جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-19@21:10:11 GMT

استراتيجية "إسرائيل الكبرى"

تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT

استراتيجية 'إسرائيل الكبرى'

 

د . محمد بن سعيد الشعشعي

تفتقدُ الدول العربية إلى استراتيجية أمنية مُوحَّدة تتفق عليها كل القيادات لتحقيق طموحات العرب والشعوب العربية، بعيدًا عن الشقاق واختلافات الرؤى تجاه القضية الفلسطينية، وفي المقابل تتحد قوة المشروع الصهيوني الذي تكوَّن منذ ما يزيد على 100 عام نحو تأسيس دولة يهودية على أرض فلسطين بدعم صريح من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية التي تسعى إلى إنشاء دولة إسرائيل الكبرى في بلاد العرب، دون أن تكون هناك مقاومة عربية حقيقية لمواجهة الهدف الصهيوني الذي يرمي إلى تكوين دولة إسرائيل العظمى التي تمتد من النيل إلى الفرات.

وها هي إسرائيل الآن تبدأ في تنفيذ الإجراءات العملية لذلك المخطط في عدوانها الصاخب والوحشي على غزة ودخولها برًا مع إرسالها إشارات تلميحية إلى بعض الدول العربية المجاورة لإسرائيل، على أنها قد تكون المحطة التالية لمشروع المخطط الصهيوني إذا ما حاولت هذه الدول أن تحرك ساكنًا أو تدخل طرفا في هذه الحرب. وأتذكر تغريدة لأحد القادة الإسرائيليين ردًا على تغريدة السعودي الذي ينتقد سياسة إسرائيل الإجرامية، إذ قال الاسرائيلي "ما رأيك بنقل لاجئي غزة إلى منطقة نيوم السعودية؟!".

لهذا تُشكِّل هذه الحرب خطرًا على الدول العربية المجاورة وخصوصًا جمهورية مصر العربية، ولا ريب أن هذا الخطر تدعمه الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي أو على ما يسمى بـ"القطب الأوحد" الذي يتحكم في العالم، وهو الداعم الأساسي لتكوين الإمبراطورية الإسرائيلية. فمنذ العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، يتضح لنا تطابق المصالح والأهداف الإسرائيلية مع فرنسا وبريطانيا وبدعم من الولايات المتحدة الامريكية. واليوم يتكرر هذا المشهد في العدوان الاجرامي على غزة، على اعتبار أن الأرضية قد تكون صالحة لتوسع هذا العدوان على مصر بحكم ما تعانيه مصر من مديونية ضخمة واقتصاد يعاني من أزمات عدة، وربما هذه الورقة الرابحة التي يُراهن عليها كلا من أمريكا والغرب للضغط على مصر، أو من خلال الزج بها في هذه الحرب لكي يتحقق هدف نقل لاجئي غزة إلى مصر ومن ثم ضمها للاحتلال الصهيوني.

لقد استطاعت القضية الفلسطينية أن تفرض نفسها منذ اللحظات الأولى لإنشاء جامعة الدول العربية عام 1948؛ باعتبارها قضية العرب الأولى من حيث وحدة المصير والدين والدم؛ بل كانت في فترة من الفترات تتنافس قيادات الدول العربية في تبني تلك القضية في الاجتماعات والشعارات والمناشدات الوطنية التي تجسد أغتصاب دولة الاحتلال لفلسطين.

لكن المحك الأساسي والمواجهة تقع دائمًا أمام جمهورية مصر العربية على مدى التاريخ؛ فهي من دول المواجهة فضلًا عن ارتباطها الجيوسياسي والتاريخي بقضية فلسطين، ونتذكر دخولها في حرب 1948 من أجل منع إقامة دولة يهودية على حدود مصر الشرقية؛ إذ أدركت مصر- حينها- إن هذه الدولة قد تُشكِّل حاجزًا سياسيًا واقتصاديًا وديموغرافيًا بينها وبين المشرق العربي؛ الأمر الذي يضر بمصيرها وكيانها.

