عصا أمريكا وإسرائيل لا تخيف الحوثيين.. فهل تفلح جزرة السعودية؟
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
لن تؤثر أي عقوبات أو هجمات عسكرية أمريكية وإسرائيلية على سلوك الحوثيين في اليمن، لكن ربما تتمكن السعودية من التأثير عليهم عبر المفاوضات، بحسب مايكل هورتون، في تحليل بموقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأمريكي (Responsible Statecraft) ترجمه "الخليج الجديد".
هورتون أردف أن "بعد اختطاف سفينة الشحن جالكسي ليدر (Galaxy Leader) في البحر الأحمر الأسبوع الماضي، ورد أن الحوثيين أطلقوا الأحد الماضي صواريخ باليستية سقطت على بعد عشرة أميال بحرية من المدمرة الأمريكية يو إس إس ماسون (USS Mason)".
وتابع أن "إطلاق الصواريخ جاء بعد تدخل المدمرة الأمريكية في محاولة اختطاف سفينة أخرى، وهي ناقلة تدعى سنترال بارك في خليج عدن. ونفى الحوثيون مسؤوليتهم عن عملية الاختطاف التي يبدو أن قراصنة صوماليين نفذوها".
وأضاف: "كما يواصل الحوثيون، الذين يسيطرون على معظم شمال غرب اليمن، إطلاق صواريخ كروز وطائرات مسلحة بدون طيار باتجاه إسرائيل".
ويأتي استهداف الحوثيين لإسرائيل ردا على حرب مدمرة يشنها جيش الاحتلال على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وخلّفت أكثر من 15 ألف شهيد، بينهم 6150 طفلا وما يزيد على 4 آلاف امرأة، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، وفقا لمصادر رسمية فلسطينية وأممية.
فيما قتلت حركة "حماس" أكثر من 1200 إسرائيلي وأصابت 5431، بحسب مصادر رسمية إسرائيلية. كما أسرت نحو 239، بينهم عسكريون برتب رفيعة، بدأت في مبادلتهم مع الاحتلال، الذي يحتجز أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.
ومنذ اندلاع الحرب، قدمت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أقوى دعم عسكري ودبلوماسي ممكن لإسرائيل التي يصر قادتها على استمرار الحرب، على أمل إنهاء حكم "حماس" غزة والقدرات على القدرات العسكرية للحركة.
اقرأ أيضاً
لماذا يهاجم الحوثيون إسرائيل؟ وما تداعيات ذلك على اليمن؟
التصنيف الأمريكي
وضمن خيارات التعامل مع الحوثيين، أعلنت إدارة بايدن أنها تدرس إعادة جماعة الحوثي "منظمة إرهابية".
وسبق أن صنفت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب (2017-2021) الحوثيين منظمة إرهابية في يناير/كانون الثاني 2021، وهو ما ألغته إدارة بايدن.
ورجح هورتون أن "هذا التصنيف سيكون له تأثير ضئيل أو معدوم على الحوثيين وقيادتهم، فكبار أعضاء الحوثي لا يغادرون اليمن وليس لديهم أصول أجنبية قد تكون عرضة للمصادرة".
وتابع: "في الواقع، سيتم الاحتفال بهذا التصنيف في صنعاء كدليل على أن الحوثيين ينتصرون"، محذرا من أن التصنيف "سيؤثر سلبا على المنظمات غير الحكومية التي تقدم المساعدة الإنسانية ويجب أن تتعامل مع الحوثيين".
ويعاني اليمن من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقا للأمم المتحدة، ويشهد منذ أشهر تهدئة من حرب بدأت قبل نحو 9 سنوات بين القوات الموالية للحكومة، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات الحوثيين، المدعومين من إيران.
اقرأ أيضاً
الحوثيون يرفضون تهديدات أمريكا بإعادة تصنيفهم جماعة إرهابية
ضربات عسكرية
وكما هو الحال بالنسبة لاحتمال تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، فإن الضربات العسكرية هي أيضا "خيار سيئ"، بحسب هورتون.
وأضاف أن "الجماعة المسلحة لم تنجو من سنوات من الضربات التي نفذتها السعودية والإمارات فحسب، بل ازدهرت عسكريا وسياسيا، كما أثارت هذه الضربات الغضب الشعبي، ما أبقى الجماعة متماسكة".
وأردف: "وخلال تلك الفترة، حسنت الجماعة قدرتها على إخفاء الأسلحة والمنشآت داخل متاهة الجبال والوديان الضيقة في شمال غرب اليمن وداخل المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، ووصلت شن هجمات عبر الحدود بالرجال والطائرات بدون طيار والصواريخ في عمق الأراضي السعودية".
و"كما هو الحال مع فرض تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية، فإن الهجمات التي قد تشنها الولايات المتحدة أو إسرائيل على أهداف في اليمن سينظر إليها الكثيرون داخل قيادة الحوثيين على أنها انتصار"، كما زاد هورتون.
واستطرد: "من المرجح أيضا أن تؤدي الضربات إلى تعزيز الدعم للحوثيين بين اليمنيين، ولن تقلل قدرتهم على تنفيذ ضربات في البحر الأحمر أو في أي مكان آخر".
