عربي21:
2025-03-10@03:30:07 GMT

الدمار وفراق الأحباب لن يمحو صورة غزة الجميلة في قلبي

تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT

بين الأمس واليوم تتزاحم الصور والذكريات ممزوجة بالألم والمرارة، بين غزة الجميلة العامرة بأهلها الطيبين وبين غزة التي دمرتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي ومدافعه وحاولت أن تمحو كل أشكال الحياة فيها.

ففي عام 2012 تشرفت بزيارة قطاع غزة ضمن وفد صحفي مصري، وعلى مدار 14 يوما -قضيتها في هذه المدينة الرائعة- استقبلني أهلها بحفاوة كرم بالغ، لدرجة أنهم كانوا يتنافسون وأحيانا يتشاجرون لاستضافتي في منازلهم دون أي سابق معرفة، فقط لأنني ضيف قادم من مصر.



والآن لا أتمالك نفسي ولا دموعي وأنا أفجع كل يوم باستشهاد العائلات التي استضافتني واحدة تلو الأخرى، وأنا أرى البيوت التي دخلتها وأصبح بيني وبين أهلها "عيش وملح" كما نقول في مصر، تحولت إلى ركام بعد أن دمرها الاحتلال الإسرائيلي على رؤوس ساكنيها.

والآن لا أتمالك نفسي ولا دموعي وأنا أفجع كل يوم باستشهاد العائلات التي استضافتني واحدة تلو الأخرى، وأنا أرى البيوت التي دخلتها وأصبح بيني وبين أهلها "عيش وملح" كما نقول في مصر، تحولت إلى ركام بعد أن دمرها الاحتلال الإسرائيلي على رؤوس ساكنيها
أجلس في غرفة الأخبار أتابع الأحداث في غزة ولا أعرف في كثير من الأحيان كيف وماذا أكتب، فكل حي ومخيم ومدينة لها ذكرى وصورة في نفسي، ويرفض قلبي وعقلي أن يستوعب ما يحدث وأن يصدق هذه المشاهد المؤلمة، لكن الأقسى من كل ذلك هو فقدان الأحباب والأصحاب.

عائلة الحاج وليد البياع وزوجته الحاجة اعتدال، والتي استضافتني مع 3 صحفيين مصريين آخرين في شهر رمضان المبارك لمدة 14 يوما عام 2012، حوّل صاروخ إسرائيلي غادِر منزلها إلى ركام وقتل في لحظة واحد 50 فردا من أفراد العائلة معظمهم نساء وأطفال، ومنهم صديقي الشهم والغالي أنس البياع.

لقد عشت في هذا المنزل الجميل في حي الشيخ رضوان، وسط حفاوة كبيرة من عائلة البياع التي غمرتنا بكرمها وحسن خلقها وضيافتها، ولم تبخل علينا بشيء، ونظمت لنا جولات سياحية وإيمانية خلال شهر رمضان، تنوعت ما بين الذهاب لمساجد غزة لصلاة التراويح أو التنزه في شواطئ المدينة وأسواقها ومطاعمها.

لقد كان أنس الابن الأكبر في العائلة شابا في نفس عمري، تعرفت عليه في القاهرة قبل زياتي لغزة بعام، عندما كان مرافقا لشقيقة الأصغر عمر، الذي كان يجري عدة عمليات جراحية في ظهره.

كان عليه رحمة الله شابا وسيما شديد الاهتمام والحرص على أناقته ومظهره الشخصي، وفي الوقت نفسه كان مرحا خفيف الظل مفعما بالحياة، وحريصا على التواصل والسؤال عن أحوالي بين فترة وأخرى، وكان تحرير فلسطين شغله الشاغل وهدفه الأسمى في هذه الحياة.

كان لدى أنس عائلته الصغيرة التي شتتها الاحتلال، فقد استشهد مع زوجته وطفله الأكبر وليد، بينما يقبع طفليه دارين وكنان في المستشفى بعد أن نجح الأهالي في انتشالهما من تحت الركام، لتكتب لهما حياة جديدة يكابدان فيها المرض واليتم.

أحاول التواصل مع صديقي عمر الناجي الوحيد من عائلة البياع للاطمئنان عليه وعلى عائلته، كما أحاول التواصل مع أصدقاء آخرين، لكن قطع الاحتلال الإسرائيلي للاتصالات عن غزة يحول دون ذلك.

وكما فجعتني الحرب بمأساة عائلة البياع فجعتني باستشهاد الزميل الصحفي والأخ الأكبر مصطفى الصواف، والذي أصر على دعوتنا للإفطار في منزله الجميل بحي الشيخ عجلين القريب من بحر غزة ومن مزارع التين والعنب، فهو وإن كان لا يعرفنا لكنه كان يرى أنه من العيب أن يصل صحفيون من مصر ولا يستقبلهم في منزله.

