جريدة زمان التركية:
2025-03-04@07:46:24 GMT

المصالح

تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT

بقلم: ماهر المهدي

القاهرة (زمان التركية)- الصراعات كثيرة، ولطالما شهد الناس صراعات قاتلة ونيرانًا مختلفة الطبيعة أحيانًا وراح الكثيرون يصرخون فزعًا ودهشة وألمًا وتعاطفًا ورغبة في الهروب مما يرون ومما يتصورنه محتمل الحدوث، وهذا أمر طبيعي في كل حالات معاناة الناس حول العالم.

ويبذل الناس قصارى جهدهم حتى تهدأ الأمور وتعود الحياة إلى سيرتها الأولى على أمل النسيان والاستعاضة على مدار الأيام وتجاوز ألم التجارب، حتى ولو ببعض الأحلام المستحيلة.

والحقيقة أن الاستعاضة صعبة مريرة، ولكن الناس من النسيان وسرعان ما تنسى الأحداث وينسحب الألم تدريجيًّا من مسرح الأحداث. فالناس -في كل الدنيا- تعرف دورات الحياة وموجاتها، وتعرف أن دوام الحال من المحال وقد يأتي الغد بما هرب منه المرء بالأمس.

ولا بأس في مواجهة الظروف دائمًا ما حرصت الحياة على أن تستمر وتتجدد وتظهر من حسنها وطيبها ما يجعل من عشرتها مطلبًا. ولا يعقل أن يعيش الناس في مواجهات مستمرة مع ظروف قاهرة أو غير معقولة سواء باختيارهم أو رغمًا عنهم، لأن المواجهات المستمرة قد تستهلك فترات الاستعاضة والتجديد الذاتي.

فإذا تذكرنا التكلفة المتصاعدة للحياة أيضًا أصبح التصور أكثر إيلامًا وصعوبة من نواح عديدة .

إن الحياة تتغير والناس ترتقي في سلم الإنسانية درجة كل يوم، لترى بعيني رأسها كم الفظائع والألم والخسائر الذي حل عليها من جراء العنف والقتال في كل مكان حول العالم في كل الأحوال ومهما كانت الأسباب. فقد كان العنف غائب الدقة، بل وواسع النطاق بدافع من الانتقام ومن الأهداف الشخصية ومن الأهداف التجارية قبل الأهداف الوطنية أحيانًا. فهذه هي الطبيعة الإنسانية بجمالها ونواقصها، وهي الصورة التي قد تتضح للباحثين جليًّا عند المقارنة بين الحروب والمواجهات العسكرية التي قادها الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- بطابعها الديني البراء من الظلم ومن الكره ومن الانتقام ومن الطموح الشخصي ومن دوافع التجارة والتربح وبين كثير من الحروب والمواجهات العسكرية البشرية الأخرى قديمًا وحديثًا، فالفرق شاسع وعميق بين الصورتين.

فقد كان القتال في حروب الرسول الكريم من أجل الحق فقط وفي حدوده ودون تجاوز في قتل أو هدم أو تخريب في صفوف الأعداء مهما كانوا ودون تمييز. أما اليوم، فان الطموح الشخصي والأهداف الشخصية وعوامل الانتقام والأثرة أو الأنانية قد يلوحون في خلفية صور حروب كثيرة حتى الحروب التي ترفع راية الوطنية عالية خفاقة وتعني أناشيد الوطنية ليلًا ونهارًا.

البعض يحترف القتال والبعض يحترف الكلام والشعارات والحوارات واللقاءات والتصريحات وقد يعيش سعيدًا في أجواء الأزمات والنيران المستعرة والقتلى والدمار ويصبح علمًا ومنارة من منارات الحياة القائمة على الأزمة وعلى الصراع لجيل وأجيال أيضًا، بحيث قد يتحول هؤلاء إلى جزء من المشكلة في مرحلة ما مثلما حدث في مواقع مختلفة.

