رحلة إلى مدينة العقل: لزيارة سجن الأفكار الرافضة لتناول الغذاء الفاسد!!
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
بدأت رحلتي بلا وجهة محددة، مع شروق فكرة فجائية، قررت الخروج لاستكشاف كل جوانبها وتحمل تبعاتها. سيطرت عليّ رغبة الفضول بقوة، دفعتني لاكتشاف أسرار ما يختبئ خارج المألوف. وهناك، في أفق الغموض، برزت مدينة تبهر الانظار، أمامها حراس مدججون بالسلاح وفي لحظة هدوء، طرحت سؤالاً حول السبب وراء حمل السلاح، وكانت الإجابة: نحن حماة المدينة.
في تجوالي بين أزقة المدينة، اشتعلت شرارة الفضول، خلقت بداية تفاعل سحري، حيث اندمجت الأفكار كقطعة فنية على لوحة الحياة، تأملت في جمال التنوع الذي يظهر في المدينة، مثلما يبدو جمال الغروب على واجهات المباني. في ذلك الوقت الساحر، ايقنت أن تحرير مدينة العقل خطوة في سلم الصعود. فهو ليس مجرد استنهاض للفضول، بل بداية لتحول السلمية الناجحة في مقاومة التسليم للظروف، بل في خوض مواجهة شاملة للمألوف الفكري والسياسي والثقافي والاجتماعي. الشعارات ليست كافية للتحرر والانعتاق، بل تمثل خطوة أولى نحو التحول، حيث يتطلب التغيير تمرداً شاملاً، وذلك يكون ممكناً عبر التطور بشكل فعال. في رحلتي على شواطئ المدينة، ألتمست أن التحدي ليس في نقص المعرفة، بل في التنفيذ. إذ يحتدم الصراع بين الرغبة في التغيير ومقاومة الضمير، غالياً ما ينتصر المصالح الذاتية والرغبات الشخصية، على قوة الحق وصوت الضمير.
تاريخُنا يشكل فصلاً في كتاب الحياة، حيث يروي قصة معقدة تتشابك فيها خيوط العنكبوت ما بين التأثيرات الخارجية والصراعات الداخلية، مخلفاً وراءه خصومات عميقة، حيث تنازع الأحزاب بين المدارس الدينية والاقتصادية والاجتماعية. كلٌ يسعى لنحت الواقع برؤيته الفردية. التحدي الرئيسي ينبع من الفكر الآحادي، هل التمييز يأتي من هيمنة الثقافة العربية الإسلامية على الهوية أو من التصالح من خلال توفير فرص التعايش بين جميع الثقافات لخلق التوازن وتشجيع التنوع مما يخلق سيمفونية تناغمية تسمح للجميع بالاستمتاع بتنوع اللحن والهوية الفريدة. حيث لم يغيب عن الذاكرة قصة عمنا آدم ديرفيس، الذي كان يسكن في طرف القرية. نشب خلاف بينه وبين زوجته مريومة، وتدخلت الجودية لإصلاح العلاقة. وكالعادة ابتدر النقاش عمنا أبو خديجة: "يا ديرفيس، طلقت المرأة لشنو؟ ديرفيس، والله المرأة دي من يوم جبيتها من بيت أبوها، محل يدها طاعم ما لقيتها كلو كلو (طبخها ما مستساغ). ردت مريومة بفطنة: في ذمتكم، يا رجال الله، طبخ عوائده ناقص يبقى طاعم كيف!! لو بصل في زيت مافي، لو بندورة في شرموط مافي. نسبة لعدم كفاية الادلة ونقص عوائد حلة الملاح، اكتملت أركان الجريمة، وانتهت القضية لصالح مريومة. رُفِعت الجلسة بإلزام عمنا ديرفيس بإحضار جميع العوائد لتذوق حلة الملاح، وذلك يعكس أهمية التفاهم والاتفاق على واقعنا السياسي والاجتماعي والثقافي. تظهر الحاجة الملحة إلى توحيد جميع المكونات، بلا استثناء، من خلال اتفاق شامل يعكس التفكير العميق في بنية الدولة وعلاقاتها، ويتسم بنظرة شاملة تتيح للجميع رؤية أنفسهم في المرآة، بعيداً عن الحلول الاستبدادية والنظرة الفوقية.
