مدى واقعية اقتراح الأدميرال يايجي لكسر حصار غزة؟
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
دعا الأدميرال المتقاعد التركي جهاد يايجي، أحد مهندسي نظرية "الوطن الأزرق"، الحكومة التركية إلى السعي لتوقيع اتفاقية مع فلسطين لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، على غرار الاتفاقية التي وقعتها تركيا مع ليبيا، مشيرا إلى أن هذه الخطوة ستجعل تركيا دولة جارة لفلسطين عن طريق البحر، وأن ممر أنطاليا- غزة سيؤدي إلى كسر الحصار المفروض على القطاع.
الأدميرال يايجي أشار أيضا إلى الخطة المذكورة في تقرير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) لعام 2004 لبناء ميناء غزة، وذكر في حديثه إلى صحيفة "تركيا" التركية، أن حركة حماس تطالب ببناء ميناء في غزة، لافتا إلى أن مشروع الميناء لن يسهم في تنمية فلسطين من الناحية الاقتصادية والاجتماعية فحسب، بل وسيعزز أيضا مطالب الفلسطينيين بالحرية والاستقلال، وسيلعب دورا في إفشال الخطط الصهيونية. وجدد يايجي ذات الاقتراح في تصريحاته بمعرض الكتاب في مدينة تشوروم التركية، مشيرا إلى أن فلسطين سيكون بإمكانها أن تمنع إسرائيل قانونيا من التنقيب عن النفط والغاز في مناطق صلاحيتها البحرية في حال وقعت اتفاقية مع تركيا لترسيم حدود تلك المناطق.
مشروع الميناء لن يسهم في تنمية فلسطين من الناحية الاقتصادية والاجتماعية فحسب، بل وسيعزز أيضا مطالب الفلسطينيين بالحرية والاستقلال، وسيلعب دورا في إفشال الخطط الصهيونية
هذا الاقتراح الذي تناقلته وسائل الإعلام التركية، يبدو رائعا في الوهلة الأولى، وسيكون بالتأكيد لصالح البلدين في حال تحقق، إلا أنه يتجاهل نقاطا في غاية الأهمية تحدد مدى نجاح مثل هذه المساعي. ويجب مراعاة تلك النقاط حتى لا تبتعد الآراء والخطط عن الواقعية.
النقطة الأولى هي أن الاتفاقية المبرمة لترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا تم توقيعها بين الحكومة التركية وحكومة طرابلس المعترف بها دوليا كممثل شرعي للشعب الليبي. وفي فلسطين، يرى المجتمع الدولي أن السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس هي التي تمثل الشعب الفلسطيني.
احتمال السلطة الفلسطينية لتوقيع اتفاقية من أجل ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وفلسطين دون أن تحصل على ضوء أخضر من إسرائيل والولايات المتحدة ومصر شبه مستحيل. ويقول الأدميرال يايجي إنه قدم مقترحه إلى الجانبين التركي والفلسطيني، إلا أن الأخير رفضه. ولعل تشكيل حكومة فلسطينية منتخبة تمثل إرادة الشعب الفلسطيني الحرة أو توقيع اتفاقية بين تركيا ومصر لتحديد مناطق الصلاحية البحرية؛ يفتح الطريق أمام توقيع تركيا اتفاقية مماثلة مع فلسطين في المستقبل.
النقطة الثانية، هي أن إسرائيل لا تلتزم بقرارات الأمم المتحدة ولا تلتفت إلى تقاريرها إن كانت لصالح الفلسطينيين، وها هي ترتكب منذ أسابيع مختلف أنواع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، لأنها ترى نفسها فوق القانون الدولي، وأنها تتمتع بحصانة تحميها من المساءلة والمعاقبة في مجلس الأمن أو المحاكم الدولية بفضل الفيتو الأمريكي.
إقامة ممر مائي لربط قطاع غزة المحاصر بالعالم الخارجي، سبق أن اقترحها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عام 2014، مستندا إلى تقرير الأونكاد. وكان المرصد أشار إلى أن تركيا يمكن أن تطالب إسرائيل بتزويد غزة بالطريق البحري إلى العالم، إلا أن ذلك الاقتراح لم يجد آذانا صاغية لدى الأطراف التي ترغب في إنهاء حكم حماس في القطاع عبر تشديد الحصار أو بأي وسيلة.
