منطقة اقتصادية حرة واعدة على الحدود السعودية العراقية
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
تدرس السعودية إنشاء أول منطقة اقتصادية حرة مع العراق، بالمنطقة الحدودية في عرعر الواقعة شمالي المملكة، على أن تكون المنطقة غير خاضعة للضرائب أو الرسوم، ولا تطبق تأشيرات الدخول، وذلك لخدمة المستثمرين في البلدين.
وتتم دراسة هذه الخطة من قبل هيئة المدن الاقتصادية السعودية، التي تسعى لربط المناطق الحدودية والمناطق الحرة مع الدول المجاورة.
وتضم منطقة الحدود الشمالية السعودية نحو 100 فرص استثمارية جديدة، بقيمة 20 مليار ريال سعودي (5.3 مليارات دولار)، بخلاف الفرص القائمة التي تقدر قيمتها بـ80 مليار ريال (21.3 مليار دولار). وتركز هذه الفرص على قطاعات التعدين، والصناعة، والنقل، والخدمات اللوجستية، والسياحة.
وجاء الإعلان عن إنشاء المنطقة الحرة مع العراق خلال تصريحات لوزير الاستثمار السعودي خالد الفالح بإحدى جلسات منتدى الحدود الشمالية للاستثمار الذي عقد في مدينة عرعر السبت الماضي.
ويعد منفذ عرعر البري من بوابات الحركة التجارية بين السعودية والعراق خلال السنتين الماضيتين، إذ بلغ حجم التبادل التجاري البري خلال النصف الأول من العام الحالي نحو 913.1 مليون ريال (243.5 مليون دولار).
يشار إلى أن منفذ عرعر بين السعودية والعراق أعيد افتتاحه عام 2020 أمام التبادل التجاري بين البلدين، بعدما ظل مغلقا لمدة 30 عاما عقب غزو الكويت.
وفي هذا السياق، أشار وزير التجارة السعودي ماجد القصبي إلى وجود فرص استثمارية ضخمة تنتظر القطاع الخاص فور الشروع في المنطقة اللوجستية الجديدة في عرعر.
ولفت خلال كلمته -في أثناء منتدى الحدود الشمالية للاستثمار- إلى أن هذه المنطقة ستكون في خدمة المصدرين السعوديين والعراقيين، وستقدم الدولة الدعم للمستثمرين من خلال منح الأراضي وتوفير التمويل اللازم بتسهيلات تصل إلى 20 عاما.
وذكر أن المملكة بيئة خصبة للاستثمار وغنية بالفرص الواعدة، والدولة طورت التشريعات واهتمت بالتمويل، والأهم في المرحلة الحالية تسويق الفرص ليتعرف عليها المستثمرين.
وأكد القصبي أن المملكة ضمن أفضل 10 اقتصادات نامية في التجارة الإلكترونية، وسيبلغ إجمالي إيراداتها المتوقعة 260 مليار ريال (69.33 مليار دولار) بحلول 2025.
وتضم منطقة الحدود الشمالية السعودية 25% من الثروة التعدينية في المملكة، بقيمة إجمالية 1.2 تريليون ريال (320 مليار دولار)، حسب خالد المديفر نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين السعودي.
كما تحوي منطقة الحدود الشمالية السعودية نحو 7% من مخزون الفوسفات العالمي، ويبلغ حجم الاستثمار فيه نحو 85 مليار ريال (22.66 مليار دولار) على مرحلتين.
وأشار المديفر إلى الفرصة الكبيرة المتاحة في المنطقة بفضل وجود موارد الفوسفات، وأكد أن المملكة قد استثمرت أكثر من 120 مليار ريال (32 مليار دولار) في تطوير البنية التحتية لدعم وتعزيز نجاح المشاريع.
وتعتبر المنطقة الشمالية ممرا دوليا لحركة التجارة والنقل عبر 3 محاور: الأول عبر العراق ثم دول شرق آسيا، والثاني عن طريق الأردن وسوريا ثم تركيا وقارة أوروبا، والثالث إلى دول الخليج العربي.
وتعليقا على قرار الرياض بإنشاء منطقة عرعر الاقتصادية الحرة، يقول المحلل والخبير الاقتصادي السعودي خالد الأنصاري إن منطقة الحدود الشمالية السعودية تتمتع بعديد من المزايا النسبية التي تجعلها موقعا جذابا للاستثمار، منها الموقع الجغرافي المتميز، حيث تقع المنطقة على الحدود مع العراق، مما يوفر فرصا للتجارة والتبادل التجاري بين البلدين، فضلا عن أن المنطقة بها احتياطات كبيرة من الفوسفات، واليورانيوم، والغاز الطبيعي، والنفط.