في تلك الرحلة، كان الحلم ببناء دولة نتحمل المسؤولية فيها جميعاً، خلافاً للمعتاد متى تعود؟ لما حال البلد ينعدل طيب مين يعدل الحال، وطن يتجسد فيه علاقات الاخاء، ترقص على نغمات التفاهم والاجماع. تتحقق كلوحة فنية ترسم حدود الأمان بتوفير لقمة عيش كريمة وحفظ كرامة الإنسان، بينما في المقابل، تتشابك العلاقات السياسية والاجتماعية في معركة التصنيفات. تعبر القصة عن مزيج من التناقضات، حيث يجسد الصراع الذي يواجهه الأكثرية الطامحة لفضاءات التغيير، وكيف تعترض العقبات تحقيق آمالهم في غد أفضل، مستمدة من تجارب النخب وتفاعلاتهم مع الثورات. في سياق هذه التداخلات الاجتماعية، تتحول القصص إلى مرآة تعكس التفاعلات المعقدة بين الواقع والحلم، مثيرة تساؤلات فلسفية حول العدالة في هذا العالم المليء بالتناقضات.. تأخذنا في رحلة فنية وروحية عميقة، تستنطق أعماق الفهم والإلهام، حيث يتعين علينا التحول من مجرد الأقوال والمثاليات إلى الأفعال والواقع. للخروج من هذا المأزق، يتوجب علينا تحديد معايير للمصطلحات، حيث يمكننا إجراء تعريف دقيق لكل مصطلح مثل"كوز","قحاتي"، "فلول" أو غيرها. الواجب تحديد معايير وصفية واضحة، سواء كانت ذلك فيما يتعلق بالأصل، التاريخ أو بالصفات الفردية، والعمل على التخلص من الالتباس لتحقيق فهم اعمق وأدق. كما يجب تحديد معايير علمية واجتماعية وثقافية، بإلاضافة إلى قيم العطاء والرعاية للأسرة والقرية، يظهر أن الشخص الذي يملك الخير لأهله يكون لديه القدرة على تقديم الخير للجميع. تلك المعايير تجعل الفرد مؤهلاً لتحمل المسؤوليات القيادية، بتركيز على القدرات القيادية والنزاهة، والتفهم للقضايا الاجتماعية والاقتصادية، التركيز على محاربة الصفات السالبة وتعزيز الوعي بالقيم والأخلاق يساهم في تطوير المجتمع وتعزيز القدرات الإيجابية لدى الأفراد.
واقعنا، عبر التاريخ بين مطرقة العوامل الخارجية وسندان التوترات الداخلية، حيث يُلملم الوطن الجريح نفسه في صورة معقدة من التحديات تستدعي التلاحم والتكاتف. العقوبات الخارجية الحقت اذى كبير بالاقتصاد وحياة المواطنين، وفي سياق التوترات الداخلية، تتفاعل الديانات والتقاليد مع الصراعات القومية، والحروب الداخلية مما زاد الامر تعقيداً. إن فهم هذه المعضلة التاريخية يكشف لنا قوة التأثير المتبادل بين السياق الدولي والديناميات الداخلية، تشكل نمطاً فريداً في كشف النقاب عن تصرفات النخب، التي اكتفت بالاستقلال الشكلي، حيث تجاوزت مصالح الجماهير الكادحة، بسرقة الثورات وتحريف مسارها مما أسفر عن نشوب حروب الهامش ضد المركز، نتيجةً لصراع المصالح وتواطؤ النخب. إعداد متكئاً لمائدة مستديرة يسودها السكينة يمكن أن يكون أمراً حيوياً للخروج من هذه الورطة المعقدة، حيث يمكن للتفكير الهادئ والتخطيط الدقيق أن يسهمان في تجاوز الخلافات ويحقق التوازن بين الأطراف. يحاكي قصة زوجة العزيز، نجحت ببراعة في نقل رسالة السكينة، والراحة إلى قلوب النساء، وبحكمة وحنكة، قطعت قوة التفكير ومزقتها أيدي سبأ، عندما مكرت نسوة في المدينة (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَـًٔا وَءَاتَتْ كُلَّ وَٰحِدَةٍۢ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ ٱخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُۥٓ أَكْبَرْنَهُۥ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَآ إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) تخيلوا متكئا امراة العزيزة، مائدة بأفخم المفروشات الايرانيه فيها كل ما لذا وطاب في بيت العزيز وهي تخدم النساء بنفسها حتى أعطت كل واحدة منهن السكينة والاطمئنان وراحة البال فقالت اخرج عليهن، لذلك، يتجلى الحاجة الملحة إلى متكئاً يُمثِّل جميع أطياف المجتمع يبث السكينة ويُعيد التوازن، بعيداً عن انحيازات واختيارات تفتقر إلى العدالة والشمول.
abudafair@hotmail.com
//////////////////
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
العقل الإخوانى «المركوب»
يظل العقل الإخوانى الخرب غير مستوعب لما حدث فى مصر حتى بعد 12 عاما ولا يزال العقل الإخوانى الخرب يتعامل بنفس الغباء وبمنطق فاقد الذاكرة غير مستوعب أن الزمان والناس قد تجاوزوه فيتخيل الإخوانى الذى استبدل بمخه فردة حذاء بالية أنه يتصور لو نعق كالبوم في مواسم معينة من السنة عبر فضاءات مسمومة أو فى مواقع التواصل الاجتماعى يحرض من مهربه ويروج للشائعات ويبنى القصص الوهمية يستهدف الداخل المصرى سينجح فى إحداث وقيعة بين الشعب وقيادته ومؤسساته!! صور له عقله المريض أنه لو روج مثلا للشائعات بطريقته الركيكة التى لا تساوى «ربع جنيه صنعة» وبنفس السردية والبكائية المقززة سيجد من يسمعه!! وسيعود الزمن للوراء وهيهات هيهات.