أن كلا من مصر والسلطة الفلسطينية شريكة بشكل أو بآخر في الحصار المفروض على قطاع غزة، ومن المعلوم أن هدف الحصار الغاشم هو إعادة حكومة رام الله إلى القطاع. ويطالب سكان غزة ببناء ميناء يربط القطاع بالعالم مباشرة ويخلصهم من الإذلال سواء في معبر بيت حانون/ إيرز أو معبر رفح، إلا أن القاهرة ورام الله ترفضان مشروع الميناء بشدة
النقطة الثالثة هي أن كلا من مصر والسلطة الفلسطينية شريكة بشكل أو بآخر في الحصار المفروض على قطاع غزة، ومن المعلوم أن هدف الحصار الغاشم هو إعادة حكومة رام الله إلى القطاع. ويطالب سكان غزة ببناء ميناء يربط القطاع بالعالم مباشرة ويخلصهم من الإذلال سواء في معبر بيت حانون/ إيرز أو معبر رفح، إلا أن القاهرة ورام الله ترفضان مشروع الميناء بشدة.
مصر تدرك أن معبر رفح سيفقد أهميته إلى حد كبير إن تم بناء ميناء في غزة ووجد سكان القطاع ممرا بحريا للخروج إلى دول العالم، وبالتالي لا تريد أن تضيع الورقة الرابحة التي تستغلها. كما أن سلطة عباس ترفض المشروع وترى أن تنفيذه سيعزز قوة حماس في القطاع. وكان الرئيس السابق لحكومة رام الله قد اعترف بأن السلطة الفلسطينية ترفض إقامة ميناء أو مطار في قطاع غزة، وقال في حوار مع أحد المواقع الإخبارية في أيلول/ سبتمبر 2015: "لن يكون هناك ميناء ولا مطار في غزة".
تركيا تريد أن تمد يد العون إلى جميع الفلسطينيين عموما وسكان القطاع المحاصر والمدمر على وجه الخصوص، بالتنسيق مع كافة الأطراف الفلسطينية المعنية، على رأسها الحكومة الفلسطينية التي يعتبرها المجتمع الدولي ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني. إلا أن إرادة الشعب الفلسطيني الحرة تختلف عن رأي المجتمع الدولي، كما أن رام الله لا تبدو عنوانا صحيحا لمساعدة غزة الجريحة.
twitter.com/ismail_yasa
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين الحدود البحرية تركيا غزة الحصار تركيا فلسطين غزة حصار مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة رياضة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مشروع المیناء رام الله قطاع غزة إلى أن إلا أن
إقرأ أيضاً:
مرصد الأزهر: ذوو الهمم في غزة يواجهون معاناة بسبب الحصار الإسرائيلي
أكد مرصد الأزهر إن الفلسطينيين في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، يعانون من القصف الصهيوني المتواصل، والتهجير القسري المتكرر، والأمراض، والتجويع، والعديد من التحديات الأخرى، مشيرا إلى أنه، وبحسب ما نشره موقع «كيكار هشبات» العبري، فإن عشرات الآلاف من الفلسطينيين من ذوي الاحتياجات الخاصة في قطاع غزة يعانون معاناة إضافية؛ بسبب حالتهم الصحية والعقلية.
العدوان الصهيوني على غزةوذكر المرصد، في بيان، اليوم الاثنين، «الاضطرار إلى مغادرة المنزل في أي لحظة أمر صعب على الشخص العادي، فما بالنا بالأشخاص من ذوي الإعاقة؟! ففي ظل أوامر الاحتلال بالإخلاء المتكرر، والذي طالَ أكثر من 80% من إجمالي مساحة قطاع غزة، يجد ذوو الإعاقة أنفسهم –ومن يعولهم- أمام تحديات ومعاناة غير عادية أثناء النزوح؛ هربًا من القصف والاستهداف، ونظرًا لأن الغالبية العظمى من المستشفيات والعيادات والمراكز الطبية في قطاع غزة قد دُمِّرَت أو لم تعُد صالحة للعمل، أو حتى آمنة من القصف؛ فإن سكان غزة من «ذوي الإعاقة» لا يتمكنون من الوصول إلى الخدمات الطبية وإعادة التأهيل الذي يفتقرون إليه في تلقي الرعاية الصحية، أو حتى الركون إلى تلك المراكز والمستشفيات والاحتماء بها، على اعتبارها ملاذًا آمنًا من العدوان والقصف».
