استراتيجية "إسرائيل الكبرى"
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
د . محمد بن سعيد الشعشعي
تفتقدُ الدول العربية إلى استراتيجية أمنية مُوحَّدة تتفق عليها كل القيادات لتحقيق طموحات العرب والشعوب العربية، بعيدًا عن الشقاق واختلافات الرؤى تجاه القضية الفلسطينية، وفي المقابل تتحد قوة المشروع الصهيوني الذي تكوَّن منذ ما يزيد على 100 عام نحو تأسيس دولة يهودية على أرض فلسطين بدعم صريح من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية التي تسعى إلى إنشاء دولة إسرائيل الكبرى في بلاد العرب، دون أن تكون هناك مقاومة عربية حقيقية لمواجهة الهدف الصهيوني الذي يرمي إلى تكوين دولة إسرائيل العظمى التي تمتد من النيل إلى الفرات.
وها هي إسرائيل الآن تبدأ في تنفيذ الإجراءات العملية لذلك المخطط في عدوانها الصاخب والوحشي على غزة ودخولها برًا مع إرسالها إشارات تلميحية إلى بعض الدول العربية المجاورة لإسرائيل، على أنها قد تكون المحطة التالية لمشروع المخطط الصهيوني إذا ما حاولت هذه الدول أن تحرك ساكنًا أو تدخل طرفا في هذه الحرب. وأتذكر تغريدة لأحد القادة الإسرائيليين ردًا على تغريدة السعودي الذي ينتقد سياسة إسرائيل الإجرامية، إذ قال الاسرائيلي "ما رأيك بنقل لاجئي غزة إلى منطقة نيوم السعودية؟!".
لهذا تُشكِّل هذه الحرب خطرًا على الدول العربية المجاورة وخصوصًا جمهورية مصر العربية، ولا ريب أن هذا الخطر تدعمه الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي أو على ما يسمى بـ"القطب الأوحد" الذي يتحكم في العالم، وهو الداعم الأساسي لتكوين الإمبراطورية الإسرائيلية. فمنذ العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، يتضح لنا تطابق المصالح والأهداف الإسرائيلية مع فرنسا وبريطانيا وبدعم من الولايات المتحدة الامريكية. واليوم يتكرر هذا المشهد في العدوان الاجرامي على غزة، على اعتبار أن الأرضية قد تكون صالحة لتوسع هذا العدوان على مصر بحكم ما تعانيه مصر من مديونية ضخمة واقتصاد يعاني من أزمات عدة، وربما هذه الورقة الرابحة التي يُراهن عليها كلا من أمريكا والغرب للضغط على مصر، أو من خلال الزج بها في هذه الحرب لكي يتحقق هدف نقل لاجئي غزة إلى مصر ومن ثم ضمها للاحتلال الصهيوني.
لقد استطاعت القضية الفلسطينية أن تفرض نفسها منذ اللحظات الأولى لإنشاء جامعة الدول العربية عام 1948؛ باعتبارها قضية العرب الأولى من حيث وحدة المصير والدين والدم؛ بل كانت في فترة من الفترات تتنافس قيادات الدول العربية في تبني تلك القضية في الاجتماعات والشعارات والمناشدات الوطنية التي تجسد أغتصاب دولة الاحتلال لفلسطين.
لكن المحك الأساسي والمواجهة تقع دائمًا أمام جمهورية مصر العربية على مدى التاريخ؛ فهي من دول المواجهة فضلًا عن ارتباطها الجيوسياسي والتاريخي بقضية فلسطين، ونتذكر دخولها في حرب 1948 من أجل منع إقامة دولة يهودية على حدود مصر الشرقية؛ إذ أدركت مصر- حينها- إن هذه الدولة قد تُشكِّل حاجزًا سياسيًا واقتصاديًا وديموغرافيًا بينها وبين المشرق العربي؛ الأمر الذي يضر بمصيرها وكيانها.
ولهذا كان شرط مصر الأساسي في عهد الملك فاروق، وكذلك الزعيم جمال عبدالناصر أن تتخلى إسرائيل عن منطقة النقب ووضعها تحت السيادة المصرية أو الأردنية أو حتى العربية. تلك الوقفات المُشرِّفة لمصر تجاه قضية فلسطين لم تُمسح من ذاكرة إسرائيل، فحاولت الاخيرة النيل من مصر بأي شكل من الاشكال؛ فإنشاء سد النهضة الأثيوبي ليس سوى تنسيق استراتيجي بين إثيوبيا وإسرائيل للتأثير على مصر وإضعافها، فنهر النيل هو الحياة بالنسبة لمصر، وما تلك الديون المليارية التي تعاني منها إلّا نتيجة مُخططات وأحداث سياسية هدفها عدم الاستقرار السياسي لمصر.
هذا المخطط أو ما يسمى بـ"خطة نيون" هي استراتيجية أعلنتها إسرائيل في ثمانينيات القرن الماضي، لكن تحققت نتائجها بعد الإطاحة بالزعيم العراقي صدام حسين، وأشعلت الحرب الأهلية في سوريا، وتنبأت بالتنظيم المسلح لجماعة "داعش"، وذلك من أجل خدمة المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، ولتحقيق الحلم اليهودي لتكوين دولة اسرائيل العظمى التي تمتد من النيل إلى الفرات.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مسؤل صيني : مصر من أوائل الدول التي دعمت مبادرة الحزام والطريق
قال تشو شياو تشوانغ الوزير المستشار بسفارة الصين لدى مصر، إن هذا العام يتزامن مع الذكرى السنوية العاشرة لإقامة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر و"عام الشراكة الصينية المصرية". لافتا إلى أنه في ظل التوجيه الاستراتيجي للرئيس شي جين بينغ والرئيس السيسي، مرت العلاقات بين البلدين قدما نحو "العقد الذهبي" للعصر الجديد.
