حكم طلاق الغضبان إذا تم توثيقه وطلاق المكره
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
يسأل الكثير من الناس طلاق الغضبان إذا تم توثيقه وطلاق المكره ا جابت دار الافتاء المصرية وقالت طلاق الغضبان لا يقع إذا بلغ الغضب بالزوج نهايته وكان لا يدري ما يقول ولا ما يقصده، أو كان الغضب أخف من ذلك لكنه يسبب له خللًا واضطرابًا في أقواله وأفعاله، أما إذا كان الغضب لا يحول دون إدراك ما يصدر منه وكان يعي ما يقول فإن الطلاق في هذه الحالة يقع، ومع ذلك لا يجوز إسقاط هذا الطلاق إلا بحكم المحكمة المختصة ما دام قد وثقه لدى المأذون.
أما طلاق المكره المذكور فلا يقع إذا كانت الزوجة قادرة على تحقيق ما هددت به وعجز الزوج عن منعها من ذلك وغلب على ظنه إصرارها على فعل ما تُقْدِمُ عليه إن لم يطلقها في الحال، مع عدم توافر أي اختيار للزوج إلا التلفظ بصريح الطلاق بغير نية الطلاق، وعلى الزوج أن يتقي الله في تقدير ظروف الطلاق على النحو السالف بيانه؛ لأن الأمر متعلق بحلِّ وحرمة عشرته لزوجته .
قوله تعالى : الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون
قوله تعالى : الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان فيه سبع مسائل : الأولى : قوله تعالى : الطلاق مرتان ثبت أن أهل الجاهلية لم يكن عندهم للطلاق عدد ، وكانت عندهم العدة معلومة مقدرة ، وكان هذا في أول الإسلام برهة ، يطلق الرجل امرأته ما شاء من الطلاق ، فإذا كادت تحل من طلاقه راجعها ما شاء ، فقال رجل لامرأته على عهد النبي صلى الله عليه وسلم : لا آويك ولا أدعك تحلين ، قالت : وكيف ؟ قال : أطلقك فإذا دنا مضي عدتك راجعتك . فشكت المرأة ذلك إلى عائشة ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية بيانا لعدد الطلاق الذي للمرء فيه أن يرتجع دون تجديد مهر وولي ، ونسخ ما كانوا عليه . قال معناه عروة بن الزبير وقتادة وابن زيد وغيرهم . وقال ابن مسعود وابن عباس ومجاهد وغيرهم : ( المراد بالآية التعريف بسنة الطلاق ، أي من طلق اثنتين فليتق الله في الثالثة ، فإما تركها غير مظلومة شيئا من حقها ، وإما أمسكها محسنا عشرتها ، والآية تتضمن هذين المعنيين ) .
الثانية : الطلاق هو حل العصمة المنعقدة بين الأزواج بألفاظ مخصوصة . والطلاق مباح بهذه الآية وبغيرها ، وبقوله عليه السلام في حديث ابن عمر : فإن شاء أمسك وإن شاء طلق وقد طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة ثم راجعها ، خرجه ابن ماجه . وأجمع العلماء على أن من طلق امرأته طاهرا في طهر لم يمسها فيه أنه مطلق للسنة ، وللعدة التي أمر الله تعالى بها ، وأن له الرجعة إذا كانت مدخولا بها قبل أن تنقضي عدتها ، فإذا انقضت فهو خاطب من الخطاب . فدل الكتاب والسنة وإجماع الأمة على أن الطلاق مباح غير محظور . قال ابن المنذر : وليس في المنع منه خبر يثبت .
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حدود الله
إقرأ أيضاً:
كيف نحول ما تركه لنا رسول الله من القرآن والسنة لبرامج عمل يومية.. علي جمعة يوضح
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما أخرجه ابن ماجة في سننه: «تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك»، فتركنا صلى الله عليه وسلم ومعنا كتاب الله وسنته الشريفة، وهما كنزان من الكنوز، فقال فيما أخرجه الإمام أحمد في مسنده: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا: كتاب الله وسنتي».
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن الله تعالى حفظ الكتاب من التحريف، وأقام المسلمين في حفظه، ووفقهم إلى ذلك من غير حولٍ منهم ولا قوة، وعلَّمهم العلوم التي توثق النص الشريف، فنُقل إلينا القرآن الكريم غضاً طرياً على مستوى الأداء الصوتي لأي حرف من حروفه، وكذلك السنة نُقلت إلينا خالية من التحريف بعدما قام العلماء المسلمون بوضع ما يصل إلى عشرين علمًا للحفاظ عليها كعلم الرجال والجرح والتعديل ومصطلح الحديث والدراية والرواية والشرح، وغير ذلك من العلوم التي حافظت على سنة نبينا صلى الله عليه وسلم.
والسؤال الآن: كيف نحول ما تركه لنا صلى الله عليه وسلم من كتاب وسنة إلى برامج عمل يومية وإلى سلوك يعيشه الفرد منا في حياته وفيمن حوله حتى تتطور مجتمعاتنا وتعود مرة أخرى إلى الأسوة الحسنة المتمثلة في رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام، وهم خير سلف لنا؟ والإجابة عن هذا السؤال هي أنه صلى الله عليه وسلم قد ترك لنا وصايا ونصائح جامعة لتكوين هذه البرامج وتطبيقها في واقعنا المعيشي.
ومن هذه الوصايا الجامعة، اخترت حديثًا رواه الإمام مسلم عن أبى هريرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، يقول فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ».
ويشمل هذا الحديث عدة وصايا جامعة تُكَوِّن منهجاً رصيناً ومحدداً لبناء الحضارة وتقوية أركان المجتمع، فيدعو النبي صلى الله عليه وسلم من خلاله إلى العلم والتعلم، وإلى التكافل الاجتماعي، وإلى الانتماء الوطني، وإلى بناء الإنسان بتنميةٍ شاملة إذا أردنا أن نُعبِّر بألفاظ أدبيات العصر، ويتضمن الحديث محاور أخرى كثيرة ولكن يكفينا منها هذه المحاور الأربعة لنتدبرها ونتأملها ونحولها لواقع نبنى به حضارتنا ومجتمعنا:
أَمَرنا صلى الله عليه وسلم بالعلم والتعلم، واستعمل الكلمة المنَكَّرة «علماً»، والنكرة تفيد العموم لتشمل أي علم بمختلف مجالاته وغاياته، سواء لإدراك الحقيقة الكونية أو العقلية أو النقلية أو الشرعية، فالعلم هو القدر اليقيني من المعرفة، وهو إدراكٌ جازمٌ مطابقٌ للواقع ناشئٌ عن دليل، والعلم له طريقه، وإذا كان صحيحًا يُوصل إلى الله رب العالمين، قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ) [فاطر:٢٨].