ويوضح الأنصاري، في حديث للجزيرة نت، أن أول منطقة اقتصادية حرة بين السعودية والعراق يمكن أن تقدم للبلدين عديدا من الفوائد، أبرزها زيادة التجارة والاستثمار بين البلدين، إذ ستتيح المنطقة للمستثمرين من البلدين الاستفادة من المزايا النسبية للمنطقة، بما في ذلك الإعفاءات من الضرائب والرسوم الجمركية، وعدم الحاجة إلى تأشيرات الدخول.
وإلى جانب ذلك، ستتوفر في المنطقة فرص عمل جديدة للمواطنين في البلدين، حيث ستجذب المنطقة الشركات والمؤسسات من مختلف أنحاء العالم، مما سيؤدي إلى زيادة الطلب على العمالة، إضافة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، حسب الأنصاري.
وعما إذا كانت السعودية تعتزم إقامة مناطق مماثلة مع دول أخرى، يوضح الخبير الاقتصادي السعودي، أنه وفقا لتصريحات وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، أن هيئة المدن الاقتصادية السعودية تدرس إقامة ربط بين المناطق الحدودية والدول المجاورة.
ويلفت إلى أن إنشاء المنطقة الحرة بين السعودية والعراق يأتي انعكاسا للتطور الملحوظ في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، إذ بلغ حجم التبادل التجاري 1.5 مليار دولار لعام 2022 بنسبة ارتفاع 50% مقارنة بعام 2021.
وأعلنت السعودية قبل عام، في إطار مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، عن ضخ استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار في العراق في قطاعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر. كما أعلنت توقيع مذكرة تفاهم مع العراق لإنشاء منطقة صناعية مشتركة بين البلدين.
ويضيف الأنصاري، أنه وفقا للمعلومات المتوافرة، فمن المتوقع أن تبلغ مساحة المنطقة الحرة نحو 200 كيلومتر مربع، وتضم قطاعات متنوعة، مثل الصناعة والتعدين والتجارة واللوجستيات والسياحة، لافتا إلى أن التقديرات تشير إلى أن تكلفة إقامة المنطقة الاقتصادية الحرة بين البلدين تبلغ نحو 10 مليارات دولار، ومن المتوقع أن تستغرق عملية الإنشاء نحو 5 سنوات على أن يبدأ العمل عام 2027.
من جهته، يقول الأكاديمي والأستاذ بجامعة الفيصل السعودية الدكتور خالد باطرفي إن الهدف من قرار حكومة المملكة هو تعزيز التعاون الاقتصادي بين السعودية والعراق، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وخلق فرص العمل للمواطنين في كلا البلدين، لا سيما أن العلاقات الاقتصادية للبلدين تتمتع بإمكانات كبيرة للنمو، فضلا عن الثروات الطبيعية والبشرية الهائلة التي يمتلكها البلدان.
ويوضح باطرفي، في تصريح للجزيرة نت، أن السعودية تهدف لأن تكون المنطقة مركزا تجاريا وتصنيعيا وخدميا إقليميا، وأن تجذب الاستثمارات الأجنبية من مختلف أنحاء العالم.
ويشير إلى أن المنطقة الاقتصادية الحرة بين السعودية والعراق تتمتع بإمكانية أن تكون محركا للنمو الاقتصادي في البلدين. وتحقيق ذلك يتطلب بذل الجهود من قبل الجهات الحكومية والخاصة في البلدين لإزالة التحديات التي تواجه المنطقة.
بدوره، يؤكد الخبير الاقتصادي السعودي حسام الدخيل أهمية الاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة والمميزات النسبية للمنطقة الشمالية.
ويقول الدخيل، للجزيرة نت، إن السعودية تتطلع لتحقيق استثمارات بقيمة تزيد عن 3 تريليونات دولار في مختلف القطاعات الاقتصادية خلال السنوات القادمة. وتشمل هذه الاستثمارات قطاع التعدين الذي يحظى بمزيد من الاهتمام.
ويوضح الخبير الاقتصادي السعودي أن منطقة الحدود الشمالية تلعب دورا رئيسيا بتحقيق المستهدفات السعودية في قطاع التعدين بشكل عام وصناعة الفوسفات بشكل خاص، إذ تضم 25% من الثروة التعدينية في المملكة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: منطقة الحدود الشمالیة السعودیة بین السعودیة والعراق الاقتصادی السعودی بین البلدین ملیار دولار فی البلدین ملیار ریال مع العراق إلى أن
إقرأ أيضاً:
مختصون لـ "اليوم": العمارة السعودية فرصة تحول مدن المملكة لمحركات اقتصادية
في خطوة تاريخية تعكس التوجه الطموح للمملكة نحو تعزيز الهوية الثقافية وتحقيق التنمية المستدامة، أطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مشروع خريطة العمارة السعودية، الذي يهدف إلى تطوير المشهد العمراني السعودي من خلال تحديد 19 طرازًا معماريًا مستوحى من التراث السعودي والثقافة المحلية، مع دمج الحداثة والتقنيات المتطورة.
