محمد بن رضا اللواتي

mohammed@alroya.net

 

هل يُراجع فرانسيس فوكوياما أطباء النفس هذه الأيام وهو يُشاهد بُقع العار التاريخي على جبين الولايات المتحدة الأمريكية جراء جرائمها ضد الإنسانية في فلسطين وغزّة؟

ليس من البعيد أن يكون خاضعًا لأدوية علاج الكآبة، فهو الذي بشَّر العالم بنبي هذا العصر، أي أمريكا؛ باعتبارها المحطة النهائية لمسيرة ثقافات البشر بأجمعها، وفي أحضانها سيجد التاريخ المهد الأبدي له والذي ظل يبحث عنه منذ لحظات انبثاقه الأولى.

لقد بشَّر الناس بالتحوُّل التدريجي والحتمي لثقافاتهم واستحالتها إلى الثقافة الأمريكية بصفتها الديمقراطية الليبرالية الفُضلى التي يبحث عنها بنو البشر، وزعم أنَّ الناس، وبقناعة تامة، ودون مقاومة، سينسابون داخل ما يسميه بـ"الأَمْرَكَة" الثقافية فرحين مستبشرين!

ولكن أبت غزّة إلّا أن تقول له: كلا!

لم تعد غزّة اليوم بمفردها التي تقول له "كلا"، وإنمّا مئات ألوف- بل ملايين- من البشر في شتى دول العالم بما فيه مواطنو الولايات المتحدة نفسها، يرددون كلا، فلقد سقطت الأقنعة، وظهرت الحقيقة التي ظلت مستورة على الكثيرين، واستفاق النَّاس على واقع دولة الكذب والنفاق الأولى في العالم؛ إذ منذ عقود لم يشهد الناس فظائعَ كالتي مارستها الولايات المتحدة مع ربيبتها الصهيونية البغيضة في غزّة الجريحة، من قتل الأطفال وحديثي الولادة وهدم المستشفيات على رؤوس المرضى والنساء والعجزة.

هذه هي دولة فوكوياما وأمثاله الذين اعتاد بعض العرب على عد أعمالهم الكتابية بصفتها أرقى أشكال الفلسفات التي تستحق التحقيق والمناقشة والدراسة والتأييد.

وها هو "طوفان الأقصى" بانتصاره التاريخي على الصهيو-إمبريالية يُطيح هذه المرة برائد مدرسة فرانكفورت الفلسفية النقدية، والذي يصفونه بالفيلسوف الأهم بعد الحرب العالمية الثانية "يورجن هابرماس" الذي خرج على العالم بخطاب بعنوان "مبدأ التضامن" أو (A Principle of Solidarity) وقَّعه هو وكل من نيكول دايتلهوف وكلاوس جونتر وراينر فورست، أساتذة العلوم السياسية في جامعة جوتة الألمانية، والذي لم يكن سوى إعلان عن تضامنهم جميعًا مع جرائم الكيان الغاصب الذي كانت تديره الولايات المتحدة على جثث الأبرياء في غزّة العِزَّة والكرامة.

جاء في الخطاب: ".. المجزرة التي ارتكبتها "حماس" مصحوبة بنيتها المعلنة إبادة الحياة اليهودية بصورة عامة، كانت سببًا في دفع إسرائيل إلى الانتقام بهجوم مضاد، والمبرر من حيث المبدأ... وعلى الرغم من كل القلق على مصير السكان الفلسطينيين، فإنَّ معايير الحكم تفلت من أيدينا تمامًا عندما تعزى نوايا الإبادة الجماعية إلى تصرفات إسرائيل"!

صدق غربالي عندما وصف الخطاب بأنه يُشكِّل فضحية أخلاقية ومعرفية واعتداء على حقائق تاريخية، وأنه يبدو أن الكيان الغاصب قد جعل في أولوياته الفلسفة لصناعة رأي نخبوي عالمي مساند له. (مقال بعنوان: العمى الأخلاقي لعقل الأنوار، هابرماس عقله على إسرائيل: فؤاد غربالي: الميادين 20 نوفمبر).

بالأمس القريب كانت البؤر الثقافية العربية لا تكف عن تذكير بعضها البعض بأهمية عدم الانحياز والتحييد الأخلاقيين عندما نكون بصدد تقييم موقف، وهي تبني ذلك على ما يقوله ويُذكرنا به سليل فلسفة الأنوار هابرماس، وقد أعلت رُتبة أقواله إلى مصاف- كما يقول أحمد الشيخ في مقاله بعنوان تهافت هابرماس وسقوطه الأخلاقي: الجزيرة 20/11/2023- الكتب السماوية، وإذا به داس على كل المواقف الأخلاقية مجتمعةً!

في السابق، وعندما سُئل هابرماس عن سؤال حول رأيه في السياسة الإسرائيلية، رد بأنَّ الإجابة عنه ليس من شأن مواطنٍ من جيله!

هذا الصمت فسره "أومري بوهم" بأنه رفضٌ لاتخاذ موقف التنوير- الذي نذر هابرماس لأجل تتميمه- هذا، عندما تتعلق المسألة بالشؤون اليهودية!" (القدس الإلكترونية: يحيى الكبيسي: مقال بعنوان: رب غزّة وأزمة هابرماس الأخلاقية 23 نوفمبر).

هذا في السابق!