استشهد الصواف مع زوجته واثنين من أبنائه، كما أصيب ولداه؛ الصحفي منتصر وهو مصور متعاون مع وكالة الأناضول ومحمد المخرج في وكالة ألف ملتيميديا بجراح حرجة.

واثق بأن الاحتلال سيفشل في القضاء على شعلة الصمود والمقاومة في قلوب أهل غزة وسيفشل في تهجير أهلها، وستظل غزة ومقاومتها كابوسه المرعب الذي ينغص عليه حياته حتى ينتهي الاحتلال
مخيم الشاطئ وحي الشيخ رضوان وحي الشجاعية وتل الهوى ورفح وحي النصر وحي الرمال ومخيم وحي الشيخ عجلين وجباليا وخانيونس، كلها أسماء قد يكون البعض منكم سمع بها لأول مرة في نشرات الأخبار، وهو يرى الدمار وجثث الشهداء وسط الركام في كل مكان، لكنها لست كذلك بالنسبة لي.

لقد زرت هذه الأماكن وعاشرت أهلها وتجولت في شوارعها، وتحتفظ ذاكرتي بالكثير الكثير عنها، ثم أجد نفسي عاجزا عن القيام بأي شيء للدفاع عن غزة وأهلها، في ظل تخاذل وتآمر رسمي من معظم الأنظمة العربية.

الأكيد أن حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة تسببت في استشهاد أكثر من 14 ألف فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال، وتدمير أكثر من نصف المنازل في غزة وتشريد عشرات الآلاف.

لكني واثق بأن الاحتلال سيفشل في القضاء على شعلة الصمود والمقاومة في قلوب أهل غزة وسيفشل في تهجير أهلها، وستظل غزة ومقاومتها كابوسه المرعب الذي ينغص عليه حياته حتى ينتهي الاحتلال قريبا بإذن الله.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الاحتلال الدمار غزة الاحتلال ضحايا دمار ذكريات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة رياضة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی

إقرأ أيضاً:

مخلفات الاحتلال الإسرائيلي في غزة: قنابل موقوتة تهدد الحياة

#سواليف

لا زالت #غزة تعاني من تداعيات #الاحتلال الإسرائيلي المستمرة منذُ #حرب_الإبادة، حيث لا تقتصر آثاره على #الحصار و #الدمار، بل تمتد لتشمل #مخلفات_الحرب، التي تحولت إلى #قنابل_موقوتة تهدد حياة #المدنيين، فالمتفجرات غير المنفجرة من قذائف وصواريخ وقنابل باتت تشكل خطراً دائماً على السكان خاصة #الأطفال الذين قد يعبثون بها دون معرفة مدى خطورتها.

 المتفجرات غير المنفجرة: #كارثة مستمرة

خلال العدوان الإسرائيلي وبالرغم من التهدئة بين الاحتلال والمقاومة في غزة الا ان القطاع ما زال يعاني من مخلفات آلاف القنابل والصواريخ غير المنفجرة، وما كشفته الاوضاع أن عدداً كبيراً منها لم ينفجر عند الارتطام بالأرض، مما يجعلها أشبه بأفخاخ مميتة تنتظر الضحية التالية وفقاً للتقارير اليومية التي تخرج عن هذا الموضوع، تحتوي هذه المخلفات على مواد شديدة الانفجار يمكن أن تبقى فعالة لعقود إذا لم يتم التخلص منها بشكل آمن.

مقالات ذات صلة تفاصيل بشعة .. الإعدام لقاتل والدته في العقبة 2025/03/09

هذه الذخائر تنتشر في الأحياء السكنية والحقول الزراعية، وحتى داخل المنازل المدمرة مما يزيد من تعقيد وصعوبة الوضع للسكان وخاصة الأطفال غير مدركين لخطورتها، ما يؤدي إلى وقوع إصابات ووفيات مأساوية عند العبث بها.

 الضحايا: المدنيون أولاً..

المدنيون هم الضحية الأكبر لهذه القنابل الموقوتة، حيث سجلت العديد من حالات الاستشهاد والإصابة نتيجة انفجار هذه المتفجرات منذ الهدنة الحالية فالأطفال الذين يجذبهم شكل القنابل الغريب غالباً ما يكونون الأكثر عرضة للخطر كما المزارعين الذين يحاولون استصلاح أراضيهم بعد الهدنة الحالية، فلا زال الخطر مستمراً عند اصطدامهم بمتفجرات غير مكتشفة أثناء حراثة الأرض.

