 200 مشروع عُماني صغير ومتوسط في "معرض تكاتف الخليجي"