أما اليوم، فقد ترك هابرماس الصمت، هذا عندما داس على موقف التنوير بقدميه وهو يمضي ليقف بجانب الصواريخ التي فتكت بخمسة آلاف طفل فلسطيني مُبررا لها جرائمها!

طوفان الأقصى.. حسبُك ما جرفت!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كوارث طبيعية وشيكة تهدد الولايات المتحدة

#سواليف

تواجه #الولايات_المتحدة تهديدات بكوارث طبيعية وشيكة، تشمل #زلازل مدمرة و #أعاصير كارثية وثورانا بركانيا هائلا، قد يتسبب في #دمار_واسع النطاق وفقدان آلاف الأرواح.

تشهد البلاد سنويا عواصف عاتية وحرائق غابات وزلازل، بلغت خسائرها في عام 2024 وحده 27 مليار دولار. لكن العلماء يحذرون منذ فترة طويلة من أن الأسوأ لم يأتِ بعد، إذ تؤكد الدراسات أن وقوع بعض الكوارث الكبرى أمر لا مفر منه.

“الزلزال الكبير” يهدد #كاليفورنيا

مقالات ذات صلة ناسا تكشف عن ارتفاع تجاوز التوقعات لمستوى سطح البحر في عام 2024 2025/03/15

يتوقع أن يضرب الساحل الأمريكي الغربي زلزال هائل بقوة 8 درجات على مقياس ريختر، مصدره صدع سان أندرياس الممتد لمسافة 800 ميل في كاليفورنيا.

وتشير التقديرات إلى أن هذا الزلزال قد يؤدي إلى مقتل 1800 شخص، وإصابة 50 ألف آخرين، وخسائر اقتصادية تصل إلى 200 مليار دولار.

ويحذر الخبراء من أن احتمال وقوع هذا الزلزال خلال الثلاثين عاما القادمة مرتفع جدا، إذ تظهر الدراسات الجيولوجية أن مثل هذه الزلازل تحدث على طول الصدع كل 150 عاما، وكان آخرها قبل 167 عاما.

وعند وقوع “الزلزال الكبير”، ستبدأ الأرض بالاهتزاز العنيف في غضون 30 ثانية، لتصل قوة الاهتزازات إلى مستوى 9 في بعض المناطق، وهو ما قد يؤدي إلى انهيار المباني وتدمير البنية التحتية بشكل كارثي.

إعصار دانييل: عاصفة غير مسبوقة

يتوقع العلماء أنه بحلول عام 2100، قد يضرب الولايات المتحدة إعصار فائق القوة من الفئة السادسة، وهو تصنيف جديد محتمل للأعاصير.

ويستند هذا السيناريو إلى كتاب “الفئة الخامسة: العواصف العاتية والمحيطات الدافئة التي تغذيها”، حيث يُتوقع أن تصل سرعة الرياح إلى 309 كم في الساعة، وترتفع مستويات المياه بأكثر من 7.6 أمتار.

ووفقا للمؤلف بورتر فوكس، فإن إعصار “دانييل” الافتراضي قد يضرب مدينة نيويورك مباشرة، ملحقا دمارا واسع النطاق بالبنية التحتية والجسور، ومغرقا مئات الأحياء بالمياه.

وتشير التقديرات إلى أن مثل هذا الإعصار قد يؤدي إلى وفاة أكثر من 42000 شخص وتشريد آلاف العائلات.

ثوران جبل رينييه: البركان الأكثر خطورة

يحذر علماء البراكين من أن ثوران جبل رينييه، الواقع في شمال غرب المحيط الهادئ، هو مسألة وقت فقط. ويعد هذا البركان الطبقي الضخم أخطر بركان في الولايات المتحدة، حيث يهدد أكثر من 90 ألف شخص، خاصة في مدن سياتل وتاكوما وياكيما.

ورغم أن جبل رينييه لم يشهد ثورانا كبيرا منذ أكثر من ألف عام، فإن الخبراء يراقبونه عن كثب، إذ يمكن أن يتسبب ثورانه في تدفقات طينية مدمرة، والتي قد تجرف مدنا بأكملها خلال دقائق.

ويعمل العلماء والمسؤولون على تعزيز أنظمة الرصد والاستجابة للطوارئ، إلا أن حجم الدمار المتوقع يجعل الاستعداد التام أمرا بالغ التعقيد.

مقالات مشابهة

  • جنوب إفريقيا: طرد سفيرنا في الولايات المتحدة أمر مؤسف
  • كوارث طبيعية وشيكة تهدد الولايات المتحدة
  • وزراء خارجية مجموعة السبع يشيدون بالاجتماع الذي عُقد بين الولايات المتحدة وأوكرانيا في المملكة
  • حماس تستنكر قرار حجب قناة الأقصى
  • خبير: الولايات المتحدة لا تزال تفرض هيمنتها على العالم
  • الولايات المتحدة تؤكد دعمها لحلبجة ومشاريعها الاقتصادية
  • ما فلسفة المواريث في الإسلام؟ وما معايير تقسيمها لدى الشارع؟
  • أسامة الأزهري: طوفان نوح درس خالد والنجاة ليست في الجبال بل في الحكمة
  • قائد الثورة الاسلامية في ايران: لا جدوى من التفاوض
  • عاجل | خامنئي: عندما يقول الرئيس الأميركي إنه مستعد للتفاوض معنا فهذا مجرد خداع