الحسكة-سانا

استضافت خشبة مسرح المركز الثقافي في مدينة الحسكة العرض المسرحي الجديد المخصص للأطفال “أحلام كسول”، من تأليف وإخراج إسماعيل خلف مدير المسرح القومي في المحافظة.

العرض يندرج في إطار الجو العام للأعمال المسرحية التي يقدمها المسرح القومي للأطفال والأسرة والذي يهدف إلى تعزيز السجايا والأهداف الإيجابية في نفوسهم وذم الصفات السلبية، وتقديم ذلك بطريقة سلسة مبسطة لا تخلو تفاصيلها من الأغاني والألحان الجميلة والطابع الفكاهي البسيط المحبب للأطفال.

وبين مخرج العمل خلف أن العرض موجه للأطفال والأسرة في آن معاً يطرح فكرة مفادها أن الأحلام الواقعية لا حدود لها، وكم من هذه الأحلام أصبحت واقعاً سعيداً وفرحاً للحالمين، وتؤكد في الوقت ذاته أن الإنسان الخالي من الحلم هو شخص سلبي، وأن الحلم أهم ما يميز الإنسان عن باقي المخلوقات، ولكن الأهم أن يتحول الحلم إلى هدف وواقع يتحقق لا يبقى مجرد حلم دون تنفيذ عندها يتحول إلى خيبة أمل.

ولفت خلف إلى أن العمل يكرس أهمية أن يضع الإنسان الهدف نصب عينه فهو الذي يعطي للحياة معنى، فنص المسرحية يركز على ثنائية التضاد الواقع والحلم والعمل والكسل والأجمل تتحول حكاية العمل إلى مسرح تتحرك فيه الشخوص وترقص وتغني لتصل إلى عقول الأطفال بكل متعة وفائدة عبر بساطة الفكرة وإيصالها بدون تعقيد لنغرس في نفوس الأطفال مفاهيم الخير والفرح.

