الوقود الأحفوري يتصدر أولويات "كوب 28"
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
واشنطن/بروكسل/دبي- رويترز
تجتمع وفود من حوالى 200 دولة هذا الأسبوع لحضور مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28) في دبي حيث تأمل الإمارات الدولة المضيفة للمؤتمر والعضو بمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في الترويج لرؤية مستقبل ينخفض فيه الكربون دون التوقف عن استخدام الوقود الأحفوري.
هذا المنحى الذي تدعمه أيضا الدول الكبرى الأخرى المنتجة للنفط سوف يسلط الضوء على الانقسامات الدولية في القمة حول أفضل طريقة لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري: فالبلدان منقسمة حول إذا كان يجب إعطاء الأولوية للتخلص التدريجي من استخدام الفحم والنفط والغاز، أو توسيع نطاق استخدام التكنولوجيا مثل التقاط الكربون للتخلص من تأثيره على المناخ.
تُعقد قمة الأمم المتحدة السنوية في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر في الوقت الذي يستعد فيه العالم لكسر رقم قياسي آخر لأكثر الأعوام ارتفاعا في درجة الحرارة في عام 2023. وتأتي القمة في الوقت الذي تؤكد فيه التقارير الحديثة أن تعهدات الدول الحالية بشأن المناخ ليست كافية لتجنب التأثيرات الأسوأ لظاهرة الاحتباس الحراري.
وسيتمثل أحد القرارات المهمة التي يتعين على الدول اتخاذها في دبي - المدينة البراقة التي تتمتع بتقنيات عالية في بلد تغمره عائدات النفط - فيما إذا كانت ستوافق لأول مرة على "التخلص تدريجيا" من الاستهلاك العالمي للوقود الأحفوري واستبداله بمصادر أخرى مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها.
ومما يؤكد هذا الخلاف أن وكالة الطاقة الدولية وهي هيئة مراقبة الطاقة في الغرب أصدرت تقريرا قبل المؤتمر تحدد فيه موقفها. ووصفت الوكالة فكرة التقاط الكربون على نطاق واسع بأنها "وهم"، وقالت إن صناعة الوقود الأحفوري يجب أن تختار بين تعميق أزمة المناخ أو التحول إلى الطاقة النظيفة.
وأثار هذا التقرير رد فعل غاضبا من منظمة أوبك التي اتهمت وكالة الطاقة الدولية بتشويه صورة منتجي النفط.
وقالت أوبك في بيان "هذا يمثل إطارا ضيقا للغاية للتحديات التي نواجهها وربما يقلل سريعا من قضايا مثل أمن الطاقة والحصول عليها والقدرة على تحمل تكاليفها".
وانبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري هي أكبر سبب لحدوث تغير المناخ.
ستتجه كل الأنظار نحو رئيس مؤتمر المناخ القادم سلطان الجابر الذي أثار عمله كرئيس تنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) تساؤلات بشأن إمكانية أن يكون وسيطا محايدا لإبرام اتفاق مناخي.
وزادت هذه المخاوف يوم الاثنين الماضي بعد نشر هيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي) تقريرا يستند إلى وثائق مسربة تفيد بأن الجابر يعتزم مناقشة صفقات غاز محتملة وغيرها من الصفقات التجارية مع أكثر من 12 حكومة قبل القمة.
وقال متحدث باسم كوب28 لرويترز إن الوثائق "غير دقيقة".
وقال آني داسجوبتا رئيس معهد الموارد العالمية وهو منظمة غير حكومية تعمل في مجال المناخ "نعيش في عالم ينتج وقودا أحفوريا أكثر من أي وقت مضى".
وتابع "ما يجب أن نبحث عنه هو الالتزام بخفض إنتاج الوقود الأحفوري فعليا".
وقال الجابر إن الخفض التدريجي لإنتاج الوقود الأحفوري أمر "حتمي"، لكنه أشار أيضا إلى ضرورة مشاركة صناعة النفط في مكافحة تغير المناخ. وقام الجابر بحشد الدعم من الشركات لتعهدات مؤتمر كوب28 الهادفة إلى خفض الانبعاثات الناتجة عن عمليات النفط والغاز.
