بين الواقعين الافتراضي والمُعاش.. صدور "خطوب ودروب" للكاتب محمد شبراوي
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
صدر حديثًا عن دار يلدز للنشر والتوزيع، كتاب "خطوب ودروب" للكاتب محمد شبراوي، ويقع في 200 صفحة من القطع المتوسط.
الكتاب يضم 19 مقالا يحاول "شبراوي" من خلالها رصد وتحليل تأثير منصات التواصل الاجتماعي على حياتنا وكيف تعامل مستخدموها مع كثير من القضايا أو الأزمات التي أثيرت عبر هذه المنصات، ومدى تأثير الواقع الافتراضي على الواقع المعاش.
كما يجمع الكتاب الكتاب بين الطارف والتالد، فيأخذنا في جولة مع الجاحظ وابن قدامة والمبرّد والقالي مرورًا بطه حسين والمازني ونجيب محفوظ والسحّار ورجاء النقاش وصولًا إلى أحمد مراد والكتّاب الجدد. من تحدي القراءة إلى ورش كتابة الرواية، وتحفظات عدد من الأدباء الكبار على ورش الكتابة وغيرها من الموضوعات التي تعكس تغيرات المجتمعات العربية والأوساط الثقافية وعلاقة ذلك بمنصات التواصل الاجتماعي.
اختار شبراوي أن يبدأ كتابه بمثل عربي فصيح، يقول ”بقدر سرور التواصل تكون حسرة التفاصل“، المثل أورده الميداني في سِفره الماتع (مجمع الأمثال)، ويعكس بدرجة أو بأخرى ما يواجهه شباب عصر ثورة المعلومات، حيث يبدأ الأمر بتواصل عبر الفضاء الإلكتروني، ثم لسبب أو أكثر يقع الخلاف في الرأي والتباعد، لا يخلو الأمر من بلوك، فينقلب التواصل إلى تفاصل مصحوب بحسرة، وللعرب مثل آخر يقول ”وفي طول المعاشرة التقالي“.
على ذكر الأمثال، يذخر الكتاب بجملة من الأمثال العربية الفصيحة، فضلًا عن طائفة أخرى من الأمثال المصرية والخليجية، بما يجسّد التناص الثقافي والأدبي ضمن مجموعة من الموضوعات، ينطلق معظمها من العالم الافتراضي إلى الواقع المَعيش، وتتسع دائرة التناص لتشمل عددًا من النصوص الدينية والتاريخية والفكرية وغيرها.
في المقدمة نطالع هذه الفقرة: ”ليس لعاقل أن يجحد أهمية منصات التواصل في عصرنا الراهن، وإن كنا من حين لآخر نحنّ -في فورة النوستالوجيا- إلى ماضينا العذب، لكننا لن ننسلخ من واقعنا أو نتنكر له. يُمضي كثيرون ساعات على تلك المنصات، تتنوع البواعث ويتباين التأثير والتأثر، في الجملة فإن الانفكاك من هذا الواقع ليس منطقيًا، ولا سبيل لحجب الشمس بغربال“.
ويضيف ”نطوف بين دفتي هذا الكتاب في مواقف شتى، نتوسل بالتراث والمعاصرة لرصد أحداث وثيقة الصلة بالعالم الافتراضي، كيف تفاعل روّاد منصات التواصل مع قضية بعينها؟ ما انعكاسات أزمة ما أثيرت عبر المنصات على شخصية أو جهة أو مؤسسة؟ تداخلات العلاقة الشخصية وآلام ما بعد الفركشة، الغرام والانتقام في دنيا المشاهير من خلال ذلك العالم، الثقافة الاستعجالية في القراءة والكتابة والنقاش، وأشياء أخرى ندور في فلكها“.
الجدير بالذكر أن محمد شبراوي، هو صحفي مصري، يكتب في مجال النقد الأدبي والتاريخي، لا يخلو أسلوبه من لمسة تهكميّة، صدر له (كنّاشة الراوي)، (رسالة الإمام.. التاريخ والدراما في منصات التواصل)، ومجموعتان قصصيتان (بجعة المحروسة) و(سندريلا الحميّات).
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: منصات التواصل الاجتماعي منصات التواصل
إقرأ أيضاً:
الكتاب أصل الأشياء
وأنا أشاهد فـيلم (هاري بوتر وحجر الفـيلسوف) الذي جرى عرضه فـي دار الأوبرا السلطانية مسقط، مصحوبًا بعزف موسيقيّ حيّ أدّته أوركسترا الدولة السيمفوني فـي أرمينيا، استحضرت الجزء الأول من رواية (هاري بوتر) للكاتبة البريطانية جوان رولينج، التي بنى عليها الفـيلم أحداثه، وهي من الروايات التي نالت شهرة عالمية كبيرة، إذ بيعت منها ملايين النسخ منذ صدور جزئها الأول فـي منتصف 1997 وترجمت إلى العديد من اللغات،
ويكفـي أن الجزء السادس من الرواية الذي حمل عنوان (هاري بوتر والأمير الهجين) بيعت منه 10 ملايين نسخة يوم صدوره، وكان لا بدّ للسينما العالمية أن تستثمر هذا النجاح، فأنتجت 8 أفلام من أجزائها، كلّها حققّت أرقاما قياسيّة فـي الإيرادات.