نزار حسن

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

أحلام العصافير

سعيد ذياب سليم
في الصباح، حينَ يبدأُ النورُ بالانتشارِ، يكونُ الهواءُ محمَّلًا بالرُّطوبةِ، وقطراتُ النَّدى تتكثَّفُ على أوراقِ الشَّجرِ. في هذا السُّكونِ، حيثُ تقلُّ الضَّوضاءُ، تصدحُ العصافيرُ بأصواتٍ واضحةٍ، كأنَّها تهمسُ بأسرارِ الفجرِ.
هلِ انتبهتَ يومًا لصَخَبِ العصافيرِ عندَ الفجرِ؟ عَمَّ تتحدَّثُ؟ هل فاجأها خبرٌ مثيرٌ؟ أم أرعبَها أمرٌ غامضٌ؟ أم أنَّها ببساطةٍ تثرثرُ بأسرارِنا، نحنُ الكائناتِ العُليا؟ لعلَّ هذا ما يجعلُها تُقيمُ مستعمراتِها قُربَ البشرِ.
أتراها تُغنِّي جزءًا من طقوسِها الطَّبيعيَّةِ؟ وسيلةً للتَّواصلِ، لجذبِ الشَّريكِ، أو للدِّفاعِ عن موطنِها؟ أم أنَّ أصواتَها تحملُ أكثرَ من ذلكَ؟ هل تُغنِّي احتفالًا بالحياةِ؟
ربَّما تُناقشُ أفضلَ الطُّرقِ لصَيدِ الحشراتِ. أو تُفكِّرُ فيما ترجوهُ قبلَ أن تنطلقَ في رحلتِها اليوميَّةِ: مكانٍ آمنٍ، طعامٍ وفيرٍ، شريكِ حياةٍ متفهِّمٍ. هل تُدركُ تلكَ المساحةَ الشَّاسعةَ التي تمتلكُها بينَ السَّماءِ والأرضِ؟ هل تشعرُ بحُريَّةٍ قد نفتقدُها نحنُ؟
لعلَّها تفعلُ مثلَنا تمامًا، تستمعُ إلى موسيقاها الصَّباحيَّةِ، وترتشفُ فنجانًا من قهوتِها، بينما تُتابعُ أهمَّ الأخبارِ على منصَّاتِها الاجتماعيَّةِ الخاصَّةِ. فالعصافيرُ كائناتٌ اجتماعيَّةٌ، مثلَنا تمامًا.
لكن، لماذا نستخفُّ بأحلامِها، ونظنُّها زهيدةً؟ حتى صارتْ أحلامُ العصافير مرادفا للبساطةِ والتَّفاهةِ؟ وهلْ أحلامُنا، حقًّا، أكبرُ؟
هناكَ طائرٌ يعيشُ بينَنا، لكنَّهُ مختلفٌ قليلًا. العصفورُ الورديُّ السِّينائيُّ، الطائر الوطني للأردن، لا يهاجرُ بعيدًا، بلْ يدورُ في الأفقِ ذاتِه، يطيرُ بينَ الجبالِ والوديانِ، كأنَّهُ يحرسُ أرضًا يعرفُها جيِّدًا. هل أخذَ من البتراءِ لونَها؟ أم أنَّهُ جزءٌ من أسطورةٍ ترويها الأمهاتُ لأطفالِهنَّ قبلَ النَّومِ، عن أميرٍ نبطيٍّ مسحورٍ؟ تروي الأسطورةُ أنَّ ساحرةً ألقتْ عليهِ تعويذةً، فصارَ عصفورًا ورديًّا بلونِ المدينةِ. ومنذُ ذلكَ اليومِ، وهو يطوفُ في سمائِها، يهبطُ إلى الصَّحراءِ، ثمَّ يعودُ، منتظرًا لحظةً يتحرَّرُ فيها منَ السِّحرِ. فإذا زرتَ البتراءَ يومًا، ورأيته يحلقُ فوقَ صخورها الوردية، فلا تتعجل بالمضيّ، فقد يكونُ في انتظارهِ رسالةٌ لم تصلْ بعد.
ألمْ ترَ طفلةً صغيرةً تقفزُ حولَ والدِها، تُغرِّدُ بلغتِها الخاصَّةِ، تطلبُ دُميةً أو قطعةَ حلوى؟ وحينَ يَعِدُها، تدورُ حولَهُ بسعادةٍ. تكبُرُ أحلامُها، فتصيرُ فستانًا، ثمَّ حقيبةً مدرسيَّةً، ثمَّ مقعدًا جامعيًّا. أليستْ هذهِ الأشياءُ، كما الضَّوءُ والماءُ والهواءُ للعصفورِ؟
وذلكَ العجوزُ، ما زالَ هناك، خلفَ زجاجِ نافذته، يتابعُ الحياةَ كغريبٍ في مشهدٍ مألوف، علّ رسالةً عابرةً تُذكرهُ بأنهُ لا يزالُ هنا. أليستْ هذهِ أيضًا بعض أحلامِ العصافيرِ؟
لطالما لجأ الإنسان إلى إسقاط مشاعره وحكمته على عالم الحيوان، فجعل منها أبطالًا لحكاياته، كما نرى في تراث الهند واليونان
لا بدَّ أنَّ بيدبا، الفيلسوفَ الهنديَّ، قدِ استوقفَهُ هذا الصَّخَبُ الصَّادرُ عن العصافيرِ، فأطلقَ لخيالِه العنانَ، ووضعَ كتابَه “كليلةَ ودِمنةَ”، تحدَّثتْ فيه الطُّيورُ والحيواناتُ، فهذهِ الحمامةُ المطوَّقةُ، تحُضُّ صويحباتِها على التَّعاونِ، فتحلِّقُ بهنَّ في الهواءِ، متَّحدةً في قوَّتِها، ممَّا يساعدُها على النَّجاةِ من الصَّيادِ. وتلكَ الغربانُ التي اتَّحدتْ لتوقِعَ بالبُومِ، مستخدِمةً الخِداعَ والدَّهاءَ. وفي قصة الأسد والثور، يتلاعب دمنة بمكرٍ ليوقع بين الأسد وصديقه الثور، فيدفع الثور ثمن المؤامرة غدرًا. تكشف هذه القصة كيف يمكن للخداع أن يقلب موازين القوة، حيث تصبح الثقة المفرطة مدخلًا للهلاك.
حكاياتها المليئةُ بالحِكمةِ والموعظةِ تُذكِّرُنا بأنَّ لكلِّ كائنٍ أمَّةً، كما قالَ تعالى:
﴿وما مِن دابَّةٍ في الأرضِ ولا طائرٍ يطيرُ بجناحَيهِ إلَّا أُمَمٌ أمثالُكُم﴾ (الأنعام: ٣٨)
مما يعكسُ حكمةَ بيدبا في ربطِ الحيواناتِ بالبشرِ في فلسفتِه.
لم تكن هذه القصص الرمزية مقتصرة على التراث الهندي وحده، فقد لجأت ثقافات أخرى إلى تصوير القيم الإنسانية عبر حكايات الحيوانات، كما نجد في حكايات إيسوب.
وكما فعلَ بيدبا، استخدمَ إيسوبُ أيضًا الحيواناتِ في حكاياتِه الرَّمزيَّةِ، حيثُ اشتهرَ بأسلوبِه في ترسيخِ القيمِ الأخلاقيَّةِ من خلالِ تصرُّفاتِها. تهدِفُ حكاياتُه، مثل “الغُرابِ والجُبنِ” حينَ احتالَ عليه الثَّعلبُ وأوهمَهُ أنَّ لهُ صوتًا جميلًا، و” الأسدِ والفأر ِ” التي تُثبتُ أنَّ لكلِّ شخصٍ دورَهُ وإنْ كانَ صغيرًا، إلى نقلِ دروسٍ حياتيَّةٍ عن التَّعاونِ، والصدقِ، وأهمِّيَّةِ الصِّفاتِ البشريَّةِ من خلالِ تصرُّفاتِ الحيواناتِ.
لماذا نعتقدُ أنَّ أحلامَها صغيرةٌ، بينما قد تكونُ أكثرَ نقاءً وصدقًا من أحلامِنا؟ أم أننا لا نلتفت لأحلامنا إلا حين نجدها خلف قضبان غير مرئية؟

مقالات مشابهة

  • النزال الحلم بين تايسون فيوري وأنتوني جوشوا
  • النص: حُلمُ الوَطَنِ وأُفُقُ الوَحدَةِ
  • أحلام العصافير
  • صحفيون لحقوق الإنسان: فى ذكري اليوم العالمي للمرأة (8 مارس) … أوقفوا الحرب القائمة على اجساد النساء
  • سلوى عثمان: المسرح له هيبته ولكن التلفزيون جذبني أكثر
  • الرؤساء المشاركين بمجموعة العمل المعنية بـ«حقوق الإنسان» يصدرون بياناً حول ليبيا
  • عابد فهد.. أستاذ مسرحي
  • «الحلم».. عرض سينمائي يضيء على تجربة الفنان محمد الأستاد
  • “الاتحاد” لحقوق الإنسان: المرأة الإماراتية تحظى بحقوق كاملة ومساواة عادلة
  • خلال “مختبر المعرفة” السابع…” الوطنية لحقوق الإنسان” تناقش دور الإعلام في تعزيز حقوق الإنسان