وقال الجابر في مؤتمر صحفي اليوم الأربعاء "سأحمل كل دولة وكل شركة وكل صاحب مصلحة مسؤولية الإبقاء على 1.5 درجة في متناول اليد" في إشارة إلى هدف الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية بما لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.
وسيكون لتجمع هذا العام الذي سجل لحضوره 70 ألف شخص طابع المعرض التجاري أكثر من مؤتمرات المناخ السابقة إذ يتوقع المنظمون حضورا قياسيا يبلغ 70 ألفا، بما في ذلك أكبر مشاركة من الشركات في أي قمة مناخ تعقدها الأمم المتحدة حتى الآن.
ومن المقرر حضور شخصيات بارزة مثل رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وملك بريطانيا تشارلز وإن كان سيغيب الرئيس الأمريكي جو بايدن.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الوقود الأحفوری
إقرأ أيضاً:
ملحوظات تمهيدية حول «مقعد على الرَّصيف»
عنوان الكتاب الكامل هو (مقعد على الرصيف: مسرح الشارع فـي دول مجلس التعاون الخليجي واليمن)، تأليف علاء الجابر. صدرت الطبعة الأولى فـي القاهرة عام 2023م، والحقوق جميعها محفوظة للمؤلف. على غلاف الكتاب الأمامي والخلفـي صورتان مأخوذتان من عروض مهرجان سندان لمسرح الشارع بالتعاون مع فرقة مسرح الدن للثقافة والفن الذي أقيم على أرض سلطنة عمان فـي عام 2022م
تنبع أهمية الكتاب من منطلقين: الأول عنايته بتناول ظاهرة مسرح الشارع كإشكالية مجتمعية ومؤسساتية ومَدنيّة ثقافـيّة فـي دول مجلس التعاون الخليجي. فالقارئ للعنوان سيسأل نفسه: هل هناك مسرح للشارع حقيقي له حضوره وتأثيره ومنطلقاته الفكرية وفرقه وممثلوه ومهرجانه فـي مجتمعات الخليج؟ أما المنطلق الثاني فهو اعتناؤه باليمن تحديدا للقرب الجغرافـي، بسبب الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي يمر بها اليمن لم تترعرع ظاهرة مسرح الشارع وتستمر. عدد صفحات الكتاب مائة صفحة تشمل (المصادر، المراجع، البحوث والمقالات، والحوارات)، وتضمنت الصفحات أيضًا الإهداء، والشكر والتقدير.
ينطلق الجابر لمناقشة (مسرح الشارع... إشكالية المصطلح) من جملة بعض الآراء المعرّفة لهذا الفعل، فـيقف عند تعريف كل من: (الويكيبيديا، والمعجم المسرحي مفاهيم ومصطلحات المسرح وفنون العرض لمؤلفتيه د. ماري إلياس و د. حنان قصاب حسن، الصادر عن مكتبة لبنان ناشرون 1997م، وتعريف د. بشار عليوي فـي كتابه أنطولوجيا مسرح الشارع، الصادر عن دار ابن النفـيس بالأردن، وتعريف الباحث حسام الدين مُسعد فـي بحث له منشور على موقع الأنطولوجيا، بعنوان «إشكالية الظواهر الدرامية والمسرح فـي التأصيل لقالب عربي لمسرح الشارع»، وبعد استقراء تعريفات المُشار إليهم يَخلص علاء الجابر إلى تقديم تعريف لمسرح الشارع ألزم نفسه به فـي تحليله للعروض التي شاهدها عن طريق تسجيلات مرئية على موقع الهيئة العربية للمسرح، وموقع د. سيد علي إسماعيل، وموقع اتحاد الحيل (يوتيوب)؛ عروض نسبت إلى نفسها إنها عروض مسرح شارع.
