خط أحمر يُكتب بأحرف من الإصرار والإنسانية.. في هذه اللحظة، يرسم الرئيس عبد الفتاح السيسي خطًا جديدًا، لا يمكن تجاوزه، يُعلن فيه بوضوح «لا تهجير للفلسطينيين إلى مصر».
هنا، تنطلق صواريخ الرفض والإصرار، ومصر تقول بقوة: «التهجير بالنسبة لنا خط أحمر»، حيث يتشكل هذا الخط كدرع قوي يحمي كرامة وحقوق الأشقاء الفلسطينيين، منذ اللحظة الأولى لانفجار شرارة هذه الحرب، أدارت الدولة المصرية الموقف، بمزيج من الحسم في القرار، والمرونة في التحرك والمتابعة الدقيقة لمجريات الأمور، تمكنت الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، من انتزاع مواقف دولية للحيلولة دون تصفية القضية الفلسطينية، واتساع رقعة الصراع الحالي إلى مناطق أخرى، وحرص الأطراف الدولية على التعاون المشترك لحشد الجهود الدولية، من أجل، دفع مسار إحياء عملية السلام، بهدف تنفيذ حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية، وفقاً لمقررات الشرعية الدولية، وكان آخر تلك المشاهد، التحول فى الموقف الأمريكي وتأكيد احترام سيادة مصر، واحتياجات أمنها القومي، والالتزام بضمان عدم تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر، أو أي دولة أخرى، وهو ما يعكس اعترافا بنفوذ مصر الإقليمي ودورها المؤثر في الساحة الدولية والعالمية لصالح دعم القضية الفلسطينية وحقوقها.
وهنا وقف الرئيس عبد الفتاح السيسي في مؤتمر تحيا مصر فلسطين، وسط حشود من الشعب المصري باستاد القاهرة، وأشار إلى الاحتلال الإسرائيلي بعدم المساس بالأمن القومي المصري وكما قال القائد في حديثه.. .. خط أحمر.. قائد خارطة الطريق، يعلمنا أن فقه الأزمات، يوحي إلينا، بأن ثمة فرصة يُمكن استثمارها بين طيات الأزمة.
القيادة الحكيمة تجعل من الازمات فرصة عادلة وحلول نهائية، ومستقرة لهذا الصراع الممتد لما يقرب من ثمانين عاماً، وقد التزمت الدولة المصرية، بالتزام صارم بمحددات الأمن القومي المصري، وثوابت القضية الفلسطينية، مع مرونة سياسية محترفة، وهو ما جعل لها موقعا متقدما في ترتيب الفاعلين لإيجاد سُبل، ومسارات الحل، والمؤكد أن مصر المصطفة دولة وشعباً في تلك اللحظة التاريخية، تمتلك رؤيتها الحكيمة نحو هذه المُعضلة، وفقاً لمبادئ التاريخ وقواعد العدالة، وأحكام الإنسانية.
إن الحرب على غزة كاشف وواقعي لقدرات الأنظمة على الصعيدين العربي والدولي، وهي أحد أهم المكتسبات التي يُمكن استثمارها لفرض رؤية، واقعية وعادلة، ونجاح مصر فى فرض كلمتها وإدخال المساعدات الإنسانية للفلسطيين فى القطاع، جاء اعترافا بمحورية دورها فى أى محاولة لحل الصراع، منذ بداية العدوان الإسرائيلى الأخير على غزة في 7 أكتوبر، بذلت القاهرة خلالها جهودا سياسية وإنسانية مضنية لحقن دماء الأشقاء فى غزة، والحيلولة دون إراقة المزيد من الدماء البريئة، ونادت فى المجتمع الدولى من أجل إيقاف إطلاق النار، بل ووقفت مصر حائط صد أمام المؤامرة الإسرائيلية لتهجير سكان قطاع غزة وتصفية القضية الفلسطينية.
إن الدبلوماسية المصرية قامت بدور كبير على أكثر من مستوى، سواء الرئاسية أو الرسمية للدولة منذ 7 أكتوبر وحتى الآن، فقد كان لهما دور أساسي وريادي في توجيه أنظار المجتمع الدولي نحو الجرائم التى ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وأن الأمر خرج عن فكرة أننا أمام دولة تدافع عن نفسها إلى دولة تدمر شعب بأكمله في عملية إبادة جماعية.
أيضا أشير إلى خطأ استراتيجى، يقع البعض فيه، يحول القضية إلى صراع دينى يهودى ــ إسلامى وهو بالضبط ما تريده حكومة إسرائيل، وتحالفاتها اليمينية، فى الداخل، والخارج! قضية فلسطين رغم أبعادها الدينية، والقومية الواضحة، إلا أنها بالأساس قضية قانون دولى، قضية حقوقية إنسانية بامتياز، وهذا هو السبيل الوحيد، من أجل الحصول على دعم الرأى العام الدولى.
