أفرجت السلطات الإسرائيلية ضمن صفقة تبادل الأسرى مع "حماس" عن الطفل الفلسطيني عبد الرحمن عامر الزغل البالغ من العمر 14 عاما. وقبل 3 أشهر من الآن، أطلق الجيش الإسرائيلي الرصاص على الطفل، أثناء ذهابه لشراء الخبز في بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى، ليصيبه في رأسه والحوض.

وخضع على إثر ذلك لعملية جراحية في مستشفى "هداسا عين كارم" أنقذت حياته، لكنها تركته بنصف جمجمة، حيث أدت الإصابة إلى تهشم جمجمته وتضرر عينه اليسرى، إضافة إلى شظايا في الحوض.



وتم نقل عبد الرحمن إلى المستشفى ليعالج وهو مقيد، ثم اعتقل بعد أسبوعين من إصابته بتهمة إلقاء زجاجات حارقة على منزل مستوطن، وأفرج عنه في 14 ايلول الماضي بشرط الحبس المنزلي المفتوح في قرية بيت نقوبا غربي القدس، والإبعاد عن منزله في الحارة الوسطى ببلدة سلوان.

وكان الزغل الطفل الوحيد الذي يمكث في الحبس المنزلي من بين 69 طفلا مقدسيا أسيرا شملتهم الصفقة الأخيرة بين السلطات الإسرائيلية وحركة "حماس".

ويتمثل الحبس المنزلي في إجبار الأسير على المكوث في منزل معين لمدة محددة أو غير محددة، ولا يخرج منه إلا لحالات استثنائية، ويُجبر أحد أفراد عائلته على ضمان عدم خروجه، ويقيد كاحله بسوار إلكتروني يرصد تحركاته.

وتنتهي اليوم الأربعاء الهدنة بين "حماس" وإسرائيل فيما أنظار العالم مشدودة نحو غزة، وسط ترقّب الإفراج عن الدفعة الأخيرة من الرهائن والأسرى، وتوقعات بتمديد الهدنة.

المصدر: السومرية العراقية

إقرأ أيضاً:

لذا لزم التنويه: عن المعركة الأخيرة (3-8)

يبدو الحديث عن المعتقل وما فيه هيّنٌ قياسا بالحاصل للأهل في فلسطين، لزمني وقتٌّ لأستطيع الكتابة هذه المرّة، الحياة كلّها بمن عليها وما عليها لا تزنُ جناح بعوضة أمام جسد يتبخّر، ويخالط الهواء والتراب، من يأمن -خاصّة جيران السوء- أنّه تنفّس شيئا من جسد شهيد تطاير؟ لكنّها الحياةُ والإنسان، في المعتقل كما في القطاع، لا شيء يشبه الإبادة مهما بشعَ، لكنّ روحا واحدة أُزهقت ظلما تستحقّ أن يتوقّف لها العالم كلّه.

الذين يسقطون فجأة، كان السقوط ينخر أساسهم شيئا فشيئا، قبل أن ينهاروا دفعة واحدة، لم يحدث شيء فجأة؛ هم فقط لم ينتبهوا حين تخلّوا عن تلك المعركة الصغيرة التي وجب عليهم خوضها؛ أنهم انزلقوا حتى وصلوا لهذا المصير.

المعركة في حقيقتها ليست ضدّ السجّان وحده، إنّما مراده منك ومن الجميع: الاعتياد الذي سيتسرب إلى نفسك ويترسّب فيها حتى تتبلّد، فلا تثور لإهانة ولا تقاوم اعتداء.

تظنّ في المبتدأ باعتقالك أنّك ستتجنّب أخيرا زوّار الفجر، وبعض الظنّ إثم كما نعلم، إذ أنهم مبرمجون على ذلك، سيقتحمون زنزانتك كما يقتحمون بيتك، وستشعر بما تشعر به في هذه وتلك، مزيجٌ من الغضب والانتهاك، هناك إهانة صامتة يوجّهها لك فتح عينيك على بيادات تملأ كلّ فراغٍ حولك.

دخلوا في حملةٍ صباحيّةٍ، تسبق موجة صقيعٍ ضربت السجن -لا أعلم لو ضربت البلاد معه- وقاموا بتجريدِ الزنزانة من كلّ ما فيها، خاصة الملابس الشتويّة.. هكذا بكلّ بسَاطَة!

وقفتُ أنظرُ لهم كأنّ الأمرّ لا يعنيني.. تمادوا لاستفزازي بتخريبٍ، وأنا صامتٌ تماما، حتى سألوني: "هو أنت مش هتتخانق؟".

لم يصدّقوا سكوتي.. لم يعتادوه. كانَ غريبا عليهم وعليّ..

لم أُخبرهم: تسارعَ نبضي، وضاقَ صدري، اختنقتُ، وباغتتني نوبةُ هلعٍ، كادت تُسقطني.. كدتُ أبكي.. وكلّ احتمالِ طاقةٍ فيَّ حشدتُه لأبقى واقفا، ولو بحجّة الصبر وطولِ البال. كنتُ أفكّرَ: كم أنا وحيد! لكن يجب ألا أسقط

كانوا يفكّرون: هذه فرصتنا للتمادي؛ وقد فعلوا، إذ مزّقوا الملابس التي صادروها -حتى لا أستطيع استعادتها بالشكوى أو العراك- وسكبوا زيتا وبقايا طعام وقمامة على الفراش وما تبقّى من الملابس، وأفسدوا كلّ ما لم يصادروه، بما في ذلك الأدوية.

