مؤرخ ينتقد نتانياهو: الفلسطينيون يحتاجون حياة أفضل ودولة مستقلة
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
انتقد أستاذ التاريخ في جامعة ديبول، توم موكايتيس، دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى اجتثاث التطرف من سكان قطاع غزة، وقال إن هذه الفكرة غير ضرورية ولن تنجح لسبب بسيط: معظم الفلسطينيين ليسوا متطرفين، ولا يحتاج سكان غزة إلى إعادة تأهيل؛ إنهم بحاجة إلى فرصة اقتصادية ودولة خاصة بهم.
تحولت الأوضاع في غزة من مزرية إلى يائسة
موكايتيس، وهو مؤلف كتاب "المتطرفون العنيفون: فهم التهديد الإرهابي المحلي والدولي"، أوضح في صحيفة "ذا هيل" أن عملية اجتثاث التطرف كاستراتيجية لمكافحة الإرهاب ظهرت في التسعينات، واكتسبت زخماً في الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول).
ومع استمرار الحرب العالمية ضد الإرهاب، اكتشفت الولايات المتحدة أن قتل المتطرفين لن ينهي الإرهاب، إذا استمرت الأيدولوجيا التي حفزتهم. وقد أدى احتمال عودة المئات من مقاتلي داعش إلى أوروبا بعد سقوط الرقة سنة 2017 إلى تجديد الاهتمام باجتثاث التطرف.
ما هي هذه العملية؟
تشير عملية اجتثاث التطرف إلى التقنيات المطبقة لعكس عملية اعتناق التطرف، وبعبارة أخرى، إقناع المتطرفين برفض عقيدتهم.
أضاف الكاتب أن المملكة العربية السعودية قامت بعمل رائد مع معتقلي تنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين، وركز برنامجها على التعليم الديني لإقناع المعتقلين بأن الإسلام المتطرف هو تحريف للدين الحقيقي. ولتحقيق هذه الغاية، نشر الشيخ عبد الله بن بيه، قاض في المحكمة العليا للجمهورية الإسلامية الموريتانية، (وهو أيضاً رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي) كتاب "هذا ليس طريقاً إلى الجنة: رد على داعش" عام 2014، وقد قدم الكتاب دحضاً فكرياً للفكر المتطرف.
I just published: Palestinians don’t need deradicalization. They need better lives. https://t.co/tXfPftfHGN @thehill @BBCWorld @NPR @wttw #Gaza_War
— Prof. Tom Mockaitis (@DrMockaitis) November 28, 2023
وبينما انضم عدد قليل فقط من الأمريكيين إلى تنظيم القاعدة أو داعش، حاولت الولايات المتحدة أيضاً اجتثاث التطرف. عندما ألقي القبض على 10 شباب أمريكيين صوماليين سنة 2016، أنشأت محكمة اتحادية في ولاية مينيسوتا برنامجاً لإعادة تأهيلهم. ودعا قاضي المقاطعة مايكل ديفيس رئيس المعهد الألماني لدراسات التطرف واجتثاث التطرف دانيال كوهلر لمساعدته على تقييم مدى ملاءمة كل متهم للبرنامج، ومن ثم تدريب الأمريكيين على تنفيذه.
وفيما تركز حكومات ومنظمات عدة على التهديد الإسلاموي، يسعى بعضها إلى مواجهة التهديد الذي يشكله المتطرفون اليمينيون. في 2011، أسس عنصريون سابقون من البيض في الولايات المتحدة منظمة "حياة بعد كراهية"، وهي مجموعة "مخصصة لمساعدة الأفراد على الانفصال عن مجموعات الكراهية اليمينية المتطرفة العنيفة والمساحات التي تحض على الكراهية على الإنترنت". كما أنشأت الحكومات الأوروبية والاتحاد الأوروبي أيضاً برامج لمكافحة التطرف.
كانت فاعلية مكافحة التطرف موضوعاً لنقاش كبير. وفق الكاتب، تعمل برامج مثل "حياة بعد كراهية" كبرنامج لمدمني خمر مجهولين: هي تطلب من المشاركين الاعتراف بأن لديهم مشكلة وطلب المساعدة للتعامل معها. كما خلص تقرير لوزارة الأمن الداخلي حول اجتثاث التطرف إلى أن الافتقار إلى البيانات الموثوقة والدراسات الخاضعة للتحكم يعيق بشدة تقييم فاعلية برامج اجتثاث التطرف.