وفى رأيى من الخطورة شيطنة الغرب بلا تفرقة بين حكومات وأفراد ومنظمات مجتمع مدنى!
صحيح أن النخب السياسية الغربية فى معظمها لم تنتصر للقضية الفلسطينية، لكن تظل هناك العديد من الأصوات الغربية المؤثرة سواء على مستوى الحكومات (إسبانيا والنرويج على سبيل المثال)، أو على مستوى الشعبى وكبار الفنانين والنقاد وكتاب الرأى، أو حتى على مستوى بعض المنظمات الحقوقية التى أثبتت أنها لا تكيل بمكيالين، فضلا عن مجتمعات متنوعة من طلاب وإعلاميين وإعلاميات ومواطنات ومواطنين عاديين انتصروا للقضية الفلسطينية وأدانوا حكوماتهم فيما يتعلق بتحيزها لإسرائيل! بل وحتى وبالرغم من فشل الأمم المتحدة كمنظومة معطوبة عن اتخاذ أى إجراءات تتعلق بنصرة القضية الفلسطينية، فإن أمينها العام، تحدث بشكل شديد الوضوح، عن جرائم إسرائيل وأشار إشارة نادرة، إلى أن العنف لا يولد من فراغ، وإنه نتيجة لتراكمات انتهاكات إسرائيل، لقواعد القانون الدولى، وهو أمر نادرا ما يقال على المستوى الأممى!
هذه مجرد عينة مما يجب على القارئة والقارئ العربى قراءته، وهو ما يوجب على صناع القرار العربى إدراكه، فرغم كل المآسى التى تعرض لها الشعب الفلسطينى ــ ولا يزال ــ تظل هذه فرصة ذهبية لإعادة طرح القضية الفلسطينية على العالم بشكل مختلف وواقعى، بالتحيز للقانون الدولى، والتركيز على مخاطبة العالم بما يفهمه من مفردات، لا مجرد الاكتفاء بتوجيه خطابات الاستهلاك المحلى، التى قد تفرغ مشاعر الغضب لكنها لم ولن تؤتى بالجديد للشعب الفلسطينى.
فهى خطابات منتهية الصلاحية ولا تصلح مع العالم المعاصر بقيمه السائدة وبتوازن علاقات القوة فيها، لعلها واحدة من أعدل القضايا فى التاريخ الحديث، ولعله من أكثر الشعوب التى تعرضت للاضطهاد والظلم والتجاهل، بل والتآمر من المجتمع الدولى، وقواه الدولية، إنها القضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى العظيم!
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: إسرائيل السيسي حماس غزة فلسطين القضیة الفلسطینیة
إقرأ أيضاً:
مدير «القاهرة السينمائي»: الدورة الحالية تعبر عن تضامن مصر مع القضية الفلسطينية
قال الناقد الفني عصام زكريا مدير مهرجان القاهرة السينمائي، إن الدورة الحالية من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لاقت رد فعل مميزا من المتابعين والجمهور والضيوف.
الاهتمام بفلسطينوأوضح «زكريا»، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «صباح الخير يا مصر»، عبر القناة الأولى والفضائية المصرية، من تقديم الإعلاميين محمد عبده ومنة الشرقاوي: «الاهتمام بفلسطين في المهرجان كان أمرا طبيعيا، فالشعب الفلسطيني يتعرض لحرب إبادة، كما سبق أن جرى إلغاء دورة كاملة تضامنا مع فلسطين وأهل غزة».
إعلان موقف ضد ما يحدثوتابع مدير مهرجان القاهرة السينمائي: «كان لابد أن يعلن المهرجان في هذه الدورة موقفه ضد ما يحدث، وهذا ما حدث منذ اليوم الأول للافتتاح، والبرامج التي تضمنت أفلاما فلسطينية كثيرة، والجوائز الخاصة بالسينما الفلسطينية، وهو ما تكلل في حفل الختام بتوزيع هذه الجوائز، وحصول عدد كبير من الأفلام الفلسطينية على جوائز».
وذكر الناقد الفني، أنّ أحد الاهتمامات الأساسية في الدورة الحالية أن يتحول المهرجان إلى بؤرة اهتمام والتقاء لأهل الصناعة وأن يساهم في دعم الصناعة السينمائية بمصر ودعم التواصل بين مصر وصناع الأفلام من أنحاء العالم، لذلك جرى توقيع بروتوكول مع مدينة الإنتاج الإعلامي ولجنة السينما المعنية بتصوير الأفلام الأجنبية في مصر.