روايات أخرى شقّت طريقها إلى السينما، لعلّ من أبرزها رواية (العرّاب) للكاتب الأمريكي ماريو بوزو الصادرة عام 1968م التي أخرجها للسينما المخرج الأمريكي فرانسيس فورد كوبولا، بدءا من جزئها الأول عام 1972م وكان من بطولة مارلون براندو وآل باتشينو، أعقبه بجزأين آخرين، وقد اعتبر نقّاد السينما الجزء الثاني من الفـيلم ثالث أفضل فـيلم فـي تاريخ السينما،
وكانت هوليوود قد اشترت حقوق تحويل الرواية إلى فـيلم قبل انتهاء الكاتب من كتابتها، وحقّق الفـيلم شهرة مدوّيّة حتى عاد فريق العمل، وأنتج الجزء الثالث عام 1990م، وكلّنا نعرف أن الرواية تتحدث عن نفوذ إحدى عائلات المافـيا الإيطالية، وتحكّمها فـي مجريات الأمور، لتشكّل دولة داخل الدولة.
وبعيدا عن (هاري بوتر)، و(العرّاب)، باعتبارهما ظاهرتين فـي تاريخ الأدب العالمي والسينما، لو ألقينا نظرة على أهم الأفلام التي أنتجتها السينما العربية والعالمية لرأينا أنّها استندت إلى روايات عالمية أخرى، كـ(البؤساء)، و(أحدب نوتردام) لفـيكتور هوجو، و(زوربا اليوناني) لكازنتزاكي، و(بائعة الخبز) للفرنسي كزافـييه دومونتبان، وروايات دوستويفسكي وأجاثا كريستي، وتشارلز ديكنز، وماركيز، ومن أسماء الكتّاب العرب الذين تحوّلت أعمالهم إلى أفلام: نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس ويوسف إدريس ويوسف السباعي، والطيّب صالح، رغم أن المخرجين يأخذون من الروايات ما يحتاجون إليه فـي أفلامهم، ويستغنون عن صفحات كثيرة، فلغة السينما التي تقوم على الصورة،
تختلف عن لغة الرواية التي تستند إلى الكلمة المكتوبة، فهناك قواعد فـي الفن السينمائي ينبغي مراعاتها عندما تدخل السينما حرم الرواية، وهذه تعتمد على عوامل عديدة أبرزها رؤى المخرجين، والإنتاجيات المرصودة، لتنفـيذ تلك الأفلام، وكم من مشهد بصري قصير اختصر صفحات عديدة دبّجها الكاتب فـي وصف ذلك المشهد! وهذا موضوع متشعب، «لكن، لولا النجاح الباهر لتلك الروايات،
وقوة حبكتها السردية، والتوقعات العالية لإيرادات شباك التذاكر، هل كانت لتحظى باهتمام المنتجين وتلفت أنظارهم؟»؟ أرقام تلك الإيرادات تجيب عن هذا السؤال، فالسينما صناعة، وأنجح الأفلام وحتى المسلسلات التلفزيونية، والمسرحيات، هي تلك التي قامت على روايات ناجحة، فمنها يستلهم المخرجون رؤاهم،
وبين حين وآخر، يعود المنتجون إلى كتب الروايات، التي تحقّق أرقاما عالية فـي الكتب الأكثر مبيعا، يتصفّحونها، ويفكّرون فـي تحويلها إلى أفلام وكم من رواية عاد القرّاء إليها بعد مشاهدتها فـي السينما! فاستثمر الناشرون نجاحها وأعادوا طباعتها، فاستفادوا من الشهرة التي حقّقتها السينما لتلك الروايات التي تبقى نتاج عبقريات فذّة، وتجارب حياتية كبيرة، ومخيّلة خصبة، ولهذا شقّت طريقها إلى السينما ولولا الجهد الذي بذله كتّابها لتكدّست فـي المكتبات ولم يلتفت إليها أحد.
وإذا كان الفـيلسوف اليوناني أرسطو طاليس يرى بأن الماء هو أصل الأشياء،
فالورق الجيد يقف وراء نجاح أي فـيلم جيد، فهو الأصل، والورق بلغة المشتغلين بالسينما هو النص، والنص نجده فـي بطون الكتب ومن هنا فالكتب أصل الأشياء.