Palestinians don't need deradicalization. They need better lives. https://t.co/LYcC6dhSyU
— TheHillOpinion (@TheHillOpinion) November 28, 2023
وتتطلب برامج اجتثاث التطرف مجموعة كثيفة ومكلفة من العاملين. حتى لو تم إقناع شخص ما بأنه يتبع فكر مضلل، لن يكون بالإمكان إقناعه بأنه ليس حقاً من الفقراء أو المهمشين. فكرة أن 2.2 مليون شخص من سكان غزة يمكن أن يخضعوا لعملية اجتثاث التطرف هي فكرة سخيفة بشكل واضح. إنهم لا يحتاجون إليها.
على النقيض من اتهامات حكومة نتنياهو، فمعظم الفلسطينيين لا يدعمون حماس ولا يعتنقون عقيدتها. وكشفت دراسة استقصائية أجريت قبيل النزاع الحالي أن 44 في المئة من سكان غزة "ليس لديهم ثقة على الإطلاق" بحماس، بينما قال 23 في المئة إنه "ليس لديهم ثقة كبيرة بحماس". وقال 72 في المئة إن هناك مقداراً "كبيراً" أو "متوسطاً" من الفساد في حكومة حماس.
ويؤيد 20 في المئة فقط من سكان غزة "الحل العسكري الذي يمكن أن يؤدي إلى تدمير دولة إسرائيل"، ويفضل 54 في المئة حل الدولتين المنصوص عليه في اتفاقات أوسلو.
أكثر من أي شيء آخر، يريد سكان غزة الراحة من الظروف المعيشية القاسية التي يفرضها عليهم الحصار الإسرائيلي منذ أكثر من 15 عاماً. وحتى قبل الغزو الإسرائيلي، كان ثلثا سكان غزة يعيشون في الفقر، كما كان 80 في المئة منهم يعتمدون على المساعدات الدولية. ويبلغ معدل التوظيف في غزة 45 في المئة وهو من بين أعلى المعدلات في العالم.
أضاف الكاتب أنه منذ بداية الحرب، تحولت الأوضاع في غزة من مزرية إلى يائسة. وفق وكالة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، تم تدمير 45 في المئة من المساكن أو تضررت بشدة. وقد نزح نحو 1.5 مليون شخص داخلياً. واضطر ثمانية عشر مستشفى إلى الإغلاق، ولا تستطيع خمسة أخرى تقديم إلا خدمات محدودة للغاية.
لدى إسرائيل مشكلة تطرف بالرغم من الأدلة الدامغة التي تؤكد أن كتائب القسام (الجناح المسلح لحماس) لم تخطر قيادتها السياسية بخططها، يتحدث بعض الساسة الإسرائيليين وكأن كل الفلسطينيين يتحملون المسؤولية عن الهجوم. يشعر الناشطون في مجال حقوق الإنسان بالقلق من أن الخطاب التحريضي، مثل تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت عن "أننا نقاتل حيوانات بشرية"، يجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم ويشجع على العنف ضدهم.
يكشف هذا الخطاب أن لدى إسرائيل مشكلتها الخاصة مع التطرف. فاز ائتلاف من الصهاينة المتدينين اليمينيين المتطرفين بـ 14 مقعداً في انتخابات الكنيست الأخيرة. قد يبدو هذا رقماً صغيراً، ولكن في ظل السياسة المنقسمة في إسرائيل، مكن نتنياهو من تشكيل حكومة عبر دمج القوميين المتطرفين في ائتلافه.
يجب أن يكون طيف الشبان اليمينيين المتشددين الذين ساروا عبر البلدة القديمة في القدس في مايو (أيار) وهم يهتفون "الموت للعرب" تحذيراً من أن حماس ليست التهديد المتطرف الوحيد الذي تواجهه إسرائيل.