ولهذا كان شرط مصر الأساسي في عهد الملك فاروق، وكذلك الزعيم جمال عبدالناصر أن تتخلى إسرائيل عن منطقة النقب ووضعها تحت السيادة المصرية أو الأردنية أو حتى العربية. تلك الوقفات المُشرِّفة لمصر تجاه قضية فلسطين لم تُمسح من ذاكرة إسرائيل، فحاولت الاخيرة النيل من مصر بأي شكل من الاشكال؛ فإنشاء سد النهضة الأثيوبي ليس سوى تنسيق استراتيجي بين إثيوبيا وإسرائيل للتأثير على مصر وإضعافها، فنهر النيل هو الحياة بالنسبة لمصر، وما تلك الديون المليارية التي تعاني منها إلّا نتيجة مُخططات وأحداث سياسية هدفها عدم الاستقرار السياسي لمصر.

هذا المخطط أو ما يسمى بـ"خطة نيون" هي استراتيجية أعلنتها إسرائيل في ثمانينيات القرن الماضي، لكن تحققت نتائجها بعد الإطاحة بالزعيم العراقي صدام حسين، وأشعلت الحرب الأهلية في سوريا، وتنبأت بالتنظيم المسلح لجماعة "داعش"، وذلك من أجل خدمة المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، ولتحقيق الحلم اليهودي لتكوين دولة اسرائيل العظمى التي تمتد من النيل إلى الفرات.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أسئلة متخيلة لموقف عربي وجودي

(1)

أصبحت دولة الكيان الإسرائيلي خطرا يتربّص بكل الدول العربية دون استثناء، ويبدو أنه لا يمكن إيقاف جنونها، ومن ورائها تقف الولايات المتحدة الأمريكية، بكل ثقلها، وعدتها، وعتادها، وأموالها، ومعداتها، وأسلحتها، وجنودها، وتقنيتها، وهي مستعدة دون تردد أن تضحي بكل عربي، أو دولة، أو منظمة عالمية من أجل سواد عيون ربيبتها الصهيونية التي تستمد منها بقاءها، وعبثيتها، وغطرستها، وجرائمها التي فاقت النازية بمراحل.

عليك الاختيار -عزيزي القارئ- إحدى الإجابات التالية حول تخيّلك لرد الفعل العربي تجاه ذلك:

أ- هل ستظل الدول العربية تقدم التنازلات لإسرائيل، ولأمريكا إلى ما لا نهاية؟

ب- هل ستقف الدول العربية موقفا حازما ولو لمرة واحدة، وتقول «لاااا» فـي وجه الولايات المتحدة؟

ج- هل سيظل الوضع إلى ما هو عليه حتى يتم تصفـية القضية الفلسطينية، واللبنانية، والسورية، وبقية القضايا التي تشكّل صداعا لـ«إسرائيل»؟

(2)

ضربت إسرائيل أطنابها فـي الجولان السورية، وهي تتمدد بكل أطرافها فـي أنحاء «الجمهورية العربية»، وتدمر كل شيء دون أي خوف، أو قلق، بينما يتفرج العرب على دولة محورية وهي تؤكل دون أن يحركوا ساكنا، تُرى:

أ- هل ستنتفض الجيوش العربية وتتحرك كي تقف فـي وجه «إسرائيل» قبل فوات الأوان؟

ب- هل ستصدر الجامعة العربية بيانا يندد ويشجب التصرف العدواني للكيان الغاصب؟

ج- هل سيتخذ العرب وضع «اعمل نفسك ميّت»، وكأن شيئا لا يحدث؟

(3)

لنتخيّل أن إسرائيل قامت باستخدام القنبلة الذرية ضد إحدى الدول العربية، تُرى ماذا سيكون رد الفعل العربي حينها:

أ- هل ستثور الشعوب العربية، والحكومات، ويصطفون صفا واحدا ليقفوا وقفة رجل واحد ضد هذا العدوان الوجودي الذي لا يقبل مجالا للشك؟

ب- هل سيعقدون اجتماعا ينددون، ويأسفون، ويدينون بأشد عبارات الإدانة الاعتداء الغاشم ضد دولة عضو منهم؟

ج- هل سيمزقون اتفاقيات السلام، ويقطعون الغاز، والشراكات، والتعاون الثنائي بينهم وبين دولة الاحتلال، ويفعّلون اتفاقية «الدفاع العربي المشترك»؟

(4)

لو قامت إسرائيل باغتيال مسؤول كبير فـي دولة عربية، يزور دولة عربية أخرى، فـي اجتماع عالي المستوى تحضره جميع الدول العربية، ماذا سيكون رد الفعل العربي:

أ- سيطلبون عقد اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية لبحث تداعيات الحادث (الاجتماع الطارئ ـ عادة ـ يعني فـي العُرف العربي بعد عدة أسابيع أو أشهر).

ب- ستثور حرب عالمية ثالثة بسبب هذا الحادث الشنيع.

ج- سيذهبون إلى البيت الأبيض، ليشتكوا تهوّر «الثور الأسود».

(5)

اليوم عاد القصف العشوائي إلى «غزة»، بعد فترة من الهدوء الحذر، بعد أن أخذ «نتنياهو» الضوء الأخضر من حليفه الودود «ترامب» لإبادة الشعب الفلسطيني، والقضاء على أي بذرة لقيام دولة فلسطينية، وذلك لإنقاذ حفنة من الأسرى الإسرائيليين، حتى ولو كان ذلك على حساب حياة ملايين الفلسطينيين، فـي هذا المشهد المشحون، كيف تتخيّل الموقف العربي:

أ- سيحافظ العرب على «حيادهم»، ويواصلون مساعي وقف إطلاق النار، ونقل رسائل لا جدوى منها.

ب- سيعقدون اجتماعهم المعهود للإدانة، ويختلفون على صيغة البيان، حتى لا يزعجوا إسرائيل، أو يوقظوا غضب أمريكا عليهم.

ج- سيغضبون ولو لمرة واحدة، ويطردون سفراء الاحتلال، ويقطعون النفط عن أمريكا، ويعلنون الحرب على إسرائيل؟

(6)

تلك مجموعة مواقف متخيلة، غير بعيدة الحصول، أجوبتها للأسف معروفة سلفا، وسط ضعفٍ عربي لا يمكن وصفه بالكلمات، وعربدة لا حدود لها للكيان الغاصب، وموقف أمريكي غير مبالٍ لأي رد فعل عربي، لأن العرب، لسوء حظهم اختاروا أن يكونوا فـي آخر صفوف العالم، والسؤال الأهم: «كيف يمكن الاعتماد على دولة غير محايدة مثل الولايات المتحدة لأن تكون طرفا عادلا فـي حل قضايا العرب الوجودية؟».

مقالات مشابهة

  • تلبية لطلب دولة فلسطين : اليمن يترأس الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية لبحث العدوان الإسرائيلي على غزة
  • تقرير إسرائيلي: أرض الصومال منفتحة على استقبال سكان غزة بشرط
  • أسئلة متخيلة لموقف عربي وجودي
  • الحد الأدنى للأجور: ما هي الدول الأوروبية التي شهدت أعلى الزيادات؟
  • فلسطين تطلب عقد اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية
  • فلسطين تدعو جامعة الدول العربية لاجتماع طارئ لوقف العدوان الإسرائيلي
  • جامعة الدول العربية تدعو لوقف فوري للهجمات على قطاع غزة
  • أمين عام جامعة الدول العربية يُدين الغارات الإسرائيلية على غزة
  • الدول العربية الأكثر ضرراً من الرسوم الجمركية الأميركية
  • روبيو: أمريكا سترد على الدول التي فرضت عليها رسوما جمركية