إن مسرح الشارع هو «شكل من أشكال العرض المسرحي، يُقدم فـي الأماكن العامة خارج نطاق عمارة المسرح يعتمد على كسر الإيهام. وقد يكون مرتجلا أحيانا ينحو للمباشرة غالبا ليناسب المستويات جميعها، فلا يَحتمل التشفـير أو الترميز بسبب تباين فئات الجمهور من حيث السِّن والجنس والطبقة الاجتماعية والمستوى التعليمي والفكري. يُمكن لمسرح الشارع أن يَجمع بين عِدة فنون أدائية، لكنّه لا يَعتمد -غالبا- على التقنيات، ويُستبدل فـيه الديكور بالإكسسوار لسهولة التنقل، ويكون فـيه العرض مجانيا لجمهور عشوائي بمواضيع تُمثل الهَمّ اليومي المجتمعيّ العَام، ويتم فـيه التلقيّ بمشاركة تفاعلية مع العرض بما قد يَتفق أو يُغير مسار بنية العرض أحيانا- ص 17».
يكتب المؤلف على ظهر غلاف الكتاب التالي: «نحاول عبر هذه الدراسة أن نقوم بقراءة المشهد المسرحي لدول مجلس التعاون واليمن فـي ظل تجارب مسرحية لا تلقى الاهتمام الكافـي من قبل وسائل الإعلام والمؤسسات المسرحية، سعيا منا للوقوف على طبيعة العلاقة بين تلك الدول ومسرح الشارع. فهل هي تجارب محدودة المستوى والأثر؟ أم أنها تعاني التداخل بين المسرح فـي الشارع ومسرح الشارع؟ وما علاقة تلك التجارب بالمؤسسات المعنية فـي المسرح والعاملين فـي المجال المسرحي؟ وما طبيعة التفاعل بين الجمهور ومسرح الشارع فـي تلك الدول؟
إن سعي الجابر إلى إجابة الأسئلة الوجيهة التي طرحها تصب فـي الجدل الحاصل فـي وجود هذا الاصطلاح، فبين باحثين مسرحيين ونقادا عرب ينفون وجوده، يذهب غيرهم إلى إثبات العكس. وبعد انتشار المهرجانات الكثيرة فـي مجتمعات الخليج ووجود مهرجانات لها وزنها الكبير فـي المنطقة، مع ظهور مهرجان الدن لمسرح الشارع فـي مسقط، صار السؤال ضروريًا. وهذا ما حاول الجابر إجابته، وهل صمدت التجارب التي استقرأها أمام تعريفه المذكور آنفا؟
يرى الجابر أن مسرح الشارع فـي دول مجلس التعاون الخليجي بمفهومه الاصطلاحي والعلمي غُيّب فـي دول المنطقة، وعزوا ذلك إلى نقاط عدة تحتاج حسب تقديري إلى نقاش ومنها مثلا: -
إن النجوم من الفنّانين المسرحيين أو الصف الثاني أو الثالث لا يمكن مشاركتهم فـي هذا النوع؛ لأن مجانية مسرح الشارع لا تُشجع على التعامل معه. الطبيعة التفاعلية لمسرح الشارع تتطلّب وضعا خاصا لا يتوفر فـي دول المنطقة.
استقرار الحالة الاقتصادية والوضع السياسي فـي مجمل دول المجلس يجعل التعاطي مع الهموم العامة مختلفا عن التعاطي معه فـي الوطن العربي.
طبيعة الجمهور فـي دول الخليج لا يتفاعل مع معطيات ما يحدث فـي الشارع، فالتشابك أو التداخل مع الجمهور والبرامج التي تتطلّب لقاءات مباشرة ستكون شبه مستحيلة.
تباين الجمهور فـي أغلب دول مجلس التعاون بين جنسيات مختلفة يجعل وصول عرض مسرح الشارع صعبا؛ نظرا لاختلاف اللغة والتباين الثقافـي والطبقي واختلاف اهتمامات المغتربين عن قضايا المواطنين.