وخلص الكاتب في الختام إلى أن في كل مجتمع متطرفين، ولا يستطيع التصدي لهم إلا المعتدلون داخل المجتمع نفسه.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الولایات المتحدة سکان غزة فی المئة من سکان
إقرأ أيضاً:
حملات اجتثاث مواطنين من جذورهم
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
تخيل انك ولدت ونشأت وترعرعت وتعلمت وسكنت وتزوجت وانجبت وصار عندك أولاد وبنات وأحفاد. وتعمقت علاقاتك الاجتماعية وكبرت أسرتك. وأفنيت عمرك كله في ذلك البلد. وفجأة تجد نفسك (بعد عمر طويل) منفيا خارج ارضك ووطنك من دون ان ترتكب جرما او تقترف إثما. .
وتخيل انك تعيش في بلد يتبنى تصنيفات لا مثيل لها في منح الجنسية، وفي منح جوازات السفر، فسجلات الأحوال المدنية في ذاك البلد مصنفة ومقسمة الى فئات ودرجات وطبقات: أولى وثانية وثالثة ورابعة وخامسة وسادسة وسابعة، ولكل فئة قيودها وحقوقها ومزاياها التي تختلف من فئة لأخرى. لكن تلك التصنيفات قد تنهار بين ليلة وضحاها، وتُسحب منك الجنسية انت وأولادك لتهيم على وجهك في أرض الله الواسعة لأسباب ودوافع ومبررات عنصرية مقيتة. .
لقد تصاعدت وتيرة هذه الحملات في الكويت في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، وصرنا نسمع عن قرارات سحب الجنسية بشكل يومي امام انظار منظمات المجتمع المدني، وامام انظار الكون كله. .
أنا شخصيا اعرف مجموعة من الأشخاص ولدوا في الكويت، والتحقوا بالخدمة العسكرية، وكانوا في طليعة المقاتلين الذين وقعوا في اسر القوات العراقية، لكنهم ما ان افرج عنهم وعادوا من الأسر حتى قررت الكويت نفسها طردهم وترحيلهم بعدما منحتهم مكافئات مالية، فغادروها مهانين مضطهدين، بدعوى انهم من فئة (البدون). أرغموهم على الرحيل ولم يعد بداخلهم وطن يلجأون اليه، لكنهم ظلوا يرددون: لا بأس – لا بأس، حتى ترسب البؤس في نفوسهم. .
سمعت قبل مدة مكالمة هاتفية مسجلة بين وزير الداخلية (فهد اليوسف) ومواطن كويتي من الدرجة السابعة يطلب منه الوزير العودة إلى الكويت لان المواطن يعمل منذ مدة في بريطانيا، وربما يسحبون جنسيته فيفقد انتماءه الوطني، ليتحول إلى كائن مجهول الهوية. بات من المسلم به ان الوزير (اليوسف) يسعى جاهدا لتفريغ الكويت من محتواها السكاني ويسعى لتفتيت وحدتها الوطنية. .
اللافت للنظر ان حملته تزامنت مع ترشيح كامالا هاريس إلى رئاسة البيت الأبيض التي ربما يحالفها الحظ لتتحكم باكبر دولة في العالم من دون ان يقولوا لها انك من اصل جامايكي. وتزامنت أيضا مع توجهات معظم بلدان مجلس التعاون الخليجي نحو استقطاب اصحاب المهارات والكفاءات والأدباء والمفكرين والفنانين ومنحهم الجنسية والسكن اللائق، وشاهدنا بعض الرياضيين العرب والأجانب يلعبون في صفوف المنتخبات الخليجية ويحرزون الفوز والميداليات. بينما عادت الكويت إلى تطبيق الإجراءات العنصرية، وترويع مواطنيها بتصنيفهم إلى فئات وطبقات، فاصبح المواطن مهددا بالتنكيل والحرمان والترحيل. .
الطامة الكبرى ان بعض البلدان العربية سبقت الكويت في تنفيذ مشاريع التهجير القسري، واستولت على أموال المهجرين وممتلكاتهم، وتعاملت معهم بمنتهى القسوة والتعسف. .
عندما ننظر إلى الكويت نتذكر كلمات أنشودة وطنية ظلت عالقة حتى يومنا هذا في ذاكرة الوجدان العربي. أنشودة تقول كلماتها:
كان أصل الكويت دعوة حبٍ
أينعت حولها قلوبٌ ندية
كان حكامها بنيها فأضحى
شعبها حاكما وكان الرعية
ختاما نأمل ان لا تنتقل عدوى التهجير إلى العواصم العربية القريبة من الكويت. .