قنصل الصين: العلاقات بين القاهرة وبكين تاريخية وشاملةوزير الطيران يبحث مع وفد صيني إمكانية التعاون في تطوير البنية التحتية للمطاراتجاء ذلك خلال ندوة التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر .. فرص جديد مع بريكس، و الذكري السنوية الستون لإصدار الطبعة العربية لمجلة الصين اليوم.
وأوضح المسؤول الصيني أن مصر من أوائل الدول التي دعمت مبادرة الحزام والطريق، والصين ومصر شريكان طبيعيان في البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق. وتحت الرعاية الشخصية لرئيسي الدولتين، تم دمج مبادرة "الحزام والطريق" بشكل عميق مع "رؤية 2030" في مصر، وقد شاركت الشركات الصينية بنشاط في بناء الجمهورية المصرية الجديدة وأكملت العديد من مشاريع التعاون الكبرى .
وأوضح المسؤل الصيني أنه خلال زيارة الرئيس السيسي للصين في مايو من هذا العام، أصدر الرئيس شي جين بينغ بيانا مشتركا معه، اتفقا فيه على رفع مستوى العلاقات الثنائية نحو هدف بناء مجتمع مصير مشترك في العصر الجديد. لافتا إلى أنه خلال الحوار الاستراتيجي الذي اختتم مؤخرا بين وزيري خارجية الصين ومصر، أكد الجانبان مرة أخرى على ضرورة تنفيذ التوافق المهم الذي توصل إليه رئيسي البلدين وتعزيز العلاقات الثنائية نحو الهدف الأسمى المتمثل في بناء مجتمع صيني-مصري بمستقبل مشترك للعصر الجديد.
وأشار الوزير المستشار بسفارة الصين لدى مصر إن "الصين اليوم"، كرسول مهم لنشر الثقافة الصينية في الشرق الأوسط، ونافذة مهمة لمساعدة العالم العربي على فهم الصين.
وأكد المسؤل الصيني إن الانعقاد الناجح للجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني قد وضع ترتيبات منهجية لمواصلة تعميق الإصلاحات بشكل شامل وتعزيز التحديث على النمط الصيني، وهو ما بعث برسالة إلى المجتمع الدولي، بما في ذلك مصر، مفادها أن " الصين لن تتزعزع ارفعوا عاليا راية الإصلاح والانفتاح وسنواصل التقدم إلى مستوى أعلى، وهي الإشارة الأكثر وضوحا وموثوقية للانفتاح الأفقي على العالم الخارجي".
ولفت إلي أن الصين ومصر دولتان تتمتعان بحضارات قديمة، وقد أصبحت الصداقة التقليدية أقوى بمرور الوقت. كما لقيت الثقافة المصرية القديمة ترحيبًا ومحبة من قبل غالبية الناس في الصين. وأصبحت عمليات تبادل الأفراد بين البلدين متكررة بشكل متزايد، حيث يصل عدد الرحلات الجوية المباشرة حاليا إلى 32 رحلة أسبوعيا، ومن المتوقع أن يصل عدد السائحين الصينيين الذين يزورون مصر هذا العام إلى 300 ألف. ومن المتوقع أن تعمل "الصين اليوم" على تعزيز التبادلات الثقافية بين الصين ومصر بقوة، ونشر الدلالة الروحية للثقافة التقليدية الممتازة للصين ودلالة العصر الجديد، ومساعدة المزيد من المصريين على فهم الصين ومحبتها.
من جانبه قال دو تشان يوان رئيس المجموعة الصينية للإعلام الدولي، إن مرور ستين عاما على تأسيس الطبعة العربية لمجلة الصين اليوم وعشرين عاما على تأسيس فرع الشرق الأوسط يمثل تاريخا مشرقا وبداية جديدة.
وأشار يوان إلي ضرورة تعزيز ابتكار أساليب جديدة باستخدام الوسائط الرقمية والوسائط المتعددة لتعزيز التعاون مع مصر والدول العربية، واستكشاف المزيد من قصص النجاح في العلاقات الصينية- المصرية والصينية- العربية.
وأكد رئيس المجموعة الصينية للإعلام الدولي علي تعزيز التبادلات والتعاون في كافة المجالات بين الصين ومصر وبين الصين والدول العربية.
فيما قال الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء الأسبق إن مجلة الصين اليوم تعتبر منصة مهمة للتعارف والتقارب بين شعوب حضارتين من اهم الحضارات الإنسانية "الحضارة الصينية والحضارة العربية"، لافتا إلي أن هذا التقارب والتعارف يمثل المدخل الرئيسي والمتين لعلاقات قوية ومستدامة.
فيما قالت الدكتورة خديجة عرفة، الباحثة فى العلاقات الدولية إنه تقدم مجلة الصين اليوم فهما ثقافيا أكبر للحضارة والثقافة الصينية كما أنه تقوم بدور مهم في تذليل الحواجز الجغرافية والتغلب على التحديات المرتبطة باللغة، بشكل أسهم في مد جسور التواصل عبر الحدود الجغرافية.
وقال حسين إسماعيل نائب رئيس تحرير الطبعة العربية لمجلة الصين اليوم، إن الطبعة العربية للمجلة تقوم بنشر مقالات لقادة الصين والدول العربية، حيث أنه في عدد يناير 2016 تم نشر كلمة للرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمناسبة الاحتفال بمرور ستين عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر، فضلا عن كلمات ومقالات للعديد والعديد من الوزراء وكبار المسؤولين الصينيين والعرب.