وشدد على أن "مثل هذه الضربات الأمريكية أو الإسرائيلية، حتى لو كانت محدودة، من المرجح أن تؤدي إلى حلقة تصعيدية يمكن أن تكون لها آثار إقليمية وحتى عالمية، لاسيما وأن الحوثيين يستطيعون عرقلة الملاحة في البحر الأحمر، على الأقل لفترات قصيرة".
اقرأ أيضاً
الحوثيون يعلنون اختطاف سفينة إسرائيلية.. وتل أبيب: ليست لنا
أعمال تجارية
هوترون قال إنه "لا توجد خيارات جيدة للتعامل مع الحوثيين، ولن تتم هزيمتهم بالسبل العسكرية وحدها".
واعتبر أن "السعودية، التي أعادت تقديم نفسها كوسيط في صراعات عديدة، بينها اليمن، هي في وضع أفضل لمحاولة تخفيف سلوك الحوثيين من خلال المفاوضات الصعبة المستمرة".
وتصاعدت آمال بقرب تسوية النزاع اليمني، منذ أن استأنفت السعودية وإيران علاقتهما الدبلوماسية بموجب اتفاق بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي، لكن المفاوضات لم تتجاوز حتى الآن تعزيز حالة التهدئة.
"ويدرك المسؤولون في السعودية (الدولة الثرية الغنية بالنفط) وجود معتدلين داخل قيادة الحوثيين لديهم اهتمام بالأعمال التجارية والتنمية أكثر من الحرب"، كما أضاف هوترون.
وزاد بأنه "حتى المتشددين الحوثيين أصبح لديهم ثروات يريدون حمايتها، كما يوجد تكنوقراط داخل الحوثيين يدركون صعوبة استمرار سيطرة الجماعة في ظل التدهور الاقتصادي المستمر".
و"يراهن المسؤولون السعوديون على أن النهج الذي يعزز المعتدلين من خلال جهود التنمية وإعادة الإعمار سيكون أكثر نجاحا على المدى المتوسط والطويل مقارنة باحتمال العودة إلى الحرب"، كما ختم هورتون.
وتعد السعودية أحد أبرز حلفاء الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، وقبل الحرب على غزة، كانت تجري مباحثات مع إسرائيل، بوساطة واشنطن، لتطبيع بين الرياض وتل أبيب.
اقرأ أيضاً
الحوثيون يعلنون إطلاق صواريخ باليستية على إيلات.. وجيش الاحتلال يعترضها
المصدر | مايكل هورتون/ ريسبونسبل ستيتكرافت- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: عصا أمريكا إسرائيل الحوثيون جزرة السعودية اقرأ أیضا أکثر من على أن
إقرأ أيضاً:
الإمارات إذ ترى في الضربات الأمريكية فرصة لتعزيز نفوذها في اليمن
تقوم الولايات المتحدة الأمريكية هذه الأيام بواحدة من أكثر حملاتها الجوية ضراوة على مواقع عسكرية ومخازن أسلحة تابعة لجماعة الحوثي في الجزء الشمالي من اليمن، التي تساند فيها واشنطن حليفتها تل أبيب، وسط تصريحات غير متماسكة من الجانب الأمريكي بشأن الأهداف النهائية لهذه الحملة الجوية، باستثناء تصريح يتيم صدر عن مساعد وزير الدفاع يتبنى هدف تفكيك جماعة الحوثي، وسط جهد إماراتي استثنائي لاستثمار فائض القوة الأمريكية التدميرية لصالح أجندتها ونفوذها المتعثر في اليمن.
حتى الآن لم يتضح بعد حجمُ الأضرار التي أحدثتها الضربات الأمريكية في القوام القيادي والقوة المقاتلة للجماعة، لكن هناك أضرار لا شك، فهذه الضربات ليست عمياء بل تستند إلى معلومات وبنك أهداف، يجري تحديثها بفضل القدرات الاستخبارية، وبفضل معلومات يجري تبادلها ربما في إطار التعاون اللوجستي مع الدول الإقليمية، وخصوصا المعلومات التي توفرت خلال العمليات الجوية لتحالف دعم الشرعية.
تتوازى هذه الضربات مع جهد إماراتي استثنائي أنتج خارج إرادة السلطة الشرعية اليمنية الضعيفة، بنية تحتية لوجستية شملت مطارين على الأقل؛ أحدهما في جزيرة عبد الكوري التابعة لمحافظة أرخبيل سقطرى على المحيط الهندي، والثاني في جزيرة ميون التي تتوسط مضيق باب المندب، يمكن أن تكون قواعد محتملة لنشاط جوي أمريكي طويل الأمد في المنطقة
تتوازى هذه الضربات مع جهد إماراتي استثنائي أنتج خارج إرادة السلطة الشرعية اليمنية الضعيفة، بنية تحتية لوجستية شملت مطارين على الأقل؛ أحدهما في جزيرة عبد الكوري التابعة لمحافظة أرخبيل سقطرى على المحيط الهندي، والثاني في جزيرة ميون التي تتوسط مضيق باب المندب، يمكن أن تكون قواعد محتملة لنشاط جوي أمريكي طويل الأمد في المنطقة.