اعتقد الإخوانى الهارب أنه لو تسلل فى موسم هوجة يناير من كل عام ونظم القطيع بتكليفات واحدة ومنشورات بنفس الكلمات يحرض فى الشارع المصرى ويبث سمومة «كعاهرة تتحدث فى الشرف» أنه سيجد من يقول له أهلا وسهلا بك تعال من جديد, حقا إنه أمر يدعو للضحك, يثبت الإخوانى دائما أنه كلما حاول أن «يركب التريند» «فيركبه التريند» و«يدلدل رجليه» وتصحبه اللعنات.
ما لا يعرفه العقل الإخوانى «المركوب» من جماعته أن خلاص مصر من الإخوان بيد الشعب فى ثورة 30 يونيه 2013 كان ضرورة حتمية ولحظة وطن أدركها الجميع, لاجتثاث فكر خبيث كاره للوطن بمعناه الحسى والمعنوى، بجغرافيته وتاريخه, فما أدركه المصريون أن خطر الجماعة الإرهابية ليس فقط فى أنهم فاشلون فى الحكم على مدار عام كامل تفاقمت وتعقدت فيه المشكلات والأزمات ولكن وهو الأهم أن جماعة الإخوان الإرهابية فئة كارهة للوطن بكل ما ومن فيه, كارهة للحرية والحضارة والفنون والثقافة وكل شيء, وفى الأخير لا تنتظر من الكاره أى خير.
لم تتوقف آلة الكذب الإخوانية يوما وتحديدا منذ ثورة 30 يونيه 2013 وحتى الآن, ورغم انكشاف مؤامرة الإخوان على الأوطان فى أكثر من بلد عربى ومحاصرة أنشطتهم المشبوهة وحظرهم فى أكثر من دولة أوربية, إلا أنهم مستمرون فى الكذب لا لشيء إلا لأنهم لا يملكون غيره, مازال بعض عناصرهم ممن يسمون أنفسهم إعلاميين ونشطاء وثوار ينسبون أنفسهم لأحداث 25 يناير رغم أن الإخوان أنفسهم فى الأيام الأولى للأحداث أعلنوا أنهم لن يشاركوا فيها ثم بعدما بدأت ملامح نجاح الاحتجاجات ركبوا الأحداث وأعلنوا زورا أنهم من دعوا لها, يعتقد بعض الإرهابيين الهاربين من أحكام قضائية فى مصر أن بلادنا ضعيفة ليس وراءها مؤسسات قوية تحميها وقبل المؤسسات شعب فى رباط إلى يوم القيامة.
ما زال الإخوان يتوهمون أنهم حين يصدرون مشهدا لبعض العواطلية الهاربين يحرضون على الفوضى فى مصر تحت مسمى ثورة تلك الكلمة التى لطالما اغتصبوها فى كل مكان وزمان سيعيدون مشهد الفوضى البغيض فى 2011, لكن هيهات فالمصريون استوعبوا الدرس.
ما يلفت النظر دائما أن كتائب الإخوان الإلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعى قد تجدها نشطت جميعها فى اتجاه واحد نحو قصة مفبركة لبث الخوف فى نفوس الناس ويحددون زمنا مثلا لحدث مين ثم بعد أن ينقضى هذا الزمن ولا يحدث شيء وتنكشف الكذبة تجدهم دخلوا جحورهم كأن شيئا لم يحدث, وقد يطل عليك أحد أغبيائهم ليقول لك مثلا أبشروا يا معشر «الثوار» الحكاية خلصت والقرار اتخذ والأمر مسألة وقت وقد تم الاتفاق على كذا وكذا ويعرض خططا ويوزع أدوارا, ثم بعد أن يأتى الوقت الذى حدده ويصبح كلامه «فنكوش», لا يخجل من نفسه ولا يكف والعجيب أنه فى نفس الموعد من العام التالى يكرر نفس السيناريو من دون خجل أو ملل.
فى رأيى أن الدولة المصرية الكبيرة والقوية من حقها أن تطالب الجهات التى يطل منها هؤلاء الخونة الذين يحرضون ضد الدولة المصرية ويتبنون مخططات للفوضى فى البلاد بتسليمهم لها ومحاسبتهم ليكونوا عبرة لقطيع العواطلية من أمثالهم.
الأمر الآخر الذى لا يقل أهمية فى تصورى أن هناك قلة قليلة لا تزال مندسة وسط المصريين من نفايات الإخوان لا يعلنون عن انتمائهم يتظاهرون بأنهم مع الدولة لكنهم يظهرون فى المواسم يتحينون الفرص للشماتة ويتناقلون الشائعات ويرحبون بالخونة الذين يحرضون ضد مصر من الخارج, وهؤلاء خطرهم لا يقل عن المحرض نفسه, لا بد من تطهير الدولة ومؤسساتها من سرطان جماعة الإخوان الإرهابية بما فى ذلك هؤلاء المتخفون, أمن الوطن فوق كل اعتبار.