كانت ربّما هذه مرّة وحيدة لم أخض فيها المعركة حين وجب أن أفعل، بطول سنوات اعتقالي العشر، وكانت المرّة الوحيدة التي تعرّضتُ فيها لهذا القدر الذي تعرّضتُ له، قد يتساقط عن ذهني الكثير من النجاحات صغيرها وكبيرها، لكني لن أنسى هذه المرّة التي أفلتُّ فيها يدا، فخسرتُ ما لزمني سنين لأستعيده.

قضيتُ نحو عامين أو يزيد في معتقل طرة تحقيق (سجن القاهرة للمحبوسين احتياطيّّا) أخوض معارك يوميّة على كل واقعة تعذيب، كل صفعة، كل شتمة أو إهانة لأي مسجون، لأي شخص ولو عسكري من ضابط أو ضابط صغير من قيادته، استنزفني ذلك تماما، وما زلتُ لم أستعد نفسي أو أرمم ما هدّمته منها صرخات المعذّبين أو طرقعات الفلقة أو صفق الصفعات على أجسادهم، لكنّ نتيجة باقية تحققت من ذلك: أصبحت صفعة أو لكمة تزلزل السجن بمن فيه (سجّانين وسجناء)، الكلّ تصيبه الخضّة وينتظر التبعة، وكان التجنّب سبيلهم الوحيد تجنّب الجريمة لتجنّب المعركة.

لا يبدو الأمرُ مستحقّا، سينقضي السجن حين ينقضي، والنجاة في تجنّب الصدام، الاختباء حتى تنتهي المأساة، فـ"كلّ رأسٍ بارزٍ سيقطع" كما قيل لي هناك، ويقال لي في كلّ وقت.

لكن فات القائلين والمصدّقين أنه لا يُدفن رأسه إلا ميّت، ولا أحد يعرف تحديدا النقطة التي سيبدأ فيها الانزلاق، فقط سيدرك -متأخّرا- وهو يسقط، أن خطوة ما سبقت أوصلته لهذا القاع، كانت تنازلا فاعتيادا، ثم سقوطا.

والتجنّب لا يجدي ولا يحمي، بل يجعلك أنت الضحيّة القادمة، ولو أوقفت الجريمة قبل أن تصل لغيرك لندر أن تصل إليك.

يشبه الأمر منطق "القُطريين" في استيعاب أمنهم القومي (داخل حدود كلّ قُطر)، والنتيجة معروفة للجميع، ويمكن مشاهدتها على الهواء وفي الواقع: أنت التالي؛ إذ لا طريقة للدفاع عن حقوقك لا يسبقها النضال من أجل الآخرين وحقوقهم، يستوي في هذا حقوقك السجنيّة، كما علاقتك مع الاحتلال.

ولولا اعتياد الانتهاكات، واعتياد الخنوع، واعتياد "كامب ديڤيد" واعتياد الوساطة الكذابة، واعتياد التنسيق الأمني، واعتياد حصار الأهل، واعتياد تمرير الشحنات الحربية كما المواد الغذائية للعدو، واعتياد شراء الغاز الفلسطيني من سارقه، واعتياد القروض وشروط البنك الدولي وصندوق النقد، واعتياد القمع والحبس والتقتيل داخلا.. لولا هذه السلسلة من الاعتيادات، لو خاض الكلّ معركته الأخيرة/الوحيدة في انزلاقتنا الأولى، لما حصلت الإبادة ربّما، ولما كان الحال هو الحال.

أن تخوض كلّ معركة كأنّها الأخيرة، لا يعني أن تنتصر، ولا أن تفتعل البطولة، بل فقط أن تترك أثرا فيك يشهد أنّك لم تنزل دون إرادتك.

أحيانا تكون المعركة في أن تقول لا، وأحيانا، في أن تقف على قدميك وأنت ترتجف.

لا أدّعي أنني كنت شجاعا في تلك الليلة، ولا أظنّ أنني كنت جبانا.. كنت فقط، في المنتصف الموحش بينهما. وهذا هو أخطر الأماكن: أن تظنّ أنك ما زلت واقفا، بينما كلّ شيء فيك يتهاوى في صمت.

مقالات مشابهة

  • لذا لزم التنويه: عن المعركة الأخيرة (3-8)
  • نائب محافظ الأقصر يفتتح المعرض الختامي للاقتصاد المنزلي
  • الحبس والغرامة.. عقوبة إهمال ذوي الهمم أو التنمر عليهم
  • أسعار باقات الإنترنت المنزلي والموبايل اليوم 8 أبريل 2025
  • لماذا صدر حكم بحبس صالح جمعة فى دعوى النفقة لطليقته.. وما الإجراءات المتبعة؟
  • استشهاد طفل فلسطيني يحمل الجنسية الأمريكية برصاص الاحتلال في الضفة الغربية
  • اتهم حماس بالاغتصاب.. السلطات الأمريكية تعتقل حاخاما بتهمة التحرش بطفل
  • 7 نصائح ليبدو شكلك أصغر من عمرك.. فيديو
  • غرق طفل في “ضاية حرشا” يستنفر السلطات بالقباب إقليم خنيفرة
  • ابتكار ثوري .. جهاز بحجم حبة أرز أو أصغر ينقذ قلوب الأطفال