ليس من قبيل الصدفة أن يجري تجهيز مطاري ميون وعبد الكوري في نفس الفترة، أي مع نهاية شهر شباط/ فبراير وبداية شهر آذار/مارس من هذا العام، ليصبحا جاهزين لنشاط عسكري جوي شامل، يتناسب مع التصعيد الأمريكي الكبير والخطير ضد جماعة الحوثي، على نحو يسمح للمراقب بتوقع أن أبوظبي -التي عرضت عبر نائب حاكمها طحنون بن زايد في البيت الأبيض استثمارات في الولايات المتحدة، تصل قيمتها إلى تريليون ونصف من الدولارات- قد تنجح في تمرير فكرة الشراكة العسكرية بين البلدين في المجال الجغرافي الحيوي السيادي لليمن.
في المدى الطويل ترمي الإمارات من وراء استثماراتها العسكرية السخية في جغرافيا دولة مستقلة ذات سيادة هي اليمن، وتجيير جزء من هذه الاستثمارات لصالح المجال الحيوي الأمريكي، إلى ضمان تحقيق أهدافها تحت المظلة الأمريكية، وبالتحديد تأسيس نفوذ جيوسياسي مهيمن في أهم المواقع الحيوية لليمن، خصوصا في أرخبيل سقطرى ودعم وجهة نظرها في تحويل باب المندب إلى منطقة نفوذ دولية وإقليمية مشتركة، وهو مخطط يراد تحقيقه بشكل واضح ليس فقط على حساب السيادة اليمنية، بل على حساب وجود الدولة اليمنية نفسها.
تحت وطأة الفشل الذريع للمشروع الإماراتي في السودان، الذي مثل أحد جولات الصراع غير المعلنة مع السعودية وبصورة أقل حدة مع مصر المنحازة للجيش السوداني، يبدو أن أبو ظبي تُمسك ببعض الأوراق المهمة في جنوب اليمن على وجه الخصوص، تريد أن تستخدمها لإحراز مكاسب على حساب السعودية، حيث يتسيَّد المشروع الانفصالي بأدواته السياسية والعسكرية، لكن بتركة ثقيلة من الفشل -لا يمكن فهمه- متمثلة في عجزه عن تأسيس أنموذج إداري وخدمي واقتصادي ومعيشي قابل للتأييد الشعبي.
الضربات الأمريكية على أهداف في اليمن، سواء في عهد الرئيس السابق جو بايدن أو في عهد خلفه ترامب، تقدم الولايات المتحدة، باعتبارها "بلطجي" متسلح بإمكانيات هائلة ونفوذ دولي واسع، ويسعى لتحقيق غايات عدائية واضحة أهمها أضعاف المنطقة وإسناد جريمة الإبادة الجماعية الصهيونية في غزة
تستميت الإمارات في دفع اليمن إلى مرحلة من الفوضى العارمة المعززة بالأدوات الميدانية الجاهزة، وفرض الفراغ السيادي الذي يسمح بعرض خياراتها العدائية الخطيرة، ومنها تمرير المشروع الانفصالي، في مقايضة قد تجد تفهما من جانب إدارة ترامب، لإمكانية استباحة المواقع السيادية اليمنية لأغراض عسكرية وجيوستراتيجية، وهو أمر قد يجد طريقه إلى التنفيذ في ظل التوجهات المتهورة للسياسات الأمريكية الجديدة، وفي خضم هذه الفوضى، والتمكين الممنهج للكيانات السياسية والعسكرية الطارئة على الساحة اليمنية، ولمشاريعها السياسية المهدد للكيان القانوني للجمهورية اليمنية.
لم تكمن الضربات الأمريكية على أهداف للحوثيين في اليمن ذات قيمة حيوية، ويكفي أن نعلم أنها تستهدف تقريبا نفس السلاح الذي حرصت الولايات المتحدة على وضعه تحت تصرف الحوثيين بعد إسقاط صنعاء في 21 أيلول/ سبتمبر 2014، وهو أمر يفند ادعاءات واشنطن بأنها تهدف إلى حماية الملاحة البحرية.
إن الضربات الأمريكية على أهداف في اليمن، سواء في عهد الرئيس السابق جو بايدن أو في عهد خلفه ترامب، تقدم الولايات المتحدة، باعتبارها "بلطجي" متسلح بإمكانيات هائلة ونفوذ دولي واسع، ويسعى لتحقيق غايات عدائية واضحة أهمها أضعاف المنطقة وإسناد جريمة الإبادة الجماعية الصهيونية في غزة.
وها هي الإمارات تحاول من جهتها أن توجه جزءا من فائض القوة العظمى لهذا البلطجي لدعم أهدافها في اليمن، التي تتعارض حتما مع عملية سياسية تدعمها الأمم المتحدة، لإنهاء الحرب والانقلاب واستعادة الدولة اليمنية وفرض سلطتها السيادية على كامل التراب الوطني.
x.com/yaseentamimi68