الأشخاص ذوي الإعاقةوأشار إلى أنه وفقًا لقطاع تأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة في «شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية»، إلى أن الآلاف من هؤلاء يجدوا صعوبة بالعثور على مأوى ملائم، والحصول على المياه والغذاء والدواء والأجهزة المساعدة، مثل: الكراسي المتحركة، والمشايات، وأجهزة السمع، والفرشات الطبية الهوائية للمُقعدين حركيًّا، والتي يحتاجون إليها بشدة، كما أدى انقطاع الكهرباء إلى صعوبات كبيرة في إجلاء الأشخاص ذوي الإعاقة من المباني المرتفعة.
ووفق بيانات نشرها «قطاع التأهيل» في 29 يونيو 2024م، فإن المئات من ذوي الإعاقة في غزة قُتِلوا، والآلاف أصيبوا، بالإضافة إلى نزوح عشرات الآلاف من الأشخاص ذوي الإعاقة وتعرضهم لظروف النزوح الصعبة، فضلًا عن الصدمات النفسية الصعبة التي يتعرضون لها.
تصفية ذوي الإعاقةوبخصوص مشاهد معاناة أهل غزة واصل مرصد الأزهر: وهناك الكثير من القصص المأساوية التي رُويت على ألسنة شهود عيان، والتي تؤكد نوايا الاحتلال المبيَّتة في إبادة وتصفية كل من يقف في وجه مخطط التهجير، حتى وإن كان بسببٍ خارجٍ عن إرادته، كحال ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة.
كما أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) أن آلاف الأطفال أصبحت لديهم إعاقة؛ نتيجة إصابات ناجمة عن ذخائر متفجرة؛ ليضاف هذا الرقم إلى (98) ألف طفل فلسطيني في غـزة، كان لديهم في الأساس إعاقات قبل هذا التاريخ، وهي الإصابات التي قالت عنها منظمة الصحة العالمية «إصابات تغيِّر مجرى حياتهم».
كما أشارت المنظمة إلى أن أكثر من (11) ألف فلسطيني بُتِرَت -على الأقل- أحد أطرافهم السفلية أو العلوية، بينهم (4) آلاف طفل (والرقم مرشح للزيادة)؛ لترتفع بذلك حصيلة ذوي الإعاقة ومحدودية الحركة داخل القطاع، بفعل حرب الإبادة الصهيونية.
وتابع: «يؤكد مرصد الأزهر أن ما يصِلنا على ألسنة شهود العيان، أو حتى ما نشاهده بالصوت والصورة، ما هو إلا غيضٌ من فيض؛ حيث يستهدف الاحتلال الصحفيين أو المصورين؛ للتعتيم على فظائعه، كما يتعمد تطهير ساحة عملياته من شهود العيان. ويشير المرصد إلى أن ما يجري داخل الساحة الفلسطينية، وفي لبنان الشقيق من عدوان سافر للاحتلال- يؤكد انسلاخ الكيان الصهيوني من كل ما هو إنساني وأخلاقي، فضلًا عن مجافاته للأعراف والقوانين الدولية؛ ما يؤكد أن الاحتلال الصهيوني ما هو إلا كيان همجي بربري، قد فاق بشريعته شريعة الغاب، تغذَّى على الدعم الأمريكي اللامحدود، وترعرع تحت مظلة عالم غربي عنصري، لا يحترم حتى قوانينه التي سنَّها، ولا يُلزم بها إلا الضعفاء، ممن سُلِبوا أرضهم ومقدساتهم».