إضافة إلى الخسائر البشرية فإنها باتت تؤثر على الحياة اليومية للسكان، حيث تمنع إعادة الإعمار في بعض المناطق، وتعيق الأنشطة الزراعية، وتبث الخوف بين الناس، مما فاقم من الأوضاع المعيشية الصعبة أصلاً في القطاع المحاصر.

 المسؤولية الدولية والتعامل مع الأزمة

وفقاً للقانون الدولي الإنساني، يتحمل الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية إزالة مخلفات الحرب وتأمين حياة المدنيين، إلا أنه يتنصل من هذه المسؤولية، مما يضع الحمل على كاهل المؤسسات المحلية والدولية، الجهات المختصة في غزة، مثل فرق الهندسة التابعة للشرطة وفرق الدفاع المدني، تبذل جهوداً جبارة في تفكيك هذه المتفجرات بأدوات وإمكانات محدودة للغاية وفي بعض الحالات من المفترض ان يتم الاستعانة بخبراء دوليين لتقديم الدعم الفني، لكن الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع يعوق إدخال المعدات المتخصصة اللازمة لتسريع عمليات الإزالة، كما تعمل هذه الاجهزة على توعية السكان بمخاطر هذه المتفجرات، من خلال حملات إرشادية في المدارس والمجتمعات المحلية.

 تحديات إزالة المتفجرات

رغم الجهود المبذولة، تبقى إزالة هذه القنابل الموقوتة تحدياً كبيراً بسبب عدة عوامل، كنقص المعدات المتطورة فالحصار الإسرائيلي المفروض يمنع دخول المعدات الخاصة بإزالة المتفجرات، مما يضطر الفرق المحلية إلى استخدام وسائل بدائية تعرضهم للخطر مع عدم توفر خرائط دقيقة للأماكن المستهدفة فالاحتلال لا يشارك أي بيانات حول المناطق التي قصفها، مما يزيد من صعوبة تحديد مواقع الذخائر غير المنفجرة، عدا عن الاكتظاظ السكاني فالكثافة السكانية العالية في غزة تجعل من الصعب إخلاء المناطق المشتبه بها، مما يزيد من خطر وقوع إصابات في حال حدوث انفجار غير متوقع فتكرار العدوان الإسرائيلي في كل عدوان جديد يضيف مزيداً من الذخائر غير المنفجرة، مما يجعل الجهود المبذولة لإزالتها سباقاً ضد الزمن.

 الحلول والمطالبات

لحل هذه الأزمة، يجب اتخاذ عدة خطوات اهمها الضغط الدولي على الاحتلال الإسرائيلي لإجباره على تحمل مسؤوليته في إزالة مخلفات الحرب، أو على الأقل السماح بإدخال المعدات والخبراء المتخصصين، مضافاً لذلك تعزيز دعم المنظمات الدولية العاملة في مجال إزالة الألغام والمتفجرات، وتوفير تمويل أكبر لهذه العمليات

وتوسيع برامج التوعية بين السكان، خصوصاً الأطفال، حول كيفية التعرف على الذخائر غير المنفجرة وتجنب الاقتراب منها وإنشاء فرق متخصصة ومدربة محلياً تمتلك المعدات والقدرة على التدخل بسرعة عند اكتشاف أي قنبلة غير منفجرة.

 خاتمة

تبقى مخلفات الاحتلال الإسرائيلي من المتفجرات قنبلة موقوتة تهدد حياة سكان غزة، مما يضيف تحدياً جديداً إلى الأوضاع الإنسانية الكارثية في القطاع ورغم الجهود المبذولة فإن الحل الحقيقي يكمن في إنهاء الاحتلال ووقف العدوان المستمر حتى لا تستمر غزة في دفع ثمن الحروب حتى بعد انتهائها.

مقالات مشابهة

  • كيف استقبل اليمين الإسرائيلي والمعارضة خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين؟
  • مخلفات الاحتلال الإسرائيلي في غزة: قنابل موقوتة تهدد الحياة
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يلقي قنابل على كفر كلا في لبنان
  • إصابات برصاص الاحتلال الإسرائيلي في وسط وجنوب قطاع غزة
  • إعلان ترامب يهز الأسواق.. والبيتكوين يمحو مكاسبه وسط تقلبات عنيفة
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات جوية على جنوب لبنان
  • حماس: رفض الاحتلال افتتاح المسجد الإبراهيمي جزء مخطط للسيطرة الكاملة عليه
  • حماس: رفض العدو افتتاح المسجد الإبراهيمي برمضان جزء من مخطط السيطرة الكاملة عليه
  • الاحتلال الإسرائيلي يقتحم نابلس ويحرق مسجدًا تاريخيًا
  • النبطية تواجه الدمار.. أكبر فانوس رمضاني على أنقاض سوقها التجاري المدمّر