وبين المختصون خلال حديثهم لـ"اليوم" أن مبادرة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لإطلاق خريطة العمارة السعودية تهدف إلى تعزيز الهوية الثقافية للمدن السعودية، وتحقيق التنمية المستدامة من خلال التوازن بين الأبعاد الاجتماعية، والاقتصادية، والبيئية
أخبار متعلقة لتعزيز الوعي.. إطلاق برنامج "إجابة وإرشاد السائلات" في الحرم المكيالقيادة تهنئ رئيس إيرلندا بذكرى اليوم الوطني لبلادهالمدن محركات اقتصادية
وأكد المختصون أن هذا المشروع يعكس التوجه العالمي لتحويل المدن إلى محركات اقتصادية تخلق فرص العمل، مع الحفاظ على الإرث الثقافي، ويمثل خطوة استراتيجية نحو تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } خريطة العمارة السعودية.. مكاسب اقتصادية وحفاظ على الإرث الثري للمملكة
وفي هذا السياق، أشاد الأستاذ المشارك في قسم التخطيط العمراني بجامعة الملك سعود الدكتور وليد الزامل، بهذه المبادرة، مؤكدًا أنها تسهم في ترسيخ القيم النسبية للمدن السعودية، والتي تتجذر في المشاركة المجتمعية عبر التاريخ في تشكيل البنية العمرانية.
وأضاف أن إعادة تكريس هذا المفهوم يساهم في بناء هوية ثقافية متجددة تتماشى مع التوجهات العالمية الحديثة، التي تهدف إلى تحويل المدن من مجرد مستقرات سكنية إلى محركات اقتصادية توفر فرص العمل وتعزز الاستدامة البيئية.الأستاذ المشارك في قسم التخطيط العمراني بجامعة الملك سعود الدكتور وليد الزامل - اليوم وليد الزامل
علامة اقتصادية مميزة
وأكد الزامل أن الحفاظ على الهوية العمرانية لكل مدينة سعودية، والتي تشمل القيم الثقافية والعادات والتقاليد والخصائص الطبيعية والمكانية، يعزز الاستدامة الحضرية من خلال تحقيق التوازن بين الأبعاد الثلاثة: الاجتماعي، والاقتصادي، والبيئي.
وأشار إلى أن فهم الأبعاد الثقافية والاجتماعية التي ساهمت في تشكيل البيئة الحضرية يخلق “القيمة المضافة” أو “العلامة الاقتصادية المميزة” لكل مدينة سعودية.
وأضاف الزامل: “استلهام الماضي والحاضر لاستشراف المستقبل يتيح للمملكة فرصة تحويل مدنها إلى مراكز اقتصادية عالمية، مع الحفاظ على الأصالة الثقافية والتراث العمراني. هذه المبادرة تصب في تحقيق أهداف الرؤية الوطنية 2030، وتدعم جهود التنمية المستدامة وتعزيز جودة الحياة.”
المعمار السعودي توظيف للجغرافيا والتراث
وأوضح الخبير في الهندسة المعمارية، رامي خان، أن مشروع الطرازات المعمارية الـ 19 يُعد جزءًا من رؤية المملكة 2030، والتي تهدف إلى تعزيز الهوية الثقافية من خلال توظيف الخصائص الجغرافية والتراثية الفريدة لكل منطقة في المملكة. الخبير في الهندسة المعمارية رامي خان - اليوم رامي خان
وأضاف: “هذه الخطوة ليست فقط تعزيزًا للجمال المعماري، بل تسهم في تطوير قطاع البناء والتصميم وفق أسس مستدامة تعكس الإرث الثقافي السعودي بطريقة معاصرة".
من جانبه، عبّر رامي خان عن تطلعه لرؤية هذه الرؤية الطموحة تتحول إلى واقع ملموس، يعكس عراقة وتنوع العمارة السعودية، ويعزز مكانة المملكة كوجهة عالمية في مجال التصميم الحضري والمعماري، مبيناً ان مشروع الطرازات المعمارية الـ 19 يمثل خطوة استراتيجية نحو تطوير الهوية العمرانية السعودية، بما يضمن استدامة المدن وتعزيز الاقتصاد المحلي، مع الحفاظ على الإرث الثقافي العريق.