وعندئذ نجد المبررات جاهزة ليستمر أصحاب الطموحات وأصحاب المصالح في المقدمة مهما كان الثمن، وما دامت الأموال تجد طريقها إليهم وإلى حساباتهم الشخصية. وما دام الضرر لا ينال أصحاب المصالح وذويهم وأموالهم، فلا بأس بالتضحيات الكبيرة والصغيرة

Tags: الازماتالحياةالصراع

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: الازمات الحياة الصراع

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر: يجب تقديم المصالح العليا للمسلمين على الخلافات المذهبية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كشف فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، عن استراتيجية الأزهر لبناء جسور التعايش، التي انطلقت من تأسيس "بيت العائلة المصرية" عام 2011 بعد الاعتداء الأليم على كنيسة القديسين بالإسكندرية، مشيرا إلى أن هذا البيت يُدار بالتناوب بين شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الأرثوذكسية كل 6 أشهر، وروعي في تشكيله ألا يترجم أي شيء يدل على تفرقة أو تمييز بين دين ودين.

وأضاف شيخ الأزهر، خلال حديثه اليوم بأولى حلقات برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب»، أنه بعد نجاح تجربة بيت العائلة المصرية داخليا، والتي كانت تجربة رائدة وملهمة، تم التفكير في كيفية محاولة زرع السلام بين طوائف الأمة في عالمنا الإسلامي والعربي، وأن تكون هناك «وحدة علمائية» كبداية، بحيث تشكل هذه الوحدة في وجدان الشعوب رؤية واحدة أو هدف واحد مشترك، قائلا:"من هذا المنطلق فكرنا في أن نلتقي نحن علماء المذاهب الإسلامية، وأن يكون بيننا لقاءات، وأن تكون بلادنا مفتوحة للعلماء".

وأكد شيخ الأزهر، أن مؤتمر الحوار الإسلامي- الإسلامي في البحرين نجح نجاحا كبيرا، معربا عن خالص تقديره لجلالة الملك حمد بن عيسى، ملك مملكة البحرين، الذي استضاف هذا المؤتمر الجامع لممثلي المذاهب المختلفة من أكثر من ثلاثين دولة، فكان فيه أهل السنة والشيعة الإمامية والإباضية والزيدية، وكان الجميع يشعر بالأخوة والصداقة والمصارحة، كما خرج المؤتمر بتوصيات مهمة جدا، وناقش المؤتمرون فيه الأسباب التي أوجدت هذه الفرقة أو هذا التعصب للمذهب، قائلا: "نحن نقبل التمذهب، وهو أمر لا مفر منه، ولكن نرفض التعصب للمذهب، وعلى الجميع أن يؤمنوا بمبدأ الوحدة في مواجهة العدو».

وشدد الإمام الطيب على ضرورة تقديم المصالح العليا للمسلمين على الخلافات المذهبية، موضحا أن الاختلاف "سُنة إلهية" استنادًا لقوله تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾، لكنه حذَّر من تحوُّل الخلاف إلى تعصُّب يُضعف الأمة، مؤكدا أنه ليس بمعقول أن تكون أمانة التمذهب بأكبر من أمانة الوحدة والحفاظ على حياة الأمة، فيجب تقديم واجب الأمة على واجب المذهب، وأن يكون للأمة موقف واحد عند النوائب، كما يحدث مع الاتحادات الموجودة الآن، كالاتحاد الأوروبي والتحالفات الآخرى، قائلا «نحن أولى بها، وما معنا وما بيننا من مقومات التحالف أكثر بكثير جدا مما لديهم».

مقالات مشابهة

  • أخبار العالم | قرار ترامب الأخير تصعيد خطير.. كندا تتوعد واشنطن بـ الانتقام.. وبكين تحذر من الرد
  • فليك: لم أعد مندهشاً من برشلونة!
  • ليفاندوفسكي.. ماكينة أهداف لا تتوقف!
  • في ثالث حلقات "المداح 5".. صابر يبدأ الانتقام من بنات إبليس
  • فليك: لم يتوقع أحد منافسة برشلونة على كل الألقاب هذا الموسم
  • مؤتمر في نادي الشقيف - النبطية حول دور ريادة الاعمال في اعادة بناء المجتمعات بعد الحروب
  • ما حكم موائد الرحمن التي يقيمها الفنانون والمشاهير؟.. مفتي الجمهورية يجيب
  • الجبايات الحوثية في اليمن .. مشروع لثراء المليشيا وتمويل لتغذية الحروب
  • شيخ الأزهر: يجب تقديم المصالح العليا للمسلمين على الخلافات المذهبية
  • اغتيال الشخصية