كعادة الإسلاميين في ممارسة تغبيش الوعي وغسل الأدمغة بغرض طمس الحقائق وتغييب العقول فإن ما عرف بظاهرة الانصرافي هي امتداد لذات النهج الذي استخدمته الإنقاذ في بداية عهدها لاستغفال الشارع السوداني عبر برنامج الحديث السياسي الذي كان يقدمه العقيد يونس محمود وربما إذا جاز لنا أن نوسع هامش المقارنة لتحديد بعض الفوارق بين التجربتين رغم اختلاف الزمان وتغير الأحداث فقد يشفع ليونس محمود ما كان يمتاز به من لغة رفيعة رصينة وانتقائه لكلمات خطاباته مما يدل على ثقافة الرجل وسعة اطلاعه مع توافر مخزون لغوي جيد لديه على عكس اللغة المبتذلة والأسلوب السوقي الذي يستخدمه الانصرافي في مخاطبة متابعيه المغيبين في محاولة منه للإيحاء لهم بتأثيره في مسرح الأحداث وقدرته على رسم المشهد وذلك ببث ببعض المعلومات المسربة إليه من أجهزة الأمن والاستخبارات بغية إضفاء قدر من المصداقية المقصودة والمفقودة في خطاباته حتى يتم عبرها قياس اتجاهات الرأي العام قبل اتخاذهم لقرارات معينة أما من ناحية أخرى فالغرض من هذه الفقاعة هو خلق قاعدة من البلابسة و الجغامسة لتشكيل حاضنة للتيار الداعم لاستمرار الحرب .

إن هذه الظاهرة المنبتة هي محاولة رخيصة يقوم بها الإسلاميون المختبئون خلف قناع أقل ما يوصف به أنه بشع بشاعة هذه الحرب اللعينة من أجل تخويف القيادات العسكرية المنحازة لتيار وقف الحرب والتشويش على قدرتها في اتخاذ القرار وذلك بإعطاء قراءات غير حقيقية لمقاييس اتجاهات الرأي في الشارع السوداني من الحرب المستعرة.
ومن يقرأ التاريخ وينظر إلى مجريات الأحداث والسنن وتحديدا نظرية التأطير يجد أن الأسلوب الدعائي الانصرافي القائم على ضخ سيل الأكاذيب بمنطق اكذب واكذب ثم اكذب وخلطها بقليل من الحقائق وقلب الأحداث لصنع قصة يصدقها العامة ليس بدعا بل هو ديدن كل الأنظمة الشمولية التي كانت تدعي امتلاك الحقيقة الكاملة وكانت تصادر رأي الآخر بحجة أن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة . لذا فعندما كانت جيوش المحور تسقط تحت ضربات الحلفاء وكان الجنود الألمان يقعون في الأسر بالآلاف ويسلمون مواقعهم كان جوزيف غوبلز وزير الإعلام والدعاية في الحزب النازي يصرخ ويرسل سيلاً من الأكاذيب عن انتصارات الفوهرر وهو قابع في كهف لا تدخله أشعة الشمس .
وعندما كان سلاح الجو الإسرائيلي في 67 يقصف المطارات ويدمر الطائرات المصرية في قواعدها قبل أن تتمكن من الإقلاع كانت إذاعة صوت العرب وبصوت المذيع أحمد سعيد تتحدث للأمة العربية عن الانتصارات الساحقة التي أحرزتها الجيوش العربية وعن إسقاط سلاح الجو المصري عشرات الطائرات الإسرائيلية بينما الجيش المصري محاصر وسيناء كلها في يد إسرائيل . وكذلك كان محمد سعيد الصحاف يصرخ بأن الأمريكان العلوج ستكون مقبرتهم في بغداد وأن العراق سيكون عصيا على الأمريكيين وأن الجيش العراقي صاحب المليون جندي سيلقن العدو درسا لن ينساه بينما كانت الدبابات الأمريكية حينها تتجول في شوارع بغداد أمام كاميرات محطات التلفزة تبحث عن صدام حسين المختبئ في قبو تحت الأرض .
أما إذا سألت عن الانصرافي فحدث ولا حرج . فدارفور التي سقطت حاميتها ومدنها كحبات المسبحة المنفرطة والمليشيا تنتقل من قرية إلى أخرى ومن مدينة إلى مدينة وتهاجم الوحدات العسكرية على نحو متكرر وتحدث عمليات نوعية بتدمير الطائرات وتدمير الجسور كل هذا لن تجده بهذه الصورة المجردة في خطابات التخدير عند الانصرافي فكل ذلك قد حدث بفهم لا نعلمه نحن بل العلم عند الله ومن بعده عند الكاهن الكبير وزمرته التي بات حالنا معها كحال أهل المدينة الذين قالوا إن أحدكم لا يستطيع قضاء حاجته ومحمد يعدكم بقصور كسرى وكنوز قيصر.
كسرة
خليك ماسك في نظرية التأطير دي كويس .

yousufeissa79@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

خبير: العلاقات التاريخية بين مصر وفرنسا تتميز بعمقها الحضاري والثقافي والفكري

أكد الدكتور أحمد يوسف، الخبير في العلاقات الفرنسية المصرية، أن العلاقات التاريخية بين مصر وفرنسا تتميز بعمقها الحضاري والثقافي والفكري، وهو ما أشار إليه الرئيس الفرنسي خلال زيارته الأخيرة، كما أوضح أن هذه العلاقات تأسست على التبادل العلمي، مشيرًا إلى أن الحملة الفرنسية، رغم كونها غزوًا استعماريًا، أسفرت عن نتائج علمية هامة أسهمت في تطوير مصر.

وأضاف يوسف، خلال حديثه مع الإعلامية لبنى عسل ببرنامج "الحياة اليوم" المذاع على قناة "الحياة"، أن محمد علي باشا، بدلًا من طلب الأسلحة من فرنسا، أرسل بعثات تعليمية واستعان بخبراء فرنسيين، مما ساهم في إدخال مصر إلى العصر الحديث، مؤكدًا أن كلمة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعكس استمرارية هذا التعاون العلمي بين البلدين.
وأشار إلى أن الشباب المصري يمثل امتدادًا لمسيرة التعاون العلمي التي بدأت منذ عهد رفاعة الطهطاوي، حيث أصبح الشباب المصري الواعد جزءًا من هذه المسيرة العلمية الكبيرة، مؤكدًا أن التعاون العلمي بين مصر وفرنسا يعد ركيزة أساسية في العلاقات الثنائية، وله تأثيرات إيجابية على ملفات أخرى مثل السياسة والاقتصاد.

مقالات مشابهة

  • مسؤول معين من طرف الملك يروج لمقاطعة منتجات مغربية بمعهد الزراعة بسبب إسرائيل
  • حديث الثلاثاء
  • بالأحمر.. بشرى تظهر بإطلالة جديدة عبر إنستجرام
  • خبير: العلاقات التاريخية بين مصر وفرنسا تتميز بعمقها الحضاري والثقافي والفكري
  • شرطة دبي تُكرم فرق عمل قطاع العمليات
  • أمين العاصمة يتفقد الدورات الصيفية في مديرية معين
  • عباد يتفقد الدورات الصيفية في معين
  • المثقف الإسلامي بين اللحظة واستشراف المستقبل.. معادلة الوعي والبناء الحضاري
  • إسرائيل تكثف غاراتها شرق غزة.. وتقصف خيمة للصحفيين
  • برقية غيرت التاريخ.. كيف كانت السبب في دخول أمريكا الحرب العالمية الأولى؟