ثم يستعرض الجابر تاريخيا مسارات المسرح فـي دول الخليج على نحو تاريخي، بداية مع المسرح فـي المدارس والأندية والمعاهد والكليات والجامعات، مشيرًا أيضا إلى معرفتها بأنواع المسارح المختلف الاتجاهات والتيارات. ويؤكد من خلاله قربه من الحركة المسرحية فـي دولة الكويت أن عروض مسرح الشارع غابت عن الخريطة المسرحية الكويتية بشكل تام. وفـي دولة الإمارات العربية المتحدة مسترشدا بمقابلات شخصية وحوارات مع مسرحيين (عمر غباش، ناجي الحاي) اللذَّين أكدا أن مسرح «الساحة» وليس مسرح «الشارع» كان الأكثر انتشارا فـيها. أما فـي مملكة البحرين فالحال فـيه لا يختلف كثيرا عن حال الكويت والإمارات. فالباحثان (يوسف الحمدان وخالد الرويعي) ينفـيان وجود مسرح الشارع بالمعنى الحقيقي والاصطلاحي، ويقف الجابر عند مسرح الشارع فـي المملكة العربية السعودية، فقُدمت فـي عام 2014م ثلاث مسرحيات سعودية هي: (حارة لبش، ومجلس الحارة، والأصحاب فـي حوسة)، وبالبحث عن كل ما كُتب عنها، والتي صنفت بأنها مسرح شارع، يجد الجابر أن الخبر ذاته يؤكد أنها مسرحيات لا علاقة لها بمسرح الشارع، وإنما هي مسرحيات أقيمت فـي الهواء الطلق.
ثم يتوقف عند مسرح الشارع فـي سلطنة عمان، وبعد الاستناد إلى آراء المسرحيين (هلال البادي، وآمنة الربيع) ومشاهدة العروض مرئيا، يستنتج أن «مسرحًا فـي الشارع»، وليس «مسرح الشارع» هو ما قدمته مهرجانات فرقة الدَّن المسرحية منذ انطلاق الدورة الأولى عام 2015م، وليس انتهاء بدورة عام 2022م. وتطرق الجابر كذلك إلى توصيات لجان تحكيم المسرحيات فـي عام 2016م- (6) عروض، وفـي عام 2018م (5) عروض، بينما شهد عام 2019م مسرحيتين، وفـي عام 2021م مسرحية، وفـي مطلع عام 2022م ضم معرض مسقط الدولي للكتاب عروضا لمسرح الشارع بلغ عددها (3) هي: (الليالي السوداء، وألوان الطيف، ولمن؟) وأُتيح لي شخصيًا مشاهدتها، ووجدتها تفتقر إلى المفهوم العلمي لمسرح الشارع. وبالنسبة إلى مسرح الشارع فـي قطر فـيؤكد د. حسن رشيد «لا وجود لمسرح الشارع فـيها». وحول مسرح الشارع فـي الجمهورية اليمنية، وهي إحدى ميزات هذا الكتاب، يشير علاء الجابر إلى أن أول مسرحية قام بها ممثلون يمنيون كانت مسرحية يوليوس قيصر لشكسبير، وعُرِضَت فـي عدن عام 1910م. ينقل الجابر المعلومة من كتاب (سبعون عاما من المسرح فـي اليمن) للمؤلف (بشير سعيد عولقي)، وقيمة المعلومة تنبع من ريادة وأسبقية ظهور المسرح فـي اليمن قبل معرفته فـي دول مجلس التعاون الخليجي. أمّا ما يتعلق بمسرح الشارع، فإن عام 2000م ظهرت فـيه أول تجربة لمسرح الشارع فـي مدينة (تعزّ) على يد مؤسسيها الرباعي؛ (فكري قاسم، وعبدالكريم مهدي، وعمر ذبيان، وعبدالكريم الشعاني)، وكان اسم العرض هو (مذيع فـي ورطة).
فـي الختام يعد الكتاب محاولة تأسيسية لاستقراء حال مسرح الشارع فـي دول مجلس التعاون الخليجي، وأن ما تناوله الجابر من أسباب تُغيّب مسرح الشارع فـي دول الخليج، فـي رأي ملحوظات تمهيدية وبنيوية تتطلب قراءة نقدية، وهو ما التفتَ إليه علاء فـي استنتاجات يصل عددها إلى عشر نقاط مهمة للغاية، ستفتح بلا شك النقاش حول الكتاب، وتحتاج كما يقول فـي الصفحة تسعين إلى «تكاتف ودعم علمي ولوجستي ومادي حقيقي من قبل المؤسسات العاملة فـي هذا المجال فـي منظومة تلك الدول لترسيخ هذه التجارب واستمرارها كنشاط تفاعلي...إلخ».